وَكَأسُ الْمُرِّ ... بقلم حسن علي محمود الكوفحي

 

وَكَأسُ الْمُرِّ ... بقلم حسن علي محمود الكوفحي

وَكَأسُ الْمُرِّ ...


وَجَوْفُ الْبِئْرِ قَدْ كَشَفَتْ حِجَابَا
وَكَأسُ الْمُرِّ لَوْ عَلِمُوْا رُضَابَا
وَفِي شَرٍّ لِذِي بَصَرٍ ضِيَاءٌ
ضِيَاءُ الْقَلْبِ يَخْتَرِقُ الْعُبَابَا
جَمِيْلُ الصَّبْرِ لِلْمَظْلُوْمِ نُوْرٌ
بِلَيْلِ الْقَهْرِ يَنْسَكِبُ انْسِكَابَا
إذَا الإيْمَانُ عَمَّقَهُ عَذَابٌ
إلَى الْجَنَّاتِ قَرَّبَهُ اقْتِرَابَا
وَرُؤْيَا الْحَقِّ صَدَّقَهَا زَمَانٌ
وَلَيْلُ السِّجْنِ أكْرَمَهُ جَنَابَا
فَلَا ذِئْبٌ وَلَا سِجْنٌ عَدُوٌّ
هُوَ الشَّيْطَانُ يَخَتَالُ انْتِصَابَا
وَكُلُّ الْمَكْرِ يَنْسِفُهُ دُعَاءٌ
دُعَا الصِّدِّيْقِ قَدْ نَالَ الْجَوَابَا
وَعَرْشُ الْمُلْكِ مَطْلَبُهُ يَسِيْرٌ
وَأمْرُ اللهِ يَجْذِبُهُ اجْتِذَابَا
بُلُوْغُ الْمَجْدِ بِالْأخْلَاقِ حَقٌّ
إلَى الْأخْلَاقِ يَنْتَسِبُ انْتِسَابَا
فَمَا عَرَفُوْا عَنِ الصِّدِّيْقِ سُوءًا
وَخَيْرُ النَّاسِ مَنْ لِلْخَيْرِ آبَا
نِسَاءُ الْقَصْرِ ألْزَمَهُنَّ حَقٌّ
" عَزِيْزُ الْمِصْرَ " فِيْهِنَّ اسْتَرَابَا
بِعِصْمَتِهِ بِهَا الْآيَاتُ تُتْلَى
مَدَى الْأزْمَانِ لَوْ قَرَؤُوْا كِتَابَا
*****
وَمَنْ يُسْلِمْ إلَى الشَّيْطَانِ نَفْسًا
يَرَ الْإنْسَانَ كَلْبًا أوْ ذُبَابَا
وَرَائِدُهُ إلَى الْإفْسَادِ جَهْلٌ
بِذُلِّ الْجَهْلِ يَلْتَهِبُ الْتِهَابَا
خَفَافِيْشٌ وَفِي الظُّلُمَاتِ تَحْيَا
لِنُوْرِ الْفَجْرِ تَجْتَنِبُ اجْتِنَابَا
*****
وَلَمَّ الشَّمْلَ بَيْنَ الْأهْلِ رَبٌّ
جَزَاءُ الصَّبْرِ عَوَّضَهُمْ مَآبَا
وَخَرُّوْا سُجَّدًا تَصْدِيْقَ رُؤْيَا
إلَى عَرْشٍ بِهِ الْأبَوَانِ طَابَا
وَعَنْ " يَعْقُوْبَ " لَا تَسْألْ حُبُوْرًا
وَيَعْلَمُ مَا عَنِ " الْأسْبَاطِ " غَابَا
وَفِي " مِصْرٍ " لَقَدْ وَجَدُوْا أمَانًا
هِيَ الْأيَّامُ تَنْقَلِبُ انْقِلَابَا
*****
وَظِلُّ الْأمْنِ بَلَّغَهُمْ حَيَاةً
مُنَعَّمَةً وَلَا تَخْشَى الذَّهَابَا
وَطَبْعُ الدَّهْرِ فِي غِيَرٍ عَجِيْبٌ
لِصَوْلَتِهِ تَرَى عَجَبًا عُجَابَا
كَأنْ لَمْ تَغْنَ عِيْشَتُهُمْ بِيَوْمٍ
وَمِنْ عَنَتٍ صَغِيْرُ الْقَوْمِ شَابَا
وَفِرْعَوْنٌ يُلَاحِقُهُمْ بِظُلْمٍ
وَصَارَ الْمَوْتُ لِمَنْ صَبَرُوْا شَرَابَا
فَلَا أمَلٌ بَدَا لَهُمُ قَرِيْبٌ
وَكَانَ الْبَغْيُ لِلْحُكَّامِ دَابَا
*****
وَنَجَّ اللهُ " مُوْسَى " رُغْمَ حِذْرٍ
وَمَكْرُ الْكُفْرِ وَالشَّيْطَانِ خَابَا
وَفَجْرُ الْحَقِّ لِلضِّدَّيْنِ حَدٌّ
وَأهْلُ الْحَقِّ كَمْ عَانُوْا اغْتِرَابَا
وَ" مُوْسَى " بَعْدَ " يُوْ سُفَ " جَاءَ يَدْعُوْ
وَفِرْعَوْنٌ إلهٌ !! مَا اسْتَجَابَا
وَهذَا الْبَحْرُ يَشْهَدُ إنْفِلَاقًا
عَنِ الْآيَاتِ لَا تَسْألْ عَذَابَا
وَفِرْعَوْنٌ وَجُثَّتُهُ سَتَبْقَى
وَمِلْحُ الْبَحْرِ يَشْهَدُ كَيْفَ غَابَا
*****
وَبَعْدَ الْبَحْرِ قَدْ وَرِثُوْا بِلَادًا
بِمَا فِيْهَا وَأنْسَتْهُمْ عَذَابَا
وَمَا عَلِمُوْا بِأنَّ اللهَ يُعْطِي
لِمَنْ شَكَرُوْا وَمَا نَكَرُوْا عِقَابَا
وَبَعْدَ الْبَحْرِ كَمْ قَالُوْا " لِمُوْسَى "
عَلَى الضَّرَّاءِ رَبُّكَ مَا أثَابَا
وَكَانَ اللهُ أعْطَاهُمْ كَثِيْرًا
مِنَ النَّعْمَاءِ كَمْ سَخِطُوْا غِضَابَا
وَمَاءُ الْبَحْرِ لَمْ يَنْشَفْ بِثَوْبٍ
خُوَارُ الْعِجْلِ أفْئِدَةً أصَابَا
فَلَا مَنْنٌ وَلَا سَلْوَى غَنَاءٌ
أَيَا " مُوْسَى " نَبَاتُ الْأرْضِ طَابَا
وَفِي تِيْهٍ لَقَدْ صَارُوْا شَتَاتًا
نَعِيْمُ النَّصْرِ فِي الصَّحْرَاءِ غَابَا
فَلَا ظِلٌّ وَلَا مَاءٌ سَقَاهُمْ
نَسُوْا رَبًّا فَأنْسَاهُمْ صَوَابَا
كَلِيْمُ اللهِ يَأمُرُهُمْ بِحَرْبٍ
وَفِي رَدٍّ لَهُمْ كَانُوْا كِلَابَا
وَأهْلُ الْحَقِّ يَنْصُرُهُمْ إلهِي
وَبِالْإيْمَانِ مَلَّكَهُمْ رِحَابَا

بقلمي : حسن علي محمود الكوفحي

ليست هناك تعليقات