الصحابي الجليل ( أبو هريرة )اعداد رجاء احمد
الصحابي الجليل ( أبو هريرة )
اختُلف في اسم أبي هريرة على عدّة أقوال ، أرجحها « عبد الرحمن بن صخر » وقيل أنّ اسمه الذي ولد به كان « عبد شمس » وبعد إسلام أبي هريرة ، غيّر النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم اسمَه القديم ، وسمّاه « عبد الرحمن » أو « عبد الله ».. وعن كُنيته « أبو هُريرة » التي اشتهر بها ، فقيل أنه وجد هرّة بريّة ، فأخذها في كمّه ، واعتنى بها ولزمها فكُنّي بذلك ..
نسبه :
أمّا نسبه ، فقال ابن الكلبيّ : إنه عمير بن عامر بن ذي الشرى بن طريف بن عيان الدوسي ..
نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته « دوس » الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا ، ولما بلغته دعوة الطّفيل بن عمرو الدّوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة ، وأسلم ، ثم هاجر في أول السنة السابعة للهجرة ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانيّة ، إلى المدينة المنوّرة وقت غزوة خيبر ، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال ،؟؟ قال ابن عبد البرّ : أسلم أبو هريرة عام خيبر ، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
خدمة أبي هريرة للنبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ..
لزم أبو هريرة النبيّ صلى الله عليه وسلم في المسجد النبويّ مع أهل الصُّفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل ، وردَ أنّه أمضى أربع سنين في معيّة النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم ، وورد أنهم ثلاث ، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبيّ ، عاش فيها حياة المساكين ، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ، ويغزو معه ويحجّ ، فشهد معه فتح مكة ، وأصبح أعلم الناس بحديثه ، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعليّ وطلحة والزبير رضي الله عنهم يسألونه عن الحديث ، لمعرفتهم بملازمته للنبيّ ، وقد تمكّن أبو هريرة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وأفعاله ، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ ..
وقد أوكل النبيّ صلى الله عليه وسلم له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان ، كما بعثه النبيّ مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعثه واليًا على البحرين ..
وبعد وفاة النبيّ شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الرِّدة ، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب ، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين ، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف ، فاتّهمه عمر في تلك الأموال ، فأنكر أبو هريرة اغتصابه للأموال ، وقال له بأنها نتاج خيله ، ومن تجارته في الغلال ، وما تجمّع له من أُعطيات . فتقصّى عُمر الأمر ، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة ..
أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبا هريرة إلى ولايته على البحرين ، فأبى أبو هريرة ، وامتنع ..
أقام أبو هريرة في المدينة المنوّرة يُحدّث طلاب الحديث ، ويُفتي الناس في أمور دينهم ..
لم يكن أبو هريرة بمعزل عمّا يدور حوله من أحداث ، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار ، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة ..
وفاته :
تعدّدت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة ، فقال هشام بن عروة أنّ أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ ، 58 عن عمر 78 سنة ، و كانت وفاته في وادي العقيق ، وحُمل بعدها إلى المدينة ، حيث صلى عليه الوليد بن عُتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر ، وشيّعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري ، ودُفن بالبقيع . وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت ، فقال: « إذا متّ فلا تنوحوا عليّ ، لا تضربوا عليّ فسطاطا ، ولا تتبعوني بمجمرة ، وأسرعوا بي ».. وقبل وفاته تصدّق بدار له في ذي الحُليفة ، على مواليه . وقد كتب الوليد بن عُتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُخبره بموت أبي هريرة ، فكتب معاوية إليه يأمره بأنْ يحصي ورثة أبي هريرة ، وأنْ يمنحهم عشرة آلاف درهم ، وأن يُحسن جوارهم ..
لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنّه كانت له زوجة اسمها « بسرة بنت غزوان »، ومن الولد ابنه المحرر ، وهو ممن روَوا عنه الحديث النبويّ ، وعبد الرحمن ، وبلال ، وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب ..
أما صفة أبي هريرة الخَلْقية ، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم ، بعيد ما بين المنكبين ، أفرق الثنيتين ، ذا ضفيرتين ،..
روايته للحديث :
ذكر الذهبي في ترجمته لأبي هريرة في كتابه « سير أعلام النبلاء » أن أحاديث أبي هريرة بلغت في مسند بقيّ بن مخلد 5374 حديثًا ، اتفق البخاري ومسلم على 326 حديثًا منها ، وانفرد البخاري بـ 93 حديثًا ، ومسلم بـ 98 حديثًا ، كما أحصى له المحقق شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد 3870 حديثًا ..
لذا ، فقد التفّ حوله الكثير من طلبة حديث النبيّ ، قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا 800 رجل وامرأة روَوا عن أبي هريرة .
قد شهد لأبي هريرة معاصروه بأوّليته في سعة الحفظ ؛ اختبر مروان بن الحكم حفظ أبي هريرة ، وكان واليًا على المدينة ، بأنْ دعا أبا هريرة ، وسأله أن يُحدّثه ، وأمر مروان كاتبه أن يجلس خلف ستار يكتب ما يسمعه ؛ فجعل أبو هريرة يُحدّث مروان .. ثم أرسل مروان بعد فترة يسأل أبا هريرة أن يُحدّثه ، وأمر كاتبه بأن يقارن بما كتبه ، فما وجده غيَّر حرفًا عن حرف ، عندئذ قال له مروان : « تعلم أنا قد كتبنا حديثك أجمع؟ »، فقال أبو هريرة : « وقد فعلت؟ »، قال : « نعم »، قال: « فاقرأه علي »، فقرأه . فقال أبو هريرة : « أما إنكم قد حفظتم ، وإن تطعْني تمحه » ، فمحاه ..
رضي الله عنه وارضاه وجعل جنات الخلد مثواه
التعليقات على الموضوع