تمتين كتابة المتلازمة... دراسة بحثية بقلم. منتصر السمان /تقديم محمد رضا

 

تمتين كتابة المتلازمة... دراسة بحثية بقلم. منتصر السمان /تقديم محمد رضا

تمتين كتابة المتلازمة دراسة بحثية بقلم / منتصر السمان


أضحى إتقان اللغة العربية وآدابها مطلبا ملحا ليس فقط من أجل إنها لغة التعبير عن الفكر والثقافة فحسب؛ بل لأنها تعبر عن الهوية الثقافية والاجتماعية؛ في ظل هيمنة العولمة وتغلغل التغريب في كافة مناحي الحياة الثقافية، والاجتماعية والاقتصادية؛ تلك المتغيرات وضعت الأمة العربية أمام خيار وحيد فقط؛ وهو الحفاظ على هويتها الثقافية؛ مما يحتم على المواطن العربي؛ أن يتقن آداب وفنون اللغة العربية، ويستمتع بفنونها الإبداعية؛ ولاسيما فن القصة بوجه عام والقصة القصيرة؛ والومضة القصصية التي تمخضت عنها فن حديث؛ وهو: المتلازمة.
تعريف المتلازمة:
هي أحد فنون القصة القصيرة جدا؛ تمخض عن الومضة القصصية؛ والذى يحاكى حالة شعورية للقاص تلازمه، وتجوش في فكره؛ فيسطرها في جملة مكثفة في زمن المضارع؛ تطرب أذن القارئ بدهشة ومفارقة ماتعة.
لماذا المتلازمة في الوقت الراهن…؟
1- لأنها.. تواكب لغة العصر.
2- لأنها.. “فن السهل الممتنع”.
3- لأنها.. تجذب وتحتضن كثير من المحجمين والمترددين، والعاشقين للكتابة الأدبية.
4- لأنها.. تحرر القاص ولا تلزمه بما لا يطيق في صياغتها.
5- لأنها.. تساعد على التدفق الإبداعي للقاص؛ لسهولة صياغتها ورصانة مكنوناتها.
6- لأنها.. “تقدم مستقلة واضحة المعالم بشكل مقنن ومقتضب”.
7- لأنها.. مزيج لعبق الماضي، وأريج الحاضر و طموح المستقبل.
ماذا يقصد بتمتين صياغة المفردات اللغوية والبديعية؟
– يقصد بتمتين الصياغة: تقوية وترصين وتجويد اختيار المفردات اللغوية والبديعية عند صياغة المتلازمة.
الهدف من تمتين صياغة المفردات اللغوية والبلاغية
أ‌- المفردة اللغوية:
يهدف تمتين المفردات اللغوية إلى:
1- بث الروح في جسد النص”أن منزلة المعنى من اللفظ هي منزلة الروح من الجسد، فكل لفظ لا معنى له فهو بمنزلة جسد لا روح فيه”
2- تناغم الوحدة العضوية بين الصدر والعجز في المتلازمة.
3- تجسير العلاقة الوجدانية بين القاص والقارئ.
4- تجويد التركيب البنائي للمتلازمة.
5- تبسيط القراءة النقدية الإبداعية للمتلازمة من القارئ غير المتخصص، وتجنب التأويل.
ب‌- المفردة البلاغية :
علوم البلاغة ثلاثة هي: علم المعاني القائم على المطابقة المعاني جمع معنى والمعنى؛ هي الفكرة والقصد التي في النفس، وعلم البيان القائم على التصوير، وعلم البديع القائم على التحسين والتزيين.
يهدف تمتين المفردات البلاغية إلى:
1- “لتناسب المفردات البلاغية المقام الذى قيل فيه، وحال المستمع له”.
2- لتحسين الوصل بين الصدر والعجز في المتلازمة من خلال تناسب الجمل سواء أكانت فعلية أم أسمية في شطري المتلازمة و زمن الفعل مضارع أو مستقبل وفى الأطلاق والتقيد إلا لمانع.
3- تجويد مظاهر الجمال الحسى، والمعنوي في المفردات والجمل في النص .
4- تخليص النص من ضعف التأليف، تنافر الألفاظ، والتعقيد اللفظي والمعنوي.
5- تحسين الإيجاز والأطناب، والمساواة والقصر في الألفاظ.
6- تحسين جمال المعاني والألفاظ بالمحسنات المعنوية واللفظية.
7- تحسين اختيار النص (الإنشائي) الذى يبتعد عن النص (الخبري)؛ والذى لا يصح القول لقائله أنت صادق أو كاذب.
أولا: بنية المتلازمة:
تتكون المتلازمة من:
أ‌- العنوان:
– يفضل أن يكون نكرة مفردة لتفيد العموم والشمول ولا تتقيد بأحد أفراد جنسها.
– اسم أو مصدر وليس فعل
– يعبر عن النص بصورة كلية.
ب- الصدر
ويتكون من:
1- (لأنَّ) المكونة من لام التعليل وحرف التوكيد، ثم اسم لحرف التوكيد هو إما ضمير متصل مثل: (لأن –لأنك- لأنهم – لأننا – لأنى )،أو اسم صريح.
2- جملة أسمية.
3- جملة فعلية يكون فعلها مضارع .( يبدأ بحرف من حروف كلمة أنيت)
4- (..) هما نقطتان يستخدما في ربط الجملة (السبب)؛ صدر المتلازمة بجملة النتيجة؛ عجز المتلازمة لتجعل للكلام معنى تام.
ج –العجز:
1- جملة فعلية فعلها مضارع.
2- (.) علامة الترقيم النقطة لبيان نهاية شطري المتلازمة وتمام واكتمال المعنى.
الشروط التي يجب توافرها في التركيب البنائي (الشكل) الجيد للمتلازمة:
– أن تكون مقبولة من الناحية البنائية.
– أن يكون العنوان نكرة مفردة.
– توازن المفردات في شطري المتلازمة إلا للضرورة.
– أن يكون الفعل في صدر وعجز المتلازمة في زمن المضارع.
نماذج للمتلازمات الجيدة من الناحية البنائية:
قهر
لأن الحرية ترافق حلمنا.. يقيمون عليهما الحد.
(الأستاذ أيمن خليل- مصر)
تخف
لأنهم يألفوا الظلام.. تطاردهم الخفافيش.
(الأستاذ منتصر السمان- مصر)
ثانيا: تمتين المفردات اللغوية المكونة للمتلازمة:
يمكن تمتين المفردات اللغوية عن طريق:
– اختيار اللفظ المناسب للحالة الكلية التي يحاكيها النص ويتناغم مع عنوان المتلازمة .
– اختيار مفردات عربية فصيحة مألوفة للقارئ ويسهل نطقها.
– فهم درجات اللفظ من حيث وظيفية استخدامه.
– استخدام حركات البناء (الضم والسكون والفتحة والكسرة) في الكتابة للتمايز الكلمة ومدلولاتها مثال: كلمة السلام ﻓﺄﻣّﺎ ﺍﻟﺴَّﻼﻡ – ﺑﻔﺘﺢ ﺍﻟﺴّﻴﻦ- ﻓﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﺘﺤﻴّﺔ، وﺑﻜﺴﺮ ﺍﻟﺴّﻴﻦ – ﻓﺠﻤﻊ ﺳَﻠِﻤَﺔ ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺤﺠﺎﺭﺓ؛ ﺑﻀﻢّ ﺍﻟﺴّﻴﻦ- ﻓﻌﺮﻭﻕ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﻜﻒّ ﻭﺍﻟﻘﺪﻡ.
– مراعاة الفروق اللغوية بيت المفردات فلكل لفظ معنى مغاير لنظيره مثال: المسكين والذى يعنى في مرحلة متأخرة من الفقر ووصل الى السكون والمذلة للحاجة؛ أم البائس هو من يتسول بيده.
– موضوعية الكتابة ولايقع القاص في هوى نصه وخاصة عن سبك المتلازمة.
نماذج للمتلازمات الجيدة من الناحية اللغوية:
يأس
لأن زهور التخلف يانعة.. ينقل الفقر حبوب اللقاح.
(الأستاذ أيمن خليل- مصر)
تجربة
لأنه يتعلم من حماقاتهِ.. يحسدهُ الحكماء.
(خيرى الازغل- مصر)
ثالثا: تمتين المفردات البلاغية المكونة للمتلازمة:
أ‌- تمتين المفردات التي تتعلق بعلم المعاني:
وذلك عن طريق:
– اختيار نص إنشائي لا يصح القول لقائله أنت صادق أو كاذب.
– مطابقة الألفاظ لمقتضى الحال في المتلازمة.
– تناسب الوصل في فعلى المضارعة للجملتين الفعليتين في شطري المتلازمة.
– التكثيف (الإيجاز).
– المساوة : تساوى اللفظ مع المعنى .
أنموذج لمتلازمة جيدة من ناحية المعنى
حاكم
لأنه يعشق السلطة.. طلقتهُ الحرية.
(خيرى الازغل- مصر)
ب‌- تمتين المفردات التي تتعلق بعلم البيان( التشبيه – الاستعارة – الكناية – المجاز المرسل):
وذلك عن طريق:
– حسن اختيار الصور البيانية الذى تناسب النص.
– عدم التكلف في استخدام الصور البيانية التي تغرق المتلازمة في المجاز تبعدها عن الواقع.
نماذج للمتلازمات بها صور بيانية:
1- أُمومَــــــــةٌ
لأَنك نَهْرُ البَرَكَات.. يَنْتَشلُني الغَرَقُ فيك.
(مصطفى نور أبو حازم-السودان)
في هذه المتلازمة صور بيانية يمكن توضيحها كما يلى:
-الصورة البيانية: “استعارة تصريحية”: “نهر البركات”
حيث حذف المشبه الأم( الركن الاول) وصرح بالمشبه به (نهر البركات)
سر جمال الاستعارة : التوضيح أو التشخيص أو تجسيم

تقديم محمد رضا

ليست هناك تعليقات