المَقَاصِدُ وَالْأَغْراضٌ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يُلْقَى الْخَبَرُ:...اعداد حمزة الطائي

 

ألأصلُ في الخبرِ أنْ يُلقَى لِأَحدِ غَرضَيْنِ:

المَقَاصِدُ وَالْأَغْراضٌ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يُلْقَى الْخَبَرُ:

الْخَبَرُ:

ألأصلُ في الخبرِ أنْ يُلقَى لِأَحدِ غَرضَيْنِ:
🌺الأوّل:
________
إمّا إفادةُ المُخاطَبِ الحُكْمَ الّذي تضمّنَتْهُ الجملة،اذا كان جاهِلًا له، ويُسَمّى هذا النّوعُ 🌺«فائدة الخبر». نحو: «الدِّينُ المُعَامَلةُ».
🌹والثّاني:
_________
وإمّا إفادةُ المُخاطًبِ أنَّ المُتَكلِّمَ عالِمٌ أيضًا بِأنّهٌ يعلمُ الخبرَ كما تقولُ: لِتِلميذٍ أخفى عليْكَ نَجاحَهٌ في الامتحانِ،وَعَلِمْتَهُ من طريقِ آخر:
أنتَ نجحتَ في الامتحانِ،ويُسَمَّى هذا النّوع.
🌹«لازمَ الفائدة»؛لِأَن يلزم في كلّ خبر أنْ يكونَ المُخْبَرُ بهِ عِندَهُ عِلمٌ أو ظَنّ بِه.
🌻وقد يخرجُ الخبرُ عن الغَرضَيْنِ السّابِقَيْنِ إلى أغراض أخرى تُستَفادُ بالقرائِن،ومِن سِياق الكلام.
أهمُّها:
⚘٠١الاسترحام والاستعطاف:
نحو قَوْل الحطيئة:
مَاذَا تَقُولُ لِأَفْرَاخٍ بِذِي مَرَخٍ
زُغْبَ الْحَوَاصِلِ لَامَاءٌ وَلَاشَجَرُ
أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ
فَارْحَمْ عَلَيْكَ سَلَامُ اللهِ يَاعُمَرُ
⚘٠٢وتحريكُ الهِمَّة إلى ما يلزم تحصيله.نحو قَوْلِهِ تعالى:
🍁((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)).آل عمران/١٣٣.
وقوله تعالى:🍁((فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُم...)).الأحقاف/٣٥.
وقوله عزّ وجلّ:🍁((مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَاعَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)).
الأحزاب/٢٣.
⚘٠٣وإظهار الضّعف والخشوع.نحو قوله تعالى:🍁((قَالَ ربّْ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبِّ شَقِيًّا)).مريم/٤.
⚘٠٤وإظهار التحسّر على شيء محبوب.نحو قوله تعالى:
🍁((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رب إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى...)).آل عمران/٣٦.
⚘٠٥وإظهار الفرح بِمُقْبِلٍ،والشّماتة بِمُدْبِرٍ.نحو قوله تعالى:🍁((وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)).الإسراء/٨١.
⚘٠٦والتوبيخ.كقولِكَ للعاثر:
(الشمس طالعةٌ)!.
⚘٠٧التَّذكير بما بَيْنَ المراتبٍ مِن التَّفاوت.نحو قوله تعالى:🍁((قُل لَّايَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يَآأُوْلِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)).المائِدَة/١٠٠.
⚘٠٨التّحذير.نحو قوله(صلّى اللهُ عليه،وسلّم):🌿[أبغضُ الحلالِ إلى اللهِ الطّلاقُ].
⚘٠٩الفخر.نحو قوله تعالى:🍁((إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ)).
آل عمران/٣٣.
⚘٠١٠المدح كقول النّابغة الذبياني:
فَإنَّكَ شَمْسٌ وَالْمُلُوكُ كَوَاكِبٌ
إِذَا طَلَعَتْ لَمْ يُبْدُ مِنْهُنَّ كَوْكبُ
⭐وقد يجيء لأغراض أخرى...
والمرجع في معرفة ذلك إلى الذوق والعقل السليم.
♦️فِي كَيْفِيَّةِ إِلْقَاءِ الْمُتَكَلِّمِ الْخَبَرَ
لِلْمُخَاطَبِ:_
====================
حيثُ كانَ الغرضُ من الكلامٍ الإفصاحَ والإظهار،يجبُ أن يكونَ المُتَكَلِّمُ معَ المُخاطَبِ كالطّبيبِ معَ المريض، يشخِّصُ حالتَه،ويعطيه ما يناسبُها.
فحقٌّ الكلام: أن يكونَ بقدرٍ الحاجة،لا زائدًا عنها،لئلّا يكونَ عِبثًا، ولا ناقِصًا عنها،لئلّا يخلَّ بالغرض،وهو(الإفصاح والبيان).
لهذا تختلفُ صورُ الخبرِ في اساليبِ اللغةِ بِاختلاف أحوالِ المُخاطَب الّذي يعتريه ثلاثُ أحوال:
🎍أوّلا: أن يكونَ المُخاطًبُ 🎍خاليَ الذّهنِ مِن الخبر،غيرَ متردِّدٍ فيه.ولا مُنكِر له،وفي هذهِ الحالِ 🌻لا يؤكَّد لهُ الكلام، لِعدمِ الحاجةِ إلى التّوكيدِ،نحو قوله تعالى: 🌺«الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابً وَخَيْرٌ أَمَلًا»🌺.الكهف/٤٦.
ويسَمّى هذا الضّربُ مِن الخبر
🎍(ابتدائيًا)،ويُستَعمَلُ هذا الضّربُ حِينَ يكونُ المُخاطَبُ خاليَ الذِّهنِ مِن مدلولِ الخبرِ فيتمكّن فيه لمصادفَتِه إيّاه خاليًا.
💐ثانيًا: أن يكونَ المُخاطَبُ
💐متردِّدًا في الخبر،طالٍبًا الوصولَ لِمعرفتِه، والوقوفِ على حقيقتِه،فيُستحسَنُ 💐تأكيدّ الكلام المُلقَى إليه تقويةً لِلحُكم،لِيتمكّنَ من نفسِه،ويطرحَ الخِلافَ وراءَ ظهرِه، نحو:
إنَّ الأميرَ منتصرٌ.
ويُسَمَّى هذا الضّربُ من الخبر:
💐(طَلَبِيًا)،ويُؤتَى بالخبرِ من هذا الضّربِ حينَ يكونُ المُخاطَبُ شاكَّا في مدلولٍ الخبر،طالِبًا التَّثبِتَ من صِدقِه.
🌷ثالثًا: أن يكونَ المُخاطًبٌ 🌷مُنْكٍرًا للخبرٍ الّذي يُرادُ إلقاؤُه إليه،مُعتَقِدًا خِلافَهُ 🌷فيجبُ تأكيدّ الكلامِ لهُ بِمُؤَكِّد، أو مُؤَكِّدَيْنِ، أو أكثر، على حسبٍ حاله من الإنكار،[قوّة،وضعفًا]،نحو:
إنّ أخاك قادمٌ،أو: إنّه لَقادمٌ،أو:واللهِ إنّه لَقادمٌ، أو: لَعمري إنّ الحقَّ يعلو،ولا يُعلَى عَلَيْهِ.
وَيُسَمّى هذا الضّربٌ مِن الخبرِ
🌷(إنكاريًّا)،ويُؤتَى بالخبرِ من هذا الضّربِ حينَ يكونُ المُخاطَبُ مُنْكِرًا، واعلم أنّه كما يكونُ التَّأكيدُ في الإثباتِ، يكونُ في النّفي أيضًا،نحو:
ما المُقتَصِدُ بِمُفتَقِرٍ،ونحو: واللهِ ما المُستَشِيرُ بِنادِمٍ.
♦️تنبيهات:
__________
🌻الأول:
لتوكيدِ الخبرِ أدواتٌ كثيرةٌ،وأشهرُها: [إنّ،وأنّ، ولام الابتداء،وأحرف التنبيه، والقَسَم،ونونا التّوكيد،والحروف الزائدة؛(كتفعل،واستفعل)،والتكرار، وقد،وأما الشرطية،وإنّما،وَاسْمِيّة الجملة،وضمير الفصل،وتقديم الفاعل المعنوي...].
🌻الثّاني:
يُسَمَّى إخراجُ الكلامٍ على الأضرُبٍ الثّلاثة السّابقَةٍ إخراجًا على مقتضى ظاهرِ الحال،وقد تقتضي الأحوالّ العُدولَ عن مُقتَضَى الظّاهٍر،ويُورَدُ الكلامُ على خِلافِه لِاعتباراتٍ يلاحظُها المُتَكَلِّمُ،(وسلوكُ هذهِ الطّريقةِ شعبةٌ مِن البلاغةِ)،وَمِنْهَا:
⚘٠١تنزيلُ العالمِ بفائدةِ الخبر،أو لازمها، أو بهما معًا منزلة الجاهلِ بذلك،لعدم جريه على موجب علمه،فيلقى اليه الخبر كما يلقى الى الجاهل به، كقولك: لمن يعلم وجوب الصلاة،وهو لا يصلي:«الصلاة واجبة»،توبيخًا له على عدم عمله بمقتضى علمه،وكقولك لمن يؤذي أباه:(هذا أبوك) !.
⚘٠٢تنزيل خالي الذهن منزلة السائل المتردد،إذا تقدم في الكلام ما يشير إلى حكم الخبر،كقوله تعالى:🍁((وَمَآ أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ)).يوسف/٥٣. فمدخول إن مؤكد لمضمون ما تقدمه، لإشعاره بالتردّد، فيما تضمّنه مدخولها،وكقوله تعالى:🍁«...وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ».هود/٣٧.
لما أمر المولى «نوحًا_عليه السّلام_» أوّلا بصنع الفلك،ونهاه ثانيا عن مخاطبته بالشفاعة فيهم،صار مع كونه غيرَ سائل في مقام السائل المتردد.
هل حكم الله عليهم بالإغراق؟
فأجيب بقوله:«إنهم مغرقون».
⚘٠٣تنزيل غير المنُكر منزلة المنكر:
إذا ظهر عليه شيء من أمارات الإنكار،كقول حَجَل بن نضلَة القيسي «من أولاد عَمّ شقيق»:
جاء شَقيقٌ عارضًا رُمَحهُ
إنَّ بني عَمك فيهم رماحُ
(فشقيقٌ):رَجلٌ لا يُنكر رماحَ بني عمّه، ولكن مجيئه على صورة المعجب بشجاعته،واضعًا رُمحَه على فخذيه بالعرض وهو راكب،أو حَاملا له عرضًا على كتفه في جهة العدُو بدون اكتراثه به،بمنزلة إنكاره أنَّ لبني عمّه رماحا،ولن يجد منهم مُقاومًا له كأنّهم كلهم في نظره عُزّل، ليس مع أحد منهم رمحٌ.
فأكّد له الكلامُ استهزاء به،وخُوطبَ خطابَ التفات بعد غيبةٍ تهكما به، ورميًا له بالنزق وخرق الرَّأي.
⚘٠٤تنزيل المتردد منزلة الخالي، كقولك للمُتردد في قدوم مسافر مع شهرته:(قدم الأمير)!.
⚘٠٥تنزيل المتُردد منزلة المنكر، كقولك للسائل المستبعد لحصول الفرج:(إنَّ الْفَرَجَ لَقَرِيبٌ).
⚘٠٦تنزيل المنكر منزلة الخالي، إذا كان لديه دلائل وشواهد لو تأملها لارتدع وزال إنكاره، كقوله تعالى
🍁((وَإلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَآإِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)).البقرة/١٦٣
(. وكقولك لمن ينكر منفعة الطب (الطب نافع).
⚘٠٧تنزيل المنكر منزلة المُتردد، كقولك لمن ينكر(شرف الأدب)إنكارًا ضعيفا:
«إن الجاه بالمال،إنما يصحبك ما صحبك المال،وامَّا الجاه بالأدب فإنه غير زائل عنك».
🌻الثالث:
قد يؤكد الخبر لشرف الحكم وتقويته، مع أنه ليس فيه تردد ولا إنكار، كقولك في افتتاح كلام:(إنّ أفضل ما نطق به اللسان كذا).
_______________________________
《جواهر البلاغة.أحمد الهاشمي،(بِتَصَرُّف

اعداد حمزة الطائي

ليست هناك تعليقات