سحر البيان في الشعر..عبدة بن الطبيب..رجاء احمد

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

سحر البيان في الشعر..عبدة بن الطبيب..رجاء احمد

 


عبدة بن الطبيب

في الحلقة السابقة تحدثت عن الصحابيّ الجليل قيس بن عاصم بن سنان المنقري الذي تعلّم منه الأحنف بن قيس الحلم ..

وفي هذه الحلقة أتحدث عن عبدة بن الطبيب الذي رثاه بأجود بيت قالته العرب في الرثاء :
عَلَيْكَ سَلَامُ اللهِ قَيْسَ بْن عَاصِمٍ وَرَحْمَتُـهُ مَا شَـاءَ أَنْ يَتَرَحَّمـــــــا
تَحِيَّةُ مَنْ أَوْلَيْتَـهُ مِنْـكَ نِعْمَـــــةً إِذَا زَارَ عَنْ شَحْـطٍ بِلَادَكَ سلّما
ويقول فيها :
وَمَا كَان قَيْسٌ هُلْكُهُ هُلْكَ وَاحِدٍ وَلَـكِنَّـهُ بُنْيـانُ قَـوْمٍ تَهَـدَّمـاَ
قال عنه أبو عمرو بن العلاء : هذا البيت أرثى بيت قيل ..
فمن عبدة بنُ الطبيب ؟؟
عَبَدَة بن يزيد ( الطبيب ) بن عمرو بن وَعْلة ، أبو زيد ، شاعر مخضرم ، من بني عبد شمس بن كعب من تميم . وكان يقال لعبد شمس : « قريش سعد ؛ لجمالهم »، إلا أنّه لم يكن جميلًا كباقي أفراد قبيلته ..
وُلد في الجاهليّة ، وعاش معظم حياته فيها مع قومه . والظاهر أنه عاش حياة اللصوص ، وكان يفعل فعلهم ، في بداياته ، قال الزمخشري في « ربيع الأبرار » :
" وكان حبشيّا من لصوص الرباب " وهو بذلك يشير إلى سواد لونه أيضًا .
ولم يَرِدْ في المصادر أخبارًا تجلو صورة حياته بدقّة ، وثمةَ ما يشير إلى أنّه كان ينادم بعض الشعراء ، ويتبادلون الآراء والأحكام في الشعر والشعراء . وقصته مشهورة لما اختلف مع الزّبْرُقان ابن بدر والمُخَبّل السّعدي وعمرو بن الأهتم أيّهم أشعر ، فاحتكموا إلى أول القادمين عليهم ...
ذكر ابن دُرَيد في " الأخبار المنثورة " وأبو الفرج الأصفهاني في " الأغاني " عنه ، عن ابن أخي الأصمعيّ ، عن عمّه الأصمعيّ ، قال : اجتمع الزَّبْرقان بن بدر ، والمُخبّل السّعدي ، وعَبْدَة بن الطبيب ، وعمرو بن الأهتم ، وعلقمة بن عَبْدة قبل أن يسلموا والنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل أن يُبعث ، فنحروا جزورًا ، واشتروا خمرًا ببعير ، وجعلوا يشوون ويأكلون ويشربون ، فقال بعضهم : لو أنّ قومًا طارُوا من جَوْدَةِ أشعارهم لطِرْتُم ، فتحاكموا إلى أول منْ يطلع عليهم ، فطلع ربيعة بن حُذَار اليربوعي ، فسُرّوا به وحكّموه ، فقال : أخافُ أن تَغضَبوا ؛ فأمّنُوه من ذلك ، فقال لهم : أمّا عمرو فشِعْرُه برودٌ يَمَنِيّة تُنْشر وتُطوى ، وأمّا الزّبْرَقان فكَرَجل أتَى جَزُورًا فأخذ مِنْ مطايبها ثم خلطه بعد ذلك ، وأمّا المُخَبَّل فشهب نارٍ يُلقيها الله على مَنْ يشاء من عباده ، وأمّا عَلْقَمة فكمَزَادةٍ أُحْكِم خرزها فليس يسقط منها شيء ..
أدرك عَبَدةُ الإسلامَ ، وأسلم وحسُن إسلامه ، وشارك في حروب الفتح الإسلاميّ ، وأبلى فيها بلاءً حسنًا ، كما شارك في فتح بابل ، ومعركة القادسية . أشار إلى مشاركته في فتح المدائن (سنة ١٥ـ١٦ هـ) بقوله :
يُقارِعُونَ رؤوسَ العُجْمِ ضَاحيةً
مِنهُم فوارسُ لا عُزْلٌ ولا مِيْلُ ..
أنجب عددًا من الأبناء ، إلا أن المصادر تذكر ابنه واثِلَة ، وتورد له بعض الشعر ..
لما كَبُر عبدة وتقدّمت به السّنُّ جمع بنيه وأوصاهم بأمور منها :
أَبَنِيّ إنّيْ قَدْ كَبرْتُ وَرَابَنِيْ
بَصَرِيْ وَفيَّ لمُصْلِحٍ مُسْتَمْتَعُ
أوْصِيْكُمُ بِتُقَىْ الْإلَهِ فَإنّهُ
يُعْطِي الرّغائبَ مَنْ يشَاء وَيَمْنعُ
واعْصُوْا الذِيْ يُسْدِيْ النّمِيمَةَ بَينَكمْ
مُتنَصّحًا وَهُوَ السِّمَامُ المُنقَعُ
يُزجِي عَقارِبَه لِيَبعَثَ بينَكُم
حَربًا كَمَا بَعَثَ العُرُوقَ الأجْدَعُ
لَاْ تَأمَنُوُا قَوْمًا يَشِبُّ صَبيّهُم
بَيْنَ القَوَابِلِ بِالعَدَاوةِ يُنشَعُ
إنّ الّذينَ ترَوْنَهُم خلّانَكُم
يَشْفِي صُدَاعَ رُؤوْسِهمْ أنْ تُصْرَعُوا .
ثم يتابع ...
وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ قَصْـرِيَ حُفْــرَةٌ
غَبْرَاءُ يَحْمِلُنِـي إِلَيهَا شَرْجَعُ
فَبَكَتْ بَنَاتِي شَجْوَهُنَّ وَزَوْجَتِـي
وَالأَقْرَبُـونَ إِليَّ ، ثُمَّ تَصَدَّعُوا
وَتُرِكْتُ فِي غَبْرَاءَ يُكْرَهُ وِرْدُهَــا
تَسْفِي عَلَيَّ الرِّيحُ حِينَ أُوَدَّعُ .
قصري أي آخر أمري ، شرْجع : سرير الميت ، تَصدّعُوا ؛ أي تفرقوا ، تَسْـفِي : أي تهبّ بالتراب .
كان من أخلاقه أنه وفيٌّ ، يترفّع عن الهجاء ويراه مَنقَصةً ..
قيل لأحد العلماء : « كان عبدة بن الطبيب لايحسن أن يهجو . فقال : « لاتقل ذاك ، فوالله ما أبى من عِيٍّ ، ولكنّه كان يترفع عن الهجاء ويراه ضَعةً ؛ كما يرى تركَه مروءة وشرفًا » ..
كان عبدة جيدَ الشعر إلا أنّه مُقِلٌّ منه ..
شعره جزل العبارة ، رصين الأسلوب ، جميل الأداء ، أُعجِب الأدباءُ والنقاد والعلماء بشعره معنى وأسلوبًا ، فأثنوا عليه ومدحوا قائله ..
وفاته : يقدّر الباحثون أنها كانت بعد سنة عشرين للهجرة .
لكم تحيّاتي

رجاء احمد

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان