هَمْسٌ شعر: أحمد جنيدو

 

وكَانَ الصَّوتُ مُحتَضِراً،


هَمْسٌ

هَمَستُ لَهَا،
وكَانَ الصَّوتُ مُحتَضِراً،
يَسُوقُ فَوَاصِلَ الكَلِمَاتِ لِلأَلغَازِ وَالصُّوَرِ.
حَمَلتُ شِفَاهَهَا تِذكَارَ رَاحِلَتِي،
وَعِدتُ أُلَملِمُ الأَحلَامَ بِالعِبَرِ.
أُحَاوِلُ رَشفَهَا للرِّيحِ ذَاكِرَةً،
وكُنتِ صَدَىً يُرَدِّدُ حُزنَنَا الموسُومَ بِالخَطَرِ.
يَمِيعُ الظِّلُّ فِي شيءٍ يُلَاحِقُنَا،
ويُلبِسُنَا حَقَائِبَهُ، نَسِيرُ بَلَا هُدَىً،
نَستَنشِقُ الآهَاتِ،
نَرسُو فِكرَةَ البَصَرِ.
يَحِينُ الوَقتُ رَدعاً،
أَنتِ مِرآتِي، صَلَاةُ الذَّنبِ،
أُسرُفُ فَاقَةَ الأَثَرِ.
أُتَمتِمُ لَغوَتِي،
يَتَصَالَحُ الشَّيطَانُ مِنْ نَفسِي،
أُحِبُّكِ غيرَ مُدرِكَةٍ صُعُوبَةَ لَحظَةِ السَّفَرِ.
أُخَاطِبُ حُبَّنَا المَسمُومَ فِي عُرفٍ،
فَكَمْ قَالَتْ لَنَا الأَسمَاءُ وَالأَخطَاءُ:
كَمْ شَرِبَ القَصِيدَةَ فِي الدَّوَاةِ،
حُرُوفُنَا ذَرَفَتْ قَطِيعَ الحُلْمِ في الوَتَرِ.
نَعدُّ نُجُومَهُمْ عُمراً،
ونَنسَى كَمْ عَدَدنَا عُمرَنَا فِي بَسمَةِ القَمَرِ.
نُفَسِّرُ وَهلَةً أو هَالَةً،
أَضحَتْ حَيَاةً فِي تَلَافِيفِ البَقَاءِ،
لَا نَصُوغُ سُطُورَنَا عِندَ البِدَايَةِ،
بلْ نِهَايَتُنَا التِي كَتَبَتْ غَدَ الخَبَرِ.
نُسَلِّمُ حُلمَنَا للمُستَحِيلِ،
نَبِيعُ حِكَايَةً أُخرَى،
ونَتلُو صَفحَةً فِي غِيَابِ الحَرفِ،
نَبتَلِعُ المُسَمَّى أَنتِ،
كي نَلِدَ الأَنَا، وَخِيَانةٌ تَقسُو،
ونَرضَى مَا قَضَى وَمَضَى عَلَى السُّرَرِ.
تَنَامَى عُشبُهَا المَلعُونُ فوقَ كَآبَتِي،
أَوْ يَضرُسُ المولُودُ مِنْ حُزنِي قَصِيدَتَهُ،
فَيَختَالُ الغَرِيبُ عَلَى تُرَابٍ أَيُّها الحَمقَى،
ويَسقُطُ مَجدُكُمْ فِي آفَةِ الحُفَرِ.
تَعَانَقْنَا هُنَاكَ عَلَى مَسَافَةِ قُبلَةٍ،
عِبرَ البَعِيدِ تَشَعَّبَ التَّلوِيحُ،
صَمَّاءُ الخِطَابَةُ فِي نَزِيفٍ،
كَادَ يَحمِلُنَا الغِيَابُ بِلَا هِدَايَتِنَا،
نُمَرجِحُ بَعضَنَا فِي التِّيهِ،
نَسقِي مُومَساً دَمَنَا،
ونُبقِي فِي الخِيَانَةِ مَاكِراً،
مِثْلَ إِسفِينٍ تَمَطّى دَاخِلَ السُّفُنِ الغَرِيقَةِ،
فِي بِحَارِ الموتِ فِي الخَدَرِ.
تَلَاقِينَا غَرِيبينِ،
الحَقِيقَةُ بِلَادُ الجوعِ،
نَحمِلُ مَا تَبَقَّى مِنْ مَآسِينَا
سَلَاماً أو حِصَاناً مُتعَباً مِنْ فَارِسٍ هَزِلٍ،
يُقَايِضُ صَهوَةَ العِزِّ الأَصِيلَةِ بِالنُّكَاحِ،
عَلَى مَفَارِقِنَا الدَّقِيقَةِ فَارَقَتْ بَشَرِي.
كَتَبتُ لَهَا رِسَالَتَهَا الأَخِيرَةَ فِي صِرَاعٍ،
يُبعَثُ التَّفسِيرُ مِنِّي،
لَستُ أَخشَاهَا،
وَلَمْ تَعرِفْ مَدَى صُوَرِي.
تَمَاسَكَ نِصفُنَا البَاقِي عَلَى صَدرٍ،
شُعَاعاً يَحرُقُ الأَضلَاعَ،
يَرسُمُ حُبَّهُ وَشماً،
يُعِيدُ خَوَاطِرَ الإِحسَاسِ مُنقَلِباً،
لبَعضِ صَنَائِعِ القَدَرِ.
نُفَارِقُ كيفَمَا شَاءَ الهَوَى،
نَشتَمُّ مَوعِدَ التَّغرِيبِ فِي تَرَفٍ،
عَلَى صَدَفٍ نُبَشِّرُ حُلمَنَا بِخَلَاصِهِ،
مِنْ قَصعَةِ البَطَرِ.
تَشعُّ مَنَاحَتِي فِي قُبلَةِ الأَموَاتِ،
فوقَ ضَرِيحِهِ،
وَأَشعُّ فِي وَطَنٍ بِلَا سُوَرٍ،
وفِي الأَعمَاقِ مَسأَلَةٌ تَشِي سُوَرِي.
أَتُوقُ إِلِيكِ، أَنتُشُ غَايَةً صَوتِي
عَلَى صَمتِي وأَنتِ هُنَاكَ بِالشَّرَرِ.
هَمَستُ لَهَا،
وَلَمْ أَعلَمْ صُرَاخِي وَاسِعَ القِصَرِ.

شعر: أحمد جنيدو


ليست هناك تعليقات