ألحَرفُ الكريستَاليُّ...رحلة في كواليس النّسيب والإعجاز الشّيحاني قراءةٌ بقلم نافلة مرزوق العامر

 

ألحَرفُ الكريستَاليُّ...رحلة في كواليس النّسيب  والإعجاز الشّيحاني   قراءةٌ  بقلم  نافلة مرزوق العامر

ألحَرفُ الكريستَاليُّ


رحلة في كواليس النّسيب  والإعجاز الشّيحاني 

قراءةٌ

بقلم

نافلة مرزوق العامر

في رائعة 

"دار مَن أهوى.."

لشيحان القصيد

الشّاعر الكبير

▪️هيثم محمد النسور


هي نظرة في في الحرف الكريستالي أو البلّوري الرّقراق حيث تركيبة البلّور في انتظام جزيئاته الخاص الذي  يعطيه قيمة وشكلا وصلابة تفوق وتميز به عن غيره   وهي هي تبرز شعريّا في تركيبة الحرف  الرّقراق الشّفاف  الرّائق العميق  المتجلّي في  التّميّز  التّعبيري الكلامي التّصويري والإيقاعي في شعر المعاصرة عند شيحان القصيد الشاعر هيثم النسور  التركيبة التي تميزه عن غيره وتصبغه بشخصية إبداعية فذّة متفرّدة في ميدان الشّعر العمودي الأصيل. 

سنرى كيف وباحترافيّة استثنائيّة قد أثبت لنا الشّاعر    نظرة  الكاتب الشّاعر والنّاقد العالمي الهام  تي. إس. اليوتT.S.Eliot فيما يخصّ فرعين  مهمين في تركيبة القصيد ألا وهما:

١-  العامل الشّخصيpersonal ويعني به عناية الشّاعر في إظهار مشاعره وميوله نزعاته وأحاسيسه 

 ١-العامّل غير الشّخصيّimpersonal وهو هنا عناية الشّاعر في حمل التّقاليد السّالفة وتجميع التّجربة والحكمة الإنسانيتين المتراكميتين عبر التّاريخ ودمجها في القصيد بجانب بصمته  حكمته وتجربته الشّخصية وهو أمر ها هنا عند هيثم غاية في الأهمية كونه شاعر العمودي حتى النّخاع حامل راية وعبق الماضي في صدره وصدر أشعاره.

كل ما ذكر  قد تجلّى كما سنرى في كل بيت من أبيات القصيد فها هو مستهلّا  ذلك في العنوان وهو:

"دار من اهوى"

أنظروا  ملامح الإحساس الدّاخلي الشّخصي لرجل يصف حالته كعاشق  يذكر  بيت الحبيبة وانظروا أيضا تناصّ الذِّكر والذّكرى فها هو يوقظ فينا ذكرى "ذي القروح" إمرؤ القيس وهو القائل في لاميّته:

قفا بنا نبكي

الآن ما هو الإعجاز الشّعري الذي عنيته .؟ إنه  وجود شعر متناسل من زمن العذريّ العتيق مع  لمسة شعوريّة شعريّة معاصرة  واقعية متجدّدة الوقع على نبض وفكر القارئ فكأنّه يقرأ زمنين في زمن دون  الشّعور بتغيير في لغة وحسّ الحرف لكن بشعور ووعي تام أنّ هذا الشّعر ينتمي  بكل واقعيّة وصدق للحاضر المتواجد بين أيدينا.

سادتي هذا هو الشّاعر المحدث المعاصر سليل الماضي الماضي قُدما .لنرى  الأول  في الأبيات وهو الأجمل برأيي:


أَلا يـانـَسـيـمَ الصُبـحِ بلِّـغ سَـلامِيا

إِلى دارِ مَن أَهوى، وصَحبي الغوالي


نداء برقّة  ورفقة النّسيم ،ونرجع إلى عناصر الطّبيعة ونرجع الي الشّعر الرّومانسي والى ووردزوورث Wordsworth في تعريفه لروح الشّاعر بأنّها " more comprehensive soul" , أي  روح أكثر إدراكا من غيرها! نعم برأي الإنجليزي أن  شخصية الشّاعر تختلف عن غيرها بتفوّقها في الإدراك وامتلاكها الحساسيّة المفرطة والحماس  والهويّة الرّقيقة  المترقرقة كموجات النّسيم  هي أيضا وإلى ذلك  تتميّز عن غيرها بالعنفوان والقوة  والصلابة معرفيّا كونها تكتسب حكمة السنين والمعرفة العميقة بالطّبيعة البشريّة فالشّاعر رجل في أفق الحكمة والإرشاد  ،حيث هو "فرد "يخاطب ويواجه ويوجّه "مجموعة" نعم إنّها معادلة الشّعر في أرقى تجلّياته  وتحليقاته في ذرى  العطاء الإنساني الفكري  المتحضّر.

شيحان يخاطب النسيم لأن النّسيم من الرّيح والرّيح من الرّوح أثيرا فالرّسالة روحانيّة عذريّة لروح المعشوقة بل  ولدارها! ليت شعري.. كيف يأنسن الشّاعر حتى حجر الأحباب والغوالي!!إنه جو يوحي بهالة البلّور يلمس شغاف النفس  ويقبضها إعجابا إلى لا فرار..


هذه القصيدة هي شعر في الأطلال يحدِّثُ الأطلالَ ويحدِث التّجديد في التّكرار  حيث المشهد قابع منذ القدم لكنّ التغيير في الأشمخاص والنّفوس والحديث آنيّ موغل في الحاضر!!  هنا شخصنة للجماد واستنطاق  للطّبيعة الخرساءأوليس هذا إعجاز تعبيريّ بليغ! أوليس بإعجاز إيقاعي لحني مؤنس للرّوح حتى الهيمان!!

.يستطرد الشّاعر في الحديث حتى البيت الخامس واصفا أحاسيسه نحو المعشوقة في رسالته مع النّسيم فيقول:


وعُـجَّ بِـربـعٍ أَتـلَـفَ الـقَلـبَ وجـدُهّ

وأَبـلـغْـهُ أَنِّـي لـسـت لـلـودِّ سـالـِيا


خُـفُـوقٌ بِـقـلـبـي أَمْ بـلاءٌ أَصابَـنِي

سَـلِ الوجدَ عنِّي كيفَ أَصبح حَالِيا


خلَوتُ بـإِلـفِ الروحِ مـامِنْ عَواذِلٍ

وطُـهـرُ عَـفـافي بيننا صـار قاضِيا


انظروا اللغة المدهشة في البيت الثّاني كيف يحييها في فعل "عجّ "ويتلوه "بربع" لتمام اللّحن الداخلي ويضيف بمهارة قرضٍ إستعارة "التّلف" من  آلام الوجد.. إنه التّبلور الفذّ في المعاني والبلورة في دمج اللّغة  الرّاقية الصّافيةبالمشهد  واللّحن هذا هو الحرف البلّوري الذي لا يكسره شكّ في كمال الجمال وبطش السحر ولا يشوبه كدر في التّوضيح والنّطق ،

كريستاليّ محض متماسك الأركان مطرب الرّنة.

لا بل وأكثر   حيث يسكرنا هيثم في البيت الثّالث في شطحة حرفيّة مثملة على بساط السّبك المتقن الماهر لشاعر متمكن من أدواته حيث يبدأ "بالمصدر " في كلمة "خفوق" الهفهافة ليصدر لوعة تقطع نياط الجنان وتوسّل للحنان لحال رجل ابتلي بوجد لا يرحم وجد أوجده طهر وعفاف ومازوخية صريحة حيث يقبل العاشق بإتلاف قلبه من توق لروح دونها والموت.الموت لأنه اختلى بأليف في محراب الطّهر وأنّى له الإلتقاء فالعفّة كانت قاضيا  وبالفراق قد قضت. هي أخلاقيّات الطّرفين الملزمة  بالعفّة والنظّم العائلية والإجتماعيّة   ما باعد بين الأثنين بقبول ورضى وقناعة من كليهما كما قال لاحقا على لسان المحبوبة(وذلك من البيت الخامس حتى الثّامن عشر):


أَشارَت على استِحياءَ في طَرفِ عينها

مـخـافَـةَ نَــمَّـامٍ يَــقَــصُّ لـواشِـيـا


وقـالت تَـنَحَّ يا ابنَ عَمِّي فإِخوتي

وبَعلي كأُسْـدِ الغاب هاهُـم ورائِـيا


فـإِنِّي وأَدتُ الحُبَّ قَصدي أَصونُهُ

ومـا كـان قـلبي للمُـجـافـاةِ نـاوِيـا    


فـوارَيــتُــه بـيـن الأَضـالــِعِ آمِــنًــا

جِــوارَ فــؤادٍ أَتـلـفَــتـهَ الـمَـآسِــيـا


أَلا يـابـنَ عَـمّي ليـس للدهـرِ مَأمَنٌ

سـَتُـنـبـِئُـك الأَيَّـامُ مـا قد جرى لِيا


تَــمـلَــكَـنـي زوجٌ، فــهَــلَّا أَخـونُــهُ

وهـل أَنـت مِـمَّـنْ يَـقـبـلون بَـغائِيا


سَـأَحفَـظُ ميـثـاقًـا غَـلـيظًا قطعتُه

أَكـونُ لـه نِـعـمَ الـعـشـيـر الـمُوالِيا


إِزاري سِـمالٌ بـعد أَن كـان سُندُسًا

وأَجحَـفَـنـي بـالكَيدِ سُخطًا زمانِيا


أَلا لـيـت مَـنْ أَغـوى وفَـرَّقَ بـيـننا

تُـجـازيـه طـارِقَـةٌ تُـهِـدُّ الرواسِـيـا


فَيا مُـتلِفي قرَّحتَ للنَّفـسِ جُرحَها

وهَـيَّـجـت أَشواقي لعَهدِ التَّصابِيا


إِذا نـكَـثَ الـمـيثاقَ أَهلي وأَخلَفوا

فـعَـهـدُكِ فـي قلـبي مُصانٌ وباقِيا


خَشيتُ على نَفسي إِذا طالَ بُعدكُم

فلـيـس لها من دون وَصلِكَ شافِيا


يَؤجُّ سـعيرُ الشَّوق ما بين أَضلُعي

إِذا مـاخَـيـالُكَ فـي الـرقـادِ بَدا لِيا


فلا تُطِعِ الأَلحاظَ في شُرعةِ الهَوى

مُحالٌ بأَن نُرضي نَصوحًا ولاحِـيا


نعم  فهو قصيد فيه"يؤج سعير الشوق "بين الأضلع كما شكت المفارقة وهو قصيد  اللّاعج والهوى المحرق جراء الفراق  يستحر؟ في القلب ولا يبرحه حتى تهلكه التّباريح واللّوعات فالقدر يصبّ جام قسوته في قوالب عبوسه في أزمة عشق  مضنية للعشّاق منهكة لنفوسهم حيث  المعشوقة  متزوجة وفي خشية من زوجها وأهلها فهي بين نارين نار عشقها ونار وفائها لكن أيضا  هنا عفّتها وتعفّفها  هما القاضي الذي سيمنعها عن الخنا والزلل.ها هي تخاطب العاشق بكل نقاء أمرأة وإخلاص في سؤال استنكاري جوابه واضح كصفاء الكريستال وذلك في البيت العاشر حيث تسأله:

"تملّكني زوج ،فهلّا أخونه"!!

فهي كما نصحت ابن عمّها في البيت الثامن عشر:

"لا تطع شرعة الهوى "في الغواية لانه محال أن نرضي   نصوحا ولاحيا...نعم فقد كانت قالت في البيت السّابع أنها و(أدت الحبّ لتصونه)..كمن يخبّئ كنزا ليحفظه ..فالعشق عندها قيمة لا جسد وسرّ مصان في القلب وهو عندها أيضا مازوخيّة العاشقة التي تحتمل تقرّح النّفس وسعير شوق  يحرق القلب..ولسخرية القدر هو أيضا لقاء في المنام فيه الشّفاء !!هذا الشّعر المشتعل فتنة في التّعبير وذروة في التّوصيف يتبلور على نيران الحرف النّاري الصّلب كزجاج على نيران موقد... 

قال أحدهم  بما معناه ان الشّعر هو ليس التّنفيس عن المشاعر بل الهروب منها وهذا جليّ صريح في أقوال المعشوقة على سطور النّسيب والشّعر العذري الشّريف وقد لا نبالغ إن قلنا أنّ الشّاعر وعلى لسان المرأة قد هرب من أحاسيسه وتخلّص منها حين سطّرها تركيبة لغويٍّة معنويٍّة في قصيد يرمز الى الحب والشّعر والحياة بل إلى قيمتهم القصوى وكرامتهم وهو أسمى غاية وجد من أجلها الإبداع بكل أنواعه على الإطلاق.

اذا فشاعرنا في حرفه البلّوري الكريستالي الثّلاثي الأبعاد من حيث كلامه تصويره ولحنه قد تعربش على بعد رابع نشعره ويخاطب عقولنا في حكمة إنسانية أوجزت في موقف معشوقة تقرّحت مهجتها من الهيام والوجد  وما لانت روحها ولا انكسرت لشهواتها ولا خنعت لانحراف ذلك من أجل وجود كريم تأبى فيه المرأة على نفسها خيانة لزوج وأهل ولو كان الثّمن أن تقاسي ما تقاسي في هذا السّبيل.إذا فشاعرنا في رسالته النّسيميّة يتعرض لأهم   وأخطر قضايا  إجتماعيّة  عاطفيّة أدبيّة متجذرة في صلب الوجود الإنساني  كقضيّة تفضيل المنطق والعقل على الحسّ والعاطفة .تقصّ المبتلية في الأبيات أعلاه  قصتها في بلاغة وفصاحة قلّما نجدها فشاعرنا قبطان في سفن المجاز وقناص في ميدان الأستعارات أنظروا قوله:

"فيا متلفي قرحت للنّفس جرحها "

هو تلف روحيّ تلف وتقريح في جرح النّفس وإنّه أقصي ما يبلغه شاعر في وصف فداحة وشدة وصعوبة الإحساس.

وانظروا قولها "إذا ما خيالك في الرقاد بدا ليّا"

حرف يلوي القلب ليّا كبريق البلّور  حين يلوي الحسّ ليّا برقة فيقتنصه ويغرقه في محيط من المتعة والنشوى.

من البيت الثّامن عشر حتى الأخير يجدّد الشّاعر عهدا ويتجلّى الموقف العامّ وغير الشّخصي للشّاعر في أجمل ما يكون من إحياء تراث شعريّ في الغزل متأزّرا بملامح المعاصرة ورموز الماضي  ويتأجّج اللّمعان الكريستالي المتكوّن من روح شاعر ينتزع نفسه وقلبه ويسكنهما سطره وقصيده لعله يرتاح من معاناته المضاعفة  معاناة العشق ومعاناة المخاض الابداعي لكن هيهات وهو القائل في البيت الأخير:

أني قد بليت بحسرة وشجو

الشّاعر مبتلى بحسرة الفراق وحسرة الثّقة

فهو أبدا في بحث عن الأفضل والأكمل في الشّعر كما العاشق المحروم أبدا في بحث عن صورة وديار الحبيب الغائب هكذا هو الشّاعر النّاضح فهو لنفسه ناصح وعن مشاعره فاصح ونقصه فاضح فالشّعر الحقيقي هو الكمال في اللّاكمال وهو محور  ودائرة  اختيال الجمال والألق.ومن هذا المعنى ينطلق الشّاعر حتى البيت الأخير واصفا مهمته  والغاية  فهو:

 

وفـاتـِنَـتي مَـن لا أُشِـيـعُ بِـذكـرِهـا

وهبـت لها روحي وقلـبي سَواسِيا


 لن يتحدث عنها علنا بعد الآن 

لن يشيع ذكرها سيهبها كل كيانه  وهي  هي ذاتها القصيدة ها هنا فهي:


رَخـيـمَـةُ صـوتٍ كالبَـلابـِلِ ، بـَعدهُ

لعَمـرُكَ لم أَطـرَب بِـوِرقٍ شَـدا لـِيـا


يعني بالبلابل حروفه رخيمة اللّحن  مطربة الحسّ فصفات القصيدة كصفات الحبيبة فهما:


كخُودٍ بـِخَـيـلاءٍ تَـمـيسُ بِخَصرِهـا

فَـمـا للخُـصورِ الفـاتـِنـاتِ ومـالِـيـا


مختالتان مائستان فاتنتان..يا للدّمج الرّهيب بين معاني الوجود في صفات المرأة والقصيد فكأنّ الشّاعر ينبئنا بأنّ المرأة هي القصيدة والقصيدة هي المرأة..وأين نجد في الكتب نظرة تفوق ما عبّر عنه شاعرنا المحدث رقيا وتحضّرا 

هذا هو السّاعر المجدّد الذي ينقل واقعه الحالي على موجات الصّوت الماضي البعيد القادم من نفق الشّعر الأصيل..فهو يدمج عالمين في لوحة واحدة متكاملة العناصر صحّيّة الملامح شافية للجوارح بمعنى أنّ في سلاستها شكلا ومعنى سهولة في التّلقي والقبول عند القارئ.  ويتابع شاعرنا واصفا موقفه من المعشوقة وتعريفه الشّخصي لمعنى الهوى..وتكون الذّروة في قوله:

ولولا الهوى العذري أخمدت ناريا

إذا فنقطة الضّعف تحوّلت إلى نقطة القوّة ..ومن الدّاء دواء ،كما قالوا..

ونرجع إلى القصيد ودوره في الحياة لنجد أن في  النّسيب من الشّعر   حكم ودروس للمجتمع فالشّعر ليس تنفيس عن الحياة بل خلق للحياة أيضا. فها هو يقول:


سأُعرضُ عن فُحشِ المُجونِ يَصُدُّني

حَـياءٌ، يـَقيني من فُجورِ المعاصِيا

 

أَيا ابنـةَ عَـمٍّ شارِسُ العُسرِ مَسَّني

وقـلبيَ من لَهـفي لـوَصـلكِ صادِيا


خَطَرتِ فولَّت في السَـماءِ بُدورُها

وأَجـلى مُـحـيَّـاكِ حُلـوكَ الدَّواجِيا


وحَسبُكِ أَني لستُ مِمَّن سَعَوا إِلى

خُصومَـةِ ذي القُربى ولست مُجافِيا


فَـلَا تَـشـتـكي الأَيَّامَ، تَـبًّـا لـحَيفِـها

تَغالَت علينا فـي الخُـطوبٍ تَـوالِيا


بفَضلِ اعتِصامي في وَقاري وعِفَّتي

إِبائي منَ الفَحشاءِ والعـارِ نـاجِـيـا


ظَـمـِئـتُ ولكـن مـاوَِردت  لـِثَغـرِها

ولولا الهوى العُذريُّ، أَخمَدتُ ناريا


ومن حَـسدٍ لمَّا لَـفى صَوبَ مَخدَعي

عـيـونُ الثُـريـَّا في عُبـوسٍ رَوانِيا


فهَـلَّت جُفـونُ العين دَمعًا لتَـرتَوي

خُـزامى تـُنـادِمُـها زهـورُ الأَقـاحِيا


من الدَمـع وردَ الوجنـتَين سَـقيتُهُ

عَـجـِبـتُ لـِزهـرِ الخَدِّ ما زال ذاوِيا


لِحاظُكِ تَرميِ في سِهامٍ تـَنوشُني

تُـقـرِّحُ مايُعـيِّي الطَبـيـبَ المُداوِيا


ورِفقًا بِمَن قد أَنهَك الوَجدُ جِسمَه

فقـد بـلغَت روحي شَـفيـرَ التَّراقِيا


أَيـا وَيـحَ سَعدي ماحَظيتُ بِرشفَةٍ

من الشهد فيـها بَـلسَمي وشِـفائِـيا


فـإِن دارت الأَيَّـامُ وارتَــدَّ صَـفوُها

سَـأَنـهلُ ريقًا من لَمى الثَغرِ صافِيا


وأَبقى على عَهدي المُصانِ  بِمهجَتي

ويَصرفُ عَـنَّا اللـَّهُ كـَربَ الدَّواهِيـا


فـَواللـَّهِ إِنـِّي قـد بُـليـتُ بِـحَـسـرةٍ

وشَجوٍ، فشابَت من أَساها النَّواصِيا

دستور فكريّ أخلاقي وطرح لمنهج حياة راقي في زخات

مطر من تعابير الشّجن وأوصاف اللّوعة والتّمنع ونغمات الشّدو المنعشة في معاني العفاف والطّهر لو أنّها ما كانت مطبوعة في نفس الشّاعر لما أتقن رسمها على السّطر.

كنّا في كواليس الجمال والإعجاز الشّعري حيث حلّقنا في عوالم من الرّقي والرّوحانيات أودت بنا إلى عبقر حيث يسكن للشّعر جان ...تقمّصه حرف شيحان


 نافلة مرزوق العامر

ليست هناك تعليقات