الشعر في مأساتي... فريدة توفيق الجوهري/لبنان

 



الشعر في مأساتي



أنّا التحفنا الفرحَ يبقى عمرُنا
ناياُ حزيناً موجع النغمات
سالت دموعُ الحزن من أرحامنا
أعمارُنا نهلٌ من الغصات
منذ الولادة قد صرخنا خشيةً
في مهدنا ومخافةً من آتي
أرواحُنا نحو الرجاء ضليلةٌ
والأرضُ سيفٌ جائرُ الضربات
وتقول لي محبوبتي وبصوتها
رجفٌ يطال مخارجَ الكلمات
أتحبني ...ماذا تراني أجيبها
والحب يغرقُ في دجى نظراتي
وتلحُّ في طلب الجواب وفاتها
إني أمرُّ بأحلك الأوقات
وتقول..ترنو للبعيد كأنما
قد طالعتك الشمسُ باللكمات
وأراك لستَ معي فأين بريقنا
فالعين دمعٌ تائهُ القطرات
من ذا يشاغلُ في البعيد لنبضةٍ
نبضت بقلبك أنهكت سنواتي
وتقول أخشى من تضاريس الأسى
في قلبك المتعثّر الثيمات
ماذا أردّد والجراحُ على فمي
والآهُ مسلولٌ من الخفقات
ومناسكُ الأحزانِ تغلي في دمي
فبدى اسودادُ القلبِ في كدماتي
أنا قد عشقتك عطر أنفاس الندى
في ضوء صبحٍ عابق النهدات
والضوء يغفو الآن خلف ستائر ال
غيم الذي أمتصّه من ذاتي
يا وردة الأرض التي أحيا بها
مدي يديك ولملمي لفتاتي
لا تجفلي من دمع عينٍ قد همى
وجنوح قلب يمتطي زفراتي
أأجيبها يا ملجأي لا تقنطي
إنّي أراجع في الدنى غصاتي
أنا مذ ولدت أرى البلادَ قضية
تركت لرب الكون في السموات
أجراس قدس كم يحز أنينها
في داخلي لتفيضَ من عبراتي
ويكبر الأقصى ينادي أحمد
ويغص في الآذان والصلوات
وعشقتك الوطن الذي آوي له
والعرب أوطان من النّكبات
من يكره الأوطان إن غدرت بنا
فالأرض حضنُ أمومةّ وثبات
فإذا عصرتُ على الصباح وسادتي
وانساب دمعُ العين في الفجوات
لا تجزعي إنّي تركت مناهلي
تروي جذورَ الآهِ في قنواتي
إني بكيت على العراق وأهلها
رويْتُ ماءَ فراتها عبراتي
أبكي على بغداد من عصفت بها
ريحٌ من الأخطاء والنعرات
فهوت تعانق في الحضيض لطينها
وتمزّقت كم من الشلوات
والجوع أنهك لليمان وشعبها
مذ طالعتها العرب بالنّزوات
غفلت تنام على أنين صغارها
وتمرغت في بؤرة الزلات
فالشعب منتشياً على أحلامه
ترك الطعامَ مخزنا للقات
غرقت شآم في بحور دمارها
يحتاجها ليل من الظّلمات
كلّ الأفاعي أفرغت نابتها
والياسمين معفّر الوجنات
سم تقاطر في القلوب وقد سرى
مفعولُه في غربةّ وشتات
أرض وناء الحمل في أكتافها
فترابها رممٌ من الأموات
ويهزني رجفُ المريض من الحمى
فالنار تلسع جمرها في ذاتي
لبنان في قاع الحضيض لقد هوي
في بؤرة يرنو الظّلام الآتي
وكأن أيدي الطّائفيّة قد بدت
بمخالبِ التضليلِ والغايات
فكمائن الغدر المنظم أشعلت
ناراً تإز الآن في الفلوات
إنّا نهشنا كالذئاب لحومنا
وكأنّنا في عصر دينصورات
من ذا أسمي والعروبة كلها
كتبت قوافي الشعر في مأساتي
ففيالق الدجال تمشي بيننا
وتهدُّ حاضرَنا بكفٍّ عاتي
ماذا ورثت عن البلاد وأهلها
غير الشتات ونهدة الحسرات
فالحب أضحى كالبلاد شتاته
مطرٌ تلحف سدرة الأنات
إنّي رضعت مع الحليب مذلتي
هل أرفع العينين يا مولاتي

الشعر في مأساتي


فريدة توفيق الجوهري/لبنان

ليست هناك تعليقات