العكاز...شعر : د. جمال مرسي

 



العكاز

...
...
هَذَا الأَبِيُّ تُرَى هَلْ كُنُت أَنسَاهُ ؟
و رُوحُهُ فِي دَمِي ، و القَلبُ سُكنَاهُ
.
فِي كُلِّ لَيلَةِ أَحزَانٍ ، تُسَامِرُنِي
رَغمَ الرَّحِيلِ و طُولِ البُعدِ ذِكرَاهُ
.
يَأتِي كَهَالَةِ نُورٍ ، فِي مَعِيَّتِهِ
نُورٌ، يُسَبِّحُ بِاسْمِ اللهِ مَولَاهُ
.
أَغُضُّ طَرفِيَ مِثلَ الأَمسِ ، إِنْ نَظَرَتْ
كَي مَا تُؤَدِّبُنِي بِالصَّمتِ عَيْنَاهُ
.
و أَستَمِيحُ غَدِيراً تَحتَ أَضلُعِهِ
عُذراً ، لِأَروِيَ عَينِي مِن مُحَيَّاهُ
.
يَضُمُّنِي بِحَنَانٍ لَيسَ يُشبِهُهُ
رَغمَ اْتِّسَاعِ المَدَى فِي العَينِ إِلاَّهُ
.
و فَوقَ كَفَّيْهِ أَغفُو مِثلَ قُبَّرَةٍ
جَوعَى ، فَتُطعِمُهَا بِالحُبِّ كَفَّاهُ
.
يُمنَاهُ تَقطُرُ سَلسَالاً ، فَتَحسُدُهَا
عَلَيْهِ ، حَتَّى تُرِيقَ الشَّهدَ ، يُسرَاهُ
.
هُمَا البَيَاضُ بِلا سُوءٍ ، فَوَا عَجَباً
مِن كَوثَرٍ ، كَانَ فِي الكَفَّينِ مَجرَاهُ
.
و يَا لَوَجهٍ ، كَأَنَّ اللهَ أَوْدَعَهُ
طَيرَ البَرَاءَةِ يَلهُو فِي ثَنَايَاهُ
.
تُفشِي التَجَاعِيدُ أَسرَارَ اْبتِسَامَتِهِ
و سِرَّ نَرجِسَةٍ قَد عَطَّرَت فَاهُ
.
و يعلن الفُلُّ فِي فَوْدَيْهِ مَا صَنَعَتْ
يَدُ السِّنِينَ بِمَن قَد بَاعَ دُنيَاهُ
.
و اْستَبدَلَ العَيشَ فِي الدُّنيَا لآخِرةٍ
فَطَابَ حِينَ سَعَى لِلخُلدِ مَسعَاهُ
.
يَأتِي إِلَيَّ بَشُوشاً مِثلَ عَادَتِهِ
نَفسُ السَّكِينَةِ فِي مِمشَاهُ تَغشَاهُ
.
دَبِيبُ خُطوَتِهِ بِالقَلبِ أَسمَعُهُ
و طَرْقُ عُكَّازِهِ ، اْلآذَانُ تَهوَاهُ
.
و صَوتُهُ العَذبُ تشدُو لِي عَنَادِلُهُ
بِخَيرِ مَا سَمِعَتْ أُذْنَايَ : وِلْدَاهُ
.
أَطِيرُ مِن فَرَحِ الوَلْهَانِ ، يَسبِقُنِي
طِفلُ اْشتِيَاقِيَ مَلهُوفاً لِرُؤيَاهُ
.
أَضُمُّهُ و شَذَا الفِردَوْسِ يَعبَقَهُ
و الحُورُ تَصحَبُهُ ، و العِزُّ و الجَاهُ
.
و أُغمِضُ العَينَ كَي تَندَاحَ ضَمَّتُهُ
فَأَستَفِيقُ عَلَى مَا قَدَّرَ اللهُ
.
عُكَّازُهُ الغَضُّ فِي حِضنِي و سُبحَتُهُ
تَبكِي عَلَيهِ ، فَتَعلُو دَاخِلِي الآهُ

شعر : د. جمال مرسي


ليست هناك تعليقات