شَجَنُ الْأنَامِلِ ...بقلم حسن علي محمود الكوفحي

شَجَنُ الْأنَامِلِ ...بقلم حسن علي محمود الكوفحي

شَجَنُ الْأنَامِلِ ...


أُرْدُنُّنَا يَا دَارَةَ الْأحْرَارِ
مَثْوَى الصَّحَابَةِ أنْتَ وَالْأخْيَارِ
قَبَسٌ مِنَ الْأنْوَارِ جَسَّدَهُ الْأُلَى
بِالدَّمِّ وَالْأرْوَاحِ وَالْإكْبَارِ
وَمِنَ الشَّمَالِ إلَى الْجَنُوْبِ تَحَدَّثَتْ
عَبْرَ الزَّمَانِ بَلَاغَةُ الْآثَارِ
كَالْمِسْكِ شَعْبُكَ فِي الْمَحَبَّةِ وَالْفِدَى
ثَمَرُ الْفَضِيْلَةِ مِنْ جَنَى الْأبْرَارِ
يَا فَلْذَةً مِنْ مُهْجَةٍ عَرَبِيَّةٍ
وَبِكَ الْجُذُوْرُ عَظِيْمَةُ الْمِقْدَارِ
مِنْ عَهْدِ حَرْفٍ صَاغَ " نِبْطٌ " نَقْشَهُ
بَلْ عَهْدِ " مِيْشَعَ " خُطَّ بِالْأحْجَارِ
يَهْوَاكَ يَا وَطَنًا ضَرَاغِمَةُ الشَّرَى
وَشَهَادَةُ " الْيَرْمُوْكِ " نَهْرٌ جَارِ
وَمَدَى الْهُيَامِ لِهَامِنَا تَاجُ الْعُلَا
وَبِكَ السَّمَا تَكْتَظُّ بِالْأقْمَارِ
وَالشَّعْبُ مُهْجَتُكَ الَّتِي أحْبَبْتَهَا
وَالشَّعْبُ يَبْقَى دُرَّةَ الْأخْيَارِ
فِي الصَّخْرِ قَدْ نَحَتَ الْأُبَاةُ مَعَالِمًا
كَالشَّمْسِ فِي الْآفَاقِ لِلزُّوَّارِ
وَالْيَوْمَ يَا عَبَقَ الْجُدُوْدِ وَمَجْدَهَا
حَمْلُ الْأمَانَةِ شِيْمَةُ الْجَبَّارِ
وَبِكَ اصْطِبَارٌ كَالْجِبَالِ رُسُوْخُهُ
سَتَظَلُّ مَهْدَ الْفَتْحِ وَالثُّوَّارِ
طَمَعُ الْأعَادِي فِي ثَرَاكَ مُؤَكَّدٌ
فِي " الْغَوْرِ" ذَلَّتْ شِلَّةُ الْأشْرَارِ
وَأنَا الْمُحِبُّ ثَرَاكَ حُبَّ الْمُفْتَدِي
إنَّ الْمَحَبَّةَ ذَرْوَةُ الْإيْثَارِ
فِي الْغَرْبِ مِنْكَ شَقِيْقَةٌ مَأْسُوْرَةٌ
قَدْ آنَ كَسْرُ سَلَاسِلَ الْفُجَّارِ
إنَّا بِغَيْرِ الْقُدْسِ وَالْأقْصَى هَوَا
مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ أُمَّةُ الْمِلْيَارِ
يَا أُمَّةً خَذَلَتْ ضِيَاءَ عُيُوْنِهَا
أيْنَ الْبَشِيْرُ يَعُوْدُ بِالْإبْصَارِ ؟؟
كُنْ أنْتَ بُشْرَى فَجْرِهَا وَقَمِيْصِهَا
بِالْجَيْشِ خُضْ بِالشَّعْبِ خُضْ بِالنَّارِ
مِنْ بَعْدِهَا فَلَأنْتَ عِشْقِيَ وَالْهَوَى
مِنْ قَبْلُ كُنْتَ حُشَاشَةَ الْأشْعَارِ
أُرْدُنَّنَا إنَّ الشَّتَاتَ جَرِيْمَةٌ
كُنْ مِثْلَ خَيْطِ الدُّرِّ لِلْأقْطَارِ
وَطَنِي الْكَبِيْرُ بَدَا عَلَى أمَلِ الْمُنَى
زَمَنُ الرَّشِيْدِ كَأنَّهُ فِي دَارِي
تَتَسَابَقُ الْعَبَرَاتُ فِي رَسْمِ الرُّؤَى
طُوْبَى لِمُتَّبِعٍ خُطَى الْمُخْتَارِ
مَا ضَلَّ سَيْرٌ فِي فِجَاجٍ إنْ دَجَتْ
لَوْ فِي الْقُلُوْبِ هِدَايَةُ الْأبْصَارِ
وَعَرُوْسَةُ الْأُرْدُنِّ تَزْهُوْ عِزَّةً
يَا سَلْوَةَ الْأرْوَاحِ وَالسُّمَّارِ
مِنْ " إرْبِدٍ " قَسَمَاتُ وَجْهِيَ لَوْنُهَا
وَسَمَارُهُا مِنْ خُضْرَةِ الْأشْجَارِ
وَبِهَا الْبَلَابِلُ لِلْقُلُوْبِ مَعَارِجٌ
وَالشَّدْوُ يُوْقِظُ هَدْأةَ الْأسْحَارِ
وَسَمَاءُ إرْبِدَ إبْتِهَالٌ عَمَّهَا
صَوْتُ الْمَآذِنَ جَذْوَةُ الْعَمَّارِ
وَالْجَامِعَاتُ بِهَا مَصَابِيْحُ الْهُدَى
بِالْعِلْمِ تَسْطَعُ فِي سَمَا الْأمْصَارِ
إنِّيْ كَمَا الدُّوْرِيِّ فِي طُرُقَاتِهَا
أُلْقِي التَّحِيَّةَ مَعْ شَذَا الْأزْهَارِ
وَالطَّرْفُ كَحَّلَهُ جَمَالُ طَبِيْعَةٍ
وَظِبَاؤُهَا إشْرَاقَةُ النُّوَّارِ
رَحَمَاتُ رَبِّي جَمَّةٌ بِرُبُوْعِهَا
وَالْحُبُّ يَمْسَحُ عَبْرَةَ الْأقْدَارِ
وَرِجَالُهَا وَنِسَاؤُهَا وَشَبَابُهَا
نَسْمٌ وَلِلْأعْدَاءِ كَالْخَطَّارِ
رَقَّتْ حَوَاشِي النَّفْسُ فَهْيَ كَرِيْمَةٌ
وَعَلَى الرُّبَى جَوَّادَةُ الْأمْطَارِ
إنِّي إلَى الْأُرْدُنِّ دَفَّاقُ الْهَوَى
شَجَنُ الْأنَامِلِ ألْهَبَتْ قِيْثَارِي
مِنْ كُلِّ بَارِقَةِ السَّنَا خَطَّتْ عُلًا
عَكْسَ الْمُرُوْرِ تُرَى ؟ جَرَتْ أفْكَارِي

بقلم حسن علي محمود الكوفحي

ليست هناك تعليقات