سيرة فارس بطل وقائد اسطورة في التاريخ العربي والاسلامي انه القائد الذي لم يهزم خالد ابن الوليد \رجاء احمد

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

سيرة فارس بطل وقائد اسطورة في التاريخ العربي والاسلامي انه القائد الذي لم يهزم خالد ابن الوليد \رجاء احمد

 


سيرة فارس بطل  وقائد اسطورة في التاريخ العربي والاسلامي انه القائد الذي لم يهزم خالد ابن الوليد \رجاء احمد

الحلقة الأولى من موقف مع صحابي ،،
أبدأ بسيرة سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه ...
اسمه ونسبه :
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي القرشي .
صحابي جليل ، لقّبه الرسول بسيف الله المسلول ، اشتهر بحسن تخطيطه العسكري وبراعته في قيادة جيوش المسلمين في حروب الردة وفتح العراق والشام ، في عهد خليفتي الرسول أبي بكر وعمر في غضون عدة سنوات ، يعدّ أحد قادة الجيوش القلائل في التاريخ الذين لم يهزموا في معركة طوال حياتهم ، فهو لم يهزم في أكثر من مائة معركة أمام قوات متفوقة عددًا من الإمبراطورية الرومية البيزنطية ، والإمبراطورية الساسانية الفارسية وحلفائهم ؛ بالإضافة إلى العديد من القبائل العربية الأخرى . اشتهر خالد بانتصاراته الحاسمة في معارك اليمامة وأُلّيس والفراض ، وتكتيكاته التي استخدمها في معركتي الولجة واليرموك .
غدا لنا وقفة مع قصة إسلامه وتفاصيل كثيرة عن سيرته العطرة بإذن الله تعالى .
خالد ... يا أسطورة الزمااان يا سيف الله :
من ذا يُداني بالبسالةِ خالدًا
ابن الوليد ولو بظهرِ حصاني
عقم الزمانُ فهل سيُولدُ خالدٌ
من بعد جدبٍ فارس الميدان
الله يفعل ما يشاء فهل لنا
إلا الدعاءَ لربنا الديّانِ
فعسى وعلّ وربما يجدُ الدُعا
باب القبول بساحة الغُفرانِ .
الحلقة الثانية من سيرة سيف الله المسلول وقصة إسلامه :
بينما كان المسلمون في مكة لأداء عمرة القضاء في عام ٧ هـ ، وفقًا للاتفاق الذي أبرم في صلح الحديبية ، أرسل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الوليد بن الوليد ، وسأله عن خالد ، قائلًا له : ( ما مِثلْ خالدٍ يجهلُ الإسلامَ ، ولو جَعلَ نكايتهُ وحدَه مع المسلمينَ على المشركينَ كانَ خيرًا له ، ولقدَّمْناه على غيرِه ) فأرسل الوليد إلى خالد برسالة يدعوه فيها للإسلام ولإدراك ما فاته .. وافق ذلك الأمر هوى في نفس خالد ، فعرض على صفوان بن أميّة ثم على عكرمة بن أبي جهل الانضمام إليه في رحلته إلى يثرب ليعلن إسلامه ، إلا أنهما رفضا ذلك . ثم عرض الأمر على عثمان بن طلحة العبدري ، فوافقه . وبينما هما في طريقهما إلى يثرب ، التقيا عمرو بن العاص مهاجرًا ليعلن إسلامه ، فدخل ثلاثتهم يثرب في صفر عام ٨ هـ معلنين إسلامهم ، وحينها قال الرسول : ( إنّ مكةَ قد ألقتْ إلينَا أفلاذَ كبِدها ) .
لمّا وصل المدينة المنورة ، قصّ خالد على أبي بكر رؤيا رآها في نومه : ( كأنه في بلاد ضيقة مجدبة ، فخرج إلى بلاد خضراء واسعة ) ، فقال له : مخرجك الذي هداك الله للإسلام ، والضيق الذي كنت فيه من الشرك ..
لا زلنا مع سيرة سيف الله المسلول ، االحلقة الثالثة ، وغزوة مؤتة أو سرية مؤتة ..
جرت الغزوة في جمادى الأولى من العام الثامن للهجرة (أغسطس ٦٢٩ م) بسبب قتل الصحابي الحارث بن عّمير الأزدي رسولِ النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم ، إلى ملك بصرى على يد شرحبيل بن عمرو الغساني والي البَلقاء ، الواقع تحت الحماية الرومانيّة ؛ إذ أوثقه رباطا وقدّمه فضرب عنقه ..
لمّا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، خبر قتل الحارث ، غضب غضبًا شديدًا ، وأمر بتجهيز جيش ؛ لقتال الروم ، والأخذ بثأر الحارث رضي الله عنه .
أحداث غزوة مؤتة ..
سيَّر النبيّ صلى الله عليه وسلم ، جيش مؤتة ، وأمرهم أن ينزلوا في الأرض التي استُشهِد فيها الحارث بن عمير الأزدي رضي الله عنه ، وأن يَعرضوا على أهل ذلك المكان الإسلام ، فإن أسلموا ، فقد حقنوا دماءهم وأموالهم ، وإلّا فقد أمرهم النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بقتالهم ..
وعندما وصل جيش زيد بن حارثة رضي الله عنه ، إلى مدينة معان في الأردن ، وصلتهم الأخبار بأنّ هرقل قد جمع جيشًا من الروم تعداده مئة ألف مقاتل ، وانضمّ إليه ما يقارب مئة ألف آخرين من المشركين في الجوار ، فأصبح جيشًا تعداده مائتيْ ألف مقاتل ينتظر جيش المسلمين ذا الثلاثة آلاف مقاتل فقط !! لهذا أقام المسلمون في مكانهم يومين يتشاورون فيما يجب عليهم فعله ، حيث رأَوْا أنّه ما من تكافُؤٍ أبدًا في التّعداد ، والمعدّات ، والتجهيزات بين الجيشين ، ممّا جعلهم يتريَّثون قليلاً قبل اتِّخاذ الرأي الحاسم .. كانت الآراء تدور حول إخبار النبيّ صلى الله عليه وسلم ، بالحال المُستجِدّ ؛ فإنّ ملاقاة عدوّ يزيد عدده عن سبعين ضعفًا من عدد المسلمين كان ضربًا من مُحالٍ أو خيال .. اقترح بعض المسلمين أن يخبروا النبي عليه الصلاة السلام ، بأمرهم ، فإمّا أن يبعث لهم مددًا من عنده ، وإمّا أن يأمرهم فيمضوا لِما خرجوا له . وهنا أعطى عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ، الرأي الذي شجّع المسلمين ، ونهض بعزائمهم ، بقوله : " يا قوم ، والله إنَّ التي تكرهون لَلتي خرجتم تطلبون ؛ الشهادة ، وما نقاتلُ الناس بعددٍ ولا قوةٍ ولا كثرةٍ ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ، فانطلِقوا فإنَّما هي إحدى الحسنيين : إما ظهورٌ ، وإما شهادةٌ " .
فوافقه المسلمون على ما قال ، وأيَّدوا رأيه ، وارتفعت همّتهم لملاقاة عدوّهم رغم الفااارق العظيم بين الجيشين في العدد ، والعُدّة ..
التقى المسلمون بجيش الروم ، وقائدُهم زيد بن حارثة رضي الله عنه ، وما هو إلّا وقت قصير حتى اسْتُشْهِد زيد بن حارثة ، فتناول جعفر رضي الله عنه ، الراية من يده ، وسار يَؤُمّ جيش المسلمين كما أمر النبيّ عليه الصلاة والسلام ، فأتت الضربة على يده اليمنى ، فنقل الراية إلى اليسرى ، فقُطِعَت يدُه اليسرى ، فحملها بين عضديْه ، وتمسّك بها ، حتى أتته طعنةٌ استُشهِد على إثرها مُقبلًا غير مُدبر ، فتناول الراية من بعده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ، فقاتل حتى ظفر بالشهادة كأخويه من قبله ، وهنا ضعفت همّة المسلمين قليلًا ، واضطربَتْ حالهم ، فأقبل إلى الراية صحابيّ قد شَهد بدرًا ، وهو ثابت بن أقرم رضي الله عنه ، فأخذ الراية ، وناولها لخالد بن الوليد رضي الله عنه ، وألحّ عليه بالطلب أن يقود جيش المسلمين ، فإنّه ما من أحد أولى به في تلك اللحظات العصيبة ، فقبل خالدٌ ذلك ، وحمل راية جيش المسلمين ، ووقع على عاتقه أن يجد حيلةً ينجو بها مع المسلمين من الحال الصعب الذي عاشوه خلال عدّة أيام خَلَت ..
خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه : مكث خالد وقتًا يبحث عن أنجع حيلة ينتصر فيها المسلمون على عدوّهم مع أنّ فرص الانتصار تكاد تكون معدومة من حيث العقل والمنطق ؛ فأدرك خالد رضي الله عنه ، أنّه ما من انتصار إلّا في الانسحاب ، وأنّ القدرة على الانسحاب ، وحقن دماء أكبر عدد من المسلمين في ظرف كهذا هو الانتصار بعينه .
انتظر خالد حتى هبوط الليل ، وبدأ بتنفيذ خطته ؛ وذلك باختلاق ضجّة عظيمة توحي بأنّ جيشًا جديدًا قد وصل ، فيظنّ الروم أنّ المسلمين قد أتاهم مددٌ على غير توقُّع منهم ، ثم بدَّل مواقع الجنود في الميمنة ، والميسرة ، والمقدّمة ، والمؤخّرة ، وجدّد الرايات ؛ ليظنّ الروم في الصباح أنّ جيشًا جديدًا قد وصل ، عند رؤيتهم وجوهًا جديدة ، ورايات نظيفة ، فيؤثِّر ذلك في معنويّاتهم ، وهمّتهم ..
كما أوصى خالد رضي الله عنه ، المسلمين بتقديم أعظم ما لديهم من بطولات في الصباح ؛ فضربوا العدو ضربات متلاحقة أنهكته ، وحطَّمت معنوياته ، وجعلته ينتظر فرصة للراحة والهدوء النسبيّ ، حيثُ جعل خالد تلك اللحظات التي ينتظرها جيش الروم لحظات تراجعٍ وعودةٍ للمسلمين ، فلا يلحق بهم جيش الروم ، وبالتالي ينجو المسلمون جميعًا ، وبناءً على هذه الخطة ، سار جيش المسلمين صباحًا ؛ وضربوا العدو ضربات متلاحقة ، وأثخنوا فيهم الجراح ، ونكّلوا بهم ، وبدؤوا بالتراجع رويدًا رويدًا ، والعدو يلتقط أنفاسه لا يجرؤ على اللحاق بهم ، فكانت النجاة لجيش المسلمين ، وعودتهم إلى ديارهم سالمين ..
وصف النبي عليه الصلاة والسلام ، ذلك الانسحاب ( بالفتح ) ، لأنّه أفضل الخيارات المُتاحة حينها ..
قال النبي عليه الصلاة والسلام ، : (ثمَّ أَخَذ الرَّايةَ سَيفٌ مِن سُيوفِ اللهِ خالدُ بنُ الوليدِ ، ففَتَحَ اللهُ عليه) ..
رضي الله عن خالد سيف الله المسلول وأرضاه ، وجعل جنة الخلد مأواه ..

في الحلقة الماضية رأينا خالد بن الوليد رضي الله عنه كيف نجح في أن يحفظ الجيش من إبادة شاملة ..
حارب خالد ببسالة في غزوة مؤتة ، وكسرت في يده يومئذ تسعةُ أسياف ..
وبعد أن عاد إلى يثرب ، أثنى عليه الرسول ولقّبه بسيف الله المسلول ..
بعد شهور من عودته من غزوة مؤتة ، نقضت قريش أحد شروط الصلح ؛ عندما هاجم بكر بن مناة بن كنانة (وهم حلفاء قريش ، بني خزاعة (حلفاءَ الرسول ) . عندئذ توجّه الرسول صلى الله عليه وسلم في جيش من عشرة آلاف مقاتل إلى مكة ، وقسم الجيش إلى أربعة أقسام ، تولى بنفسه قيادة أحدها ، وأمّر الزبير بن العوام وسعد بن عبادة وخالد بن الوليد على الثلاثة الأخرى ، وأمرهم أن يدخلوا مكةَ كلٌ من باب . فدخلوها كلٌّ من الباب المُوكل إليه ، ولم يلقَ أحدهم قتالاً إلا كتيبة خالد ، حيث قاتله عكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وصفوان بن أمية في جند جمعوهم لقتال المسلمين ، واستطاع خالد أن يظفر بهم ، وقتل منهم عددًا .
ثم أرسله الرسول عليه الصلاة والسلام في سريّة من ثلاثين فارسًا لهدم العُزَّى : صنم جميع بني كنانة ، فهدمها ثم رجع إلى الرسول ، فأخبره فسأله الرسول إن كان قد رأى شيئًا ، فردَّ بالنفي ، فطلب منه الرسول أن يعود لأنه لم يهدمها . فرجع خالد وهو متغيظ فجرد سيفه ، فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ناشرة الرأس ، فضربها خالد فشقها نصفين ، ورجع إلى الرسول . فأخبره فقال : ( نعم تلك العُزَّى ، وقد يئست أن تُعبد في بلادكم أبدا !! )
و في غزوة حُنَين ، حيث جعله الرسول عليه الصلاة والسلام يومئذ قائدَا على بني سليم ، وأصيب يومها إصابات بليغة .
كما شارك خالد أيضًا في غزوة تبوك تحت قيادة الرسول ، ومن هناك أرسله الرسول في سريّة إلى دومة الجندل ، فدخلها وأسر صاحبها ( أكيدر بن عبد الملك ) الذي صالحه الرسول على الجزية ، وهدم صنمهم ( وُدّ ) .
في عام عشرة للهجرة ، بعث الرسول خالد بن الوليد في شهر ربيع الأول في سريّة من أربعمائة مقاتل إلى بني الحارث بن كعب بنجران ، وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم ثلاثًا ، فإن استجابوا له يقبل منهم ، ويقيم فيهم ويعلمهم دينهم ، وإن لم يفعلوا يقاتلهم .
لبّى بنو الحارث بن كعب النداء وأسلموا ، فأقام خالد فيهم يعلمهم الإسلام . ثم كتب خالد إلى الرسول بذلك ، فأمره أن يقيم فيهم يعلمهم ، ثم ليقبل معه وفدهم ، فوفدوا عليه يعلنون إسلامهم .. 💎
غدا مع خالد بن الوليد وحروب الرِدّة ..

خالد بن الوليد والحلقة الخامسة ،،،
🍀 خالد في عهد أبي بكر وعمر 🍀
حروب الردة :
بعد وفاة الرسول ، انتقضت معظم القبائل العربية عدا أهل مكة والطائف والقبائل المجاورة لمكةَ والمدينة والطائف على سلطان أبي بكر الخليفة الجديد للمسلمين .
اختلفت أسباب الانتقاض ، فمنهم من ارتدّ عن الدين الإسلامي ، ومنهم من ظلّ على دين الإسلام مع رفضهم أداء فريضة الزكاة ، ومنهم من التفّ حول مُدّعي النبوة في القبائل العربية ..
استغل مانعو الزكاة من قبائل عبس وذبيان وغطفان خروج بَعث أسامة بن زيد رضي الله عنه ، الذي كان قد أوصى به الرسول عليه الصلاة والسلام ، قبل وفاته وحاولوا مهاجمة المدينة . وبعد أن استطاع الخليفة صدّ الهجوم ، وإرساله من يطارد فلول المنهزمين ، عقد أبو بكر أحد عشر لواءً لمحاربة المرتدين ومانعي الزكاة في جميع أرجاء جزيرة العرب .
أمّر أبو بكر خالدَ بن الوليد على أحد تلك الجيوش وكان قوامه ٤٠٠٠ مقاتل ، ووجّهه إلى إخضاع طيئ ثم محاربة مُدعي النبوة طليحة بن خويلد وقبيلته بني أسد ، ثم التوجّه لإخضاع بني تميم . إلا أنه وقبل أن يتحرك الجيش ، وصل عدي بن حاتم الطائي بأموال زكاة طيء ، لتنضمّ بذلك طيء لجيش خالد ..
اجتمعت قبائل أسد وفزارة وسليم وفلول عبس وذبيان وبكر حول طليحة بن خويلد الذي ادّعى النبوة . فتوجّه إليهم خالد بجيشه ، واشتبك معهم في بُزاخة ، وهزمهم وفرّ طليحة إلى الشام ..
أمر خالد بعد ذلك بمطاردة فلول المنظمين ، ونكّل بهم ، وأرسل رؤساءهم مكبّلين بالأصفاد إلى الخليفة لينظرَ ماذا يفعل بهم ، لِما ألحقوا بمن بقوا على دينهم من أذى ، وليكون ذلك ردعًا لمن سيلقاه بعد ذلك ..
خط سير خالد بن الوليد في حروب الردة :
التفت الفلول حول (أم زمل) التي كانت لها ثارات عند المسلمين ، فقد قتل زيدُ بن حارثة أمَّها أم قرفة في سريته إلى بني فزارة ، لتحريضها قومها على قتال المسلمين ، فقاتلهم خالد في معركة كبيرة في ظفر ، وهزمهم وقتل أم زمل ..
بنو تميم :
توجّه خالد بعد ذلك بجيشه إلى بني تميم . لم تكن بنو تميم على موقف واحد ، فمنهم بطون وافقت على أداء الزكاة واتباع خليفة رسول الله ، ومنهم من رأى عكس ذلك ، وبقي فريق ثالث في حيرةٍ من أمرهم . فلما وصل جيش خالد البطاح وهي منزل بنو يربوع ، لم يجد بها أحدًا . كان سيدهم مالك بن نويرة ممن كانوا تحيّروا في أمرهم ، وكان قد أمر قومه بأن يتفرقوا ..
بثّ خالد السرايا ، وأمرهم بأن يأتوه بكلّ من لم يجب داعية الإسلام ، وإن امتنع أن يقتلوه . وكان قد أوصاهم أبو بكر " أن يؤذّنوا إذا نزلوا منزلًا ، فإن أذّن القوم فُكّفوا عنهم ، وإن لم يؤذنوا فاقتلوا ، وإن أجابوكم إلى داعية الإسلام فاسألوهم عن الزكاة ، فإن أقروا فاقبلوا منهم ، وإن أبَوا فقاتلوهم "

الحلقة السادسة مع العبقريّ المسلم الفذّ خالد بن الوليد ،،،
فتح العراق :
مع انتهاء حروب الردة ، بلغ أبا بكر أنّ المُثنى بن حارثة الشيباني ورجالًا من قومه أغاروا على تخوم فارس ، حتى بلغ مَصَبّ دجلة والفرات ، فسأل عنه فأثنى عليه الصحابة . ولم يلبث أن أقبل المثنى على المدينة ، طالبًا منه أن يستعمله على من أسلم من قومه ، فأقرّ له أبو بكر بذلك ..
رأى أبو بكر بأنّ يمدّ المثنى بمَدد ليتابع غزواته ، لذا أمر خالدًا بأن يجمع جنده في اليمامة ، وألا يستكره أحدًا منهم ، ويتوجّه إلى العراق . كما أمر عياض بن غنم بأن يتوجه إلى دَومة الجَندل ليُخضع أهلها ، ثمّ يتوجّه إلى الحيرة ، وأيّهما بلغ الحيرة أولًا تكون له القيادة . وجد خالد أن جيشه قد قلّ عدده ، فطلب المَدد من الخليفة ، فأمدّه بالقعقاع بن عمرو التميمي . تعجّب الناس من هذا المدد ، فقال لهم أبو بكر : لا يُهزم جيش فيه مثل هذا : ( يعني القعقاع) ..
أدرك خالد المثنى قبل أن يصل إليه عياض بعشرة آلآف مقاتل ، لينضم إليه ثمانية آلآف مقاتل هم جند المثنى .
كانت أول معارك خالد في العراق أمام جيش فارس بقيادة ( هرمز ) في معركة ذات السّلاسل . في بداية المعركة طالب هرمز أن يبارز خالدًا ، وكان قد دبّر مكيدة بأن يتكاتل عليه جنده فيقتلوه ، فيفتّ ذلك في عضُد المسلمين فيَنهزموا . لم يعطِ هرمز خالدًا قدرَه ، فقد قتله خالد قبل أن تكتمل المَكيدةُ ، وأدرك القعقاعُ جندَ الفرس قبل أن يغدروا بخالد ، ليثبت بذلك للمسلمين صِحة وجهة نظر الخليفة فيه .. بعد ذلك ، شدّ المسلمون على الفرس وهزموهم ، وأمر خالدٌ المثنى بمطاردة الفُلول ..
استمرّ المثنى يطارد الفلول ، إلى أن ترامى إلى أذنه زحف جيش آخر بقيادة ( قارن بن قريانس ) فأرسل إلى خالد ، فلحقَه خالد بالجيش ، والتحم الجيشان وللمرة الثانية يهزمُ جيشُ خالد جيشًا فارسيّا ويقتل قادته في معركة عرفت بمعركة " المذار " ..
أدرك الفرس صعوبةَ موقفهم ، فقرّروا أن يستعينوا بأوليائهم من العرب من بني بكر بن وائل ، والتقى الجيشان في معركة " الولجة "والتي استخدم فيها خالد نسخة مطوّرة من تكتيك الكمّاشة ، حيث استخدم مجموعتين من الجند ليكْمنوا للفرس . استثارت الهزيمة غضب الفرس وأولياءهم من العرب ، فاجتمعوا في " أُلّيس " بجيش عظيم ، واشتبك معهم جيشُ المسلمين في معركة عظيمة تأرجحتْ وطالتْ بين الفريقين ، فتوجّه خالدٌ بالدعاء إلى ربّه ، ونذر أن يجري النهر بدماء أعدائه إن انتصر المسلمون ..
وفي النهاية .. انتصر المسلمون ، وفرّ الفرس والعرب ، وأمر خالدٌ بأسرهم ، ليبرّ بنذره . ثم أمر بحبس النهر ، وضرب رقاب الأسرى ثم أجرى النهر فتحوّل دمًا ...
كانت الخطوة التالية لتأمين النصر هي فتح الحيرة عاصمة العراق العربيّ ، توجّه بجيشه إليها وحاصرها ، ولمّا لم يجدوا مهربًا قبلوا بأن يؤدّوا الجزية .. وبعد أن أراح جيشه ، سار خالد إلى الأنبار وعلى مقدمته الأقرع بن حابس رضي الله عنه ، فحاصرها وقد تحصّن أهلُ الأنبار وخَندقوا حولَهم ، فطاف خالد بالخندق بحثًا عن أضيق مكان فيه ، ثم أمر بنحر ضِعاف الإبل وإلقائها في ذلك الموضع ، وعبَر عليها جيشُه ففتح بذلك الحصن ..
اتجه خالد بعد ذلك إلى عين التّمر ، حيث واجه جيشًا من الفرس والعرب من قبائل بني النمر بن قاسط وتغلب وإياد بقيادة ( عقة بن أبي عقة ) في معركة عين التّمر وانتصر عليهم ، وبذلك أصبح معظم العراق العربيّ تحت سيطرة المسلمين ..
كان عياض بن غنم ما زال في حربه في دومة الجندل منذ بعثه الخليفة لقتالهم ، حيث طال حصاره لعام ، ولم يظفر بهم . يئس الخليفةُ من الموقف ، فأمدّه بالوليد بن عُقبة ، وحين وصل إليه الوليد أيقن صعوبة موقف عياض ، فأشار عليه بأن يرسل إلى خالد بن الوليد يستنصِره . لم يتردّد عياض فأرسل لخالد ، وكان قد همّ بالرحيل عن عين التمر ..
توجّه خالد إليه بجيشه ، فجعل دومة الجندل بينه وبين جند عياض ، ونجح في افتضاض الحصن في معركة دومة الجندل . انتهز أهل العراق فرصة غياب خالد ، فثاروا على الحاميات الإسلاميّة ، ووصل الخبر لخالد في دومة الجندل ، فلم يُطق البقاء ، وعاد واستطاع اخضاعَهم مرّة أخرى في معارك المصّيخ والثني والزميل ..
واصل خالد زحفه شمالًا حتى بلغ الفراض ، وهي موقع على تخوم العراق والشام ، وأقام فيها شهرًا لا يفصله عن الروم سوى مجرى الفرات . أرسل قائد الروم لخالد يطالبه بالاستسلام ، إلا أن خالدًا قال له : إنه ينتظره في أرض المعركة . ثم بعث إليه الروم يخيرونه إما أن يعبُر إليهم أو يعبروا إليه ، فطالبهم بالعبور . استغل خالد عبور الروم إليه ، وحاصرهم بجناحيه مستغلًا وجود النهر خلفَهم ، وهزمهم هزيمة ساااحقة ..
وكانت معركة الفراض آخر معارك خالد بن الوليد في العراق . أمر خالد جيشه بالعودة إلى الحيرة ، وقرّر أن يؤديَ فريضة الحجّ في سرّية تامة حتى دون أن يستأذن الخليفة . وبعد أن أتمّ حجّه علم الخليفة فلامه ونهاه عن تكرار فعله مرة أخرى ...

اعداد رجاء احمد

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان