ترانيم الفقدان تخيّلات.. دون كيشوت في تجلّيات السّوداويّة عند الشّاعر عماد احمد في بائيّته .. مواجعٌ فيك..بقلم النّاقدة نافلة مرزوق العامر Stella Ra Nch
ترانيم الفقدان تخيّلات.. دون كيشوت في تجلّيات السّوداويّة عند الشّاعر عماد احمد في بائيّته .. مواجعٌ فيك..بقلم النّاقدة نافلة مرزوق العامر
ترانيم الفقدان
تخيّلات دون كيشوت Don Quixote
في تجلّيات السّوداويّة عند "قيصر الحرف" الشّاعر الكبير عماد احمد في بائيّته
****مواجعٌ فيك ...****
بقلم النّاقدة
نافلة مرزوق العامر
لو كان العنوان عصارة وزخم الآتي من الحروف الشّهب فالعصير معاني قانية من كروم الوجع والنّصب ..وجع الضّياع المنعكس في زفرات الحرف.هو ضياع الفحوى واختفاء البوصلة ،يشكو الشاعر ضياع العروبة وانتكاس الشّعر.
لاعجب فالقصيدة تتبع لجانر الشعر الكابوسي وأجواء الملنخوليا وهي وصف لخلجات الشاعر الفكريّة والحسيّة الكئيبة حد اليأس وأكثر فهي وصف لبركان وثورة تختلج وتختمر في نفسه مؤدّيها وضع سياسي قومي محزن ومؤدّاها إنفجار شعري في أفق خيالي ملهِم ومؤثّر شعبيّا وأدبيّا.
لسنا بصدد مقارنة بين العملين وهما قصيدة شاعرنا والرّواية الأهمّ في الأدب الغربي وهي "دون كيشوت" لميغيل سيرفانتس Miguel de Cervantes الأسباني إنمّا هو ما لقيناه من عوامل التّشابة والتّقاطع بينهما للوصول إلى محار المعاني في صدف الأبيات والوقوف على الرّسالة الأدبيّة الشّعرية الوطنيّة التي أراد أن يوصلها لنا الشّاعر الأغرّ.
من سخرية الأقدار أن بعض من النّصوص في عمل الكاتب الأسباني كانت قد وصلته من أعراب المغرب آنذاك كما أسموهم moors ( ومعروف أنه حتى الكاتب نفسه أعلن أن الأحداث معظمها تأليف أديب عربي أسماه سيدي حامد )ومن سخرية القدر أيضا أن العرب قد حكموا شبه الجزيرة الأيبيرية أو الأندلس( أسبانيا الآن) لمدة ثمانية قرون وبنوا فيها حضارة إنسانيّة لا تضاهى وقد طردوا على يد الأسبان سنة١٤٩٢ وقد دار موضوع البحث التّاريخي في دون كيشوت حول مشاعر الشّعب الأسباني حيال فقدان حضارتهم ومعاني الفروسيّة النبيلة وتلاشي مجدهم في انهيار حتمي لا رجوع فيه وها هو شاعرنا النّحرير يتحدّث كما سنثبت لاحقا عن تواري حضارة العرب وتآكل مفهوم العروبة في موقف تاريخي رهيب أضحى التّقهقر فيه حتميّا لا رجعة فيه.
إذا فالقصيدة صوت يبثّ مواجع الشّاعر وآلامه مما يراه ويلمسه وأدا لعزّ العرب عنفوانهم وحتى كرامتهم.
ولكم يذكّرني شاعرنا بقصيدة نزار قباني "متى يعلنون وفاة العرب"
ليس بغائب عن ذاكرة القارئ التّناص التّاريخي الشّعري بين بائيّة ابي تمّام في،" فتح عمّوريّة" وبائيّة البردوني الفذّ "أبو تمّم وعروبة اليوم " رادّا عليه وبائيّة حامل شعلة الشّعر العمودي المعاصر عماد أحمد وشتّان ما بين الباء والباء شتّان ما بين "وامعتصماه" وبين "واعرباه" و"واأسفاه"!!!
شتّان ما بين قول أبي تمّام:
السّيف أصدق أنباء من الكتب
في حدّه الحدّ بين الجّد واللّعب
وقول البردوني:
ما أصدق السّيف إن لم ينضه الكذب
وأكذب السّيف إن لم يصدق الغضب
وقول عماد أحمد
من بين جنبيك كادت كلّها تثب
مواجع فيك إمّا قلت يا عرب
شتّان ما بين تسعون ألف جندي عند أبي تمام يكذّبون كتب التّنجيم ويفتحون بلاد الرّوم قبل نضوج العناقيد في كرم العنب وبين تسعون مليون عربي عند البردوني كما قال"ما بلغوا نضجا وقد نضج الزيتون والعنب "
و مئة مليون عربي وقت عماد أحمد سلالهم"مجّها العنب"
نعم هي كارثة قوميّة وأمّة تتدحرج القهقرى . ونرجع إلى الإيحاء الدّون كيشوتي (لاشعوريّا) ونقول لو كانت النّبرة عند أحمد ودون كيشوت تشاؤميّة لكن الرّوح عندهما قويّة تجذّرت فيها معاني البطولة الإنسانيّة ..ويا للعجب بطولة في سيف محارب وقلم كاتب تُكسّر مرآة الخيال وحتى إرادته لترتسم فيه لوحة أكثر تفاؤليّة وأكثر إيجابيّة عمّا يجب أن يكون، إنها إرادة وفكر مبدع يمتطي قوارب الأدب والشّعر ليصل بنا إلى شواطئ الحياة المثلى المنشودة،ولنقل الجديرة بنا والجديرين بها. سنقرأ عماد أحمد في أبياته لنرى بالبرهان الحرفي ما قد إدّعيناه آنفا.
في القصيدة طرح الشّاعر الموضوع في تركيبة تصعيديّة حتى البيت الثّالث عشر فيقول :
من بينِ جنْبَيْك.. كادَتْ كلُّها تَثِبُ
مواجِعٌ فيك إِمّا قلتَ ياعَرَبُ
إذا فإنّها أزمة crisis والأزمة قوميّة !هي وجع من قول كلمة" يا عرب" بمعنى آخر هي سياسيّة فكريّة تعلن إنهيار العروبة وهو القائل:
كأَنَّني وجراحِي النّازفاتُ دماً
أيْقظْتُ من صمتِها ما يُوقِظُ الغَضَبُ
فهو موجوع وجراحه صامتة تنزف غضبا وما كان صمت المواجع ليوقفه ويتابع الشّاعر في تصعيد الموقف ويشكو لأبن السّعيد وهو البردوني هنا حاضر كرمز تاريخي شعري باعث لمعاني العزّة العربيّة والأصالة ورمز الحالة والغاية القوميّة المثلى التي يصبو إليها قلب الشّاعر فيقول:
يابنَ السعيد وعذراً لو نَبا قلَمِي
فإنَّهُ بالزعافِ المُرِّ يكْتَتِبُ
حنين للماضي ووصف لمرارة ما وصلت إليه أمتنا من بؤس فالقلم ماؤه سمّ والحرف طعمه مرّ ويشكو مستطردا
دعنِي فقد أَرَّقَ الخذلانُ قافيَتِي
حتّى شكَكْتُ بمَنْ قد أَعقَبَ النَسَبُ
ينخرط الشّاعر بكيانه وكل ما فيه من حسّ وفكر وحماس في واقع أمّته فيصطحبه تراجعها في لياليه ويؤرّق الخذلان حتى قافيته ليبلغ بسوداويّته مستوى الشّك والتّشكيك في النّسب وهو قمّة فقدان الثّقة والإنفصام عن الواقع فهو يكاد لا يصدّق ما يراه ويلمسه من انحدار سياسي واجتماعي ويعزو ذلك إلى اعتلال النّسب وهو مرة أخرى تجلّي السّوداويّة في ذرى التّشاؤم والخذلان !!ولا بدّ أن نقف هنا على نقطة غاية في الأهميّة وهي رسالة الشّاعر والشّعر فشاعرنا الملتزم ،كما نرى في كل نفس من أنفاس قصيده القديم الفاخر عروضيّا هو هو الملتزم وجوديّا بقضايا شعبه فقد سخر قلمه وقافيته لخدمة قضايا مجتمعه فهما في وجع وأرق من أحزانه وانكساراته وهما صوت الذّاكرة الباقي في النّفس أبدا ها هو يقول:
دعنِي أُلَمْلِمُ أَسْمالِي وذاكرَتِي
خوفاً على درِّها المكنونِ يُسْتَلَبُ
إنها حسرات الفقدان لكنها الدّون كيشوتيّة وخيال الشّاعر الفارس الباحث في الذاكرة عن درّ حضاري مكنون لملمة وتجميعا وتخزينا خشية عليه من الضّياع نعم انه المفكر في خدمة آثار وكنوز التّاريخ فالدّائرة لا بد تدور ونواعير المجد تصول وتجول والرّجوع للسؤدد وارد ومورود ليس بعجيب أن طاحونة دون كيشوت وإن لم تكن وحوشا ضارية كما تخيلها الفونسو الفارس هي هي اللّحظة التّاريخية التي سيسترجها ضمير وخيال الشّاعر ويخزنها ثروة للأجيال من مساحاتها يحتطب وقود الإستمرار بإرادة وعناد لا يلينان.نعم هو تصعيد للحالة النّفسية التي يمرّ فيها الشّاعر فهو يلوم ويوبّخ أمّته على ما آلت إليه من حالة معيشيّة مزرية فيقول:
ما عادَ يُجْديك تاريخٌ تلوكُ بهِ
ما ينفعُ الرأْسُ لوما قُدِّمَ الذَنَبُ
ربما هنا إيحاء لقول البردوني "يلوك الحنايا ولم يشبع...ما أرخص الإنسان في بلدي" وهو هنا من المؤكد تحذير من العيش على وهم عظمة الماضي إنّه تثريب لوم وتقريع أيضا وهي الساتيرا اللّازمة والملزمة لكل وصف لهكذا حالة .شاعرنا يعتقد بأن التّاريخ وحده لا يكفي والبكاء على الأطلال ما عاد يجدي كما لا ينفع أيضا الإجترار والإغترار الأجوف والقيادة الفاسدة وتقديم الذّنب.يتحفنا الشّاعر بفكر سياسي لو نهلت من جداوله المؤسّسات القائمة لكان وضعنا أفضل حال عمّا هو حاضر.يتابع الشّاعر في وصف الرّقاد والرّكود الحضاري ويقول بنبرة أكثر شدّة وتأثيرا:
ماذا أقولُ.. أَيَكْفي أَنْ أقولَ لكم
إِنّا بِأَضلاعِ هذا الصدرِ نحْتَطِبُ
تساؤل حادّ اللّهجة يصف فداحة الحالة والألم .ألم ألمّ بصدر وكوى أضلاعه فنحن العرب:
مُغَلَّبون.. حَيارى.. مُثْخَنونَ أَسىً
مُهَجَّرونَ بجوفِ الليلِ ننتَحِبُ
توصيف وشرح صادق واقعي لحضارة تعيش ظلمة الزّمن صار نهارها الذي أضاءت به العالم وغمرته حضارة وعلما وتقدما ليلا بهيما فردُها مشرّد مهجّر في العالم فاقد كرامته يبكي كالطفل في ليالي الغربة لا بل:
مُفَجَّعون.. سِياطُ الأَهلِ تلسَعُهُم
والأرضُ من تحتِهِم تغلِي وتلتَهِبُ
تصعيد في التّصوير والوصف البليغ فالأهل مقتتلون سياطهم تنفث لهيب تغلي منه الأرض تحت الأقدام نعم هذا هو الوصف الدّقيق الحقيقي لما يشعر به العربي في زماننا المشؤوم هذا.الأمة متشرذمة والحاكم نائم إلّا عن شهواته والحكومات ظلمة وظلم وأما ضياع الهويّة فحدّث ولا حرج
ويحضرني هنا قول نزار:
"رأيت العروبة معروضة في مزاد الأثاث القديم
ولكنني ما رأيت العرب..،"
كيف نراهم وشاعرنا الأريب يقول:
نهِيمُ والموحِشاتُ السودِ تطحَنُنا
وغصَّةٌ في حنايا الروح تنْتَشِبُ
نعم هي غصّات وآهات تقضم شغاف الرّوح تجعل الشّاعر يلوذ بابن السّعيد مرّة اخرى شاكيا باكيا مرارة أحاسيسه :
يابنَ السعيد شديداتٌ نَزَلْنَ بِنا
من بعضِها قلبُكَ الموجوعُ ينْشَعِبُ
من شِدَّةِ العَصفِ مالَتْ كلُّ أَشْرِعَتي
واجتاحَ كلَّ قِلاعي سَيْلُها اللَجِبُ
مفردات ولغة قمّة في الجمال لصدقها ودقّتها في الوصف فالشّاعر الحق يعلم أية كلمة ينتخب حين ينتحب وأية كلمة يختار كيلا نحتار في الفهم.
لقد اختار الشّاعر صورة البحر الهائج والأشرعة المشرعة لشراسة الرّيح لكنه في قلاع القصيد يجتاحها السّيل الشّديد وتبقى القلاع قلاع،، يستطرد شاعرنا في الوصف فيقول:
عشرونَ مرَّتْ ونوْحِي نوْحُ ثاكِلَةٍ
بحرقَةٍ.. بالتِياعِ الفَقْدِ تَنْتَقِبُ
شاعرنا يؤرخ أحداثا سياسيّة مرّ بها وطننا العراق أحداث هي تداعيات لمؤامرات أجنبيّة وعربيّة سعت إلى تقسيم الوطن بغية إضعافه ليكون فريسة سهلة تحت أنياب الأطماع الغربية إنه الشّعور بالفقد وتوابعه فالإستعارة فاخرة ساحرة فيها إجتماع الأضداد حيث المجرّد يفسّر شعورا ملموسا حيث العري يدثر الفقدان وكلاهما مفاهيم أثيريّة كذلك نرى المجرّد يوهمنا بملموس حيث العراء يتدثّر بعراء .وهنا تكمن عبقريّة الشّاعر الملتزم في تحديد الصّورة والعبارة ببلاغة وفصاحة عتيقتين وبنكهة جمال معتّق في روح الشّاعر المحدث.كلما تقدّمنا في القصيدة نشعر بارتقاء في السّبك معنى ومبنى فها هنا تصل القصيدة ذروتها التّعبيريّة والفكريّة :
فأَنتَ بينَ بقاءٍ لا بقاءَ لهُ
وبينَ شَدِّ رحالِ البَيْنِ تغْتَرِبُ
يخاطب الشّاعر نفسه والقارئ والبردوني والعربي عامة ويصور الفرد العربي بالضّائع الهويّة الكائن دون عيش أي في كينونة جسديّة دون معنى وغاية روحانيّة معنويّة فهو موجود وغير موجود صاحب الأرض المشرّد، نعم هو بقاء بلا بقاء هو سوداويّة مطبقة لا تكذّب الواقع قيد أنملة وتطابقه تماما والدليل أنظر كيف تشتّت العرب في المعمورة وهل هذا بقاء وهل بقيت له هويّة؟
هنا يصل الشّاعر الى الفجوةsplit فالواقع جنوني والعربي لا يميّز بين بقاء جغرافي وبقاء عقائدي هي الإنفصاميّة(شيزوفرينيا)التي وصلها دون كيشوت الحالم بمعنى يحلم ويهذي ذلك حين تخيّل طاحونة الهواء(رمز التّجدد والحياة والإستمراريّة) وحشا كاسرا هنا التّداخل ما بين الخيال والواقع الجنون والمنطق الوجود واللّا وجود هذه هي ماساة العرب في فقدان الهويّة والثّمن هو الغربة في الوطن ،يتابع شاعرنا الفذّ مخاطبته لابن سعيد البردوني وهو عزاؤه في دنيا الشّعر وملاذه حين الهروب من الواقع والحقائق المرّة، شاكيا (طبعا في تصاعد حدة الشكوى في كل مرة)رداءة الأحوال وهي ما اختلفت عن رداءتها في أحداث اليمن عندما كتب البردوني قصيدته شاكيا لأبي تمّام هزيمة العروبة واندثار مجدها فيقول شاعرنا أحمد:
يابنَ السعيد يقيناً قد نكَأْتُ بكم
جُرحاً لِمِلحِ دموعٍ منك يصطَحِبُ
فقد أَرانِي وما في جعبَتِي أَمَلٌ
ونافثاتُ صدورٍ فِيَّ تصطَخِبُ
يصعّد الشّاعر مشاعر الخيبة فيقول بأنه فاقد الأمل في تحسّن الأوضاع وتأتي الإستعارة القانية القاتمة فيها استوى العنب وهو عنب لمّا نضج قبل فتح المعتصم عمّورية ونضج قبل نضج الفكر العربي في البردوني، وهو تند عماد أحمد عنب لفظ سلال الفكر بمعنى ما عادت القصائد بمقاس غضبه وما عاد الكلام يعبّر عما يغلي فيه من غيظ فهو الآن تعدى مرحلة الإستواء وما استوى وضع العرب!! فالشّاعر يقول:
ما قُلْتُ ياعُرْبُ ما رَصَّفْتُ قافِيَتي
لأَنَّ كلَّ سِلالِي مَجَّها العِنَبُ
يلجأ إلى السّاتيرا والتّقريع وهو أنسب ما يتّبع من أسلوب في هكذا وضع إنه التّهكم الذي يضاعف جرعة الضّوء لفكرة ما فتبرز كومضة سيف وقلم لا تترك ذاكرة القارئ إلا وأجبرته على التّفكير بها شعوريّا او لا شعوريّا.
هذا هو سلاح الشّاعر في إيصال أكبر منسوب من التّوعية في أحدِّ أسلوب من أساليب الكتابة.يستطرد الشّاعر في وصف أزمته أو بليته فيصف خارطة الوطن،خارطة فكر الشّاعر فيقول:
طاحَتْ بأَركانِها أرجاءُ خارِطَتي
ولسْتُ أَسْمعُ إلّا ما تَشِي الخُطَبُ
خارطة الوطن كلها مآسي وفتن حروب ومحن والواقع رهن المزيّف والتّزييف لكنه الشّاعر:
ما اهْتَزَّ منّي يقينٌ في قوادِمِها
لكنَّها في الخَوافي عاثَتِ الرِيَبُ
فالسَيفُ والقلَمُ المَكْبوتُ أُحجِيَةٌ
في طَيِّها يستقيلُ الوَهْمُ والكَذِبُ
شاعرنا واثق من قلمه ومتيقّن من قدراته في التّعليم والتّصحيح وكشف الحقائق وهنا نرجع إلى الوهم والكذب فنقول وإن كان دون كيشوت متخيّلا وحتى منفصم الشّخصيّة إلّا أنه أبدى روح المكافح المثابر الذّكي الذي يبحث عن جوهر الفروسيّة المفقود وهو يقدّر الشّعر والأدب فيجعل من الأدب شخصيّة ملهمة قادرة على تغيير النّفوس والتّأثير في الواقع كذلك شاعرنا أحمد ها هنا يطوي في بقلمه الوهم والكذب فيتجلّى من تخيّلات الشّعر واقع مغاير مؤثّر ومسؤول ربما تتغير من بلاغته وفكره العرب.. يا لفخامة النّصر القلمي كيف من خلاله قد حوّل شاعرنا الفقدان إلى ترنيمة بقاء وتبديد للأوهام والإفتراء كما حوّل الأغريقي مأساته إلى لحن بقاء في خلق شعور بالإنتشاء والتّعالي على الجراح والأقدار وتنوير بصائر البشر. هو تلميح للشّعر الرّمزي ووظيفته في حمل معاني الحياة وشحنها في لغز القصيد لتصل إلى القارئ النّبيه وهل أنبل وأقوى من حرف يقتل الزّيف والبهتان في زمن كبتت فيه أفكار الإنسان!!
نعم لقد أعاد دون كيشوت في رحلاته الخياليّة روح الفروسيّة وأعاد عماد روح العروبة المنسيّة
التعليقات على الموضوع