طبقُ القشِّ Prof-Jamal Ali Assadi

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

طبقُ القشِّ Prof-Jamal Ali Assadi

 

أنَّ جدّي رآني ذاتَ يَوْم



طبقُ القشِّ

وأذْكُرُ
أنَّ جدّي رآني ذاتَ يَوْم
أحومُ وأطير
كالفَراشِ والهوام
محلِّقًا في أنحاءِ بيتِ الطِّين
وأنطُّ كالقطِّ المُنَقَّط
بلا لوْم
فَوْقَ كوْم
الفِراشِ المُنَقَّش
وأنْظُر
نحوَ طبقٍ مِن القَشّ
مستدير
يرقد فَوْقَ خلايا التَّمْوين
مِنَ القَمْحِ والشَّعِير
وقليلٍ مِنَ الحُبوب
وَمَرْطبانِ الخَمير.
وقالوا عِفْريتٌ صَغير،
وكانَ للقِصَّةِ بقِيّة!
وأذْكُر
أنه أجلَسَني قُرْبَه
على جلْدِ كَبْش
فُرِشَ
فَوْقَ الحَصِير
فانْتصَبْتُ مِثْلَ أمير
يَجْلسُ على العَرْش
وانْسابَ مِن فيهِ
الكلامُ المُـنـيـر
معطَّرًا بنسائم الهدى
مِنْ وَجْهِهِ البَشّ.
قال:
سبْحان مَنْ وَهَب
هذا طَبقُ القَشّ
أغْلى مِنَ الذَّهب
جدَلَتْهُ الجَدَّةُ مِنْ غَرْس الجَليل
مِنْ قضْبان الخَيْزران
وسِيقانِ النَّجيل،
وعَرَقِ الجدِّ
وشقوقِ القدَمِ واليد
وتكلُّفِ الوجْهِ والجَبين.
وشدّتْه بقشِّ الحَلْفا
وجريدِ النّخيل،
ولفّتْه بالزّينةِ لفّا
جَمَعَتْها مِنْ طُرَز عكّا
والنّاصرةِ وجِنين.
الخيطانُ ناعمةٌ كالحرير
فيها الأحمرُ،
من الرّمّانِ أتى،
ويخطَفُ الأبْصارَ خطْفا،
والأزرقُ مِنَ السَّما،
والأصْفرُ كالشَّهْد صَفا
والأخضرُ مِنْ ورَقِ التِّين.
وقالوا: ملاكٌ صَغير،
وكانَ للقِصَّةِ بقِيّة!
وأكّد
هذا قلبُ الْبَيْتِ ولنْ ننسى
هذا العاملُ والسّجلُ والدفْتَر
كَمْ حَمَل من الغِلال وأحْصى
في الحَقلِ والتّبّان والبيْدَر
في حرِّ آبَ، ونارُ أيلولَ أقْسى
وكلّما اهترئ عودُهُ عُدّلَ أكْثَر.
وعَنْ قريبٍ أبْصر
سرَّنا وجهْرَنا
ويُسْرَنا وعُسْرَنا
وجزَعَنا وصبْرَنا
وحُلْمَنا ويأسَنا
وخوفَنا وأمنَنا،
وذلَّنا وعزَّنا
والسرّ ما أخْبر.
وزاد
أنّه حَضَنَ قُوتَنَا
وبسَطَ لَنا الزاد
كفافَ يومِنا:
رغيفَيْن طازجَيْن
وصحنًا يملأه الزيت
ممزوجًا بالزَّعْـتـر
وبصَلَتـَيْـن مِنْ قاعِ البَيْت
وخِيارًا مِنَ السَّهْلِ أخْضر،
وأكرمَ ضيْفَـنا
وكلٌّ حمَدَ الرَّبَّ ثمّ كبّر.
وقالوا: شابٌّ مَزير
وكانَ للقِصَّةِ بقِيّة!
واذكر
أنه قال:
ومرَّ الزَّمان
وضاعَ الحَقْل
وحارَ العَقْل
وكبرت العائلة
وأستُبْدِل الطبقُ بالطَّاولة
وكانَ ما كان
وليْتَ ما كَانَ، ما كان
لكنْ ما استَسْلمَ الطَبَق
تأقلم مع التيار
والزمان
وصار
كما ترى
الان
يرقدُ في صدر المكان
يرقبُ من غدا
وسرى،
ويرصدُ الحاضر
بمخزون ما جرى
وفات،
وينظرُ أحوال الورى
ليستقبلَ ما هو آت.
صار جِذْعَ البيت
هذا ركنُ البيت
وتشْريفُه
هذا علمُ البيت
وأرشْيفُه
بيْتُنا وكلُ بيت
منْ يُضيعُهُ ضاع
وَيْل لبيتٍ بلا أرْكان
وَيْل لبيتٍ بلا أرْكان
وَمَنْ صانَه كمَنْ زاد في الرُّكع،
هكذا البيوت تُرْفَع
هكذا البيوت تُرْفَع
وقلت وقيل:
شيخ جليل قد صدق
وصار قصةٌ للطبق
ثم صارت القصةُ القضية

Prof-Jamal Ali Assadi

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان