مع النفس,,,,د. أحمد جعفر الشردوب
مع النفس
أعاتب نفسي في هواها لعلّه
يخفِّفُ عنها من هواها عتابُها
فإن هي أبدت لي خضوعاً حمِدتُها
و هذا لعمري رُشدُها و صوابها
و إن هي أبدت لي نفوراً ذممتُها
و يقبلُ قبل الذمِّ منها متابُها
و يا خُسرها إن لم تعد لصوابها
و طال بآفاق الضياع اغترابُها
لها النُّصحُ منّي ما تؤوب و ترعوي
و مِنّي لها عند الشّرودِ حِسابُها
ولستُ لها قبل الحساب بغافرٍ
و بعضُ حساب النّفس عندي عِقابُها
و يُسخطني منها التّمايلُ للهوى
و من باب سرداب المعاصي اقترابُها
و يومَ أراها في ميادين الغِوى
و فيها لداعي الشرِّ صار انتسابُها
و أزجرُها علَّي أفوز بردّها
و يُعيي شياطين الضلال اجتذابُها
و خيرٌ لها إن أدركتها عقوبتي
و خفَّ بها عنها الغداةَ طِلابُها
و كان بجنّات النّعيم مقامُها
و من مائها العذب النمير شرابُها
ألا حبذا نفسٌ تؤوب لرشدها
و يوردُها دربَ النّجاةِ إيابُها
أهيب بنفسي أن يضوع مشيبُها
كما ضاعَ بالعَرف الشّذيِّ شبابُها
وتُكملَ في درب الفلاح حياتَها
و لو أبطأتها عن مُناها صعابُها
و أن تتحلّى بالفضائل و التُّقى
و يسعى لنيل المكرمات ركابُها
بدنياك يا نفسي و زخرفها ازهدي
فسيان فيها تبرُها و ترابُها
و ليس يُنالُ التِّبرُ فيها بحيلةٍ
و لكنْ لأرزاق النّفوس كتابُها
و لا يهبُ التِّبرُ النّفوسَ سعادةً
وليس بحال الفقر منه استلابُها
فربَّ فقيرٍ حاز فيها سعادةً
و رُبَّ غنيٍّ فات منه اكتسابُها
و عمّا بأيدي الناس طرفَك فاغضضي
إذا رمتِ أن يرضى عليك كلابُها
و يا نفسُ لا يغررك شكلٌ و زينةٌ
فإن موازين الأمور لبابُها
فكم من قلوبٍ بالسّقامِ مصابة
حوتها جسومٌ صحَّ فيها إهابُها
و قد تضعف الآسادُ عن مسك صيدِها
وتبقى الضّواري و الظّباء تهابها
إذا النفسُ في وحل المعاصي تمرّغت
سيُكشفُ عنها سِترُها و حجابُها
و تصبحُ نهباً للرّزايا تنوشها
كمن هو في حربٍ تهاوت حرابُها
التعليقات على الموضوع