يوم الفراق ...معارضة مقدمة غزلية لأبي تمام الطائي..د٠جاسم الطائي

 

ضاقَتْ أماني الروحِ فيكَ ذُبولا

( يوم الفراق )

معارضة مقدمة غزلية لأبي تمام الطائي
(يَومَ الفِراقِ لَقَد خُلِقتَ طَويلا)١*
ضاقَتْ أماني الروحِ فيكَ ذُبولا
فغَدَت سنينُ العمرِ مِثلَ سُوَيعةٍ
وغدا الفؤادُ على هواكَ مَلولا
أفْصِحْ فإنَّ دوامَ سرِّكَ مُهلِكٌ
وارمِ النفوسَ بطيشِها تَهويلا
أفَيَا رسولَ البينِ رُدَّ ألمْ تُرِدْ
ألايَ صيداً غارماً وسَليلا
فتنالُ مِنِّي في جميلِ صبابتي
عمداً وأَدْتَ مع الدُّجى قنديلا
وأراكَ تبحثُ في الوجوهِ ولم تَجدْ
أملاً على البلوى يكونُ بديلا
حسنُ الربيعِ سريعةٌ أيامُهُ
شمسٌ قَضَتْ قبلَ الأوانِ أُفولا
ما لي وللدنيا ونبضةُ خافقي
لحنُ الخلودِ أذا عزمتُ رحيلا
يا ملهِماً بالصَّبر حكمُكَ إن مضى
دانَ الفؤادُ له فكانَ ذلولا
مسٌّ أصابَ الأصغرَينِ مغرِّداً
هل من يُعزّي الخافقَ المقتولا
كابَرتُ دهراً في نزالٍ خاسرٍ
ورضيتُ جُرحاً للوفاءِ دليلا
ونثرتُ حرفاً مفعماً بمشاعري
فَارتَدَّ فيَّ حجارةً سجِّيلا
هيَ لوعةٌ أدمَنتُها حُباً بها
مِنْ أنْ أكابدَ في النوى المجهولا
فرددتُ عبراتِ الهوى وكظَمْتُها
ورجوتُ مِنْ دمعِ العيونِ جميلا
كفّ الملامَ فما الملامُ بدافعٍ
قَدَراً وما يشفي لديَّ غليلا
ما أنصَفَت عيني سواكُمْ مُدبِراً
أو مقبلاً في دمعِها مبذولا
ولقد تركتُ بكلِّ بابٍ عَبرةً
حتى عدِمتُ مُخَبِّراً ورسولا
بل قد قضَيتُ بلوعتي وتنهُّدي
مَنْ للطّلولِ ركائِبا وقَبيلا
أعذِبْ بهِ بوحاً شجياً همسُهُ
يُملي عليَّ السِّحرَ منهُ عَجولا
مهلاً أبا تمامَ خُذني رِفقةً
ما زالَ سيفي في النوى مسلولا
مهلاً أبا تمامَ مثليَ لن ترى
شَبَهاً لِيُطربَ قَولةً ومَقولا
-------------
*١: تضمين مطلع قصيدة أبي تمام الطائي
-------------------------

د٠جاسم الطائي

ليست هناك تعليقات