يَا عِيْدُ رِفْقًا...مطران العياشي
يَا عِيْدُ رِفْقًا
يَا عِيْدُ جِئْتَ وَبِالْأَطْيَابِ تُهْدِيْنَا
تَجْلُوْ الْرَّزَايَا وَأَوْجَاعَ الْمُحِبِّيْنَا
تَصَافَحَتْ فِيْكَ أَيْدِ الْإِلْفِ رَاقِصَةً
وَأَصْبَحَتْ فِيْ هَوَىْ الْلُّقْيَا أَفَانِيْنَا
غَدَاةَ غَرَّدَ صُبْحُ الْبِشْرِ مُبْتَهِجًا
وَعَانَقَ الْكَوْنَ أَصْوَاتُ الْمُهَنِيْنَا
وَنَطْبَعُ الْوُدَّ قُبْلَاتٍ مُضَوَّعَةً
فَيُثْمِرُ الْحُبُّ فِيْ الْدُّنْيَا نَيَاشِيْنَا
فَلِلْنَسِيْمِ بِنُوْرِ الْسَّعْدِ نَشْوَتُهُ
وَلِلْمَسَاءِ تَرَاتِيْلٌ بِوَادِيْنَا
لَكِنَّمَا لُغَةُ الْعَيْنَيْنِ وَاجِمَةٌ
تُعَفِّرُ الْنَّايَ فَابْيَضَّتْ مَآقِيْنَا
أَفَضْتَ بِالْرَّاحِ وَالْآمَالُ قَدْ ذَبُلَتْ
وَالْيَأْسُ يَعْبَثُ فِيْ الْأَثْوَابِ يُبْلِيْنَا
رَغَائِبٌ لَمْ تَنَلْهَا الْنَّفْسُ أَنْهَكَهَا
نَأْيُ الْدُّرُوْبِ وَنَارٌ تَصْطَلِيْ فِيْنَا
نُجَالِدُ الْصَّدَّ فِيْ أَعْيَادِ فَرْحَتِنَا
وَرِيْشَةُ الْنَّحْبِ قْدْ خَطَّتْ دَوَاوِيْنَا
وَنَرْكَبُ الْلَّحْنَ أَشْبَاحًا مُسَافِرَةً
فِيْ غَضْبَةِ الْمَوْجِ تَسْتَحْلِيْ مَرَافِيْنَا
وَفِيْ هَوَانَا تَشَظَّىْ الْحَرْفُ مُذْ بَسَقَتْ
لَوَاعِجُ الْبَيْنِ فَاسْتَعْدَتْ بَرَاكِيْنَا
نَجْتَالُ مِنْ صَرْخَةِ الْأَرْيَاحِ فِيْ جَدَبٍ
فَيُزْهِرُ الْنَّقْعُ فِيْ كِلْتَا أَيَادِيْنَا
وَنَقْطِفُ الْصَّبْرَ فِيْ مَهْدِ الْجَوَىْ فَإِذَا
بَوَارِقُ الْجُرْحِ دَوَّتْ فِيْ نَوَاحِيْنَا
إِنَّا طَعِمْنَا الْنَّوَىْ مِنْ بُعْدِكُمْ غُصَصًا
شَرِبْنَهَا مِنْ شَذَا أَعْيَادِ مَاضِيْنَا
تَرَنَّحَتْ فِيْ لَظَىْ أَيَّارَ فَارْتَزَأَتْ
وَأُطْفِئَتْ فِيْ هَوَىْ الْذِّكْرَىْ أَمَانِيْنَا
خَابَتْ وُعُوْدُ الْهَوَىْ فَالْنَّفْسُ جَامِحَةٌ
وَلُقِّنَ الْعُوْدُ بِالْأَسْوَاطِ تَلْقِيْنَا
حِيْنًا نُضَمِّدُ أَنْهَارَ الْأَسَىْ جَلَدًا
وَيَفْتِكُ الْصَّهْدُ فِيْ جَنَّاتِنَا حِيْنَا
اجْتَرُّ ذِكْرَاكَ لَمَّا مَرَّنِيْ فَرَحٌ
فَيَعْبَقُ الْنَّبْضُ أَطْيَابًا وَنِسْرِيْنَا
بُحَّتْ يَرَاعَُ الْصَّدَىْ مِنْ خَطْبِنَا شَظَفًا
فِيْ هَدْأَةِ الْجَفْنِ كَمْ ضَجَّتْ مَآسِيْنَا
مَنْ لِيْ بِفَجْرِ الْلِّقَا ينْدَاحُ رَوْنَقُهُ
يُشَنِّفُ الْرُّوْحَ إِيْقَاعًا وَتَلْحِيْنًا
مُذْ رَامَ طَرْفِيَ لَوْنَ الْرَّوْضِ خَالَجَهُ
لَوْنُ الْرَّمَادِ فَمَا أَقْسَاهُ تَلْوِيْنَا
يَا عَازِفَ الْوَجْدِ اقْصُرْ فِيْ الْحَشَا شَرَرٌ
وَأَنْتَ مَازِلْتَ لِلْآلَامِ حَادِيْنَا
نَوَائِبُ الْدَّهْرِ تَرْمِيْ مِنْ فَظَاظَتِهَا
مَآتِمَ الْنَّعْيِّ بِالْأَنَّاتِ تُبْكِيْنَا
يَا مُوْرِيَ الْنَّارِ فِيْ حَرَّىْ مَحَاجِرِنَا
يَكْفِيْ الْنِّيَاطَ تَنَاحِيْبًا وَتَأَبِيْنَا
تَبَخَّرَ الْوَصْلُ وَاهْتَزَّتْ رَكَائِبُهُ
وَوَدَّعُوْنَا مَعَ الْأَعْيَادِ غَالِيْنَا
وَشَاخَ حُلْمٌ عَلَى أَحْضَانِ قَافِيَتِيْ
وَسَلَّ فِيْ مُقْلَةِ الْأَشْوَاقِ سِكْيْنَا
إِنَّا دَفَنَّا الْوَفَا فِيْ نَعْشِهِ زَمَنًا
صَلُّوْا عَلَيْهِ فَقَالَ الْقَلْبُ آمِيْنَا
بِعْنَا الْإِخَاءَ بِأَثْمَانٍ مُبَخَّسَةٍ
وَلِلْعَدَاوَةِ وَالْأَحْقَادِ شَارِيْنَا
نَجُوْبُ فَرْقًا فَيَافِيْ الْرُّوْحِ تَرْضِيَةً
نَسْتَعْطِفُ الْحَرْفَ بِالْأَحْزَانِ جَاثِيْنَا
تَلَوَّعَ الْعُمْرُ فِيْ عِشْرِيْنَ زَهْرَتِهِ
وَالْأَرْبَعُوْنَ أَسَى تَتْلُوْ الْثَّلَاثِيْنَا
إِنْ خَالَطَ الْصَّبُّ قَلْبًا بَثَّهُ شَجَنًا
وَعَادَ جَمْرًا عَلَىْ الْأَكْبَادِ يَكْوِيْنَا
تَفَنَّنَ الْبَيْنُ فِيْ أَنْفَاسِنَا كَمَدًا
وَأَوْغَلَ الْشَّجْوُ إِيْلَامًا وَتَحْزِيْنَا
فَكُلَّمَا هَبَّتِ الْأَنْسَامُ عَابِقَةً
هَاجَ الْحَنِيْنُ فَلَا خِلٌّ يُوَاسِيْنَا
فَيُجْهِشُ الْبَابُ مِنْ أَرْيَاحِهَا جَزَعًا
وَنَسْكُبُ الْدَّمْعَ فِيْ الْأَطْلَالِ خَالِيْنَا
يَكْفِيْ الْمَدَىْ مِنْ جُمُوْدِ الْلَّيْلِ أُغْنِيَةً
لَعَلَّهَا مِنْ حَمِيْمِ الْرُّوْحِ تُسْلِيْنَا
يَا سَارِجَ الْخَيْلِ اُرْكُضْ نَحْوَ نَازِلَةٍ
فَقَدْ أَغَارَتْ عَلَىْ أَرْكَانِ نَادِيْنَا
زَوَابِعٌ جَالَتِ الْأَرْجَاءَ فَاقْتَلَعَتْ
شُمَّ الْرِّجَالِ وَقَدْ دَكَّتْ رَوَاسِيْنَا
فَالْأُفْقُ لَجَّ زِحَامًا مِنْ شَكَاوَتِنَا
يَا عِيْدُ رِفْقًا فَإِنَّ الْهَمَّ يَكْفِيْنَا!
التعليقات على الموضوع