يُوسُفُ د معروف صلاح أحمد
( يُوسُفُ )
أَمَا زِلتَ في الجُبِّ ظَمآنًا
وَتَطلُبُ الرِّيَّ والحُبَّ وَالمَاء؟
كَيفَ تَركُوكَ أُخوَتُكَ يَا يُوسُفُ
مُعَلَّقًا كَالطَّائِرِ الحَزين
دُونَ حَبٍّ أوْ نَسِيم أو عَطَاء
بَينَ هَبَّاتِ الرِّيحِ بِلَا عِتَادٍ بِلَا تَنسِيم
بِلَا زَادٍ لِراحلَةٍ.. بِلَا أعُوادِ بَرسيم
لَم يُحَاجُوكَ أو يَلفَحُوكَ
وَهُمْ فِي عِزِّ الانتِظَارِ نَارٌ وَسُمُوم؟
هَلْ مَا فَعَلُوهُ يُعَدُُ جَبهَةُ انتِصَار
فَهَلُمُوا هَذَا انتِصَارٌ يَعقُبُهُ ازدِهَار
يَمحِي جَبِينَ هَزِيمَةَ الانكِسَار؟
مِن بَدوِ رُعَاةِ فِلِسطِين
حَتَّى آخِرِ هَزَائِمِ مَسَارِ المُسلِمِين
فَيَا خَاوِيَ الوِفَاضِ، املَأٰ جُفُونَكَ
مِن ( كَركُوكَ ) حَتَّى ( قَصرِ الحَمرَاء )
بِالنُّعَاسِ وَالرُّقَادِ وَالسُّهَاد
وَلَا تَنتَظِرْ رَفِيقًا فِي الدَّربِ كالزَّقُّوم
مِنَ المَركَزِ حتَّى مَمَاسِ التَّمَاس
لَا يُثَارُ وَلَا يُقَادُ وَلَايُستَأَنسُ
وَلَا يُسَاسُ حتَّى المِيعَاد
هَالِكٌ ذَلِكَ الشُّعُورُ والإِحسَاس
هَامَ بِهِ الفُؤَادُ وَاسَتكَانَ بِالحَنِين النَّاي
أَمَا زَالَتْ فَاجِعَةُ الأَنِينٍ والأَلمَاس
والغُربَةُ تَملَأُ الكِيَانَ الرَّزِينَ اللعِين؟
الضَّوءُ وَالصَّمتُ وَالظَّلَامُ وَالرَّنِين
وَجُيوبُ المُستَحِيلِ والآي
كُلُهَا تُنَادِيكَ كَفَاكَ مِنَ العَنَاءِ
كَفَاكَ مِنَ الرَّجَاءِ الرَّزِين والثَنَاء
بِئرُ الأَحزَانِ مَوصُولَةٌ بِالدِّلَاءِ
مَشدُودَةٌ بِاليَقِينِ وَمُثقَلَة وَخَاوِيَة
وَالحَبلُ مَمدُودٌ مِنَ اللَّهِ
بِوَرِيدٍ وَدِمَاءٍ وَ وَردِ سِنِين
السَّائِرُونَ بِوِردٍ كالنَّحلِ قَادِمُونَ
عَابِرُونَ نَحوَ البِئرِ بِلَا ارتِيَابٍ
دَائِمًا فِي طَنِينٍ وَيَبَاب
لَايَسأَلُونَ عَن مَن غَاب
وَلَا يَتَرَاجَعُونَ عَن آتُونَ تَنُّورِ المَاء
فَيَا سَمَاءَ ابلَعِي نُجُومَكِ وَأقلِعِي
عَن البَيَاتِ فِي العَرَاء
غِيضَ الدَّاءُ وَعَادَ المَاءُ للوَرَاء
وَمَا استَوَى الشَّقَاء وَالنَّمَاء والعَزَاء
فَعُشبُكَ يَا يُوسُفُ فِي الشٌِتَاءِ
فَيَّاضٌ وَفِي الخَرِيفِ مِعطَاء
فَمـَن يَشتـَرِي عُشبَ الرَّبِيعِ وَالتُّفَاح
وَيَمـلَأُهُ بـِصَيفِ الكَرْمِ وَقطَرَاتِ النَّدَى
ويرتاحُ من الفجَوَات ويمتلكُ الدَّار ؟
عَبرَ مِقصَلَةِ الزَّمَنِ والهُمُومِ والجِرَاح
جَرَحُوكَ يَا قلبَ يُوسُفَ بِالرَّدَى
وصرتَ مَكسُورَ الجَنَاح
فكَبُـرَت أَوجـَاعُنَـا.. وَعَظُمَت أَدوَارُنَا
وَكَثُرَ المَلَأُ حَولَ التُّخُومِ في البَراح
وعـدت كالقيصرِ أمِيرًا
عَلَى أَولَادِ العَم في البَاح
تُغَنِي بِسَيفِ النَّبضِ وَحِيـدًا في السَّاح
تَقطُرُ حِبرًا بِرِيشَةِ القَصِيد
وَتَقتُلُ الغَمَّ والهَمَّ والمَسَّ الشَّدِيد
وَتَبْنِي مَمَالِكًا مِنْ حَدِيد
في رِئَةِ الوَطَنِ باللمسِ والكَرَم
وَحَدِيثًا مُدجَجًا بالحُلمِ
عَن مُهجَةِ هَمسِ السَّكَن الجَدِيد
عَنكِ يَا أُمِّي عَنكَ يَا أَبِي
عَنكُم يَا أُخوَةِ الرَّحِمِ الشَّرِيد.
التعليقات على الموضوع