خابيةُ الزَّيْتِ Prof-Jamal Ali Assadi
خابيةُ الزَّيْتِ
عَدَّلَتْ جَلْسَتَهاثُمّ اسْتقامَتْ فَتَهيّأتْ.
قلْتُ في نَفْسِي:
"تبارَكْتَ ربّي وتَعالَيْت."
ثمّ نَظَرتْ إليّ فَحَدّقتْ
في جَوْفِ عَيْنَيّ،
وقَطّبَتْ جَبينَها
ثمّ نَحْوي انْحَنَتْ
وأمسَكتْ يدَيّ.
فزدّتُ:
"إِنَّهُ لا يذِلّ مَن والَيْت."
فحَرّكتْ شفَتَيْها
فتَمْتمَتْ
مِثْلَ إنسانٍ آليّ!
ثمّ صَمَتَتْ.
فردَّدْتُ: "وعافِنا في مَنْ عافَيْت."
فانْفجَرتْ بحُرْقةٍ:
بُنَيّ!
في الحالِ هَمَسْتُ:
"قِنِي شَرَّ ما قَضَيْت."
فتابَعَتْ:
إنّها خابِيَةُ الزّيْت،
بالطّبْعِ تعْرِفُها،
في قاعِ الْبَيْت،
حَيْثُ أحْفظُ الزّيْت،
لا يغُرَّنّك شَظَفُ
اللون
أَوْ كَلَفُ
الشَّكْل،
فيها تاريخُ الْبَيْت،
منَ الأصْل ِ
حتّى الفصْل،
منْذ جدّتك الأولى والجَدّ،
فيها انْصَبَّ عُصَارةُ الزّيْت
ممزوجًا مع عَرِقِ أَهْلِ البَيْت،
وكَرامةِ أَهْلِ البَيْت،
والجَهْدُ والجَدّ،
والمرَحُ والجَدّ،
والكَدْحُ والكدّ،
والدِّينُ والدَّيْن،
وكلْمُ الكِفاحِ،
وكَلِمُ الفلاحِ،
والفشلُ
وسِرُّ النّجاحِ،
والألمُ والأمَلُ،
والعِلمُ والعَمَلُ،
والحُبُّ والحَبّ،
والنّورُ والنَّار،
واللَّيْلُ والنَّهَار،
والسّراءُ وَالضَّرَّاء،
والنّعماءُ والبلاء،
والشّوكُ والشّوْق،
والماضِي والغَد.
ليْستْ بحاجةٍ إليّ بَعْد،
خابيَةُ الزِّيْت،
أعْنِي لسْتُ بحاجَةٍ إليها،
ليْتَكَ تَدْري يا ليْت،
فَقَدْ
شاخَتْ عينايَ،
وكلَّتْ يَدايَ،
وعدّا أيّاميَ أعدّ،
بأحجار البيت
وقَنَاني الزَّيْت.
ثُمَّ كالرّعد
زأرَ الصَّوْت:
خذْها بيَمينِكَ عنْ ظهْرِ قَلْب،
إِنْ تحْفظْها يحْفظْك الرَّبّ.
فانْزَلقَ مِنْ مُقْلَتَيّ
دمْعٌ على الخَدّ،
مِنْ قَلْبِ الْقَلْب،
أقْسَمْتُ بِنَبْرةٍ
لَها كَالسَّيْفِ حَدّ:
وَعْدٌ وعَهْد،
مِنْ قَبْلِ المَهْد،
حتّى بَعْدِ اللّحْد
التعليقات على الموضوع