نظرة إلى ميسرة ...شاعر النيرب مجد ابوراس

 

شاعر النيرب مجد ابوراس


نظرة إلى ميسرة



أَعادَتكَ ليلى أَم أتَتكَ تُعاتِبُ
وَرُبَّ عِتابٍ لِلْعَدَاوَةِ جالِبُ
وَرُبَّ حُروفٍ لو عَكَستَ صُروفَها
لَكانت لِفَكِّ القيدِ كَفّاً تُصاحبُ
ورُبَّ صديقٍ لو خَبِرتَ فؤادَهُ
لَساوَيْتَهُ بالخَصمِ حين تُحاربُ
وَرُبَّ رَكُوبٍ لَو تَرَكْتَ خِطامَها
لَسَارَت كَما تَهوى لِما أَنتَ راغِبُ
وعَندَلةٍ ناغَت على الغُصنِ رَوضةً
تَنَفَّسَ تَحتَ الظِّلِّ منها الحبائِبُ
دَلَفتَ إليها فاستَقَلَّت وحَلَّقَت
ولو كنتَ صَدَّاحاً لَظَلَّت تُواكِبُ
يُخَبِّئُ في أعماقهِ النَّايُ نَغمةً
إذا صادفَت نَفحَ الشِّفاهِ تُشاغبُ
يُرَدِّدُها المَوَّالُ رَجْعَ صَبابةٍ
لها في قُلوبِ السَّامعينَ مَذاهبُ
تَرى النَّاسَ شَتَّى بِاختلافِ قلوبِهمْ
طبائعُ أبْدَتْها النَّوى والنَّوائِبُ
قُلوبٌ كَما الإسْفَنجِ تَكْتُمُ خَبْأَها
فَإنْ عُصِرَت أَبْدَت حَشاها الجَوانِبُ
وقَلْبٌ لهُ طَبعُ الزُّجاجِ إذا هَوى
تَشَظَّى فَلا يُدنيهِ لِلثَّغرِ شارِبُ
وإن رَقَّ كَأساً لِلطِّلى راقَ مابِهِ
وأصدى على أنغامهِ المُتَثائبُ
وَعهدُكَ بِالأنثى تُخَبِّئُ سِرَّها
وتلمعُ عيناها إذا رَفَّ حاجبُ
فإن طَمَحَت شَبَّ الحياءُ يَردُّها
وإن سَكَنَت ثارَت عليها التَّرائبُ
أتُؤذيكَ ليلى بالعِتابِ وقبلَ ذا
تُقارِفُ ذنباً عَلَّ ليلى تُعاتِبُ
وَعَادَتُكَ الإعذارُ في كلِّ فِريَةٍ
فإن أَزمَعَت بالبُعدِ رُحتَ تُقارِبُ
تَخَطَّيتَ رَبّاتِ الجَمالِ لِوَجْهِها
وجاوزتَ أحراساً عليها تَعاقَبُ
تعاهدتُما بالحُبِّ عُهدةَ مُخلِصٍ
فَلُذْتَ بها أُمّاً وأنتَ لها أَبُ
تَمَلَّكَ منها الحُبُّ غايَةَ أمرِها
وَعَزَّت عليها في الوِصالِ الرَّغائبُ
وَفِيها مِنَ الأشواقِ ما شفَّ قَلبَها
وَلَكنَّ لَيلى ما تَزالُ تُغالِبُ
تَوَقَّت سِهامَ الحُبِّ حتّى أصَبْنَها
وما فازَ إلّا رَميُكَ المُتَعاقِبُ
وقمتَ على اللَّذاتِ تَخطُبُ وُدَّهَا
فَسُرَّتْ وَإِن ساءَت عليها العَواقِبُ
فَقَاوِمْ بِما أُوْتِيتَ مِن نَزَقِ الهَوى
خيالاً يُحابي الصَدََ وهْوَ يُجاذِبُ
فَسَعيُكَ بِالتَّدبِيرِ يَبٌلُغُ غايَةً
وَجُهدُكَ بِالتَّبرِيرِ عَجْزٌ مُصاحِبُ
فَإنَّ حَميلَ السّيْلِ أضعَفُ قُدرةً
وَلو كانَ ذا جَذرٍ لَظَلَّ يُحارِبُ
وَمَن أَهمَلَ المِصباحَ في رأسهِ اعتَدَت
عَليهِ ذِئابُ الوَهْمِ وَهْيَ تَثاءَبُ
فَدَع أَرَق السَّاعاتِ في حالِكِ الدُّجى
وَقد سَلَحَت فيها عليك العقارِبُ
فلا يَشتكي غَيرُ السّهارى صَريرَها
فَكيفَ وَقَد ضَلَّ النُّعاسَ مُحاربُ
وَخَلِّ طِرادَ الأُمنياتِ فإنّها
إلى حَلَبَاتِ المَجدِ لَيست تَصاحبُ
تَرُوثُكَ في صَمتٍ وأنتَ تَحُشُّها
وَتُثْنيكَ عَن وصلٍ وأنتَ تُطالِبُ
ولا تَدنُ مِن فَخِّ الظُّنونِ فإنني
رأيتُ على الأدنى تُقامُ التَّجارِبُ
ما بَينَ مُستَسقى الغُصونِ وَجَذرِها
شَرايينُ تُمْري النُّسغَ فيها المَشارِبُ
فَإنْ أُزْكِمَ العَطّارُ يَجهَلُ ما الشَّذى
وإن ماتَتِ الأذواقُ تُنسى الأطايِبُ
وكُلُّ غَرامٍ بَينَ جَذبٍ ولَهفةٍ
وهيهاتَ يُرجى إن تَخَلَّعَ جانبُ
ويَهوي صريعاً بينَ لَومٍ وَجَفوةٍ
كَنَفْخِكَ بالوناً أتَتهُ الثّواقِبُ
يَروجُ مِنَ الأحلامِ ما كانَ كاسداً
ويُرجى بِسوقِ الحُبِّ منها المَكاسِبُ
ومهما اغْتَنى فيها صيارفةُ الهوى
يَعُوزوا فمرغوبٌ بهِ هوَ راغِبُ
وَقَد يَبْعَثُ الذِّكرى حَنينٌ وَصَبوةٌ
فَيُصبِحنَ عُوَّاداً لَديكَ الذَّواهِبُ

نظرة إلى ميسرة



شاعر النيرب مجد ابوراس

ليست هناك تعليقات