عَمَّانُ.. غزَل في وطن...هيثم محمد النسور
عَمَّانُ..غزَل في وطن..
أَرهَـقْـتَ جَفـني بطـولِ السُهدِ والأَرقِ
قُـلْ لِـي أَمِـنْ صَـلـدٍ أُنـشِئـتَ أَمْ عَلَقِ؟
يَـا سَـاكـنًـا فِـي فُـؤادٍ كَــادَ يُـتـلِــفُــه
هَـوَاكَ مِـنْ لَـوعَـةِ الْآهَـاتِ وَالْــحُــرَقِ
مَـا كَـانَ أَغـنَـاكِ يَـانَـفْـسِـي لِـتـفتَتني
فِـيْ شَـادِنٍ صَـادَتِ الْمُلْتَاعَ فِـي رَبَـقِ
كَـمـثـل يـوسُـفَ فِـي إِشـرَاقِ طَـلعتِها
إذ زَيَّـنَـتْ جِـيـدَهَـا بِـالْـحِـلِّيِ وَالْحَلَقِ
زَهـرَاءُ خَــدٍّ، وَوَجــهٌ مُــقــمــرٌ وَبِــهـا
سِـحـرٌ تَـدرَّع فِـيـهِ الْـمِـسـكُ بِِـالـعَـبَقِ
كَـالْـبَدرِ عَسعَسَ عَنهُ اللَّيلُ حين بَدَتْ
كَـأَنَّـهَـا نَـجـمَـةُ الْإِصـبَـاحِ فِـي الأُفُــقِ
نَــضَـارةٌ وَصَـبـوحُ الـخَـدِّ قَـدْ جُـمِـعـا
مَـع الـذَّوَائِـبِ، كَـالْأَقــمَــارِ وَالْـغَـسَـقِ
رمَـتْ فُـؤَادِي بِـسَـهــمٍ مَـابــهِ جَــنَـفٌ
مِـن لَـحـظِ سَـاحِـرةٍ فـتَّـانَـةِ الـحَـدَقِ
تَـخـتَـالُ مـثـل غَـزَالٍ مَـاسَ فِـي وَلـهٍ
وَطَـرفُـهَـا مِن صُروفِ الـنَـازِلاتِ يَقِي
قُـطـوفُـهَـا مِـنْ شَـغَـافِ الْـقَـلْبِ دانِيةٌ
وَالْجَـنِـي تَـلـتَـذُّ فِـيْـهِ النَّفسُ إِنْ تَذُقِ
ظـلالُـهـا رَغـمَ حَـرِّ الـشَّـمـسِ وَارِفَــةٌ
لِـمَـنْ يُـعَـانِـي مِـن الْإِعـيَـاءِ وَالْـرَهَــقِ
يَـنـسَـابُ مِـن ثَغرَهَـا مَا طَابَ مَشربُهُ
يُـشـفِـي السَّقيمَ الذي فِي آخِرِ الرَمَقِ
يَا قُـرَّةَ الْـعَـيـنِ هَـل لِلًْوَصـلِ مِنْ أَمَـلٍ
يَـالَـيـتَـنِـي لِـلَّـمَـى وَالـشَّــهـدِ لَـمْ أَذُق
تَــهَــلَّــلَــتْ فِــي دَلالٍ قَـــلَّ مَـاثِــلـــهُ
كَـحَـجـلَـةٍ تَـتَّـقِـي مِـنْ سَطوةِ الوَشَقِ
جُـورِيَّـةُ الْـخَـدِّ مَـصــبـوغٌ بِـحـمـرَتِـهِ
عَـقِـيـقَ دُرٍّ يَـزيـنُ الْـعِـقـدَ، بِـالْـعُـنُــقِ
بِـبـرقُـعٍ حَـاولـتْ تُـخـفِـي أَسِــرَّتَــهَــا
كَـمَـنْ يُـوارِي ضِـيَـاءَ الشَّمسِ بِالخِرَقِ
وضَّـاحَـةُ الْـوجـهِ غَـرَّاءٌ وَوَجـنَــتُــهَــا
عَـتِـيـقُ دُرٍّ يُـحَـاكِي حُـمـرَةَ الشَّـفَــقِ
وَرِدفـهُـا تَـحـتَ خَـصـرٍ فَـوقَــهُ قَـمــرٌ
تَـسـرِي بِـخَـدٍّ بِـحَــبَّـاتٍ مِــن الْـعَــرَقِ
يَـغـارُ مِنْ وَجـنَـتَـيهَا الزَهرُ فِي خَجلٍ
وَيَـحـسِـدُ الْـبَـحـرُ ما بالْعَينِ مِنْ زَرَق
سَـأَلـتُـهَـا آمــلًا مِــنــهَــا ومُــحــتَــرِزًا
وَقَـدْ دَنَـتْ سَـاعَـةُ الـتَّـوديعِ وَالْـفُـرَقِ
وَالْـبَــدرُ مُـحـتَــجِــبٌ وَاللَّـيـلُ آخــرُهُ
فَـهَـلْ بِـثَـغـرِكِ مِـن راحِ السُّلَافِ بَـقِي
عَـمَّـانُ يَـا قُبـلَــةَ الْأروَاحِ يَـا وَطَـنِــي
قَـلـبـي وَروحيَ مَـصفودان فِـي نَـفَقِ
عَـمَّـانُ صَـعـبٌ عَــلَـيـنَـا أَنْ نُـفَـارِقَـهَـا
يَـالَـيـتَـنِي كُـنتُ يَـومَ الْبَـينِ لَـمْ أُفِـقِ
عَـمَّـانُ لَـمْ تَـزَلِـي فِـي مُـهـجـةٍ لُذِعَت
بـِـنَـارِ حُـبِّـكِ يَـا عَــذرَاءُ فَــلــتَــرُقِـي
أَلَـسـتِ مِـن مَـعـشَـرٍ يَـرقَـى فَخَارُهُمْ
فوقَ النُجومِ وباقي الخَلقِ فِي الطُّرُقِ
وَمَـا ذَكَــرتُــكِ يَـا عَـــمَّــانُ فـاتِـنَـتِـي
إِلاَّ تَــبَــادَرَ دَمــعُ الْــعَــيــنِ بِـالْــهَــرَقِ
قَـالَـتْ : نَـشَـأتُ بِـدَارٍ طَـابَ مَـربَـعُـهَا
مَـقَـامُـهُـمْ وَاسِـعٌ رَحْـبٌ وَلَـمْ يَــضِـقِ
قَــومٌ أَكُــفُّــهُــمُ تُــسْــدِي بِـلَا مِــنَــنٍ
وَبَـذلُـهُـمْ فِـي سَـبِـيـلِ اللَّـهِ كَـالْـغَـدَقِ
كَـسَـانِـيَ الْـمَـجـدُ أَثـوَابَ الْـغِنى فَبَدا
مِنـهَـا بَـهَـائِي فَـسِحرُ الْـغُـصنِ بالْوَرَق
عَـلَامَ جَـفــنُـكَ لَاتَـلويـهِ فِــي سُــهُــدٍ
يَـا مُـنـيَـةَ الـنَّـفــسِ أَوَّاهٌ مِـن الْـفُـرَقِ
يَا حَـادِيَ الـظَّـعـنِ مَـهلًا فِي تَـفَـرُّقِـنَـا
فَـعـهـدُهُ راسِخُ الْـمِـيـثَاقِ فِي عُـنُـقِـي
يَـومَ الـرَّحِـيـلِ غَـدًا، كَـيْـمَـا تُـوَدِّعُـنِي
تَـاللـَّهِ إِنِّـي عَـلَـى فُـرقَـــاكَ لَـمْ أُطِــقِ
هَـذَا الْـفُــؤَادُ عَــلِـيـلٌ شَـفَّــهُ وَصَــبٌ
وَالْـقَـلـبُ ذُو حَـسْـرةٍ تَـكـويهِ بالْحُرَقِ
أُكَـتِّـمُ الـشَّـوقَ فِـي قَلْـبِـي فَـيُـظـهِرهُ
دَمـعٌ يُـوَارِيـهِ جَـفـنُ الْـعَـيـنِ بِالـمُـؤَقِ
وَأَنتِ يَـانَـفـسُ مَـن وُلِّـهـتِ فَـاعتَبِرِي
ياعَـيْـنُ أَنـتَ هَـرقتِ الدَمعَ فاحتَرِقِي
وَأَنـتَ يَـا قَـلْـبُ إِنْ لَمْ تَـنصَدعْ لِأَسىً
يَـكـوي الضُّلُوعَ فـبُـنْ عَـنـهُـنَّ وانفَلِقِ
فَـالْـعُـربُ قَـومِـيَ وَالأُردُنُّ مُـرضِـعَتِي
قَـدْ أَبـدَعَ اللـَّهُ فِي خَلقِي وفِي خُلُقِي
يَـسـتَـوطِـنُ الـسِّـحـرُ خَـلاَّبًـا بِوجنَتِها
وَخَــدُّهَــا أَبْـــلَــجٌ مِــن شِـــدَّة الأَلَــقِ
مَـنْ رامَ يَـرقَـى لِـمَجـدٍ صِنوَ مَجدِهمِ
مِـن وَطـأَةِ الْـكَـدِّ والْإِجهَادِ فهو شَقِي
وسُــؤدُدَ الْــمَــجــدِ لَا أَنــذَالَ تُـدرِكُـهُ
لا يَـشـمَـخُ الـرَّأسُ لـلأَعَـلى بِلَا عُـنُـقِ
التعليقات على الموضوع