قراءة نقديدة لقصيدة يامن ملكت القلب للشاعرعبد الناصر عليوي بقلم الناقد الاستاذ ابو محمود
قراءة نقديدة لقصيدة يامن ملكت القلب للشاع رعبد الناصر عليوي بقلم الناقد الاستاذ ابو محمود
تعتري الشاعر مشاعر الحبّ السامية ،هذه المشاعر الإنسانيّة الرقيقة المرهفة ،وحبيبه قد ملك فؤاده ،وجفونه قد تقرّحت من السهاد، وطيف محبوبه ساكناً في خياله لايبارحه ،وأشواقه إليه ثائرة كالنار لاتنطفىء، ويطلب شاعرنا من محبوبه أن يخفّف عنه مايلاقيه منه من عذاب الروح والجفاء ؛ وذلك بأن يوفي بالعهد الذي قطعه على نفسه قائلاً له :( أدمنتُ وصلك لا شفاء لحالتي
إلا وصالك قد يكون مخفّفا. )
ويختتم قصيدته ببيت بليغ، فيه توازن بين شطريه ،وفيه تصوير رائع ،وتشخيص :(فالروح تهذي في فراقك دائماً والقلب ينبض في هواك تلهّفا. )
من الأساليب الجميلة في قصيدته:
- أسلوب الأمر :(كن لي منصفاً)(قم أوفِ عهداً )( أسرف بذنبك) وغرضه منه : حثّ المحبوب على حبّه ،وإظهار ما في قلبه من شوق إلى لقائه .
- أسلوب الشرط : ( إن كان وصلك للحبيب جناية أسرف بذنبك . . . )
( إن كنت تضمر في الفؤاد مودّة خفّف عذاب الروح . . . ) حيث ربط السبب بالنتيجة ،وإن : تفيد احتمال الوقوع . وفيه يطلب ودّ محبوبه ووصاله فكان غاية في البلاغة والبيان .
- حفلت القصيدة بالصور البيانيّة والتي قرّبت المعاني من الأفهام ومنها( ملكت القلب ، ودّك ماصفا، ضمر الفؤاد ، ذبتُ فيك ،وصلك جناية ،جفن عيني ما غفا، طيفك ساكناً في خيالي ، طيفك يأتي كالملاك مرفرفاً ، لهيب وجدي في فؤادي ما انطفى،أشواقي تحرق مهجتي ، القلب من رؤيا خيالك ما اكتفى ، خفّف عذاب الروح والجفا، الروح تهذي في فراقك ،القلب ينبض تلهّلا. . . . الخ) وهي صور شرحت المعنى، ووضّحته ،وأكّدته ،وغاية الشاعر منها التأثير في المحبوب لحمله على محبّته ،استمدّت صوره عناصرها من الأشياء المحسوسة، وغلب عليها التقليد ، وفيها تشخيص ( ضمر الفؤاد ،الجفن ماغفا، طيفك ساكناً في خيالي و يأتي في الليل،القلب من رؤيا خيالك ما اكتفى ، الروح تهذي. . . ) ممّا أضفى على قصيدته الحركة والحيويّة والحياة . وهي مستمدّة من ثقافته الأدبيّة الواسعة .
- استخدم الشاعر ضمير المتكلّم لأنّه يكشف عن لواعج ذاته ، وما اعتراه من هذا الحبيب.
- التصريع في البيت الأوّل ،والصيغ الاستقاقيّة( ودّاً ،ودّك )(أوفِ ،الوفا)(وصلك ،وصالك)(جفوني ،جفن)( الأشواق ،الشوق) وتكرار حروف المدّ ،وتناغم حروف الجهر والهمس ،كلّ ذلك ساعد على بناء إيقاع داخليّ ،وانسجام موسيقيّ بديع للأبيات.
- القافية المطلقة منحت الشاعر مساحة إضافيّة للتعبير عن دفقاته الشعوريّة ،كما منحت القصيدة انسياباً وإيقاعاً متناغماً عذباً .
- القصيدة من البحر الكامل ،دلّت على شاعر مطبوع أصيل.
جاءت ألفاظه رقيقة مناسبة لغرض الغزل ،واستطاع أن يحمّل ألفاظه وتراكيبه طاقات شعوريّة ،تمكّنا بها من الكشف عن مشاعره الإنسانيّة الرقيقة .
معانيه مترابطة والعلاقة بينها سببيّة ،ولاغموض فيها .
نقل إحساسه ،وعمّقه في أذهاننا ،فكان بوحه مؤثّراً ،وقد فاضت القصيدة لوعة وشوقاً، محافظاً على وحدة الانطباع ،ووحدة الموضوع .
لاجفّ يراعك .
لا حرمنا من هذا البوح الشجيّ ،دمت ودام عطاؤك ،تحيّاتي لك .
التعليقات على الموضوع