صَــرَمـتِ حِـبـالَكِ بَـعـدَ وَصـلَكِ زَيـنَـبُ...امير المؤمنين علي بن ابي طالب كما رجح بعض الباحثين نسبتها لصالح عبد القدوس
صَــرَمـتِ حِـبـالَكِ بَـعـدَ وَصـلَكِ زَيـنَـبُ
وَالدَهـــرُ فـــيــهِ تَــصَــرُّمٌ وَتَــقَــلُّبُ
نَـشَـرَت ذاوئِبَهـا الَّتـي تَـزهـو بِها
ســوداً وَرَأسُــكَ كَـالنَـعـامَـةِ أَشـيَـبُ
وَاِســتَــنـفَـرَت لَمـا رَأَتـكَ وَطَـالَمـا
كــانَــت تَــحِــنُّ إِلى لُقــاكَ وَتَـرهَـبُ
وَكَــذاكَ وَصــلُ الغــانِــيــاتِ فَــإِنَّهُ
آلٌ بِــــبَــــلقَــــعَــــةٍ وَبَـــرقٍ خُـــلَّبُ
فَــدَعِ الصِـبـا فَـلَقَـد عَـداكَ زَمـانُهُ
وَاِزهَـد فَـعُـمـرُكَ مِـنـهُ وَلّى الأَطيَبُ
ذَهَــبَ الشَـبـابُ فَـمـا لَهُ مِـن عَـودَةٍ
وَأَتـى المَـشـيـبُ فَأَينَ مِنهُ المَهرَبُ
ضَــيــفٌ أَلَمَّ إِلَيــكَ لَم تَــحــفَــل بِهِ
فَــتَــرى لَهُ أَسَــفـاً وَدَمـعـاً يَـسـكُـبُ
دَع عَنكَ ما قَد فاتَ في زَمَنِ الصِبا
وَاُذكُـر ذُنـوبَـكَ وَاِبـكِهـا يـا مُذنِبُ
وَاِخــشَ مُــنــاقَــشَـةَ الحِـسـابِ فَـإِنَّهُ
لا بُـدَّ يُـحـصـي مـا جَـنَـيـتَ وَيَـكـتُبُ
لَم يَـنـسَهُ المَـلَكـانِ حـيـنَ نَـسـيتَهُ
بَــل أَثــبَــتــاهُ وَأَنــتَ لاهٍ تَـلعَـبُ
وَالرُوحُ فــيــكَ وَديــعَــةٌ أَودَعـتُهـا
سَــنَــرُّدهــا بِـالرَغـمِ مِـنـكَ وَتُـسـلَبُ
وَغَـرورُ دُنـيـاكَ الَّتـي تَـسـعـى لَهـا
دارٌ حَــقــيــقَــتُهــا مَــتــاعٌ يَـذهَـبُ
وَاللَيـلَ فَـاِعـلَم وَالنـهارَ كِلاهُما
أَنــفــاسُـنـا فـيـهـا تُـعَـدُّ وَتُـحـسَـبُ
وَجَــمــيــعُ مــا حَــصَّلــتَهُ وَجَــمَـعـتَهُ
حَـقّـاً يَـقـيـنـاً بَـعـدَ مَـوتِـكَ يُـنـهَبُ
تَــبّــاً لِدارٍ لا يَــدومُ نَــعــيـمُهـا
وَمَــشــيــدُهــا عَــمّــا قَـليـلٍ يُـخـرَبُ
فَـاِسـمَـع هُـديـتَ نَـصـائِحـاً أَولاكَها
بَــــرٌ لَبـــيـــبٌ عـــاقِـــلٌ مَـــتَـــأَدِّبُ
صَــحِـبَ الزَمـانَ وَأَهـلَهُ مُـسـتَـبـصِـراً
وَرَأى الأُمـورَ بِـمـا تَـؤوبُ وَتَـعـقُبُ
أَهـدى النَـصـيـحَـةَ فَـاِتَّعـِظ بِـمَقالِهِ
فَهُـــوَ التَـــقِــيُّ اللَوذَعــيُّ الأَدرَبُ
لا تَــأمَــنِ الدَهــرَ الصَـروفَ فَـإِنَّهُ
لا زالَ قِـــدمـــاً لِلرِجـــالِ يُهـــذِّبُ
وَكَـــذَلِكَ الأَيّـــامُ فــي غَــدَواتِهــا
مَــرَّت يُــذَلُّ لَهــا الأَعَــزُّ الأَنَـجَـبُ
فَـعَـلَيـكَ تَـقوى اللَهِ فَاِلزَمها تَفُز
إِنَّ التَــقِــيَّ هُــوَ البَهِــيُّ الأَهـيَـبُ
وَاِعـمَـل لِطـاعَـتِهِ تَـنَـل مِنهُ الرِضا
إِنَّ المُـــطـــيـــعَ لِرَبِّهـــ لَمُـــقَـــرَّبُ
فَـاِقـنَـع فَـفـي بَـعضِ القَناعَةِ راحَةٌ
وَاليَــأسُ مِـمّـا فـاتَ فَهـوَ المَـطـلَبُ
وَإِذا طَــمِــعــتَ كُــسـيـتَ ثَـوبَ مَـذَلَّةٍ
فَــلَقَــد كُـسِـي ثَـوبَ المَـذَلَةِ أَشـعَـبُ
وَتَــوَقَّ مِــن غَـدرِ النِـسـاءِ خِـيـانَـةً
فَــجَــمــيــعُهُــنَ مَــكـائِدٌ لَكَ تُـنـصَـبُ
لا تَـأَمَـنِ الأُنـثـى حَـيـاتَـكَ إِنَّهـا
كَـالأُفـعُـوانِ يُـراعُ مِـنـهُ الأَنـيَـبُ
لا تَــأَمَــنِ الأُنــثـى زَمـانَـكَ كُـلَّهُ
يَـومـاً وَلَو حَـلَفَـت يَـمـيـنـاً تَـكـذِبُ
تُـغـري بِـطـيـبِ حَـديـثِهـا وَكَـلامِهـا
وَإِذا سَـطَـت فَهِـيَ الثَـقـيـلُ الأَشطَبُ
وَاَلقَ عَــدُوَّكَ بِــالتَــحِـيَـةِ لا تَـكُـن
مِــنــهُ زَمــانَــكَ خــائِفــاً تَــتَــرَقَّبُ
وَاِحـذَرهُ يَـومـاً إِن أَتـى لَكَ باسِماً
فَــاللّيــثُ يَـبـدو نـابُهُ إِذ يَـغـضَـبُ
إِنَّ الحَــقــودَ وَإِن تَــقــادَمَ عَهــدُهُ
فَـالحِـقـدُ بـاقٍ فـي الصُـدورِ مُـغَـيَّبُ
وَإِذا الصَــديــقَ رَأَيــتَهُ مُـتَـعَـلِّقـاً
فَهـــوَ العَـــدُوُّ وَحَـــقُّهـــُ يُــتَــجَــنَّبُ
لا خَــيــرَ فــي وُدِّ اِمــرِئٍ مُــتَـمَـلِّقٍ
حُـــلوِ اللِســـانِ وَقَــلبُهُ يَــتَــلَّهَــبُ
يَــلقــاكَ يَــحــلِفُ أَنَّهــُ بِــكَ واثِــقٌ
وَإِذا تَــوارى عَــنـكَ فَهـوَ العَـقـرَبُ
يُـعـطـيـكَ مِـن طَـرَفِ اللِسـانِ حَـلاوَةً
وَيَـروغُ مِـنـكَ كَـمـا يَـروغُ الثَـعـلَبُ
وَاِخـتَـر قَـريـنَـكَ وَاِصـطَفيهِ تَفاخُراً
إِنَّ القَـريـنَ إِلى المُـقـارَنِ يُـنـسَبُ
إِنَّ الغَــنِــيَّ مِــنَ الرِجــالِ مُــكَــرَّمٌ
وَتَــراهُ يُــرجــى مـا لَدَيـهِ وَيُـرهَـبُ
وَيَــبُــشُّ بِــالتَـرحـيـبِ عِـنـدَ قُـدومِهِ
وَيُـــقـــامُ عِــنــدَ سَــلامِهِ وَيُــقَــرَّبُ
وَالفَـــقـــرُ شَــيــنٌ لِلرِجــالِ فَــإِنَّهُ
يُـزري بِهِ الشَهـمُ الأَديـبُ الأَنـسَبُ
وَاِخــفِــض جَـنـاحَـكَ لِلأَقـارِبِ كِـلِّهِـم
بِــتَـذَلُّلٍ وَاِسـمَـح لَهُـم إِن أَذنَـبـوا
وَدَعِ الكَـذوبَ فَـلا يَـكُـن لَكَ صاحِباً
إِنَّ الكَــذوبَ لَبِــئسَ خِــلاً يُــصــحَــبُ
وَذَرِ الَحــســودَ وَلَو صَــفـا لَكَ مَـرَّةً
أَبــعِــدهُ عَـن رُؤيـاكَ لا يُـسـتَـجـلَبُ
وَزِنِ الكَـلامَ إِذا نَـطَـقـتَ وَلا تَكُن
ثَــرثــارَةً فــي كُــلِّ نــادٍ تَــخــطُــبُ
وَاِحـفَـظ لِسـانَـكَ وَاِحـتَـرِز مِن لَفظِهِ
فَـالمَـرءُ يَـسـلَمُ بِـاللِسـانِ وَيُـعـطَبُ
وَالسِــرَّ فَــاِكـتُـمـهُ وَلا تَـنـطِـق بِهِ
فَهـوَ الأَسـيـرُ لَدَيـكَ إِذ لا يُـنـشَبُ
وَاِحرِص عَلى حِفظِ القُلوبِ مِنَ الأَذى
فَـرُجـوعُهـا بَـعـدَ التَـنـافُـرِ يَـصـعُبُ
إِنَّ القُــلوبَ إِذا تَــنــافَــرَ وُدُّهــا
شِـبـهَ الزُجـاجَـةِ كَـسـرُهـا لا يُـشعَبُ
وَكَــذاكَ سِــرُّ المَــرءِ إِن لَم يَـطـوِهِ
نَــشَــرَتــهُ أَلسِــنَــةٌ تَـزيـدُ وَتَـكـذِبُ
لا تَــحـرِصَـنَّ فَـالحِـرصُ لَيـسَ بِـزائِدٍ
في الرِزقِ بَل يَشقى الحَريصُ وَيَتعَبُ
وَيَــظَــلُّ مَــلهــوفــاً يَـرومُ تَـحَـيُّلـاً
وَالرِزقُ لَيــسَ بِــحــيــلَةٍ يُـسـتَـجـلَبُ
كَـم عـاجِـزٍ فـي النـاسِ يُـؤتى رِزقَهُ
رَغـــداً وَيُـــحـــرَمُ كَـــيِّســٌ وَيَــخــيَّبُ
أَدِّ الأَمـانَـةَ وَالخـيـانَـةَ فَـاِجتَنِب
وَاِعـدِل وَلا تَـظـلِم يَـطـيـبُ المَكسَبُ
وِإِذا بُـليـتَ بِـنَـكـبَـةٍ فَـاِصـبِر لَها
مَــن ذا رَأَيــتَ مُـسـلِّمـاً لا يُـنـكَـبُ
وَإِذا أَصــابَــكَ فــي زَمــانِــكَ شِــدَّةٌ
وَأَصـابَـكَ الخَـطـبُ الكَـريـهُ الأَصعَبُ
فَـــاِدعُ لِرَبِّكـــَ إِنَّهـــُ أَدنـــى لِمَــن
يَــدعـوهُ مِـن حَـبـلِ الوَريـدِ وَأَقـرَبُ
كُـن مـا اِستَطَعتَ عَنِ الأَنامِ بِمَعزِلٍ
إِنَّ الكَـثـيـرَ مِـنَ الوَرى لا يُـصـحَبُ
وَاَجــعَـل جَـليـسَـكَ سَـيِّداً تَـحـظـى بِهِ
حَـــبـــرٌ لَبـــيـــبٌ عــاقِــلٌ مُــتَــأَدِّبُ
وَاِحـذَر مِـن المَـظـلومِ سَهماً صائِباً
وَاِعــلَم بِــأَنَّ دُعــاءَهُ لا يُــحــجَــبُ
وَإِذا رَأَيــتَ الرِزقَ ضــاقَ بِــبَــلدَةٍ
وَخَـشـيـتَ فـيـهـا أَن يَـضـيقَ المَكسَبُ
فَـاِرحَـل فَـأَرضُ اللَهِ واسِـعَةُ الفَضا
طُــولاً وَعَــرضــاً شَـرقُهـا وَالمَـغـرِبُ
فَـلَقَـد نَـصَـحـتُـكَ إِن قَـبِـلتَ نَصيحَتي
فَـالنُـصـحُ أَغـلى مـا يُـبـاعُ وَيُـوهَبُ
خُــذهــا إِلَيــكَ قَــصـيـدَةً مَـنـظـومَـةً
جـاءَت كَـنَـظـمِ الدُرِ بَـل هِـيَ أَعـجَـبُ
حِــــكَــــمٌ وَآدابٌ وَجُــــلُّ مَــــواعِــــظٍ
أَمـثـالُهـا لِذَوي البَـصـائِرِ تُـكـتَـبُ
فَــاِصــغِ لِوَعــظِ قَــصــيـدَةٍ أَولاكَهـا
طَـودُ العُـلومِ الشـامِـخـاتِ الأَهـيَبُ
أَعــنــي عَــلِيّــاً وَاِبــنُ عَــمِّ مُـحَـمَّدٍ
مَـن نـالَهُ الشَـرَفُ الرَفـيعُ الأَنسَبُ
يـــا رَبِّ صَـــلِّ عَــلى النَــبِــيِّ وَآلِهِ
عَـدَدَ الخَـلائِقِ حَـصـرُهـا لا يُـحـسَـبُ
التعليقات على الموضوع