أنا والصبابة ..معارضة لقصيدة أبي فراس الحمداني ..د٠جاسم الطائ

 

أبِيتُ كَأني لِلصَّبَابَة ِ صَاحِبُ


(أنا والصبابة )

معارضة لقصيدة أبي فراس الحمداني
-------------------------
(أبِيتُ كَأني لِلصَّبَابَة ِ صَاحِبُ)*١
فهل من محبٍّ قد جفته النوائبُ
وهذا فؤادي ما له أدمنَ الأسى
فليت الذي أضناهُ يوماً يُحاسَبُ
كأنَّ رماةَ الدهرِ دانَت لأمرهِ
وما أرهَقَتني ذاكَ أني المحاربُ
أقارعُ سيفَ البينِ دَفعاً فإنّها
دوائرُ أيامٍ عراها التناوبُ
ولا زال في قلبي بقيةُ عاشقٍ
فأحفلُ بالآمالِ والروحُ راهبُ
رميتُ حمولي أستخفُّ وقد رمى
سهامَ النوى خلٌّ وأهلٌ وصاحبُ
وما نلتُ من حظّي جميلَ بشائرٍ
فكم عاشقٍ أردى الزمانُ الموارِبُ
وحتّام تمضي النفسُ في تيهها وقد
تغَلّقَت الآفاقُ والظنُّ كاذبُ
تطولُ الليالي والنجومُ شواهدٌ
ألبي نداءَ الرّبعِ والخِلُّ غائِبُ
لأستذكرَ الأيامَ إنْ عنَّ ذِكرُها
فيبكي طلولَ الربعِ بدرٌ يراقبُ
وأبكي وأستَبكي فلستُ بنادمٍ
ولا أنا ممّن ضيَّعَتهُ التجاربُ
ولا أنا ممَّن يلعبُ الدهرُ دونهُ
فلستُ بمغلوبٍ ودهريَ غالبُ
وما كان منِّي غيرُ بعضِ تجَلُّدي
فيا تُربَ تلكَ الدارِ كمْ أنا راغبُ
ولي في هواها من طقوسٍ أصونُها
ولي في الطلولِ الدارساتِ ملاعبُ
يَراعي سميري والقوافي مَجامِرٌ
ومن صُحبةِ التَّرحالِ سيفٌ وذارِبُ
ولبٌّ على الأحداثِ فِكرٌ مُوَقّدٌ
وقلبٌ له في كلِّ حينٍ مَناقبُ
أقلِّبُ بالأيامِ ما خُضْتُ هَولَها
ولي من ظهورِ السابحاتِ مَذاهِبُ
فإني فريدٌ في الخلائِقِ كلِّها
وإنَّ الدنى قد خالَطَتْها الشوائبُ
ولم يعلمِ الشمّاتُ أني لمثلِها
ولي عن مَقولِ الشامتينَ رغائِبُ
فأمضي وما في العمرِ غيرُ هنيهةٍ
ويهربُ مني تزدريهِ المساربُ
وفيهِ استباقُ الغيبِ يَسطُرُ مجدَهُ
بما ضاقَ عنهُ بعضُ جَفنٍ وحاجبُ
وقومٍ إذا أعرضتُ عنهم رَزانَةً
تكالبَ منهم تافهٌ ومُشاغبُ
وإن قلتُ فيهم ما سيحفظُ هيبتي
تصدى جهولٌ فاستشاطت كتائبُ
وحينَ رأى الضرغامَ يصطكُّ نابُهُ
تمنى لو أن القلبَ فيهِ مخالبُ
فما زال يُخفي عن عيوني مكامناً
وأردَفَ يرجوني ووجهُه شاحبُ
فألبسُ تاجاً من دماثةِ فارسٍ
وأعفو فمن غيريَ للعفو واهبٌ
ودونيَ جمعٌ ما حييتُ وأتقي
نقائصَ قوم في الفعالِ تواربُ
لي الوِردُ أنّى شِئتُ والمنزلُ الذي
له ذروةٌ ترنو إليها الكواكبُ
--------------------
١* ما بين هلالين تضمين مطلع قصيدة أبي فراس الحمداني
=============

د٠جاسم الطائ

ليست هناك تعليقات