حَـانُـوت....صلاح العشماوي
حَـانُـوت
......
حانوتُ ، طَالَتْ بالبعيدِ المُدَّةْ
من لي وقد بلغَ الحنينُ أَشُدَّه
أُوّاهُ ، بئس البعد ، أُُقْسِمُ أَنَّنِي
فردٌ ، ولكنَّ الفواجعَ عِدَّةْ
سبحان من أرساكِ بين حُشَاشَتِي
بَلداً وَقَلْبيَ ليسَ يَرْغَبُ بَعْدَهْ
كل المدائنِ تستضيقُ فلا أرى
غير اتساعكِ في دمي، مَنْ مَدَّهْ ؟
خصمانِ، عِشْقُكِ واغْتِرابِيَ نَازَعَا
روحي ، وعِشْقُك لا يهادن نِـدَّهْ
قد أهلكاني في مساءاتٍ غَدَتْ
وَكَأَنَّهَا سَيْفٌ أصارعُ حَدَّهْ
يا كم ذكرتكِ والفؤادُ مسافرٌ
يشتاقُ تَرْبَكِ ، أو يمازحُ وَردَهْ
للطيبينَ وما عَهِدْتَ وُجُوهَهُمْ
إلَّا بدوراً تستضيءُ مَودّةْ
للعاكفينَ على الصلاحِ ، جلودهم
لون الغِلالِ يُكافحونَ الشِّدَّةْ
للماكثين بِطولِ عزلتِهم ، كما
قام المجاهد كي يلبي وعدهْ
للراحلينَ عن الحياةِ بجيبهم
ـ ملءَ الدروبِ ـ مكارمٌ مُمْتَدَّةْ
يا وجهَ أميَ ، ما توارى مَلْمَحِي
إلَّا أتيتكَ باكياً لأرُدَّهْ
يا خبزَ أميَ شَيَّبتنِي غُربَتِي
وَسَطَا على جَسَدِي الفِرَاقُ فهدَّهْ
عشرونَ عاماً أستعيدُ براءتي
تأبى ودمعيَ لا يفارقُ خَدَّهْ
لأبي أحنّ ، وكم فررت لحضنه
لِيُحسَّ نبضَ قصائدي ويَعُـدَّهْ
ويقول : يا ولدي نذرتك أعيني
صن عهد من أولَى فؤادَكَ عَهْدَه
واحفظ لجاركِ ما حييت جُوَارَهُ
وافْتَحْ إليهِ البابَ واحذر سَدَّهْ
وارزع جميلاً تصطفيهِ خمائلاً
وكفى بربكَ أن يُسخّرَ جُندَه
واذكر أباكَ كما وَعَيْتُ على أَبِي
إذْ ظَلَّ يَذْكُرُ في المجالسِ جَدّهْ
حانوت ، إنِّي من ترابكِ ، ضَمِّدِي
جُرْحَ الَّذِي يَكِوِي فِرَاقُكِ جِلْدَهْ
التعليقات على الموضوع