دروس البلاغة ..علم البيان .. المجاز..اعداد أماني الزبيدي
دروس البلاغة ..علم البيان .. المجاز
في الاسبوع الماضي .. تطرقنا الى علم البيان ..واغترفنا من روافده العذبة ( التشبيه)واليوم ننتقل الى فرعه الاخر ، وهو ( المجاز )
تعريفه :
المجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له،
لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى السابق.
كالدرر ، المستعملة في الكلمات الفصيحة في قولك:
فلان يتكلم بالدرر ..
فإنها مستعملة في غير ما وضعت له
إذ انها قد وضعت في الأصل للآلئ الحقيقية ،
ثم نقلت إلى الكلمات الفصيحة ... لعلاقة المشابهة بينهما في الحسن.
والذي يمنع من إرادة المعنى الحقيقي قرينة
إذن الشروط ثلاثة:
الأول: أن يكون مستعملًا في غير ما وضع له.
والثاني: أن يكون هناك علاقه بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي.
الثالث: أن يوجد قرينة تمنع من إرادة المعنى الحقيقي.
وينقسم المجاز إلى أربعة أقسام:
مجاز مفرد مرسل
ومجاز مفرد بالاستعارة (ويجريان في الكلمة)
ومجاز مركب مرسل
ومجاز مركب بالاستعارة (ويجريان في الكلام)
وأهمها «المجاز المرسل»
وهو المقصود بالذات
وسيأتي مجاز يسمَّى «المجاز العقلي» ويجري في الإسناد.
والمجاز: من أحسن الوسائل البيانية التي تهدي إليها الطبيعة لإيضاح المعنى
إذ به يخرج المعنى متصفًا بصفة حسية ، تكاد تعرضه على عيان السامع
لهذا شُغفت العرب باستعمال «المجاز» لميلها إلى الاتساع في الكلام، وإلى الدلالة على كثرة معاني الألفاظ، ولما فيه من الدقة في التعبير، فيحصل للنفس به سرور وأريحيَّة، ولأمر ما كثر في كلامهم، حتى أتوا فيه بكل معنًى رائق، وزينوا به خطبهم وأشعارهم.
المجاز المرسل :
تعريفه:
هو استعمال الكلمة في غير معناها الحقيقي
لعلاقةٍ غيرِ المشابهة مع قرينةٍ مانعة من إرادة المعنى الحقيقي مثل:
﴿ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ﴾ [يوسف: 36]
والخمرُ لا تُعصَر؛ لأنها سائلٌ, وإنما يُعصَر العنب الذي يتحول إلى خمر فإطلاق الخمر وإرادة العنب مجاز مرسل علاقته اعتبار ما سيكون.
علاقاته:
1- السببية: مثل: رعت الماشيةُ الغيثَ.
أي النبات؛ لأن الغيث لا يُرعَى، لكنه سبب ظهور النبات، فعُبر بالسبب (الغيث)، وأُريد المُسبب (النبات).
2- المسببية:مثل: ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [غافر: 13]
أي: مطرًا يسبب الرزق، فعبر بالمسبب (رزقًا)، وأريد السبب (المطر).
3- الكلية: مثل: ﴿ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ ﴾ [نوح: 7]
أي: رؤوس أصابعهم وهي الأنامل، فأطلق الكل وأريد الجزء.
4- الجزئية: مثل: ﴿ فتحرير رقبة مؤمنة ﴾
فكلمة (رقبة) جزء من الإنسان، وهو مجاز مرسل علاقته الجزئية.
5- المحلية: مثل: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ [يوسف: 82]
أي: أهل القرية، فذكر المحل وأريد الحالّ؛ أي: الساكن.
6- الحالية: مثل: نزلتُ بالقوم فأكرَموني
أي: نزلت بمكان القوم، فذكر الحال وأريد المحل.
7- اعتبار ما كان: مثل: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 2]
أي: الذين كانوا يتامى ثم بلغوا.
8- اعتبار ما سيكون: مثل: ﴿ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ﴾ [نوح: 27]
والمولود حين يولد لا يكون فاجرًا كفارًا
أي: سيكونون كفارًا كآبائهم وأجدادهم.
9- الآلية: مثل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ ﴾ [إبراهيم: 4]
حيث عبر باللسان عن اللغة لأنه آلتها.
فائدة المجاز البلاغية:
1- الإيجاز والاختصار في الكلام.
2- المبالغة البديعة في الكلام وقوة تأثيره.
3- التفنن والتنوع في الأساليب البلاغية
والمجاز العقلي:
هو يجري في الإسناد ( مسند والمسند إليه) ،ويقصد به تركيب الجملة، بمعنى أن يكون الإسناد إلى غير من هو له، ويشترط به العلاقة والدليل.
إذًا: لو قال قائل: ما الفرق بين المجاز العقلي والمجاز اللغوي؟
فالجواب: أن المجاز اللغوي - بنوعيه اللذين هما المجاز المرسل والاستعارة - يكون في الألفاظ.
فإن كانت العلاقة هي المشابهة، فهو استعارة، وإن كانت العلاقة غير المشابهة، فهو مجاز مرسل.
والمجاز العقلي: يكون في الإسناد؛ بمعنى: أن الكلمات يراد بها معناها الحقيقي ، لكن إسناد هذه الكلمة إلى هذه الكلمة هو المجاز.
فمثلًا: بنى الأمير المدينة،المراد بالبناء حقيقة البناء
والأمير أيضًا يراد بها الحقيقة، لكن إسناد البناء إلى الأمير، هذا هو المجاز.
مثال آخر: قال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا ﴾ [غافر: 13]
فهل المجاز في إنزال هذا الماء، أو في كلمة "رزق"؟
الجواب: أن المجاز هنا في كلمة "رزق".
والخلاصة الآن: أن الفرق بينهما:
أن المجاز اللغوي: يكون في الكلمات نفسها؛ بمعنى: أنه يراد بالكلمة خلاف المعنى الأصلي.
والمجاز العقلي: يكون في الإسناد؛ بمعنى: أن كل كلمة يراد بها المعنى الأصلي، لكن إسنادها إلى الكلمة الأخرى عقلي .
أرجو ان أكون قد وفقت في إيصال المعلومة .
تحيتي وفائق التقدير والاحترام للجميع
التعليقات على الموضوع