سلسلة فحول الشعراء عنترة العبسي....رجاء احمد....

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

سلسلة فحول الشعراء عنترة العبسي....رجاء احمد....

شعراء العرب



سلسلة فحول الشعراء ..عنترة العبسي


دوت صرخات حادة في منطقة أعالي نجد بوسط الجزيرة العربية منذ القرن السادس الميلادي ، صادرة عن محارب وشاعر أسطوري ؛ 
الابن الأسود المنبوذ لأبيه العربي وأمه الأثيوبية من الرقيق .. كافح عنترة بن شداد لنيل اعتراف أبيه واعتراف القبيلة به ، 
وتحدى الأعراف الاجتماعية ورغم وضعه المنبوذ ،
 إلا أن ولاءه لقومه دفعه للدفاع عنهم . صوّر عنترة حياته المضطربة في شعره العنيد ،
 الذي امتزج بومضات من الرقة بعنف يجمد الدم في العروق ، وقد كانت قصائد الحرب لديه عبارة عن أدلة على معركته الطويلة لكسب اعتراف قومه به ولطلب يد عبله ، المرأة التي أحبّ ، التي ولدت حرة والتي رفضته أسرتها ... 
واشتهر عنترة بالغزل العفيف قولاً وفعلاً ، فقد أحبّ ابنة عمّه عبلة حبّاً شديدًا ، 
وقال فيها أشعاره الغزليّة الجميلة ، 
التي كانت تنبع من قلبه المتيّم بها ، وكان غزله نموذجًا للغزل العفيف ، الذي يصدر عن شاعرٍ يتمتع بأخلاق رفيعة ، 
حيث كانت تذوب في أشعاره العاطفة القوية الصادقة ،
 وتبرز فيها أشواقه العميقة ولوعته للقائها ، 
فهو لا ينساها في كلّ حالاته ، سواء في الحرب أم في السّلم .. 
كان يقتحم ساحات القتال بكل شجاعة وبطولة مستقبلاً الموت ،
 من أجل أن يحظى برضاها وبقلبها ..

 رمتِ الفؤادَ مليحةٌ عذراءُ 
بسهامِ لحظٍ ما لهنَّ دواءُ
 مَرَّتْ أوَانَ العِيدِ بَيْنَ نَوَاهِدٍ
 مِثْلِ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظباء 
فاغتالني سقمِى الَّذي في باطني
 أخفيتهُ .. فأذاعهُ ... الإخفاءُ 
خطرتْ فقلتُ قضيبُ بانٍ حركت
 أعْطَافَه بَعْدَ الجَنُوبِ صَبَاءُ 
ورنتْ فقلتُ غزالة مذعورة 
قدْ راعهَا وسطَ الفلاة بلاءُ 
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ ليْلَة تمِّهِ
 قدْ قلَّدَتْهُ نُجُومَهَا الجَوْزَاءُ 
بسمتْ فلاحَ ضياءُ لؤلؤ ثغرِها
 فِيهِ لِدَاءِ العَاشِقِينَ شِفَاء 
يَا عَبْلَ مِثْلُ هَواكِ أَوْ أضْعَافُهُ 
عندي إذا وقعَ الإياسُ رجاءُ 
إن كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فإنَّني
 في همّتي لصروفهِ أرزاءُ 

هذا الشعر الذي يسيل رقة وعذوبة وفيض مشاعر صادقة راقية كان رفيقه المؤنس في وحشة ساحات الحروب الدامية .. 
وهكذا ولد شعر الحماسة عند عنترة الذي يُمثّل الصورة الحيّة للتعبير عن شجاعته في ساحات القتال ، 
يصف فيه أدقّ التفاصيل في منازلته العدوّ ، حيث كان يستخدم شجاعته في الحروب كوسيلة للتخلص من عقدته النفسيّة في كونه عبدًا أسود ، واصفًا في هذه الأشعار كيف ينال من العدو بعد أن يتمكّن من إصابته بطعنة قاتلة ، مخاطبًا العدوّ والدهر للاعتراف بذاتيته إلى حدّ المبالغة في إظهار جبروته ، بحيث يبدو كأنّه مستمتع بهذا الأمر ...


 ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ
 لا مُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ 
جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنَةٍ
 بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مقَـوَّمِ
 فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ
 ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ
 فتَـركْتُهُ جَزَرَ السِّبَـاعِ يَنَشْنَـهُ 
يَقْضِمْـنَ حُسْنَ بَنانه والمِعْصَـمِ 
لـمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلـتُ أُريـدُهُ
 أَبْـدَى نَواجِـذَهُ لِغَيـرِ تَبَسُّـمِ 
فَطعنْتُـهُ بِالرُّمْـحِ ثُـمَّ عَلَوْتُـهُ
 بِمُهَنَّـدٍ صافِي الحَديدَةِ مِخْـذَم
 ولقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بالضُّحَى 
إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ
 في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي
 غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ 
لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ
 يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ ...... 


ترك عنترة بن شدّاد ديواناً من الشعر كان معظمه في الحماسة والفخر والحب العذري كما سبق ذكره ، ومعلّقته الشهيرة هي عبارة عن قصيدة طويلة تحتوي على ما يقارب تسعة وسبعين بيتًا من الشعر على وزن بحر الكامل .
 وقد جاء شعر عنترة على نوعين هما : النوع الغنائي الوجدانيّ ، والنوع الأخر قَصصي مَلحميّ ، ومع الاختلاف بين هذه النوعين إلا أنّهما كانا مترابطين ؛ بحيث لا يُقال أحدهما دون الآخر ، 
ولا يُفهمان إلا مع بعضهما بعضًا ، وقد نظم عنترة هذه المعلقة خلال حرب السباق ،
 بعد أن شتمه شاعرٌ من قبيلته ، وعايره بسواد لونه ولون أمه وإخوته ، 
فنظم عنترة معلّقته ردّا عليه ضمّنها الافتخار بنفسه ، وتعدادًا لمناقبه وصفاته ... 
استهلّ معلقته بمقدّمة تتضمن ذكريات وعبرًا ، وبعد ذلك يصف محبوبته عبلة وناقته مفتخرًا بنفسه وأخلاقه الرفيعة وشجاعته وإقدامه في الحروب ، فهو يُظهر نفسه كما وصفه الأديب طه حسين بصورة الشاعر العربي الأصيل ، الذي يتصف برقّة القلب دون ضعف ،
 وبالشّدة دون عنف ، والذي يشرب الخمرة دون التفريط بأخلاقه ومروءته ، ومتى عاد إلى عقله وصحوته عاد كريمًا معّطاءً ، وهو فارسٌ شجاعٌ في الحرب ، عفيف النفس ، لا يطمع لغنائم هذه الحرب ولا إلى مكاسبها ...
 هَلْ غَادَرَ الْشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَـرَدَّمِ أَمْ هَل عَرَفْتَ الْدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ يَااا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي وَعِمِي صَبَاحاً دارَ عبلة واسلمي شملت معلقته سيرته بكافة الأحداث التي مرّ بها في حياته ؛ حيث جاءت متشابكة تارةً ومتشعّبة تارةً أخرى ، وكان موضوعها يتمحوّر حول حياة عنترة الشاعر والفارس الشجاع والعاشق ، وما واجهه من صعوبات ومخاطر في سبيل حبه لابنة عمه عبلة.... .....
 وقفات شعرية مع أخلاق الفروسية عند شاعر عبس ، قال عنترة : 

خلقت من الحديد أشدّ قلبا 
وقد بَلي الحديدُ وما بليتُ
 وفي الحرب العوان ولدتُ طفلاً 
ومن لبن المعامع قد سقيتُ 
وإنّي قد شربت دم الأعادي 
بأقحاف الرؤوس وما رويت .....

 بإمكاننا أن نتخيّل ذلك المشهد المخيف حين يشرب عنترة دماء الأعداء بكؤوس ما هي إلا الجماجم !! هذه الصورة الوحشيّة المخيفة لعنترة تصبح أرقّ من الماء وألطف من الهواء حين يذكر محبوبته : ولقد ذكرتُك والرماح نواهلٌ منّي و
ولقد ذكرتُك والرماح نواهلٌ منّي وبِيض الهند تقطر من دمي فوددتُ تقبيل السيوف لأنّها لمعتْ كبارق ثغرك المتبسّم .....
 حين كانت الرماح تشرب من دماء عنترة ، وكانت السيوف البيضاء تتقاطر من دماء عنترة ، كان يتذكّر ثغر حبيبته حين تبتسم ، للحظة ينسى عنترة ما فعلت به السيوف والرماح ، ويهبّ لتقبيلها لا لشيء إلا لأن بياضها الممزوج بالحمرة قد ذكّره بثغر محبوبته!!!!

رجاء احمد



رجاء احمد


  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان