لَستُ أرثيكَ.. لا يَجوزُ الرِّثاءُ....عبد الرزاق عبد الواحد
لَستُ أرثيكَ.. لا يَجوزُ الرِّثاءُ
لَستُ أرثيكَ.. لا يَجوزُ الرِّثاءُ
كيفَ يُرثى الجَلالُ والكِبرياءُ؟
لَستُ أرثيكَ يا كبيرَ المَعالي
ھكذ ا وَقْفَة المَعالي تَشاءُ
ھكذ ا تَصعَدُ البُطولَة لِلَّه
وَفيھا مِن مَجْد هِ لأ لا ءُ
ھكذ ا في مَد ارِهِ يَستَقِرُّ
النَجْمُ تَرتَجُّ حَولَه الأرجاءُ
وھوَ يَعلو..تَبقى المَحاجِرُ غَرقى
في سَناهُ وَكُلُّھا أنْداءُ
لَستُ أرثيك..كيفَ يُرثى جنوحُ
الروح لِلخُلْدِ وَھيَ ضَوءٌ وَماءُ
لا اختِلاجٌ بِھا، وَلا كَدَرٌ فيھا
رَ ؤ ومٌ.. نَقيَّة.. عَصماءُ
ضَخْمَة..فَرْط كِبْرِھا وَتُقاھا
يستَوي المَوتُ عندَھا والبَقاءُ
كنتُ أرنُو إليكَ يومَ التَّجَلِّي
كنتَ شَمسا تُحيطُھا ظَلماءُ
أ سَدا كنتَ طَوَقَت قُرودا
وأميرا حَفَّتْ بِه دَھماءُ
وَھوَ كالفَجرِ مُسْفِرُ الوَجه، صَلْتٌ
بَينَما الكُلُّ أوجُه سَوداءُ
ھكذ ا وَقفَة المَعالي تَشاءُ
كيفَ أبكيكَ؟.. لآ يَليقُ البُكاءُ
أفَتُبْكى وأنتَ نَجم تَلالا؟
كيفَ يُبكى إذا استَقامَ الضِّياءُ؟
أفَتُبْكى وأنت تَشھَقُ رَمزا
حَدَّ أنْ أشفَقَتْ عَلَيكَ السَّماءُ
فَرْط ما كُنتَ تَدفَعُ الموتَ لِلأرض
وَتَرقى..يَفيضُ منكَ البَھاءُ؟
لَستُ أبكي عَليكَ يا ألَقَ الدُّنيا
أتُبكى في مَجدِھا العَلياءُ؟
أنا أبكي العراق.. أبكي بِلادي
كيفَ في لَحظَة طَواھا الوَباءُ؟
كيفَ في لَحظَة يُطأطِىءُ ذاكَ
المَجدُ ھاماتِه، وَيَھوي الإباءُ؟
بَينَ يَوم وَلَيلَة يا بِلادي
يَتَداعى لِلأرض ذاكَ البِناءُ؟
بَينَ يَوم وَلَيلَةٍ تَتَلاشَى
فيكِ تِلكَ الوجوهُ والأسماءُ؟
كلُّ ذاكَ التَّاريخ..بابلُ..آشورُ
أريد و.. وأور.. والوَركاءُ
كُلُّھا بَينَ لَيلَةٍ وَضُحاھا
وَطِئَتْ فَوقَ ھامِھا الأعد اءُ؟
..وَ إ ذ نْ أيُّ حُرمَة لِلَّذي يأتي؟
وَماذ ا أبقى لَدَ ينا الفَناءُ؟
ذِمَّة؟؟.. أيُّ ذِمَّة يا بِلادي
بَقيَتْ فيكِ لم تَطأھا الدِّماءُ؟
أيُّ نَفس ما أ زھِقَتْ؟..أيُّ عِرض
لَم يَلِغ في عَفافِھ الأدنياءُ؟
أيُّ نَكراءَ لَم تُمارَسْ إلى أنْ
نَسيَ النَّاسُ أنَّھا نَكراءُ؟
ھكذ ا؟.. بَعدَ كُلِّ ذاكَ التَّعالي؟
بَعدَ عَينَيكَ..ھكذا النَّاسُ ساءُوا؟
أم ھيَ الحِكمَة العَظيمَة شاءَتْ
بِلادي أنْ يَحتَويھا البَلاءُ
لِيَرى أھلُھا إ لى أ يِّ ذ لٍّ بَعدَ
ذاكَ الزَّھْو العَظيم أفاءُوا؟
لِيَرَوا كَيفَ لَحمُھُم يَتَعاوَى
حَولَ الأقرِباءُ والغُرَباءُ
فَإذا الأبعَدون مَحْضَ أكُفٍّ
والسَّكاكينُ كُلُّھا أقرِباءُ
أيُّھا الھائِلُ الذي كانَ سَدَّ ا
في وجوه الغُزاة مِن حَيثُ جاءُوا
كانَ مَحْضُ اسمِه إذا ذ كَرُوهُ
تَتَعَرَّى مِن زَيْفِھا الأشياءُ
وَيَكادُ المُريبُ، لَولا التَّوَقِّي
وَيَكادُ المُنيبُ، لَولا الرَّجاءُ
كُنتَ رَمز ا لِفارِس عَرَبيٍّ
حَلَمَتْ عُمرَھا بِھ الأبناءُ
كُلُّ بَيتٍ مِن العُروبَةِ فيه
مِنكَ سِتْرٌ، وَشَمعَة، وَغِطاءُ
فَتَلاقَتْ عَلَيهِ أبوابُ أھلي
لا وِقاءا.. فَأينَ منھا الوِقاءُ؟
أغلَقُوھا عَلَيكَ دَھرا وَ لَمَّا
فَتَحُوھا اقشَعَرَّ حتى الھَواءُ
سالَ غابٌ مِن الدَّبى والثَّعابين
لِبغداد ضاقَ عنھ الفَضاءُ
لم تَدَعْ شاخِصا على الأرض إلاَ
لدَغَتْه، حتى الصُّوى الصَّمَّاءُ
ثمَّ ھِيضَتْ بِنا مَلاسِعُھا
السُّودُ بِما ھاجَ حِقدَھا الأ جَراءُ
كُلُّ د ار في عُقْرِھا الآنَ أفعى
كُلُّ طِفل في مَھدِهِ عَقرَباءُ
وانزَوى أھلُنا كأنْ لم يَرَوھا
أھلُنا طولَ عُمرھِم أبرياءُ
ھكذاھكذا المُروءاتُ تَقضي
ھكذا ھكذا يَكونُ الوَفاءُ
أنْ تَعَضَّ اليَدَ التي دَفَعَتْ عَنكَ
فَفي قَطْعِھا يَزولُ الحَياءُ
وَغَدا حين تَلتَقي أعيُنُ النَاس
فَكَفٌّ كأ ختِھا بَتراءُ
لا..وحاشا العراق..لَستَ عِراقا
لَو تَمادى عَلَيكَ ھذا الوَباءُ
لَستَ أرضَ الثوّار لو ظلَّ فينا
فَضْلُ عِرق لم تَجْر منھُ الدِماءُ
أنَّه مَرَّ بالتُرابِ ولَم يَسمَعْ
وَقَد ضَجَّ في التُّرابِ النِّداءُ
فَسَلامٌ عليكِ أرضَ الشَّھادات
تَتالى في أرضِكِ الشُّھَداءُ
وَسَلامٌ عَلَيكَ يا آخِرَ الرّاياتِ
ما نالَ مِن سَناكَ العَفاءُ؟
لا، وحاشاكَ..أنتَ سَيفٌ سَيَبقى
وَلَه، وَھوَ في الخلودِ، مَضاءُ
ھَيْبة وَھوَ مُغمَدٌ، فإذ ا ما سُلَّ
يَجري مِن شَفرَتَيه الضِياءُ
ھكذ ا أنتَ غائِبا.. فإذ ا ما
قِيلَ مَيْتا، فَلْتَخْجَل الأحياءُ
رُبَّ مَوتٍ عِدْ لَ الحياةِ جَميعا
ھكذا جَدُّ كَ الحُسَينُ يُراءُ
لا تُرَعْ سَيِّدي، وَحاشاكَ، أنتَ
الجَبَلُ ال لا تَھُزُّه الأنواءُ
نَحنُ نَبقى بَنيكَ.. مازالَ فينا
مِنكَ ذاكَ الشُّموخُ والكِبرياءُ
لَم يَزَلْ في عِراقِنا منكَ زَھْوٌ
تَتَّقيه الزَّعازِعُ النَّكباءُ
فيه قَومٌ لَو أطبَقَ الكَونُ لَيْلا
أوقَدُوا كَوكَبَ الدِّماءِ وَضاءُوا
أنتَ أدرى بِھِم فَھُم مِنكَ عَزمٌ
وإباءٌ، وَنَخْوَة شَمَّاءُ
وَدِماھُم..لَو أ طفِئَتْ غُرَّة الشَّمس
قَناديلُ ما لَھُنَّ انطِفاءُ
جَرَيانَ النَّھرَين تَجري لِتَسقي
فَلْتَسَلْ زَھْوَ أرضِھا كَربَلاءُ
لا تُرَعْ سَيِّدي، وَنَمْ ھاديءَ البال
قَريرَ العيون.. فالأنباءُ
سَوفَ تَأتيكَ ذاتَ يَوم بِأنَّ
الأرضَ دارَتْ، وَضَجَّ فيھا الضِّياءُ
التعليقات على الموضوع