الساحرة...مختار إسماعيل محمد
الساحرة
قل للذي ألهب الأشواق وابتعدا
ارحم فؤاداً إذا ما قال فيك شدى
هذا الذي أمسك الأحلام في يده
وواعد القلب ،هل أوفى بما وعدا؟
وهل تناسى ليالٍ كنت أحسبها
كل الليالي التي لن تنتهي أبدا
لم أعرف الحب إلا في خمائلها
ولَم أرى بابها إلا وقد وُصِدَا
أرحت عمري على أغصانها فبدى
كل الذي فرَّقت قد عاد واتَّحَدا
ونار وجد تُسَعَّرُ حين أُبْصِرها
وإن توارت فإني لا أرى أحدا
ألقت زنابقها في كل ناحيةٍ
فغرَّد الكون مسرورا وقد سعدا
وبدَّدت كل ما في النفس من وجعٍ
وأسدلت سِترها في ساحتي فغدا
يهيم أوله عشقا بآخره
فتستغيث به إن زادها نفدا
وأستدل بها إن ضعت من يدها
وإن أضعتُ يدي مدَّت إليَّ يدا
وآنست وحشتي إن كلهم هجروا
كالزبرقان أضاء الكون واتقدا
تلألأت كالثُّريَّا وسط ضحكتها
وأمطرتني هواً للقلب قد شهدا
وأسكنتني على عرش القلوب فما
صنوُ لها بين كل الخلق قد وردا
أمشي على الماء لا يبتل لي طرفٌ
وأغزل الشمس من أعوادها مسدا
يسابق العطر طلتها فيسبقها
فيطلب الكون من ترياقه مددا
وإذ تُحادث عقلي لستُ لآئمه
إذا تغيَّب عني أو إذا ابتعدا
وكل قافيةٍ سعدت بساحتها
فأنشدت شعرها ، للعالمين بدا
فأنبتت من صحاري القلب جنتها
فاثمرت في الهوى ورداً لها شهدا
كم جمَّلت في ربيع العمر بسمتها
وجمَّعت شمل من كانوا هنا قِددا
وفدٌ إذا حضرت ، علمٌ إذا ظهرت
قومٌ إذا جلست ، لم أُحصها عددا
فكيف تقسو على قلبي وتهجره
وتستبد بخفقٍ دونها فسدا
عودي بربك ما أسلمتُ رايتنا
حتى أُلَمْلِمَ شوقاً في الهوى كسدا
إني أحبك لا الأوصاف تحملها
ولا أصارع في تقديسها أحدا
أنتِ الحياة وأنت النور مبعثه
وأنتِ أنتِ صفاء الروح مُذ وُجِدَا
لا أبعد الله عني من إذا حكمت
ملكت -لعمري -معاً الروح والجسدا
منِّي سلامٌ إلى أغلى مُعَذِّبةٍ
من عاشقٍ طلَّقَ الأيام وابتعدا
وعاش يحمل حبا في جوانبه
حتى إذا زرعت في عمره حصدا
التعليقات على الموضوع