قصة اول شهيدة في الاسلام سمية .قصة أل ياسر الذين بشرهم رسول الله الجنه"
بسم الله الرحمن الرحيم ..سير اعلام الأمة : تتمة سيرة هذه العائلة الكريمة (سمية أول شهيدة فى الإسلام) . والصحابي الجليل عمار بن ياسر ..
هو أبو اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنه ، أمه سميّة أول شهيدة فى الإسلام ، وأبوه ياسر وأخو عبد الله من السابقين إلى اعتناق الإسلام ونبذ الشرك وعبادة الأوثان ؛ كانوا من المستضعفين الذين ليس لهم أهل وعشائر في مكة يحمونهم ، فكان المشركون ينزلون بهم أشدّ أنواع العذاب بلا شفقة ليرجعوا عن دينهم .( كما مرّ معنا في الحلقة السابقة ) .
نسبه : عمار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة ثم العنسيّ . كان إسلامه بعد بضعة وثلاثين رجلًا . قال عمار : لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم والرسول فيها فقلت له : ما تريد ؟ فقال لي : وما تريد أنت ؟ فقلت : أردت الدخول على محمد فأسمع كلامه ، فقال : أنا أريد ذلك ، فدخلنا عليه فعرض علينا الإسلام ، فأسلمنا ، ثمّ مكثنا يومنا حتى أمسينا ثم خرجنا مستخفين ..
محنة وبلاء ..
قال ابن هشام في السيرة النبوية : كان بنو مخزوم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمّه إذا حميت الظهيرة يعذّبونهم برمضاء مكة ( الرمل الحار من شدّة حرارة الشمس) فيمرّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيقول : صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة . فأمّا أمّه فقتلوها( كما مرّ معنا في سيرتها) قتلوها وهي تأبى إلا الإسلام ؛ وشدّدوا العذاب على عمار بالحرّ تارة وبوضع الصخر الأحمر على صدره أخرى ، وبغطّه في الماء حتى يفقد وعيه ، ويقولون له : لا نتركك حتى تسبّ محمدًا أو تقول في اللات والعزى خيرًا فوافقهم مُكرهًا ، فأتى الرسول فقال له : ما وراءك ؟ قال : شرّ يا رسول الله ، ما تُركتُ حتى نِلتُ منك وذكرتُ آلهتهتم بخير ، قال : كيف تجد قلبك ؟ قال : أجد قلبي مطمئنًا بالإيمان ، قال : فإن عادوا فعُدْ .. وأنزل الله تعالى : ( مَن كفرَ باللهِ مِن بعدِ إيمانهِ إلّا مَنْ أُكْرِهَ وقلبُهُ مُطمئنٌ بالإيمان ولكنْ مَنْ شرحَ بالكفرِ صدرًا فعليهم غضبٌ مِنَ اللهِ ولهمْ عذابٌ عظيمٌ ) النحل آية ١٠٦ _ رواه الحاكم .
أمام وطأة التعذيب قيل أنّ عمار بن ياسر هاجر إلى الحبشة ، وهو أمر مْختلَف فيه ، إلا أنّ المؤكد أنه هاجر إلى يثرب ، ونزل على بشر بن المنذر . وروى الحكم بن عتيبة أن النبيّ محمدًا صلى الله عليه وسلم ، لما هاجر إلى يثرب قدمها وقت الضحى ، فقال عمار : ما لرسول الله بدّ من أن نجعل له مكانًا إذا استظلّ من قائلته ليستظلّ فيه ويصلّي فيه . فجمع عمار حجارة فبنى مسجد قباء ، فكان أولَ مسجد بُنيَ في الإسلام ..
آخى الرسول صلى الله عليه وسلم بين عمار وبين حذيفة بن اليمان .
عن جرير بن حازم عن الحسن عن عمار ، قال : قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنّ والإنس ، قيل : وكيف ، قال : كنّا مع النبيّ فنزلنا منزلاً فأخذت قربتي ودلوي لأستقيَ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمَا إنّه سيأتيك على الماء آتٍ يمنعك منه ، فلما كنتُ على رأس البئر إذا برجل أسود فقال : والله لا تسقي اليوم منها ، فأخذني وأخذته فصرعته ، ثم أخذت حجرًا فكسرت وجهه وأنفه ، ثم ملأتُ قربتي وأتيت الرسول ، فقال : هل أتاك على الماء أحدٌ ، قلت : نعم فقصصت عليه القصة ، فقال : أتدري من هو ؟ قلت لا قال : ذاك شيطان ..
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : لم يكن نبيّ قطّ إلا وقد أُعطي سبعة رفقاء نجباء وزراء، وإني أُعطيتُ أربعة عشر : حمزة ، وأبو بكر ، وعمر ، وعليّ ، وجعفر ، وحسن ، وحسين ، وابن مسعود ، وأبو ذرّ ، والمِقداد ، وحذيفة ، وعمار ، وبلال ، وسلمان .
وفي حديث : استأذن عمار على النبيّ فقال : مَن ، فقال : هذا عمار ، قال : مرحبًا بالطّيب المُطيب . أخرجه الترمذيّ .
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : شارك في حروب الرِّدة واستبسل يوم اليمامة ، ولما اشتدّ القتال ورأى تأزّم الموقف في القتال ، اعتلى صخرة وصاح : يا معشر المسلمين أمِنَ الجنة تفرّون ؟ أنا عمار بن ياسر هلمّوا إليّ ، وقد قُطعتْ أذُنه يومئذ ، فكانت تتذبذب وهو يقاتل أشدّ القتال .
وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسله واليًا على الكوفة ، وبعث بكتاب جاء فيه : ( أمّا بعد فإني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرًا وابن مسعود معلّمًا ووزيرا ، وقد جعلتُ ابن مسعود على بيت مالكم ، وإنهما لمن النّجباء من أصحاب محمد من أهل بدر ، فاسمعوا لهما ، وأطيعوا واقتدوا بهما ) ..
مقتله : انحاز عمار بن ياسر إلى جانب عليّ في حربه مع معاوية بن أبي سفيان بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ؛ فشهد موقعة الجمل ، ثم وقعة صفين التي قُتِل فيها سنة ٣٧ للهجرة وعمره ٩٣ سنةً وهو يقاتل في صفوف جيش عليّ رضي الله عنه وهو شيخ طاعن في السن في يده حَربة تَرْعدُ ؛ وقد أوصى عمار يوم قُتل : ادفنوني في ثيابي فإني مُخاصم .
وصلّى عليه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولم يغسله ودفنه في صفين .
صفته : كان عمار أدقّ طويلًا ، أشهل العينين ، بعيد ما بين المِنكبين . وقد كان تِرْبًا للنبيّ محمد صلّى الله عليه وسلم متقاربان في السن .. رضي الله عنه وأرضاه ، وجعل الفردوس الأعلى مثواه