قراءة نقدية تحليلية لقصيدة فلسطين للهيثم..بقلم فاطمة يوسف عبد الرحيم

قراءة نقدية تحليلية لقصيدة فلسطين للهيثم..بقلم   فاطمة يوسف عبد الرحيم


قراءة نقدية تحليلية لقصيدة فلسطين للهيثم..

"إني أخترتك يا وطني حبا وطواعية"
🔹 فلسطين هي الجرح الغائر في جبين الأمة العربية قراءة من الأديبة " فاطمة يوسف عبد الرحيم " لقصيدة "فلسطين" للشاعر المبدع هيثم النسور
🔹
استهل الشاعر قصيدته بمناجاة نفسه بأسلوب بلاغي رائع يسمى الالتفات، ليبين ضعفه وأثر الألم على نفسه، ثم أتبعه بأسلوب حجاجي حين تحدى الآه واحتسب حقه عند الله، ووعد ذاته المتألمه أنه سيتصدى للألم ولن يترك المصاعب تهزمه.
يَا نَـفـسُ صَـبـرًا فَـقَـدْ أَعـيَـتـنِـيَ الْآهُ
مَهمَا عَـتَـا الدَّهرُ حَسـبُ الْـمَـرءِ مَولَاهُ
🔹
انتقل الشاعر إلى المشهدية في صورة تكوينية لحال الزمن الليلي وأبدع في استخدام تدرجات لون العتمة في كينونة الليل، وكأنه استخدم تكعيبية بيكاسو في رسم لوحة الليل.
وَ إن دَجَـى الـلَّيـلُ وَ اسوَدَّتْ غَيَاهِبُهُ
لَـنْ يَـجـتَـلـي سَـدفَـةَ الـدَّيـجُـورِ إِلَّاهُ
🔹
لقد شخص النجم وأنطقه في حوارية الشكوى وتقاطعت الذات الحائرة الموجوعة مع المكان المقدس، لأنه من حق كل الذوات المسلمة أن تعانق هذا المكان.
أُسَـامِـرُ النَّـجـمَ لَـيـلِـي لَا هُـجُـوعَ بِـهِ
أَلَــيــسَ لِـلـنَّــجْــمِ آذَانٌ وَ أَفـــواهُ ؟؟
بِـمَـسـجِـدٍ كَـانَ أُولَى الْـقِـبـلَـتَينِ فَقَدْ
أَشَــــادَهُ الـلـَّـهُ مِـن نُــــورٍ وَ سَـــوَّاهُ
🔹
وحسب الطريقة الجشطلتية الإدراكية انتقل الشاعر من العام إلى الخاص أو من الكل (فلسطين)، إلى الجزء المقدس وإلى الأكثر خصوصية وهي الذات النبوية-صلى الله عليه وسلم - وما من الله عليها من معجزات رحلة الإسراء والمعراج بتفاصيل مبهرة:
أُسْـرِي إِلـيـهِ رَسُـولَ الـلَّـهَ وَ انتَـظَمَتْ
جَـحـافِـلُ الـرُّسـلِ صَـفًّـا فِي مُـصَـلَّاهُ
يَـؤُمُّـهُـمْ فِـي خُشُوعِ الـزُّهـدِ سَيِّدُهُمْ
وَ مَـا تَــسَــنَّـــمَ ذُو جَــــاهٍ لِــمَــرقَــاهُ
فِـي مُـحكَـمِ الذِّكرِ وَ الـتَّـنـزِيـلِ بَارَكَهُ
يُـعـلِـيـهِ بِـالـطُّـهـرِ، وَ الـتَّشرِيفَِ أَولاهُ
أَسـداهُ قُـدسِـيَّــةً أَربَــتْ طَـهَـارَتُــهَــا
عَـلَـى الْـمَـقَـامَـاتِ وَ الإِفـضَـالَ أَهدَاهُ
لَـمَّـا أَتَـى الْـمُـجتَبَى الْفَاروقُ صَلَّى بِهِ
وَ كَـاهِــنُ الـدَّيــرِ بِـالـتَّـهـلِــيــلِ لاقَـاهُ
🔹
وانتقل إلى الذوات المكانية الثائرة بوجه الطغيان من (القدس وغزة إلى نابلس وعسقلان وبئر السبع وتل الربيع....) ووصف خيرات المدن وطبيعتها الغناء التي لامثيل في العالم، وهذه المدن التي ترسخت معاناتها وحمولاتها الجمالية في الذاكرة العربية وربما العالمية التي أوجعها الظلم والعدوان، وهي دلالة سيميائية مسيطرة على الإيقاع الشعري.
ثَــرَاكِ مِـن مُـقَـلٍ ذَابَــتْ مَـحَـاجِـرُهَـا
أَضـحَـى لِـكُـلِّ شَـهِـيـدٍ مـاتَ، مَـثـوَاهُ
مِـن كُـلَّ شَـهـمٍ هُـمَـامٍ أَشْـوَسٍ وُلِدَتْ
تَـهَـابُـهُ الْأُسْـدُ وَ الشُّـجـعَـانُ تَـخـشَاهُ
🔹
في هذه القصيدة جاءت اللغة سهلة متدفقة تناغمًا موسيقيًا تصاعديًا بين صوتين متباينين في كل شيء، بين الظلم والإباء وعدم التخاذل
كإشارة سيميائية بالغة الدلالة على قلة الحيلة والخضوع القسري أمام جبروت المسيطر المتقنع زيفًا بديمقراطية مهيضة.
🔹
تناوبت في القصيدة إيقاعات متباينة كما في السلم الموسيقي فالخفوت متمثلا بالدلالة الإيمانية كما في الحرف الهادئ (صو) والجهر بين كما في الصوت الصادح الصاعد (فا/لا) وهذه تدل على مهارة متمكن في الإيقاع المشهدي والنظمي.
* في هذه القصيدة أتقن الشاعر فنياته في النظم والأسلوب واللغة.. وأطلق رسالة وطنية ودينية! أو صافرة إنذار لحجم الكارثة التي تحدث في فلسطين الوطن الحبيب على كل مسلم وعربي.
🔹
قارن الهيثم بين أحداث زمنين من الماضي الثائر والمتصدي لأقوى صنديد في العالم (نابليون) وهذا الزمن الحاضر المملوء بالهزائم والمتصف بالمذلة.
🔹
تميز أسلوب التخييل القائم على رؤية العذراء تبكي على ما يحدث من إسالة الدمع
نـاشَـدتُـكِ الـلـَّـهَ يَا عَذرَاءُ كَـمْ ذَرَفَـتْ
عَـيـنـيكِ مِن مَدمَـعٍ صـانَـتـهُ جَـفـنَـاهُ
لِـيَـمسَـحَ الْـدَمَّ فَـالصُّلبَانُ قَدْ خُضِبتْ
وَ لَــيــسَ غَــــروًا فَــقَــلْــبُ الْأُمِّ أَوَّاهُ
🔹
المناجاة هنا موجه إلى مهبط الوحي شاكيا غدر الزمان
يَا مَـهـبَـطَ الْوَحيِ قَد عَاثَ الْغُزاةُ بِـهَا
مِـحـرَابُـهَـا يَـلـتَـجِـي مِن غَدرِ أَعْــدَاهُ
🔹
يعود الشاعر إلى تقرير تشابه الحال بين ماكان في الأندلس الذي زرعناه بالبغضاء التي أدت إلى استمرارية الفتن ثم الطرد الكلي منها بعد حكم استمر إلى ثمانية قرون.
كَــأَنَّ أَنـدَلُــسًــا أُخــرَى بِـنَـا وَقَـعَــتْ
لَا غَــروَ هَــذَا الَّــذِي كُـــنَّــا زَرَعــنَــاهُ
🔹
وهنا مقابلة ضدية بين فعلي الارتقاء والأنفة وبين التراخي والتضعف
مَـن يَـرتَـقِي فِي جِبَالِ الْـعِـزِّ ذو أَنَـفٍ
وَ مَـن تَـوَانَـى فَــإِنَّ الـلَّـحـدَ مَــثْــوَاهُ
🔹
التقابل الشعوري بين حالتي الذعر لدى العدو بجحافله من شجاعة طفل يرمي بحجر وهنا المشهد يبين بين فعل بسيط وردة فعل حركية قوية.
شَـاهَـتْ وُجُوهُـكُـمُ ذُعـرًا فَـرَاجِمُـكُـمْ
طِـفـلٌ بِـحَـصبـائِـهِ مَـا خَـابَ مـَرمــاهُ
🔹
التنبؤ بالمصير الانهزامي للمحتل الغاصب كما ورد في محكم الكتاب
فَــلْــتَـعـلُــوَنَّ، فَـــإِنَّ الـلـَّـهَ أَخــبَــرَنَـا
فِـي مُحكَمِ الذِّكـرِ لَنْ يَـعـلُو لكم جَـاهُ
تتميز هذه القصيدة بتصويرها للمشاعر الإنسانية بدقة متناهية، وهي تمثل أهم الأشكال النظمية ونظراً لانفتاحها على العديد من آفاق التأويل والتمحيص نظراً لتطور آلياتها النظمية، فتنوعت أشكال الخطاب وهي عبارة عن مجريات وطنية ونضالية بإيقاع على تعدد المستويات اللغوية والدلالية .
🔹
أبدع الشاعر لوحاته الطبيعية حين اتقن وصف الطبيعة ليبرز جمالها الآسر وبث فيها من روحه العابثة نقاء وصفاء.
🔹
إن حركة القصيد تماوجت حيوية حين نوع الشاعر بأزمنة الأفعال بين فعل ماض وحضر وفعل مبن للمجهول الذي هو معلوم لدى المستمع وهذه مهارة تميز بها الشاعر.
🔹
تماهى الشاعر حبا للمدن الفلسطينية حين استخدم الأسلوب الإستفهامي في" أين" التي خرجت عن مقتضاها الاستفهامي إلى أسلوب التحسر على هذه المدن وأيضا إلى الإعجاب بها فهنا زاوج بين عاطفتين متناقضتين في آن واحد وهذه مقدرة مميزة لدى الهيثم العاشق لفلسطين وقد وضح البنية الثقافية لكل المدن المحتلة ليؤكد تراثيتها وليحارب فكرة هيمنة التَّطبيع الذي يزداد حولنا ويطفئ وعيُ الهزائم التي سيطرت علينا.
وَ أَيـنَ يَـافَـا وَ مَـا تَـحـوِي جَـنَـائِـنُـهَـا
مِـن طَــيِّــبَــاتٍ وَ طَـلـحٍ لَـذَّ طَـعـمَـاهُ
🔹
نحن أمام منظومة جمالية قد أحسن استثمارها ونتج عنها نصا شعريا ذا نسق جمالي مرتهن بمعاناة وقضية الشعب الفلسطيني .
🔹
كشف عن صيغة التوافق بين الدين الإسلامي والنصرانية.
لَـمَّـا أَتَـى الْـمُـجتَبَى الْفَاروقُ صَلَّى بِهِ
وَ كَـاهِــنُ الـدَّيــرِ بِـالـتَّـهـلِــيــلِ لاقَـاهُ
🔹
قد يكون وجود هذا البيت مثلبة في التسلسل الفكري حين ورد ذكر "يُـوسُـفٌ إِبـنَ يَـعـقُــوبٍ" بين حزمة المدن الفلسطينية ليته يلحقه برحلة الإسراء والمعراج حين ذكر الانبياء.
وَ يُـوسُـفٌ إِبـنَ يَـعـقُــوبٍ وَ عِــتْـرَتُـهُ
تَــبــارَكَ الـلَّـــهُ مَــا أَبــهَـــى ثَـنَــايَــاهُ
🔹
الانزياح البلاغي (الْـمَـجـدُ يَـخـتَـالُ/ ظِــلالُ حُـضـنِـكَ/جَـارَتْ عَلـيـكِ الـلَّـيَـالِـي في مَكائِدِهَا )
🔹
القصيدة زاخرة بالمعاني والصور والأفكار لعلني أحطت ببعضها وأتقدم بالشكر للشاعر الرائع هيثم النسور الذي يتحفنا بروعة أشعاره بين الفينة والأخرى... لك مني كل التحايا والتقدير.
💠💠💠💠💠💠
🔸
(نص القصيدة):
فِلَسْطِين..
▪️
هيثم محمد النسور
يَا نَـفـسُ صَـبـرًا فَـقَـدْ أَعـيَـتـنِـيَ الْآهُ
مَهمَا عَـتَـا الدَّهرُ حَسـبُ الْـمَـرءِ مَولَاهُ
وَ إن دَجَـى الـلَّيـلُ وَ اسوَدَّتْ غَيَاهِبُهُ
لَـنْ يَـجـتَـلِـي سَـدفَـةَ الـدَّيـجُـورِ إِلَّاهُ
أُسَـامِـرُ النَّـجـمَ لَـيـلِـي لَا هُـجُـوعَ بِـهِ
أَلَــيــسَ لِـلـنَّــجْــمِ آذَانٌ وَ أَفْـــوَاهُ ؟؟
وَ الْـمَـجـدُ يَـخـتَـالُ فِي أَرضٍ مُبارَكَةٍ
أَضْحَتْ فِـلَسْـطِينُ أَرْضَ الْـعِـزِّ، مَأوَاهُ
بِـمَـسـجِـدٍ كَـانَ أُولَى الْـقِـبـلَـتَينِ فَقَدْ
أَشَــــادَهُ الـلـَّـهُ مِـن نُــــورٍ وَ سَـــوَّاهُ
أُسْـرِي إِلـيـهِ رَسُـولَ الـلَّـهَ وَ انتَـظَمَتْ
جَـحـافِـلُ الـرُّسـلِ صَـفًّـا فِي مُـصَـلَّاهُ
يَـؤُمُّـهُـمْ فِـي خُشُوعِ الـزُّهـدِ سَيِّدُهُمْ
وَ مَـا تَــسَــنَّـــمَ ذُو جَــــاهٍ لِــمَــرقَــاهُ
فِـي مُـحكَـمِ الذِّكرِ وَ الـتَّـنـزِيـلِ بَارَكَهُ
يُـعـلِـيـهِ بِـالـطُّـهـرِ، وَ الـتَّشرِيفَِ أَولاهُ
أَسْـدَاهُ قُـدسِـيَّــةً أَربَــتْ طَـهَـارَتُــهَــا
عَـلَـى الْـمَـقَـامَـاتِ وَ الإِفـضَـالَ أَهدَاهُ
لَـمَّـا أَتَـى الْـمُـجتَبَى الْفَاروقُ صَلَّى بِهِ
وَ كَـاهِــنُ الـدَّيــرِ بِـالـتَّـهـلِــيــلِ لاقَـاهُ
يَا أَيُّـهَـا الْـوَطَـنُ الْـمَـنـكُـوبُ مَـعــذِرَةً
إِنْ زادَ كَــربُــكَ إَنَّ الْـكَـاشِـــفَ الـلـَّــهُ
ظِــلالُ حُـضـنِـكَ تَـأوي كُـلَّ مُـلـتَمِسٍ
لِلأَمـنِ، بُـورِكــتِ لِـلـمَـذعـورِ مَـلـجَـاهُ
يَـاقُـدسُ أَنـتِ مَـعِـيـنٌ لَا نُـضُـوبَ لَـهُ
نِـبـرَاسُـكِ الْـعِـلمُ وَ الإِجـحَـافُ أَطفَاهُ
جَـارَتْ عَلـيـكِ الـلَّـيَـالِـي في مَكائِدِهَا
وَ سَـامَـكِ الـدَّهـرُ مِـن أَعْـتَى أَسَـايَـاهُ
يَـا غَـزَّةَ الْـمَـجـدِ يَـا أَمَّ الـلُّـيُـوثِ لَـقَدْ
أَوجَعـتِ قَـلـبِـي وَ مَـا يُضنِيكِ أَضنَاهُ
ثَــرَاكِ مِـن مُـقَـلٍ ذَابَــتْ مَـحَـاجِـرُهَـا
أَضـحَـى لِـكُـلِّ شَـهِـيـدٍ مـاتَ، مَـثـوَاهُ
مِـن كُـلَّ شَـهـمٍ هُـمَـامٍ أَشْـوَسٍ وُلِدَتْ
تَـهَـابُـهُ الْأُسْـدُ وَ الشُّـجـعَـانُ تَـخـشَاهُ
مِـنـهَـاجُـهُـمْ لِـصِـرَاطِ الْـحَـقِّ أَرشَدَنَـا
وَ فَـقَّـهُـونَـا كِـفَـاحًـا قَـدْ جَــهِــلــنَـــاهُ
بِـيـرُ الـسِّـبَـاعِ، بِـجَـأشٍ عَــزَّ جَـانِـبُـهَا
فِـيـهَـا الشَّـهَـامَـةُ وَ الْإِقـدَامُ وَ الْـجَـاهُ
وَ يَـنـبُـعُ الْـمَـاءُ مِـن غُـدرَانِـهَـا غَـدِفًـا
كـأَنَّــهُ سَـلـسَـبِــيـلٌ فَــــاضَ مَـجــرَاهُ
تَـلُّ الـرَّبِـيعِ مِن الْفِردَوسِ قَدْ صُرِمَتْ
فِـيـهَـا قَـطِيـعُ الـمَـهـا قَدْ طَابَ مَرعَاهُ
وَ يُـوسُـفٌ إِبـنَ يَـعـقُــوبٍ وَ عِــتْـرَتُـهُ
تَــبــارَكَ الـلَّـــهُ مَــا أَبــهَـــى ثَـنَــايَــاهُ
نَـابُـلْـسُ أُمُّ الـصَّنَـادِيـدَ الْأُلَى صَـدَقُوا
مَـا عَـاهَـدوا الـلـَّـهَ وَ الرِّعـدِيـدُ، تَـأباهْ
هُـــمْ عُـصـبَــةٌ أَذعَـنُـوا لِـلـَّهِ عَن أَرَبٍ
لَا يَـرتَـضُـونَ سِـوَى مَـا كَـانَ يَـرضـاهُ
وَ عَسـقَـلَانُ الَّـتِـي يَـمَّـمْـتُ سَـاحـتَـهَا
لَـعَـلَّ جَـفـنِـي يَـرَى مَـن كُـنـتُ أَهوَاهُ
لَا تَـحـزَنِــي تُـرْمُـسَعْـيَـا دَهــرُنَـا دُوَلٌ
عَـسَـى يُـفَــرَّجُ عــنَّــا مَــا ابـتُـلِـيـنَـاهُ
إِنْ يَلتَمِسْ ذُو بَـيَـانٍ وَصفَ سُؤدُدكُمْ
فـإِنَّــهُ دُونَ شَــــكٍّ خَـــابَ مَـسـعَـــاهُ
مَـن مِـثلُ عَـكَّـا وَ مَن بِالْفَضلِ قَارَعَهَا
فَسُـورُهَـا، جَـيـشَ نَـابِـلـيُـونَ أَفـنـــاهُ
هَــذِي دِيَـارُكِ لَـمْ تَـخـبُ مَـوَاقِــدُهَــا
طُـوبَى لِـمَـنْ تَـبـذُلُ الْإِحـسَـانُ كَـفَّـاهُ
وَ مَـنْ يُـضَـاهِـيـكَ فِـي عِـزٍّ وَ مَكرُمَةٍ
تَــبــارَكَ الـلـَّـهُ أَجْـدَتــنَــا عَــطَــايَـــاهُ
أَريـِجُكِ المِـسكُ قد ضَاعَ النَّسيـمُ بـِه
فَـاحَـتْ بِـرَوضَـتِــكَ الْــغَــنَّــاءُ رَيَّـــاهُ
وَ أَيـنَ قَـلْـقِـيـلِـيَـةْ أَمْ أَيــنَ رامَ الـلـَّـهْ
وَ أَيـنَ حَــيْــفَـا وَ أُنْــسٌ قَـدْ أَلِــفْـنَـاهُ
وَ أَيـنَ يَـافَـا وَ مَـا تَـحـوِي جَـنَـائِـنُـهَـا
مِـن طَــيِّــبَــاتٍ وَ طَـلـحٍ لَـذَّ طَـعـمَـاهُ
فِـيـهَـا الْـعَـرَائِشُ قَد حَانَ الْقُطَافُ لَهَا
يَـفِـيـضُ مِن سَـهـلِـهَـا خَيرًا جَـنَـيـنَـاهُ
نـاشَـدتُـكِ الـلـَّـهَ يَا عَذرَاءُ كَـمْ ذَرَفَـتْ
عَـيـنـيكِ مِن مَدمَـعٍ صـانَـتـهُ جَـفـنَـاهُ
لِـيَـمسَـحَ الْـدَمَّ فَـالصُّلبَانُ قَدْ خُضِبتْ
وَ لَــيــسَ غَــــروًا فَــقَــلْــبُ الْأُمِّ أَوَّاهُ
يَا مَـهـبَـطَ الْوَحيِ قَد عَاثَ الْغُزاةُ بِـهَا
مِـحـرَابُـهَـا يَـلـتَـجِـي مِن غَدرِ أَعْــدَاهُ
كَــأَنَّ أَنـدَلُــسًــا أُخــرَى بِـنَـا وَقَـعَــتْ
لَا غَــروَ هَــذَا الَّــذِي كُـــنَّــا زَرَعــنَــاهُ
مَـن يَـرتَـقِي فِي جِبَالِ الْـعِـزِّ ذو أَنَـفٍ
وَ مَـن تَـوَانَـى فَــإِنَّ الـلَّـحـدَ مَــثْــوَاهُ
شَـاهَـتْ وُجُوهُـكُـمُ ذُعـرًا فَـرَاجِمُـكُـمْ
طِـفـلٌ بِـحَـصبـائِـهِ مَـا خَـابَ مـَرمــاهُ
فَــلْــتَـعـلُــوَنَّ، فَـــإِنَّ الـلـَّـهَ أَخــبَــرَنَـا
فِـي مُحكَمِ الذِّكـرِ لَنْ يَـعـلُو لكم جَـاهُ

فاطمة يوسف عبد الرحيم

ليست هناك تعليقات