نقشٌ على الضوء....شهاب البريهي
نقشٌ على الضوء
من قبـــلِ صيفيــن كنَّا للجـبالِ ذُرَى
نُفتتُ الصحوَ في حقلٍ وبضعِ قُرى
وما لـنا غـــيرُ ظــلٍّ نرتــديه مــعاً
تخيطُـهُ الشمسُ إن في نأيِّنَا انشطرا
في دفتَرِ الغيمِ كم أبصارُنا رسَمَت
للأُمنــيـاتِ بحبـرِ المُشتـــهى صورا
كانت عيونُ المرايا بعدُ ما فُقِـئت
وسلطـةُ المــاء لا تستــنـزِفُ البشَرا
نعَبِّئُ الوقـتَ نَشقَى في حِـــرَاستهِ
نذودُ من حـــولهِ الأنســامَ والمطَرا
وفوقَ كلِّ احتـــمالٍ نبتــني سبباً
على مفاتيـحـهِ نستـــأمِـــنُ الخــطَرا
والآنَ لا وقــــتَ بالأحلامِ نملؤهُ
إلا وداسَ علــــيهِ البيــنُ وانكــسرا
مضت تعــدُّ نيوبَ الدهرِ ضِحكَتُنا
فلاكَـــهَا دونَ أن نـــدري وما شــعرا
والمستحيـــلُ الـذي صـلَّى لِرغبتِنا
مُذ عُطِّــلَ الحُسـنُ في أعماقِــها كفرا
والشكُّ حيـنَ ثـوى في غيمِ غفلتنا
عصــى توقُّـــعَـــنا الثلـــجيَّ وانهـمرا
وحدَّ للهجرِ سـوءُ الظـــنِّ شَفرَتَهُ
فظـــــلَّ إن مَـــدَّ عُـــذرٌ كفَّـــهُ بَـــتَرا
الآن قصَّرتِ الآمـــالُ قامتَــــها
وقبلُ كِـــدنا بِـــها أن نُسقِـــطَ القـمرا
سمــــاؤنا لم يعُـــد نجمٌ يُسامِـرُها
تصحَّـــرت أصبحت لا تُشبعُ البصرا
ونستضيءُ بجُـــرحٍ لا حـدودَ لهُ
إذ أغمـــدَ الحُـــزنُ في أجفاننا السهرا
حظوظنا حيثما سارت بنا عثرت
وقبـلَ صيفــين كانــت تسبــــقُ القدَرَا
يا ســادنَ الغيبِ ما لليــلِ مُختَبِراً
أعمى بكفـيهِ مصباحان.. كيف يرى؟
تســعى خُطــاهُ لأن ترسـو على أثـــرٍ
وخطـــوةُ المـــاءِ لم تتـــرُك لـــهُ أثـــرا
أعمى ولو زرعَ الأقمــــارَ فـي دمِــهِ
وأدخــلَ الشمــسَ في عينـــيهِ واعتَصرا
يستوقِفُ الريحَ ساعــــاتٍ يُفَتِّــشُـــها
عسى تخبــــئ فـــي جلبابها خَــــبَرا
وكانَ من قبلُ تؤوي الكــونَ حِكمـتُهُ
وقـــد تشــيـــبُ المنـــايـــا كُلَّـــما ذُكِـــرا
والدهشَة ُالبِكرُ مِن مِعراجها سقطت
عليــــهِ حتى رأى مـــا لا يــــرى الشُّعرا
ولم يـــكُ الشِّعــرُ إلا بعــضَ أدمعِهِ
وبعـــضَ حُـــلـمٍ علــى أوراقــيَ انــتحـرا
يا سادنَ الغيبِ هل في العفوِ متَّسعٌ
فيـــدخُـــلَ الــذنــبُ مــن دوني ليــعتــذرا
لمـن تضيـــعُ الثُّـــريا في ذوائـــبِهِ
ويرجـــعُ الزهـــرُ مـــن أنـــفـــاسهِ عطِرا
واجتثَّ كلَّ طـــريقٍ كنــتُ أتبعهُ
فيـــها وللتـــيه حـــيـــن اجــــتــثــها بـذرا
لأيِّ فاتـــحــــةٍ أســـرَجـــتَ غُـــربتَهُ
وكيـــــف تغــــرزُ في سيـــقانها الإبَـــرا
الأمسُ أعــــــرفهُ وشــــماً بـــذاكرتي
فــلا تقــــل لم يزل لـلأمـــسِ مُــحـتكـــرا
***********************
كي يعقــــلَ الليلُ أتلـــو حيلتي سُــورا
وأنصُـــبَ الـــذاتَ محــــراباً كـــــما أمَرا
كانَ الضِّفافَ لِفـجرٍ كنـــتُ مطــــلَعَهُ
وأصبــــحَ الفجــــرُ سيـــفاً في يديــهِ يُــرى
تكبــــرتت رئتــي لــما سكنــــتُ بهِ
فكيـــف أنجــــو وأنفــــاسي غـــدَت شـــررا
من يُشعِلُ البردَ في روحــي فظُلمَتُهُ
أكــــادُ مــــن حــــرِّها أن أخــــلعَ العُــــمُـــرا
مازال في داخـلي الأعمى يسيرُ إلى
مكــــانِــــهِ مُــمسِـــكـــاً صبــــري إذا عثــــرا
لو كــان مُــمتلكاً للغيـــبِ في يـــدِهِ
لفخَّــــخَ الكـــــــــونَ بالأقـــــدارِ وانــــفجَـــرا
التعليقات على الموضوع