عنترة بن شداد العبسي ..الحماسة....رجاء احمد

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

عنترة بن شداد العبسي ..الحماسة....رجاء احمد

 




الحلقة الثانية مع فارس شعراء الجاهلية عنترة بن شداد العبسي ..الحماسة :

كان شعر الحماسة عند عنترة يُمثّل الصورة الحيّة للتعبير عن شجاعته في ساحات القتال ، فكان في شعره يصف أدقّ التفاصيل في منازلته العدوّ ، حيث كان يستخدم شجاعته في الحروب باعتبارها وسيلة للتخلص من عقدته النفسيّة في كونه عبدًا أسود ، واصفًا في هذه الأشعار كيف ينال من العدو بعد أن يتمكّن من إصابته بطعنة قاتلة ، مخاطبًا العدوّ والدهر بالاعتراف بذاتيته إلى حدّ المبالغة في إظهار جبروته ، بحيث يبدو كأنّه مستمتع بهذا الأمر .
ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ
لامُمْعـنٍ هَـرَبًا ولا مُسْتَسْلِـمِ
جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنَةٍ
بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مقَـوَّمِ
فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ
ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ
فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ
يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانه والمِعْصَـمِ
لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ
أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ
فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ
بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَم
لقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى
إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ
في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي
غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ
لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ
يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ
كما كان يصف الأسلحةَ وصوت السيوف وطعناتِ الرمح ، وكان يعتمد في هذا الوصف على وقائع تاريخية تاركًا الحرية لخياله في تضخيم الحوادث القتاليّة ، فكانت هذه المعارك ملحمة من الملاحم الحربية ..
ترك عنترة بن شدّاد ديوانًا من الشعر كان معظمه في الحماسة والفخر والحبّ العذري كما سبق ذكره ، ومعلّقته الشهيرة ، وهي عبارة عن قصيدة طويلة تحتوي على ما يقارب تسعة وسبعين بيتًا من الشعر على وزن بحر الكامل ، وقد جاء شعر عنترة على نوعين هما : النوع الغنائي الوجدانيّ ، والنوع الآخر قَصصي مَلحميّ ، ومع الاختلاف بين هذه النوعين إلا أنّهما كانا مترابطين ؛ بحيث لا يُقال أحدهما دون الآخر ، ولا يُفهمان إلا مع بعضهما بعضًا ، وقد نظم عنترة هذه المعلقة خلال حرب السباق ، بعد أن شتمه شاعرٌ من قبيلته ، وعايره بسواد لونه ولون أمه ، فنظم عنترة معلّقته ردّا عليه ، ضمّنها الافتخار بنفسه ، وتعدادًا لمناقبه وصفاته ..
استهلّ معلقته بمقدّمة تتضمن ذكريات وعبرًا ، وبعد ذلك يصف محبوبته عبلة وناقته مفتخرًا بنفسه وأخلاقه الرفيعة وشجاعته وإقدامه في الحروب ، فهو يُظهر نفسه كما وصفه الأديب طه حسين بصورة الشاعر العربي الأصيل ، الذي يتصف برقّة القلب دون ضعف ، وبالشّدة دون عنف ، والذي يشرب الخمرة دون التفريط بأخلاقه ومروءته ، ومتى عاد إلى عقله وصحوته عاد كريمًا معّطاءً ، وهو فارسٌ شجاعٌ في الحرب ، عفيف النفس ، لا يطمع بغنائم هذه الحرب ولا يرغب بمكاسبها ..
هَلْ غَادَرَ الْشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَـرَدَّمِ
أَمْ هَل عَرَفْتَ الْدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
يَا دَارَ عَبْلـةَ. بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي
وَعِمِي صَبَاحاً دارَ عبلة واسلمي
شملت معلقته سيرته بكافة الأحداث التي مرّ بها في حياته ؛ حيث جاءت متشابكة تارةً ومتشعّبة تارةً أخرى ، وكان موضوعها يتمحوّر حول حياة عنترة الشاعر والفارس الشجاع والعاشق ، وما واجهه من صعوبات ومخاطر في سبيل حبه لابنة عمه عبلة ..
.....
وقفات شعرية مع أخلاق الفروسية عند شاعر عبس قال عنترة :
خلقت من الحديد أشدّ قلبا
وقد بَلي الحديدُ وما بليتُ
وفي الحرب العوان ولدتُ طفلًا
ومن لبن المعامع قد سقيتُ
وإنّي قد شربت دم الأعادي
بأقحاف الرؤوس وما رويت
.....
بإمكاننا أن نتخيّل ذلك المشهد المخيف حين يشرب عنترة دماء الأعداء بكؤوس ما هي إلا الجماجم !!! هذه الصورة الوحشيّة المخيفة لعنترة تصبح أرقّ من الماء وألطف من الهواء حين يذكر محبوبته :
ولقد ذكرتُك والرماح نواهلٌ
منّي وبِيض الهند تقطر من دمي
فوددتُ تقبيل السيوف لأنّها
لمعتْ كبارق ثغرك المتبسّم
.....
حين كانت الرماح تشرب من دماء عنترة ، وكانت السيوف البيضاء تتقاطر من دماء عنترة ، كان يتذكّر ثغر حبيبته حين تبتسم ، للحظة ينسى عنترة ما فعلت به السيوف والرماح ، ويهبّ لتقبيلها لا لشيء إلا لأن بياضها الممزوج بالحمرة قد ذكّره بثغر محبوبته!!!!
دمتم بخير

رجاء احمد

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان