الشاي بالنعناع والفتى الشامي مدحت رحال

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

الشاي بالنعناع والفتى الشامي مدحت رحال

 

ولنا موعد مع فتى شامي آخر


الشاي بالنعناع والفتى الشامي

------------------------
ولنا موعد مع فتى شامي آخر
غير فتى حارة المِسكي ،
خرجت قافلة حجيج من الشام ( أيام القوافل البرية ) ، وكان برفقتهم فتى فقير يخدمهم مقابل نفقته في الرحلة ،
وكانت قوافل الحجيج من الديار المصرية والديار الشامية تلتقي في مفترق طرق ينطلقون منه إلى أرض الحجاز في الذهاب ، ويفترقون عنده في الإياب ،
توافدت قوافل الحجيج من مختلف البلاد الإسلامية إلى مكة المكرمة ،
وفي أحد الأيام والناس بين طائف ومصلي ، إذا برجل مسن ينادي بأعلى صوته في الناس :
لقد فقدت همياني وبه مبلغ ستة آلاف ليرة ذهبية ، ويناشد أصحاب الأمانة والضمير من وجده أن يرده إليه فليس يملك من المال غيره لنفقته ، ووضع مكافأة ألف ليرة ذهبية لمن يرده ،
( الهميان هو حزام جلدي يضع فيه الرجل نقوده خوفا من السرقة )
صادف بتقدير الله أن وجد الفتى الشامي ذلك الهميان ، ولما سمع مناشدة الرجل لذوي الأمانة ، ذهب إليه وقال له هذا هميانك بارك الله لك فيه ، نظر إليه الرجل وكأنه متعجب أن يكون فتى بهذا العمر على هذه الأمانة ، وقال له تعال معي يافتى إلى بيتي لأعطيك مكافأتك ،
حاول الفتى أن يعتذر لأنه لا يريد ثمنا لأمانته ، ولكن الرجل أصر ،
في البيت ، أحضر له كوبا من ( الشاي بالنعناع ) ، قال له يا بني ألا ترى أن مبلغ ألف ليرة كثير وأنا رجل كبير ، ما رأيك لو تأخذ خمسمائة ليرة فقط ،
قال له كما تريد ،
أخذ معه في الحديث ثم أحضر كوبا ثانيا من ( الشاي بالنعناع ) ،
وبعد أن احتساه قال الرجل ،
ألا ترى يا بني أن المبلغ كبير ،
لو تجعلها مائة ليرة فأنا رجل كبير وأحتاج المال ،
قال له الفتى ، كما تشاء
أخذ معه بأطراف الحديث ثانية ، ثم أحضر له كوبا ثالثا من ( الشاي بالنعناع ) وقال له ،
يا بني انت فتى صغير والمستقبل أمامك ،
ما رأيك لو دعوت لك دعوة بدل النقود ،
قال له الفتى ، لقد أخبرتك من البداية أني لا أنتظر مكافأة على أمانتي ، والأمر إليك ،
رفع الرجل يديه إلى السماء وأخذ يتمتم بدعوات لم يسمعها الفتى ، وبعد أن انتهى سلم على الفتى وودعه ورجع الفتى إلى رحاله ،
انتهى موسم الحج وأدى الحجيج مناسكهم وقفلوا راجعين إلى ديارهم ،
وعند مفترق الطرق بين الديار الشامية والمصرية ، إذا بالفتى يخبر رفاقه الذين صحبهم بأنه لن يرجع إلى الشام وسيذهب إلى مصر ،
استغرب صحبه ذلك وحسِبىوا أن يكون قد أساء إليه أحدهم وأغضبه ، وحاولوا مراضاته ،
شكرهم على حسن صحبتهم وأوضح لهم أنه خطر له أن يذهب إلى مصر ليجرب حظه هناك وأن هذا كل شيء ،
ودع رفاقه وذهب صحبة قافلة من حجيج مصر ،
وفي مصر ، عمل الفتى وجد واجتهد ، وفتح الله عليه وبسط له في رزقه وأصبح له معارف وأصحاب ،
ذات يوم قال له أصحابه لم لا تتزوج وأنت شاب محترم وعلى خلق ودين ،
قال : أنا رجل غريب ولا أجد من يرغب بتزويج ابنته من غريب ،
قالوا له هنا في الحارة التي تسكنها امرأة أرملة متدينة ولها ابنة جميلة تناسبك ولا نظن أنها ترفض تزويجك ابنتها ونحن نشهد بحسن سيرتك وخلقك ،
تم الزواج وأقام الفتى مع زوجته في بيت أمها حتى لا يتركونها وحيدة ،
وذات يوم أخرجت حماته صرة من المال ووضعتها بين يديه وقالت له خذ هذا المال لك ولزوجتك فإني كبرت ولا نفع لي به ،
أعطته المال وأخذت تبكي بحرقة ولوعة ،
قال لها انت دفعت لي المال عن طيب خاطر وانا رجل ميسور الحال ولست بحاجة إليه فخذيه ،
قالت له يا ولدي أنا لا أبكي أسفا على المال ، ولكني أبكي أسفا وحسرة على زوجي ،
قال لها وما دخل المال في ذلك ولم تبكِ إلا عندما أعطتني المال ،
قالت إن زوجي كان رجلا مباركا مقبول الدعوة من الله ، لا يدعو بشيء فيه خير إلا استجاب الله دعاءه ، وقد وقعت له حادثة في بلد الله الحرام سنة كذا حيث أضاع هميانه ،
وقصت عليه القصة كلها كما أسلفنا ،
ونسيت أن تذكر ( أكواب الشاي بالنعناع )
ثم قالت : وكانت دعوة زوجي لهذا الفتى بظهر الغيب أن يتزوج ابنته ويكون هذا المال لهما ،
وها أنت رجل غريب تزوجت ابنتي ، فلما أعطيتك المال تذكرت ذلك فبكيت خوفا على زوجي أن يكون الله قد غضب عليه حيث لم يستجب دعوته ولم تتزوج ابنته الفتى الشامي كما دعا ، ولهذا فأنا أبكي عليه ،
نظر اليها الفتى الشامي وقال :
ولكنك نسيت أن تذكري ((( ثلاثة أكواب شاي بالنعناع )))
حملقت فيه فاغرة فاها وصرخت :
((((( أنت الفتى الشامي )))))
كانت اكواب (( الشاي بالنعناع ))
دليل صدق الفتى الشامي واطمئنان المرأة على زوجها ،
بقي أن أقول :
والله لقد بكيت وأنا أكتب خاتمة القصة ،
فهل بكيتم ؟؟؟

مدحت رحال

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان