في الذكرى الخامسة عشر لرحيله...الشاعر الكبير خالد بشير زكرى.اللغة والضاد

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

في الذكرى الخامسة عشر لرحيله...الشاعر الكبير خالد بشير زكرى.اللغة والضاد

في الذكرى الخامسة عشر لرحيله...الشاعر الكبير خالد بشير زكرى.اللغة والضاد


( اللغة والضاد )

في الذكرى الخامسة عشر لرحيل
الشاعر الكبير خالد بشير زكرى... رحمه الله
أقدم لكم رائعة مما ترك من موسوعة كبيرة من الشعر العربي الاصيل..
نشرت ظلال الروض في أركانه...
وسقت ندى الأزهار من ريحانه
وحنتْ فأهدت من نخيل جنانها..
رطباً يسيل الشهد من أغصانه
وشدتْ فأطربت الأصم بنغمة...
أحنا الغريض بها على الحانه
وزهت فأبصرها الكفيف وأشرقت...
بسناء نور حلّ في اجفانه
ودنت كغصنٍ قد تثاقل جنيه...
وصفت كأعلى النبع في جريانه
وهويت صحبتها وأكره بينها...
إن شذَّ حرف ضقت من هجرانه
لغة سمت فوق اللغات جميعها...
واختارها الرحمن في قرآنه
تَسمو بآياتِ الكتاب حكيمة
ومناهل للشعر في أوزانه
دررٌ تنضّد عقدها لو تُرجمت
لخبا البريق وقلَّ من لمعانه
بحرٌ يُعدُّ له الأديب مراكبا
غاصتْ لصيدِ الدرِّ من قيعانه
في العمق أصداف يخاف تِباعَها
من غاص يخشى القرش من حيتانه
وتحلّق الشعراء حول خوانِها...
كرماً يُروّي الضيفَ من إحسانه
نُبذاً أخذتُ من القديمِ وصغتها...
ومدحتُ عارفها على عرفانه
فالألسنُ الأخرى تُمِلُّ رطانةً
ثَقلتْ بمسمعِ منصتٍ وبيانهِ
ما (يس) من نعم ومابنجور من...
أهلاً و يخسأُ عاوجٌ للسانه
أمُّ الخطابةِ من عكاظَ لعبقرٍ
في عمقِ بحرٍمدَّ في شطآنه
ولذي الفصاحةِ حول ضرعِ حليبها...
رشفٌ كطفل عبَّ من ألبانه
كلُّ يُبرعمُ ما يشاءُ لِغصنه
ويصفُّ زهر الروض في أفنانه
ما أَنقصوا من مفردات كلامها...
حَفلوا بها كلٌّ بحسب زمانهِ
من يومِ هاجرَ والذبيحِ وكبشهِ...
بدلاً أتاه وكان من قربانه
ظمئَ الصغيرُ ولامياهَ بِجنبها...
لانبعَ تروي الطفلَ من ريّانه
في غيرِ ذي زرعٍ أقامت وحدها...
ولزمزمِ والطفل في برهانه
هي حكمةٌ في الحقِّ عبرةُ ذَبحهِ...
لابنِ الخليلِ بحلمه عيانهِ
فالحدُّ للسكين منقلبٌ ولو...
قطعتْ لكانَ العربُ في نسيانهِ
يا أمةً شاءَ الإله بقائها
وبنى لها بيتاً على أركانهِ
تهفو قلوبُ العالمين لحجِّهِ
من كلِّ ماشٍ او بظهرِ حصانهِ
فانظرْ تأمَّل وقع بعض عنائهم...
وقسِ الأمور على ممرِّ زمانهِ
فالله حافظها بمصحفِ ذكره...
أم اللُّغاتِ لسانُ أهل جنانه
عرفت يمامة مايريد مهلهل
واستكملت ما جاء من نقصانه
من مبلغٌ؟واعجب لمنطق حاذقٍ..
ولدى انسلالِ الروح من جثمانهِ
ثأرَ البيانُ مع الذكاءِ لقتلهِ
عبدانِ قد نقلاه لا يعيانه
أهيَ البداهةُ أم صفاء نفوسهم..
أم انّ وحي الشعر في إتقانه
وطفقتُ كالولهان أجمع ذكرها..
وألمُّ شاردها الى صنوانه
فالكعبة الغَرّا على جدرانها
قد عُلق التاريخُ في إنسانه
اليعربيُّ الطبعِ جاء بحاتمٍ
كرماً وأخذةِ منجدٍ بعنانه
والشعرُ واحتارتْ حصاةُ مفكرٍ
من أي درٍّ صيغ عقد جُمانه
حلَّ ابن حجر حولَ منهلها فقد...
روّى غليلَ الشعر في ديوانه
والشنفرى المشهورُ في لاميةٍ..
هَجر الحمى وازدادَ في عدوانه
وبلا أنيسٍ عاشَ شطرَ حياته...
إلا لسان الضاد في وجدانه
فأتى بها عصماءَ جافٍ لفظها..
بَعدتْ عن المعسولِ من تبيانهِ
هيَ مثلُ رملِ البيد قاسٍ لمسها..
كحياةِ ناظمِها ونبلِ كنانهِ
وغدا تأبّطَ مهملاً ومغادراً
لولا ضروبُ الشعرِ في الوانه
ولطرفةَ ابن العبدِ آثارٌ بها
رفعتْ مكانتهُ على أقرانه
حتى ابن شدّادٍ له كلفٌ بها
كَلّت سيوف الهندِ في ميدانهِ
حرَّاً يشاءُ وحب عبلةَ قاتلٌ
يغزو الملوكَ لمهرهِ و قِرانه
و لابن ذبيانٍ مرارُ تَنقلٍ
من قصرِ نعمانٍ الى عسّانه
ما كان في مدحِ الملوك مولّعاً..
لكنّ كلَّ الهمِّ في ذبيانه
فالإعتذارياتُ تلمعُ أنجماً
غفرتْ لذلتهِ لدى نعمانه
وزهيرُ قد سئمَ الحياةَ وملَّها
كره الحروبَ بقلبهِ ولسانهِ
ويكادُ يَسحرني لبيد بداهةً
من همسِ هاروتٍ على آذانه
واستيقظَ الأعشى يُحركُ جفنه..
ليزيحَ عتمَ الليلِ عن وسنانهِ
ماعبقرٌ بلْ أنت يا ضادَ الأُولى..
الصحُّ أنتِ وبئسَ من شيطانه
شأن الحروفِ ومن يجيدُ لسبكها..
لاماردٌ قدْ نمتَ في وديانه
أدمنتُها وأهيمُ في مطلولِها
أيلامً ذو حانِ على إدمانهِ
وأتيتها لاقومَ في محرابها
أيلامُ صوفيٌّ على إتيانه
ومهرتُها نفسي ولبّي وانبرى...
قلمي وقد أهديتهُ بِبنانهِ
وخواطري عندَ المساءِ ويقظتي..
في ضادها و الصّيد من أَعيانه..
كعبٌ تبدَّل خوفهُ في قولهُ
بانتْ فأصبحَ في رحابِ أمانه
أعلى قوافي الشعر مدح محمدٍ...
وسما قريض النظم من حسّانه
وأتوا مدينةَ أحمد لعلومها
أمّا علي فالباب في عنوانه
علمُ الحديث وقول طه سنةٌ...
مأثورةٌ في نهجه ولسانه
وأتى عليُ بضبطِ آخر لفظها
في النحو مبتدئاً علومَ زمانه
وأشار للدُّؤلي في حركاتها
علماً لحفظِ الشكلِ من تلوانهِ
فهو الامامُ وذو الفضائلِ و النُّهى...
فيه التّقى والطّهر في وجدانه
أسد الحروب العَفُّ عند تَهتُّكٍ...
صدقُ اللسان عليُّ في إيمانه
لكنّ إبنَ سبأْ تلفَّتَ حوله
ليصبَّ نقع السمِّ من زيفانهِ
ووشى وسلَّط ما استطاع لنقمةٍ...
فأتت عل الاسلامِ من أركانه
لولاه لا قتلٌ ولا جملٌ ولا
صفّينُ الاّ من عرى إفتانه
رجلٌ يهوديُ الأصولِ منَكرٌ
في ثوبِ إبليسٍ على جَرانّهِ
ما أصعبَ الداءَ الدفينَ مُخبَّأً..
أعيا الطبيبَ وملَّ من لقمانهِ
ولإبن هندٍ شَعرةٌ وسياسةٌ
وذريعةٌ ربطتهُ في غَسانه
ما كان في قطعِ الأصابعِ قاضياً...
كلّا ولا بدمٍ على قُمصانه
لكنْ أناة مفكِّرٍ بمطامع
ليجرَّ عرشَ الملك في سفيانه
ولِعمرو مكرٌ في دهاءِ مُجربٍ...
حذقٍ يَحارُ العقلُ في حسبانه
حاكَ الخديعة إبن عاصٍ ماكراً...
في الحكمِ محتالاً على ميزانهِ
فكأنَّ عمرواً ملزمٌ قَدميْ أبي...
موسى بخفٍّ واحدٍ يلجانهِ
شأنُ التملُّقِ لايناسب حيدراً
أمّا الفتوحُ بِخيبرٍ فبشانه
في ليلِ هجرةِ أحمدٍ كان الفدى...
أنعمْ به في حبِّهِ وحنانهِ
عينُ الكماةِ على الفراشِ وجسمهُ...
مُسجى أحلَّ النومَ في أجفانه
ما بينهُ والموتُ إلاّ رميةٌ
من كفِّ راصدهِ وسهمِ كِنانه
جبريلُ مع ميكالَ عند فراشه...
أي الأمانِ كحفظهِ وأمانهِ
وأتى الحطيئةُ هاجياً كل الورى...
حتى ينالَ البئرُ من سَجَّانه
فلأمهِ يَهجو وللوجه الذي
يحملهً من أنفٍ إلى آذانهِ
رجلٌ تعبَّأَ شرّهُ في شعرهِ
هانتْ لديه الناسُ بعد هوانهِ
منها جميلُ يصوغُ حبَّ بثينةٍ...
من حرِّ أشواقٍ فرتْ بجنانهِ
لبثينةٍ يحيا ويقضي عمرهُ
في ذكرها باك على أشجانهِ
ومثيلهُ قيسٌ بليلى هائمٌ
بين الرمالِ يضيعُ في كثبانهِ
ولذي ربيعةَ صِبغةٌ وصبابةٌ
في هندَ أعطى النَّظمَ من هذيانهِ
ويرى التشبّب في منىً أو خيفها...
فرضاً عليه يخاف من نقصانهِ
خسٌّ يحلّي اللفظ دون فعائل...
يروي جفاف النقص من جيرانه
ولمالكِ ابن الريبِ عقد جواهرٍ...
برثاء نفسٍ سابقٍ لاوانه
فاضتْ قصيدتهُ بدمعِ محاجرٍ...
تبكي الحروفُ بها على جسمانهِ
فالأشقرُ المحبوكُ يلهثُ ظامئاً...
للماءِ هل من آخذٍ بعنانهِ
قد نالَ قبراً عالياً في ربوةٍ
خُطَّتْ به الأعوادُ من مرَّانهِ
شهمٌ وينعي نفسهً برثائها
سبقَ النَّعيَ عليه من خلانهِ
وأتى الكميتُ بحجَّةٍ وصبابة...
في حبِّ آلِ البيت دفءُ بيانهِ
يا آلَ هاشمَ في القلوبِ مكانكمْ
من قلبِ عدنانٍ الى قحطانهِ
منكم إمامُ الأنبياءِ محمدٌ
أثنى عليه الله في فرقانه
الصادقُ الألفاظِ أيُّ مكانةٍ
حمل الفؤادُ الطيبَ في إيمانهِ
أعطى الأنام طريقةً وشريعةً..
من بعد تيهِ الجهلِ في أوثانهِ
صلى عليه الله ما قلبٌ وعى
سُننَ الرشادِ وعادَ عن طغيانهِ
حلَّ البلاءُ بكربلاءَ وعطروا
بدمِ الحسينِ التربَ في ميدانه
قدْ كان أقدمَ للعراق بدعوةٍ
منهمْ وسيمَ الخسفِ من خوّانهِ
ظمآنُ يُمنعُ من مناهلِ مائها
حتّى رواهُ الدمع من سيلانهِ
قالوا قتلنا جدّه في قتلهِ
شلّت يَدا شُمرٍ على خزيانهِ
تبكي الدّهور على الحسينِ ونسلهِ..
ما ناحَ ذو شجنٍ على أفنانهِ
منها تصوغُ خناسُ مرثيّاتها
في صخرِها أبداً على أحزانهِ
وكذا معاويةٌ أخاها قد رثتْ
وتفجَّعتْ تبكي على فقدانهِ
لكنْ تَراها في شهادةِ ولدها
حبستْ جمان الدمعِ في أجفانهِ
نطقتْ بِحمدِ الله راضيةً بهم
ورَجتْ لقاهمْ في مقَرِّ جنانهِ
للأخيليةِ حبُّ عبلةَ قاتلٌ
يقضي الحياةَ يغصُّ في حرمانهِ
نَفرت مطيَّتها ودقتْ عنقها
هل حلّ بومُ القبرِ في أكفانهِ
هيَ ذاتُ إخلاصٍ أرادت رمسها..
عندَ الحبيبِ تكونُ من جيرانهِ
لغةٌ وتاريخٌ تثيرُ كوامناً
حطَّت بعارفها بذورَ بيانه
وأهيمُ في قَصص البداةِ كأنني..
شاركتُ حُبَّ المَيِّ من غيلانهِ
الراشدونَ منارةً في رشدهمْ..
سَلكوا مع الإسلامِ رفعةَ شأنهِ
مَالتْ عروشُ هرقلَ خشية بأسهم..
ويفرُّ كِسرى من حمى تِيجانهِ
ربَّى الرسولُ رجالهُ وأَعَدهم
نَهجَ الرَّشاد يشعُّ من قرآنه
خَاضوا إلى العلياء كلّ كريهةٍ..
وَأتَوا إلى التاريخِ منْ عنوانهِ
وغدتْ لخالدَ في الحروبِ مهابةٌ..
سيفٌ ونصرُ الله في لمعانهِ
عَودَاً على بدءٍ إليكَ لِساننا
ماءُ الزلالِ يفيضُ منْ غدرانهِ
منْ شاربٌ مثلَ الفرزدق لاهثاً..
فالشّعر قَطعُ الصّخر في حسبانهِ
أمّا جريرُ فغارفٌ من أبحرٍ
ذَرَّ الترابَ على فحولِ زمانهِ
سكتَ الثمانونَ العُتاةُ وسلَّموا..
ما عادَ منهم ناطقٌ ببيانهِ
فهُمُ ذَوو الأحسابِ في آبائهم..
وأبوه يمتّصُ الثدي بلسانهِ
وغدا الصليبُ بصدر أحمدَ لامعاً..
كيفَ ارتضى الأمويُّ في صُلبانهِ
فالدّينُ سمحٌ والخليفةُ عادلٌ..
والحرفُ فاقَ به على أقرانهِ
عيسى وأحمدُ قد أنارا مَنهجاً..
سَمحاً وكلُّ العزِّ في تبيانهِ
كم طامعٍ يَنسى بظهرِ جوادهِ
شَرعَ الإلهِ بروضهِ وجنانِه
و أتى أبو تمامَ أبدعَ سَبكها
صوراً كزهرِ الروضِ في ألوانهِ
رضعَ الجناسُ مع الطباقِ بكَّفهِ
ومَلا كؤوسَ الرّاحِ من ريانهِ
ثمَّ انتَقى ما للحماسةِ مشبهاً..
ديوانُها دُررا كما ديوانهَ
ولأحمدٍ إبنُ الحسينِ طُموحهُ..
متنبِّئاً والحظُّ في عِصيانهِ
قاسى وسافرَ طالباً لولايةٍ
ماالهمُّ في كافورَ أو حمدانهِ
يرجو البقايا في الكؤوسِ تملقاً..
ضَاعتْ كرامةُ طيبهِ ومعانهِ
وغدا رجيعَ الموتِ بعدَ فرارهِ..
لِمقالةٍ ردّتهُ عن نسيانهِ
أينَ المفرُّ وأنت فارسُ لَيلها
قدْ كانَ حِفظُ النَّفسِ في إمكانهِ
لكنَّ حتفَ المرءِ جاءَ بقولهِ
كالجمرِ أطفأهُ ثقيلُ دُخانهِ
غاص المعري في معاجم لفظها..
وتكلَّف الاعجاز في غفرانه
أعمى ويهدي المبصرين سبيلهم..
العلم والآداب طوع بنانه
قلب وعى ماقد يُحطُّ بسمعه..
حفظاً لو ان اللغو غير لسانه
وأتت قوافي الشعر طيعةً له..
كأب يحار الولد في رضوانه
قد شاء ربك عقله كمسجل
طال الشريط وزاد في دورانه
أمضى الحياة بزهده فغذاؤه
من نابتٍ في الارض لاحيوانه
قيل الدواء بلحم فرخ ناعم
رفض العلاج وظل في حرمانه
أهدى الى الاداب مسقط زندها
سال اللزوم الصعب في سيلانه
بحرٌ وكل ذوي الكلام جداول
وزيادة الياقوت في مرجانه
فخر المعرة والعروبة بامرئ
تُهدى البصائر من سنا عميانه
وأتى الرضيُّ شريف اصل ارومةٍ
وضعت فروع المجد فوق عنانه
جمع البلاغة نهجها وسبيلها
فرع وآل البيت نبعة شانه
وسعت جميع ذوي الفصاحة داره
وقضى البلاغة في دقيق وزانه
شَرفت به ارض العراق وشعره..
حاكى القديم وساد في أزمانه
ولدَ الوليد البحتري ووصفه
شبحٌ لكسرى حلّ في إيوانه
أهدى بني العباس بعض قصائد
لكنّ فخر الشعر في ساسانه
وأبو نواسٍ في ليالي أنسه
باع الحياة لخمره و قيانه
غنى وقد طربَ الرشيد لشعره
ويحلّ قطعَ الليل ساحة حانه
عرف المزاحَ تظرُّفا وفكاهةً
وملا الكؤوس ونام بين دنانه
من لعبه اتهم الرشيد بصبوة
شهمٌ ينال السوءَ من أخدانه
كلا فما هارون ذو حان ولا
صفّ الموائد لاعبا بقيانه
لكن يحجّ العام يغزو بعده
والحرب عند الثغر في رومانه
حارت صحاف الاقدمين بفتكه
في برمكٍ إذ كان من أعوانه
سيف يكلّل جعفراً بدمائه
وبرأس فضل بتَّ في شريانه
ويجرُّ يحيى فوق نطعٍ ثاملٍ..
لينالَ ما قد مرَّ في إخوانه
ضاع البرامكة العظام وعزهم..
مابين مدية ذابحٍ وسنانه
هيَ عبرةٌ في الهرِّ يأكل نسله..
بعد الرضاعة من سخيّ لبانه
وبابن رومي عجائب طبعه
متطيّرا والخوف قيد بيانه
لم يدر انّ الخوف زاد بحسّه
سمٌّ أتى الترياق من ثعبانه
ورثاؤه للعقد أوسط ولده
أبكى بحور الشعر في أوزانه
أوصافه صورٌ تروح وتغتدي
لكنّ خوف الماء في حسبانه
فالجسم طين والمياه تذيبه
والموت يكمن في ركوب عنانه
لكنّه المغمورُ في أدبائنا
مع انّ فيض الشعر في ديوانه
وحنينه أبداً يوافق حبّه
أهدى عيون الشعر في اوطانه
ذهبوا وتشتعل النفوس بلوعة
لرجال ماضينا وطيب حسانه
راحوا ويبقى في الضمير خيالهم
وشيّاً يلفُّ القلب من جدرانه
باتت بأحقافِ الرمال رفاتهم
وكأنّ فارسهم بظهر حصانه
لازال في قلب العروبة شخصهم
حيّاً فتيَّ العود في ريعانه
جمراً يُكتّمُ تحت طيِّ رمادهِ
وأريدُ بعث الجمر من أطيانه
للشرك اهدافٌ تريدُ لنا الفنا
وتودُّ فصلَ العود عن نيرانه
جسد يُراد لنا التفكك والرّدى
مانفعُ سقفٍ ندَّ عن حيطانه
ماضً به نلنا السيادة في الورى
والشرُّ كلُّ الشرّ في نكرانه
كانت مرابط خيلنا في صينهم..
عزّا وعقبة حلّ في تطوانه
دهراً ويأتي الناس خشية بأسهم..
ذلاً فسُكنى السيف في ميدانه
ويمرُّ عصر الانحطاط بضعفه..
وتلاه فكُّ الشعر من أوزانه
حتّى أتى شوقي الامارة جامعاً..
فنّ القصائد في رفاه مكانه
قد كان للقصر المنيف مقرباً
من أسرة الحكام أو سلطانه
عُقدتْ عرى التوفيق من توفيقه..
في ظل قصرٍ شيدَ في بنيانه
أو في حنايا الروض عند حديقةٍ..
أحنا عليها النيل من اسوانه
فأتى نديَّ اللفظ مثل حياتهِ
في عطف حاكمه وعطر جنانه
يخضرُّ عود الشعر في ألفاظه
في رفق اسماعيل أو أعوانه
والتبرُ في الايدي التعيسةِ يزدرى..
ويدُ الحظيِّ تزيد من أثمانه
كالشمس تعطي البدر زَهو سنائه..
ولدى الخسوف يقلُّ من لمعانه
إن تُقبلُ الايام تكرم أجمعاً
طوعاً لمطلوب الثريِّ وشانه
والمستعان الله منها إن جفتْ
قطعت هدوء النوم عن وسنانه
ولحافظ ابراهيم عمرُ تقشّفٍ..
فكم استعار الثوب من جيرانه
ويجفُّ نبت الروض لولا غيثها..
يروي الربا ويقرُّ في وديانه
شوقي وحافظ قد أجادا منهجاً..
غطى فنون النظم في عرفانه
في الوصف او عند الرثاء ومسحةٍ..
ربطت فؤاد الشعب في أوطانه
ثارا بيوم الشام اذ نيرونها
غورو يصبُّ الحقد من طيرانه
كلٌّ يؤكِّد دور وحدة أمتي
من حبّه المخزون ضمن جَنانه
لكنّ فرقاً في حياة منعَّمٍ
من بائسِ قد خاف من ديّانه
قدرٌ تقدَّر في البرية حكمه
هذا يئنُّ و ذاك بين غوانه
وأتى الرصافي باعثاً ومجدداً..
يدعو لقمع الظلمِ أو عصيانه
متهكماً بالنائمين مناديا
هيا لرفض الشرِّ من اوثانهِ
عمرٌ يكسِّر قيده في جنحه
ويقرِّع الطاغي على طغيانه
ويهيب بالشعب المكبَّل ثورة..
لتحذِّر الساهين من سلوانه
يانهضة الكتّاب والشعراء في..
أرض العراق الى ذرا وهرانه
ومن الشمال ديار بكر وأورفةٌ..
ترنو الى الاتيّ من عمانه
من نسل اسماعيل انّا امّة
وقفت بوجه السيل في طوفانه
منّا صلاح و نُسترامُ بخالدٍ
نظرا الى حطين من بيسانه
ياقدس لاننسى مواقف عامرٍ..
والقسُّ يُهدي الباب في اذعانه
وصعدتُ من همِّي لهمِّ عروبتي..
أصلٌ أخاف العرب من نسيانه
وطفقت أبحث بين شوكٍ علّني..
أجدُ الربيع على ذرا نيسانه
ماغادر الشعراءُ من متردّمٍ
لكنَّ فضل الضادِ في احسانه

خالد بشير زكرى

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان