قصيدة نهج البُـردة..للشاعر ميخائيل خير الله ويردي المسيحي الديانة
قصيدة نهج البُـردة..للشاعر ميخائيل خير الله ويردي المسيحي الديانة
ميخائيل خير الله ويردي
1285 - 1365 هـ / 1868 - 1945 م
ميخائيل بن خليل ميخائيل الله ويردي.
أديب وشاعر سوري ولد ونشأ في دمشق درس المحاسبة، وعمل في بعض محاكم دمشق، درس الموسيقى وأتقن فن التصوير الشمسي وتعلم الإنكليزية والفرنسية، بدأ العمل بالتجارة سنة 1930 مع أخيه سمعان، ساهم بتأسيس النادي الأدبي والنادي الموسيقي السوري ( 1922 - 1932 )
رُشح كتابه (فلسفة الموسيقى الشرقية) لجائزة نوبل في 23 / 2 / 1951م.
توفي والده سنة 1945م وكان يتقن التركية واليونانية والروسية وكان خبيراً بالتربية والتعليم
وتوفيت والدته مريم نقولا عطا الله 1916م.
طبع ديوانه ( زهر الربى ) سنة 1954 بعد أن زار مسجد محمد علي بالقاهرة 1946م وأعجب بالفنون الاسلامية وقصيدة نهج البردة.
قصيدة «نهج البُـردة» في مدح النبي صلى الله عليه وسلم. للشاعر المسيحي السوري
(ميخائيل خيرالله ويردي)
أَنوارُ هادي الوَرى في كَعبَةِ الحَرَمِ
فاضَت عَلَى ذِكرِ جيرانٍ بِذي سَلَمِ
وأَرسَلَت نَغَمَ التَّوحيدِ عَن مَلَكٍ
كالرّوح مُنطَلَقٍ كالزَّهر مُبتَسمِ
فَمَزجُ رُوحِكَ بالرّوحِ التي ازدَهَرَت
يُغنيكَ عَن مَزجِ دَمعٍ ساجمٍ بِدَمِ
وَشَمُّكَ العِطرَ فوّاحاً بِرَوضَتِها
أَلَدُّ مِن عِشقِ ريمِ القاعِ والأَكَمِ
وَمَن يَهِم بِعَظيمٍ يَتَّحِد مَعَهُ
بالرَّأي وَالفِكرِ قَيلَ الوَسمِ وَالأَرَمِ
والحبُّ صِنوانِ حُبُّ الرُّوحِ خَيرُهُما
فَلا تَكُن لِلهَوى الفاني بِمُلتَزِمِ
يا لَيتَ أَحلامَ عُمري لَم تَضِع بَدَداً
بِحُبِّ قَصرٍ مِنَ الأَوهامِ مُنهَدِمِ
وَلَيتَني لم أَهِم إِلاَّ بِمَن عُرِفوا
بِرِقَّةِ القلبِ لا بالظُّلمِ وَالعَقَمِ
فَكَم حَبيبٍ إِذا خالفتَ فِكرَتَهُ
جازاكَ بالصَّدِّ قَبلَ البَحثِ في التُّهَمِ
ومن يُساقِ حَبيباً صَدَّ خَمرَتَهُ
وَسِحرَ أَلحانِهِ يَندم وَيَنفَطمِ
فَأربأ بِنَفسِكَ أَن تَنهارَ مِن أَلَمٍ
وَأربأ بِحُسنِكَ أَن يَربَدَّ مِن سَأمِ
وَاجعَل هَواكَ رَسولَ اللهِ تَلقَ بِهِ
يَومَ الحِسابِ شَفيعاَ فائقَ الكَرَمِ
هذا رَسولُ الهُدى فارشُف عَلَى ظمَإٍ
مِن وِردِهِ العَذبِ عَطفاً شاقَ كُلَّ ظَمي
كَأَنَّما قَلبُهُ يَنبوعُ مَرحَمَةٍ
مُستَبشِرٌ جَذلانُ بالنَّسَمِ
يا أَيُّها المُصطَفى المَيمونُ طالِعُهُ
قَد أَطلَعَ اللهُ مِنكَ النورَ لِلظُّلَمِ
وَحَّدتَ رَبَّك لَم تُشرِك بِهِ أَحَداً
وَلَستَ تَسجُدُ بِالإِغراءِ لِلصَّنَم
وَكَيفَ تُشرِكُ بالرَّحمنِ آلِهَةً
لا يَستَطيعونَ رَدَّ الرُّوحِ لِلرِّمَمِ
عادَيتَ أَهلَكًَ في تَحطيمِ بِدعَتهِم
مَن يَنصُرِ اللهَ بالأَصنامِ يَصطَدِمِ
كأَنَّ رَبَّكَ لَم يَخلُق لِدَولَتِهِ
سِواكَ مِن مُرسَلٍ بالحَقِّ مُعتَصِمِ
أَدَّى الرِّسالَةَ حتَّى ضَجَّ مِن سَأَمٍ
أَجنادُ إِبليسَ واشتَدَّ الأَسى بِهِمِ
وَأَفلَسَت بَعدَ إِقبالٍ جَهَنَّمُهُم
وَلَم تَجِد حَطَباً في الأَشهُرِ الحُرُمِ
كأَنَّ أحمَدَ بالأصفادِ كَبَّلَهُم
فَارتَدَّ جَيشُهُمُ المقهورُ بالسَّدَمِ
شَرعٌ عَلَى أَقوَمِ الأَركانِ أَسَّسَهُ
لِلعالَمينَ نَبِيٌ طاهرُ الشِّيَمِ
غَذَّى عُقولَ الوَرى حَتَّى أَتاحَ لَهُم
عَيشَ النَّعيمِ وَنَقَّاهُم مِن الأثَمِ
وَعَلَّمَ العُربَ حَتَّى سادَ نَسلُهمُ
هامَ المَمالِكِ وَارتاحَت لِعَدلِهِمِ
كأَنَّما الشَّرعُ جُزءٌ مِن نُفوسِهِمِ
فإِن هُمُ وَعَدوا استَغنَوا عَنِ القَسَمِ
قَومٌ إذا استُخصِموا كانوا فَراعِنَةً
وَإن هُمُ قَسَّوا أَرضَوك بالقِسمِ
وَخَلَّدوا مُلكَهُم رَيَّانَ مُؤتَلِقاً
وَكُلُّ ما شادَتِ الأَطماعُ لًَم يَدُمِ
إِنَّ المَمالِك إِن شِيدَت عَلَى جَشعٍ
تَفرِس وَلا خَيرَ في الحِيتانِ للِلَبلمِ
وَقَد يَمَلُّ الفَتى بالشَّيب مِن أَرَبٍ
وَلا يَمَلُّ عَبيدُ المالِ مِن بَشَمِ
أَتُّونُ نارِ زَفورٌ جِدُّ مُحتَدمٍ
وَالمالُ يَهوي بِخَلق جِدَّ مُزدَحِمِ
لَو أَدرَكَ المرءُ أَنَّ المالَ تارِكُهُ
لَمَلَّ صُحبَةَ خَوّانِ الوِدَادِ عَمي
وَلَو دَرى العاشِقُ المَوتُورُ كَيفَ سَلا
أَحبابُهُ لَم يَبِت يَوماً بِقُربِهِم
كَفاكَ هَمّاً فَأَهواءُ الدُّنى غُصَصٌ
تودي بِصَفوِك مِثلَ السُّمِّ في الدَّسَمِ
والزُّهدُ رَاحَةُ فِكرٍ مِن مَتاعِبِهِ
فَإن دَعانا وَأَهَملناهُ يَنتَقمِ
هِمنا بِفانٍ فَأَغرانا وَأَذهَلَنا
وَأَيُّ قَلبٍ بِحُبِّ الأَرضِ لَم يَهِمِ
يا أَزهَدَ النّاسِ في الدُّنيا وَفي يَدهِ
خَزائِنُ المُلكِ والأنصارُ كَالخَدَمِ
عَجِبتُ كَيفَ تُعاني الجوعَ مُرتَضِياً
حَظَّ الَقيرِ وَلَم تَلتّدَّ بالتَّخَمِ
وَلَم تُبالِ بِتيجانٍ مُرَصَّعَةٍ
وَلَم تَكُن للأُلى ضَلُّوا بِمُرتَسمِ
تَقولُ رَبِّي أَجِرهُم مِن عَمايَتًَهِم
وَتَصرِفُ النَّفسَ نَحوَ المَورِدِ الشَّبِمِ
فَاستَضحَكَ القَومُ هُزءاً واستَبَدَّ بِهِم
وَهمٌ فَصَيَّرَهُم لَحماً عَلَى وَضَمِ
كَأنَّ أَفكارَهُم مِن طولِ ما شَقِيَت
أَلقَت بأَرواحِهِم في وَهدَةِ الحُطَمِ
وَالنّارُ حُرقَةُ نَفسٍ مِن نَدامَتِها
يا بُؤسَ مَن لَم يَحِد عَن شَرِّ مُغتَنَمِ
فَاسلَمِ بِنَفسِكَ إِنَّ الرّوحَ يُعوِزُها
رِضى الذي عَلَّمَ الإِنسانَ بِالقَلَمِ
فَلا طَعامٌ مِنَ البأساءِ يُنقِذُنا
وَلا لِباسٌ يَقينا شِرَّةَ الضَّرَمِ
وَهَل تُفِيدُكَ أَبراجٌ مُشَيَّدَةٌ
وَالمَوتُ في القَصرِ مِثلُ المَوتِ في الخِيَمِ
وَالمرءُ يَفنى إذا لَم يُبقِ مَآثَرَةً
تَحيا إِذا باتَتِ الأَجسادُ في الرَّجَمِ
وَالعُمرُ إِن طالَ يَومٌ لا رُجوعَ لَهُ
فَهَيِّءِ الزّادَ قَبلَ الشَّيبِ وَالهَرَمِ
أَسلَمتُ لِلهِ أَمري فَهوَ يَكلَؤُني
كَالزَّهرِ في الحَقلِ وَالأَطيارِ في العَلَمِ
أَلستَ يا أَيُّها الإِنسانُ أَفضَلَها
وَبارِيءُ الكَونِ قَد حَلاَّكَ بالحِكَمِ
وَكَيف تَسمو بِروجٍ بالثَّرى عَلِقَت
وَكَيفَ تعلو عَلَى الآسادِ في الأَجَمِ
فإِن يَغِب عَنكَ أَنَّ العَيشَ مَرحَمَةٌ
فَكَيفَ تُدرِكُ أَنَّ الفَوزَ بالأَلِمِ
أَقولُ لِلمُصطَفى أَعظِم بِما ابتَدَعَت
آياتُ بِرِّكَ مِن خَيرٍ وَمِن نِعَمِ
لَو يَتبَعُ الخَلقُ ماخَلَّدتَ مِن سُنَنِ
لَم يَفتِكِ الجَهلُ والإِعوازُ بالأُمَمِ
وَلَم يَرَ النّاسُ أَحكاماً وَفلسَفَةً
في الإجتماعِ ستُلقِيهِم إِلى العَدَمِ
مَذاهِبٌ أَحدَثَت في الأَرضِ بَلبَلةً
وَأَورثَتَنا بَلايا الحَربِ وَالإِزَمِ
أَينَ الزَّكاةُ وَأَينَ العُشرُ يَحمِلُهُ
أهلُ الغِنى للأُلى ماتو من السَّقَمِ
هَل كُنتَ تُبصِرُ ما أَودى بِعالَمِنا
مِن قَبلِ أَن فاضَ بالوَيلاتِ والنِّقَمِ
أَم هَل تَنَبَّأتَ عَمّا تَمَّ في زَمَنٍ
تَسودُهُ فِكرَةُ الإِلحادِ وَالنَّهَمِ
نُبوءَةٌ حارَبَ الجَبّارُ مُنكِرَها
وَرَوَّعَ النّاسَ بالتَّعذيبِ وَالحُمَمِ
فَيا نَبِيَّ الهُدى حُيِّيتَ من عَلَمٍ
بالطُهرِ مُتَّسِمٍ بالعَدلِ مُدَّعِمِ
أَحبَبت دِينَكَ لَما قُلتَ أكرَمُكُم
أَتقاكُمُ وتَرَكتَ الحُكمَ لِلحَكَمِ
وَقُلتَ إِني هُدًى لِلعالَمينَ وَلَم
تَلجأُ إلى العُنفِ بَل أَقنعتَ بالكلِمِ
في دينكَ السَّمحِ لا جنسٌ وَلا وَطَنٌ
فَكُلُّ فَردٍ أَخٌ يَشدو عَلَى عَلَمِ
أَللهُ أَكبَرُ وَالأَكوانُ فانِيةٌ
وَمَن يَلُذ بِجَلالِ اللهِ لا يُضَمِ
سُبحانَ مَن بِيَدَيهِ المُلكُ أَجمَعُهُ
وَيُرجَعُونَ إِلَيهِ يَومَ بَعثِهِمِ
يا عَبقَرِيَّ الوَرى الأُمِّيَّ هَل سَمِعَت
مِن قَبلِكَ العُربُ وَحياً جِدَّ مُنسَجِم
آياتُكَ الغُرُّ إِعجازٌ تَنَزَّه عن
نِدٍّ وَلَيس دَعيُّ الحُبِّ كالسَّدِم
كأَنَّما النّاس النّاسُ آلاتٌ مُبَعثَرَةٌ
أَخرَجتَ مِنها جَميلَ اللَّحنِ وَألنُّظُمِ
مُحَمَّدٌ رَدَّ مَن ضَلّوا وَعَلَّمَهُم
حَقَّ النِّساءِ اللَّواتي كُنَّ كالرُّمُمِ
يا فَخرَ أُمَّتِنا في الأَرضِ قاطِبَةً
وَسَيِّدَ المُصلِحينَ العُربِ والعَجَمِ
عَزَّزتَ كُلَّ فَتاةٍ حِينَ صِحتَ بِنا
ما أَولَد العِزُّ غَيرَ السّادَةِ الحُشُمِ
فَأَنتَ أَوَّلُ مَن نادى بِمأثَرَةٍ
يَظُنُّها الغَربُ مشن آلاءِ بَعضِهمِ
خاطَبتَ كُلَّ ذكيٍّ حَسبَ قُدرَتِهِ
وَلَم تَكُن بِغبيٍّ القَومِ بالبَرِمِ
وَكُنتَ أَرأفَ بالمسكينِ مِن دُوَلٍ
رَأت بِأَمثالِهِ سِرباً مِن الغَنَمِ
إن كانَ يَنجَعُ طِبُّ النّاسِ في جَسَدٍ
فأَنتَ تَفعلُ بالأرواحِ كالحُسُمِ
تَرعى اليَتيمَ وَتَرعى كُلَّ أَرملةٍ
رَعيَ الأَبِ المُشفِقِ الباكي مِنَ اليَتَمِ
فارعَ النُّفوسَ التي ذَلَّت ويَتَّمَها
فَقدُ الكَريمَينِ حُبِّ الخير والشَممِ
وَهَب لَنا مَبدأً حَيًا وتَضحِيَةً
بِها تَفَرَّدتَ بَينَ النّاسِ مِن قِدَمِ
لَيتَ الإخاءَ الذي في يَثربَ انتَشَرَت
راياتُهُ ظلَّ فينا غَيرَ مُنفصِمِ
إِنَّ القُلوبَ إِذا أًلَّفتهَا ائتَلَفَت
وَالوُدُّ حَبلٌ فَإِن تَصرِمهُ يَنصَرِمِ
ماذا يُطَهِّرُ قَومي مِن تَنابُذِهِم
وَالصَّدُّ يَعلَقُ بالأرواحِ كَالرَّشَمِ
أَجَفوَةٌ وَرُعاةٌ غَرَّهُم طَمَعٌ
كأَنَّهُم عَن نِداءِ الحَقِّ في صَمَمِ
أسمَعتَنا فَنَسِينا واستَقَلَّ بِنا
هَوَىً فَأَمسى عَزيزُ القَومِ كالحَطمِ
فَانفُخ بِنا نَخوَةً تَجمعَ أَواصِرَنا
وَابعَث بِنا هِمَّةً يا باعِثَ الهِمَمِ
أََبناءُ بابِلُ أَفنَتهُم مآثمُها
وَآلُ فِرعَونَ ماشادوا سِوى الهَرَمِ
وَتَدمُرٌ وَمَغانيها غَدَت خِرَباً
وَالذِّكرُ بالخَيرِ غَيرُ الذِّكرِ بالإرَمِ
يا لَيت من شَيَّدوها لِلفَناءِ رأَوا
عُقبى المباني فَأَغنتهُم عَنِ النَّدَمِ
زالوا وَزالَت معَ الآثارِ عِزَّتُهُم
فَإن تُجادِل سَلِ التّارِيخَ واحتَكِمِ
وَالمُصطَفى خالدٌ في الناسِ مابَزَغَت
أُمُّ النُّجومِ ومَمدوحٌ بِكلِّ فَمِ
يا أَيُّها العَرَبُ المأثورُ مَجدُهُمُ
ما فازَ بالمَجدِ شَعبٌ شِبهُ مُختَصمِ
أَيُصبِحُ الخَيرُ شَرّاً مِن تَخاذُلِنا
وَنَغتَدي نُهبَةَ الغِربانِ والرَّخَمِ
إنَّ الكَرامَةَ تأبى أَن نَذِلَّ ولَم
نَهضم حُقوقَ الوَرى كالهائجِ الضَّرمِ
فاستَجمِعوا أَمرَكُم فاللهُ وَحَّدكُم
والمَكرُ فَرَّقَكُم في حَومَةِ الجُس
وَشَرعُ أحمَدَ بالقُرآنِ هَذَّبَكُم
وَجَدَّ في أَمركُم بالحُبِّ والسَّلَمِ
يا أَيُّها المُسلِمونَ الفَخرُ فَخرُكُمُ
وَنَحنُ إِخوانُكُم في النُّطقِ والعَلَمِ
فَأَيِّدوا بالفَعالِ الغُرِّ دِينَكُمُ
فَقيمَةُ الحُبِّ عِندي أَعظَمُ القِيَمِ
مالدِّينُ إِلاّ هَوَىً في نَفسِ عاشِقِهِ
وَمَن يَبُح بالهَوى يَومَ النَّوى ييُلَمِ
سِيّانِ يا قَومُ مَن يَقضي بلا أَمَلٍ
وَمَن يَنالُ المُنى في عالمِ العَدَمِ
صوفِيَّةٌ أَدرَكَتها النَّفسُ فانصَرفَت
عَنِ الدَّنايا وَمَن يَهوَ العُلى يَصُمِ
فاستَهدِ بالرُّوحِ في الأَفلاكِ وَاهوَكما
تَهوى المَلائِكُ وضجهَ اللهِ واستَقِمِ
وَقُل لِمَن أَدمَتِ الأهواءُ مُهجَتَهُ
أَما اكتَفَيتَ مِنَ الدُّنيا بِحُبِّهِمِ
رَمَت فُؤادي بِسَهمِ الحُسنِ فاتِنَةٌ
فَاعجَب لِصَبٍّ جَريحٍ ثابِتِ القَدَمِ
نَدَّت أَناشيدُهُ نيرانَ لَوعَتِهِ
فَفَرَّجَت عَن عَليلٍ بالجَمالِ رُمي
إِن لَم يُخَلِّد فُؤادي الحُبُّ فالتَمِسي
يا نَفسُ كَهفاً بِبَطنِ الأَرضِ واعتَصِمي
عَلَّ المَنِيَّةَ تَنساني كَما نَسِيَت
عَرائِسُ البَحرِ صَيدَ النَّسرِ في القِمَمِ
يا نَفحَةً مِن جِنانِ الخًلدِ سارِيَةً
كالوَردِ يُلثَمُ في الاسحارِ مِن أَمَمِ
إنِّي مُحبٌ وَمَحبُوبٌ وَلَو زَعَموا
أَنَّ المَحبَّةَ بالأَنسابِ نوالرَّحِمِ
فَالنّاسُ من آدَمٍ بالمُصطفى اجتَمعوا
وَشِرعَةُ الحُبِّ أُمُّ النّاسِ فَائتَمِمِ
يا أجمَلَ الخَلقِ سيماءً وأَظرفَهُم
طَبعاً وَأَوفاهُمُ بالعَهدِ والذِّمَمِ
عَشِقتُ مِنكَ صِفاتٍ جَلَّ مُبدِعُها
كالغِيدِ تَفتِنُ لُبَّ الشّاعِرِ الفَهِمِ
يَرنو فَيَمَنحَنَهُ وَحياً يُخَلِّدُهُ
وَرُبَّ حُبٍّ مُثيرٍ جاءَ بالعِظَمِ
وَرُبَّ نَجمٍ مُنيرٍ يَستَضِيءُ بِكُم
فَأَنتُمُ الشَّمسُ لم تُدرَك وَلَم تُرَمِ
وَحُسنُ شِعري بِكُم مِن شَمسِكُم قَبَسٌ
وَالنَّبعُ ما سالَ لَولا صَيِّبُ الدِّيَمِ
فإن أَجَدتُ بِهذا الطَّلِّ مَدحَكُمُ
فَكُلُّ مَعنىً بِكُم كالهاطِلِ العَرِمِ
حَيَّاكَ رَبِّي بِآياتٍ مُفَصَّلَةٍ
وَالنّاسُ أَعجَزُ عَن إِدراكِ رَبِّهِمِ
لَكِنَّها صُورَةٌ بالشِّعرٍِ أَرسُمُها
لأستَجيرَ بِها إِن بِتُّ كالُحلُمِ
يا هادِيَ الفِكرِ أَهداهُ الإِلهُ إِلى
عِبادِهِ مِنَّةً مِن فَضلِهِ العَمَمِ
إِن يَمدَحوكَ بِأَبياتٍ مُنَمقَّةٍ
فَأَنتَ تَفرُقُ قلبي عَن قُلُوبِهِمِ
تَبارَكَ اللهُ لَو شاءَت مَراحِمُهُ
لَشَعَّ نورُكَ بَينَ النّاسِ كُلِّهِمِ
إِن لَم تَكُن بِوَكيلٍ فَاشفَعَنَّ لَنا
بِحقِّ تَرديدِنا التَّوحيدَ في الحَرَمِ
صَلَّى الإِلهُ عَلَى مَحياكَ في مُهَجٍ
تَحيا بِها كَحَياةِ النّورِ في السُّدُمِ
صَلَّى الإلهُ عَلَى مَثواكَ ما صَدَحَت
وَرقاءُ أَو هَينَمَت عِطرِيَّةُ النَّسَمِ
124_صَلَّى الإلهُ عَلى ذِكراكَ مُمتَدِحاً
حتى تَؤمَّ صَلاةَ البَعثِ بالأُمَمِ
التعليقات على الموضوع