دُمُوْعُ امرأةٍ من ميانْمارٍ شعر: عبدالناصر الجوهري
دُمُوْعُ امرأةٍ من ميانْمارٍ
أوَلمْ تئنُّ لتُسمعَ الحُكَّاما
حتى تعرِّى الحقْدَ والإجراما؟
فالكلُّ أغْفلَ حتفَها ومُصابَها
وعَنِ المذابحِ صامتًا يتعامَى
وكأنَّها للغدرِ تُركتْ وحدَها
وسطَ الإبادةِ تلعنُ الأياما
قُمعتْ ؛ فما سجدتْ لغيرِ اللهِ
ما كتمتْ هدًى أو قدَّستْ أصناما
ماذا تبقَّى للنِّساءِ وحزنهنَّ...
سوَى المصائبِ أو يصرنَ حُطاما؟
تبكى على بابِ الفجيعةِ قومَها
حتى الدُّموعُ تُكفِّنُ الأنساما
فقدتْ صغيرًا كان يلهو والصَّباحُ
يدورُ فى أعقابِهِ بسَّاما
قد أحرقوا فى الليلِ منزلَها
مضتْ بينَ المهالِكِ كى تردَّ غلاما
رغمَ المواجعِ أكملتْ فى زهوِها؛
لتلملمَ الأشْلاءَ والأجْساما
صرختْ ضميرَ العُرْبِ كيما ينهضوا،
كم مرَّةٍ تسْتنفرُ الآلاما
ما جُرْمُها ! قد أقبلتْ لصراطِها
تشتاقُ للإيمانِ يومَ تسامَى
ما جرمُها! لله ساجدةٌ كما
صامتْ وصلَّتْ لا تضلُّ إماما
أكذا تناثرُ جُرْحُها وتجرُّ...
حسْرتَها ، مُطاردةً تخافُ لئاما
خطْبُ الأقليِّاتِ لا ينأى بها
والحرْفُ يعْجزُ أنْ يقولَ كلاما
وتربَّصُوا حتى المساجدُ أُحرِقتْ
نسْلٌ لـ"بوذا" قتَّلَ الأحلاما
مُتعصِّبٌ قد غرَّهُ إسكاتُها؛
فانهالَ يُفنِى مالَها، هدَّاما
إنَّ الإبادةَ لا تكفُّ بـ وأْدِها،
والذِّئبُ يعشقُ أن يصيدَ نياما
........
ما ذنبُها! إذا ما ارتضتْ دينَ الهُدَى،
ما ذنبُها! قلبٌ هوَى الإسلاما
ما انفكَّ نورٌ فى الوجوهِ يجلُّها،
ما انفكَّ كفٌّ يستطيبُ سلاما
كم فاضَ آىٌ فى السَّماءِ مُنزَّلٌ،
كم فاءَ فجرٌ عانقَ الأيتاما
فالمؤمنون جباهُهُمْ حصْنُ السماءِ
... وفى حِمَى ربِّي تزيدُ مقاما
يا أمَّةَ الملْيارِ هُبِّي وانقذي
شعبًا يُوحِّدُ ربَّهُ صوَّاما
كم جثَّةٍ تحتَ الثرى مجْهولةً؟
والقتلُ مُشْتعلٌ يبيدُ نشامى
كم قريةٍ لم يبقَ منها كائنٌ،
والناسُ بالخُذْلانِ تدفنُ هاما
من قد يفرُّ إلى الجوارِ بجلدِهِ؛
سيعادُ فى أغلالِهِ ليُضاما
ثأرُ البداوةِ نائمٌ فى غِمْدهِ
ملْيارُ جُرْحٍ أو يزيدُ ترامى
أكذا يظلُّ العُرْبُ فى نكباتِهِم،
أكذا الصُّراخُ يناشدُ الأوهاما؟
أكذا سيرتاحُ الجحيمُ بسحقِها
لو جاءَ جُرْمٌ يسْتبيحُ خياما
مَنْ ذا سيرحمُ حالَها هل مِنْ مُغيثٍ
...للثواكلِ ينقذُ الأقواما؟
فالصَّبحُ يخشَى لو أزيزًا عابرًا،
والشَّمْسُ تبصرُ فى المدَى الإعداما
أولمْ تكفِّنُ طفلَها وسطَ الدَّمارِ
...فلم تجدْ مَنْ يستعيدُ زماما
لو أنَّ جُرحًا بالأخوةِ مُثقلٌ؛
روحي تهبُّ لتنقذَ الأرحاما
فرَّ اللجوءُ لمعبرٍ حتى الهروبُ
... مِنَ العِدا يسْتعذبُ الألغاما
يا ربُّ هلْ هذا "تُسُونامِي" توعَّدَ
...غاضبًا قُرْبَ الدِّماءِ أقاما؟
التعليقات على الموضوع