أثر من غصن ...صباح سعيد السباعي
أثر من غصن
وقفتُ أمامي، أتأمل جوابي المؤجل لسؤاله:
كيف نبدأ الكتابة؟
وهل الذي أمامي ظلّي أم انعكاس لشخص جديد لا أعرفه!؟
يجترّ الجواب نفس الصور والعبارات.
_ عن نفسي أستطيع أن أبدأ الكتابة من لحظة عبوري الزمن، من لحظة سؤالي أين هي؟ لمَ غرفتها بلا ضوء؟
عند انشغالهم عن انشغالي.
كان يومًا عاديًّا حين وجدتها تطلب مرافقتي أثناء انصرافنا من المدرسة، كان يومًا عاديًّا حين رأيت شعرها الجميل لم أنبهر، لم أنفعل.
وفي ردهة الأيام، ثمة وميض من عيون أعرفها، ووجه تستلقي عليه أنهار جافة، تركض نحوي:
أتذكرني؟
_ كأني عرفتك، ولكن كيف قصصتِ شعرك مثل الصبيان!!؟
_ صعدتُ على ظهر أحلامي، و كنتُ واقفة ليرسمني فنان، وهو مندمجٌ بالألوان، يمضي بعيدًا، بقيت ريشته
على العشب، وصورة مبهمة.
حينها أدركتُ انزياح الحقيقة ووهم التوقعات.
أربكتني كمية التوصيات والملاحظات، فتقلصتْ خصلي، بصوت خافت رسمتُني، فصرتُ متوارية وظاهرة، قريبة بعيدة جريئة الحزن المتجمل، أعطني قلمًا لأمشط ماتبقى من شظية عمري.
صباح سعيد السباعي
أكرمني الأستاذ القدير وليد كاف بهذه القراءة له التحية والتقدير:
لا حقيقة ثابتة يمكن الركون اليها ...تقول الفاضلة :
" وقفتُ أمامي "..
الواقف لست انا ...أو ربما كان الواقف وقف في وقت غير هذا الوقت.... او ربما يكون الواقف شخصا آخر...
ثنائية لا تدخل عالم الحقيقة جواب مؤجل لسؤاله...اذ ياتي الجواب قبل السؤال ...ما قيمة هذا الخلط على أرض الواقع ام انه ليس هناك واقع اصلا ...
... اللاحقيقة واللاواقع ثم اللاشيء تحوم باصرار في فضاء الفاضلة ...فتعيد علينا الموقف او شبه الموقف ...اذ لا موقف... ولا حقيقة ، تقول هل الذي أمامي ظلي ام انعكاس لشخص جديد لا أعرفه
...كم هي المرارة المودعة في عقل الفاضلة، تضفط بقوة ..تصرخ قائلة: هل ما نراه حقيقة ام صورة عنها ..؟
...تعود الكاتبة لنفسها لتجد انها لازالت غير مصدقة بان هناك حقيقة جيدة بشكل كاف للوثوق بها... تقول :
" عن نفسي استطيع ان ابدأ الكتابة من لحظة عبوري الزمن "
هكذا تؤكد الفاضلة على زيف الأشياء فيجب الا نحزن على شيء زائف ...ربما ارادت هكذا ان تقول
.... تنقلك الفاضلة الى صوفية في مشهد جديد فتقول :
" عند انشغالهم عن انشغالي ".تلامس هكذا جلال الدين وتنبت في حدائقه...
....والهبوط الى الأرض سمة المشهد القادم ، تقول الفاضلة:
"حين وجدتها تطلب مرافقتي اثناء انصرافنا من المدرسة"
القارئ في محطة استراحة الآن فقد صار يمشي على أرض الواقع
وذلك واضح من الفكرة الجديدة التي بدأت بقول الكاتبة
" كان يوما عاديا " فهل اوهمت القارئ بأنها وهو على أرض من الواقع او الحقيقة يبدو انه من المبكر الحكم على ذلك
...لأن الشك يتقافز كعادته ، تقول :
" كأني عرفتك"
...لازالت الضبابية تتمطط بثبات على أرضية النص ليقول لنا : لاعليك فلا حقيقة ثابتة في هذه المساحات التي تتردد أجسادنا بينها حتى ان ( أجسادنا ) ربما تتردد في مساحات مجاورة لمساحات وقوفنا
....تحية للفاضلة السباعي التي أصرت على اصطحابنا في رحلة شاقة عسيرة اوقفتنا في أول الدرب ثم تركتنا لشكوكنا نبحث عن الحقيقة التي صادرتها في عقولنا.... عقولنا التي لا تتمتع بحظ من منطق... او بشيء من ادراك لما نحن فيه على الحقيقة..
التعليقات على الموضوع