شاعر الخمريات الحسن بن هانىء . أبو نواس ( بتشديد واو نواس)
شاعر الخمريات
____________
إذا ذكرت الخمر والمجون
ذُكِر أبو نواس ( بتشديد واو نواس)
موعدنا مع شاعر الخمريات
بل واميرها :
الحسن بن هانىء
المكنى بأبي علي ،
المعروف بأبي نواس ، والنؤاسي ،
من اشهر شعراء الدولة العباسية ، وكبار شعراء الثورة التجديدية ،
ولد في الاهواز ، ونشأ في البصرة ، ثم انتقل إلى بغداد ،
اتصل بالبرامكة ومدحهم ، واتصل بالرشيد والأمين ومدحهم ،
وكانت علاقته بالامين وطيدة ،
ربما لتشابه خُلق الرجلين
شعر ابي نواس صورة لنفسه ولبيئته في ناحيتها المتحررة ، فكان شاعر الثورة والتجديد والتصوير الفني الرائع ،
صحب جماعة من الشعراء اللامعين في ميدان التهتك والخلاعة منهم / والبة بن الحباب وحماد عجرد ، وتأثر بهم ،
درس اللغة والادب والشعر على يد / خلف الاحمر أحد شيوخ اللغة ، واخذ عنه كثيرا من علمه وأدبه ،
وكان على دراية واسعة بعلوم الدين ،
يقول عن نفسه : ما ظنكم برجل لم يقل الشعر حتى روى لستين امراة من العرب منهن / الخنساء وليلى الأخيلية ،
فما بالكم بما روى عن الرجال ؟
قصد بغداد ومدح هارون الرشيد ونال حظوة لديه ،
وقد سجنه الرشيد اكثر من مرة لمجاوزته الحد في شعره الماجن ،
فر إلى مصر بعد نكبة البرامكة ، حيث كان على صلة وثيقة بهم ، ولم يعد إلى بغداد إلا في عهد / الامين ،
شاعت الخمر في عصر أبي نواس فمال إليها في اندفاع فاق كل حد ، فهو لم يعتبرها وسيلة للنشوة فحسب ، بل بث فيها الحياة وراى فيها شخصا حيا لا على سبيل المجاز بل الحقيقة ، حتى إنه اضفى عليها بعض صفات الألوهية :
إثن على الخمر ( بآلائها ) وسمها ( باحسن أسمائها )
ولا تجعل الماء لها قاهرا. ولا تسلطها على مائها
ورأى ان الخمر الحية اجدر بالبكاء من الأطلال الدارسة :
لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلة كانت تحل بها هند وأسماء
ويقول :
ولا تأخذ عن الأعراب لهوا ولا عيشا فعيشهمُ جديب
ومن خمرياته :
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها
لو مسها حجر مسته سراء
قامت بإبريقها والليل معتكر
مُلاح من وجهها في البيت لألاء
ويقول :
يا رب مجلس فتيان سموت به
والليل محتبس في ثوب ظلماء
لشرب صافية من صدر خابية
تغشى عيون نداماها بلألاء
كأن قرقرة الإبريق ببنهمُ
رجع المزامير أو ترجيع فأفاء
تناول ابو نواس معظم الاغراض الشعرية ،
إلا انه تميز في وصف الخمر حتى لقب ب / شاعر الخمر ،
وكان في غزله نزاعا إلى الفسق والمجون لدرجة الإفتضاح والتهتك ،
ولقد قاده المجون إلى التغزل بالغلمان ،
بل إنه شبه الجارية في قوامها الممشوق بالغلام ( غلامية الارداف )
يقول في بعض شعره :
اقول له يوما وقد مضني الهوى
اطلت عذابي منك يا خير من مشا
فقال ألما يأنِ أن نترك الصبا
وما لك يا هذا وما لي وما تشا
فقلت له أقصر عن اللوم سيدي
فمن ذا يطيق الصبر عن مشبه الرشا
فرق لي المولى وفزت بموعد
وقال انتظرني عند مقتبل العِشا
ولعله من الإنصاف أن نذكر بأن التغزل بالغلمان كان موجة قد شاعت في ذلك العصر ، كفن من فنون الغزل بمفهومه الفني لا الحسي ،
موجة ظهرت فركبها البعض شان كل موجة او بدعة في أي عصر ،
وهذا لا يعغي ابا نواس وغيره ممن ركبوا الموجة من مسؤولية إفساد الذوق العام ، وما يوجه اليوم من سهام مغرضة تجاه ذلك العصر وتاريخه ،
جارى أبو نواس كبار الشعراء في المديح ، وبرع فيه براعة كبرى ، إلا انه يلاحظ فيه التكلف ، فهو ليس أبو نواس الذي عهدناه ،
قال يمدح الأمين :
تتيه الشمس والقمر المنير إذا قلنا كأنهما الامير
فإن يك أشبها منه قليلا فقد أخطاهما شبه كثير
مال ابو نواس إلى الزهد في اواخر أيامه ،
وله اشعار فيها صدق ورقة وعذوبة ،
قال يصف النرجس متأملا في صنعة الخالق :
تامل في نبات الأرض وانظر
إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات
بابصار هي الذهب السبيك
وقال عندما اقتربت منه الوفاة :
إلهي لستُ للفردوس اهلا
ولا اقوى على نار الجحيم
فهب لي توبة واغفر ذنوبي
فإنك غافر الذنب العظيم
وقال :
يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة
فلقد علمت بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فبمن يعوذ ويستجير المجرم
وقبل ان يدخل المأمون بغداد بعد مقتل اخيه الامين ،
توفي ابو نواس عام ٨١٤ م ولما يبلغ الستين من عمره ،
بعد ان اخذ ركنا هاما في ادب العصر العباسي ،،
التعليقات على الموضوع