يمثل الظرفاء والمتماجنون في العصر العباسي احدى الظواهر الاجتماعية والحضارية وخاصة في بغداد ويقترب معنى المجون من معنى الظرافة فالمجون إلا يبالي الانسان بما يصنع والظرف هو التورية عما يوجب الخجل وتجويد الكلام وتحسينه ففي فترة ازدهار بغداد ظهرت هذه الفئة من الشعراء والأدباء وكان لهم أثر كبير في الحياة الاجتماعية وذلك باضافة الظرافة والسخرية على الوجود الحضري في الشعر وبما يحمله هذا الشعر من احتجاج على الواقع الاجتماعي ومن أشهر هؤلاء أبو دلامة
هو شاعر ساخر من شعراء العصر العباسي اسمه زند بن الجون من ١٦٠/١٠٠ للهجرة وهو احد الشعراء المعاصرين لخلفاء الدولة العباسية الثلاث وهم ابو العباس السفاح وابو جعفر المنصور والمهدي وكان شاعرهم ونديمهم الخاص
اتى ابو دلامة المهدي وهو سكران فجنده في جيش مع روح بن حاتم لمحاربة الخوارج ويروى أنه قال لروح قبيل المعركة لو كان عندي سلاحك وتحتي فرسك لأ ثرت اليوم في عدوك اثرا ترضيه
فأعطاه روح سلاحه وفرسه
لكن ابا دلامة ظل يستعطفه حتى يعفيه من القتال بهذه الأبيات وأنشد هذه الابيات
إني أعوذ بروح ان يقدمني الى القتال فتخزى بي بنو اسد
إن البراز إلى الاقران أعلمه مما يفرق بين الروح والجسد
إن المهلب حب الموت اورثكم وما ورثت اختيار الموت عن أحد
لو أن لي مهجة اخرى لجدت بها لكنها خلقت فردا فلم أجد
وكان من عادة الخوارج ان يبدؤوا القتال بالمبارزة فخرج خارجي يطلب المبارزة وهجم على ابي دلامة
قال ابو دلامة لروح انه اول يوم من ايام الاخرة واخر يوم من أيام الدنيا ،وانا والله جائع فمر لي بشيء اكله،ثم اخرج
فأمر له برغيفين ودجاجة
برز ووقف امام الخارجي الذي كانت عيناه تتقدان
ابو دلامة: على رسلك يا هذا
فوقف الخارجي
ابو دلامة :هل كان بيننا عداوة
الخارجي :لا
ابو دلامة :هل تعلم بين أهلي وأهلك وترا
الخارجي:لا
ابو دلامة:والله ليس لي لك إلا على جميل،اتقتل رجل على دينك؟
الخارجي :لا
ابو دلامة :إني والله أدين بدينك وأريد الشر لمن أراده لك الخارجي:جزاك الله خيرا وأراد الانصراف