د. أحمد جعفر الشردوب....خمسينية لأجل الحبيب
خمسينية لأجل الحبيب
ما بين قلبين قلبٍ معتمٍ ناء
و خافقٍ راغبٍ في كشف ظلماء
تحيَّر النّورُ أيُّ الخافقين به
تحيا غرائسه كالنّبت في الماء
و أيُّها سوف يستهوي أشعتَه
حتى يصير كمشكاة و أضواء
و رُحتُ أرقبُ مسرى النّور عن كثبٍ
مستجمعاً فيه إبصاري وإصغائي
حتى وصلتُ إلى غارٍ إليه أوى
حيث التقى الحاء بعد الجهد بالباء
ومن حِراء رأيتُ النُورَ منطلقاً
نحو القلوب التي تاقت لإيضاء
قست قلوب الورى في جاهليتها
و أصبحت قفرةً في قلب قفراء
و كان موعدها فجراً تلينُ به
حتّى يبثَّ بها أنداء أنواء
لاحت تباشيره في الغار فانطلقت
منه البشائر في وحيٍ و إقراء
( إقرأ ) بأمر الذي سوّاك مُرسلَه
في حمل همِّ رسالات و أعباء
فليس ينفعُ بعد اليوم مدّثِراً
إلا إذا قام يدعو دون إبطاء
و ما تزمّلَ عن مجدٍ يُراد له
إلا أخو همّةٍ في الناس قعساء
و أنت ما أنت إلا همّةٌ عظمت
حاشى تصدّك عنه بعضُ لأواء
مهما لقيتَ من الكفّار أنت لها
ولو رمَوك بتكذيبٍ و إيذاء
و أنت من أنت ما جنٌّ و لا بشرٌ
إلا إليك سعَوا من أجل إرواء
و قد سقيتَهمُ كأسَ الرشاد بها
طهّرت أجسادهم من رجس أدواء
و قد حللتُ مع الورّاد لي أملٌ
أن لا يطول ببعدي عنك إظمائي
و أن بكأسك أروى بعدما ضحيتْ
نفسي و زاد لهيباً حرُّ صحرائي
جثوتُ في الباب أُملي قربتي رشدا
و عنك ما لامرئ ذبّي و إقصائي
فإنّ قلبي إلى لقياك في شغفٍ
و عنك طول النّوى أدّى لإعيائي
وليس أفضلَ مني الجذعُ حين بكى
فنال ما نال من عطفٍ و أنداء
فهل ستمسحُ صدري يا ابن آمنةٍ
بلمسةٍ منك - تشفي القلب - حنواء
أضرَّ بي الشوقُ حتى كاد يقتلني
فاكشف بوصلك عني حالَ ضرّائي
يا ليتني كنت جذعاً - حنَّ - تمسحه
حتى أفوز بتسكيني و إرضائي
أو أنني كحصاةٍ كفُّكم حَملت
حتّى أسبِّحَ شكراناً لنعمائي
أن صار لي بكمُ ذكرٌ علوتُ به
ما كان لولاكمُ ذكري و إعلائي
أو أنني مسّني في أعيني رمدٌ
و رُحتَ تمسح عن عيني لإبرائي
يا سيّدي وصلكم حلمي و أمنيتي
و حبّكم مالئٌ قلبي و أحشائي
فإن قُبلت لديكم ذاك من أملي
و إن رُددتُ فيا خسري و بلوائي
نفسي تحنُّ إلى قبرٍ يضمّكمُ
و قبّةٍ سطعت بالنور خضراء
و مسجدٍ أُنسُكم لا زال يغمرُه
و روضةٍ أينعت بالطّيب غنّاء
يا سيدي اسودّت الأيام في زمني
عسى بسودائها تفضي لبيضاء
إن نحن سرنا على آثاركم قُدماً
ولم نتُه في ضلالات و إغواء
فإنّ نهجاً به الآباء قد سعدوا
أكرم به إن غدا نهجاً لأبناء
لكنّ نهجك ضيعناه في زمن
فيه إلى مزعٍ صرنا و أشلاء
لذاك صِرنا و قد تاه الطريق بنا
كناقةٍ في صحاري التيه عمياء
تقاسم الفرس و الرّومان ثروتنا
و قد غدا إرثنا نهباً لأعداء
فالقدس ذلّت لعجل السامريِّ و قد
أعلنتَ عزتها في يوم إسراء
و الشام ضمَّت علوج الأرض قاطبة
و خلّفت أهلها من غير إيواء
مرابضُ الأُسدِ عنها الأسدُ قد نُفيت
و ورِّثت لجموع المعزِ و الشّاء
و في ( السّعيد) كلاب الليل قد نبحت
و أرّقته فلم يسعدْ بإغفاء
و مصرُ في الأرض ما عادت كنانتها
و شأنها بات في ضعفٍ و إقواء
نجوم أمّتنا يا سيدي أفلت
في ليلةٍ من ظلام الدّهر ليلاء
و لن تقومَ لنا في النّاس قائمةٌ
إلا لنهجك إن قُمنا بإحياء
ما غير حبّي لكم يا سيّدي سببٌ
لأن أكيلَ لكم مدحي و إطرائي
أودعته نبضَ أشعاري وقافيتي
و فزتُ فيه بتوقيعي و إمضائي
حتى تكونَ شفيعي في المعاد غداً
و منقذي من لظى تجتاح أعضائي
بشربةٍ من ندى كفّيك هانئةٍ
بها تجود على حرّي بإطفاء
عليك مني صلاةٌ ما الطّيور شدت
و عمَّ تغريدُها أنحاء أجواء
قصيدتي قد أتت خمسين رُمتُ لها
في حبِّ أحمد أن تحظى بأصداء
التعليقات على الموضوع