بَعضُ الجنُونِ شعر: أحمد جنيدو


بَعضُ الجنُونِ


أَنَـا الـجـنُـوْنُ أُنَـادِي الـعَـقْــلَ مُـغْـتَـرِبَـا.

وَالـرَّدُّ أَرْضٌ يَـطُـوْفُ الـلَـحْـدُ مُنْـتَحِبَا.
قَـرَأْتُ سِـــرّاً سَــــوَادَ الـحُـزْنِ أَدْعِـيَـةً
فَـأَنْـشَـدَ الصُّـبْـحُ مِـنْ أَوْجَـاعِـنا طَـرَبَـا.
يَا رُوْعَةَ البُوْحِ فِي الوِجْدَانِ إِنْ نَقَشَـتْ
دَأْبُ المَـسِـيْـرِ عَلَى الأَوْرَاكِ قَـدْ غُـلِـبـا.
فَـإِنْ أَدَرْتَ خُــدُودَ الـلَـــطْـمِ نَـادِبَــــــةً
حَتَّى المَـسِـيْحُ عَلَى الخَـدِّيْـنِ قَدْ ضُـرِبَا.
وَجْهُ التَّـسَـامُح بَاتَ الضَّعْـفَ في خُدَعٍ
عِـنْـدَ الرَّخِـيْصِ يَصِـيرُ الحُـرُّ مُـسْـتَـلِبا.
رَعْـــدُ الإِثَـارَةِ لِـلْـوَاعِـيْــنَ مَـهْـزَلَـــــةٌ
غِــــيُّ الجُّـنُـونِ فِـي أَرْكَـانِـنَـا صُـلِــبَـا.
وَالـدِّيْـنُ مِـنْ لُـغَـةِ الأَنْـجَـاسِ مَـرْحَـلَـةٌ
تِـلْـكَ المَـطِـيَّــةُ مَـرْكُـوبٌ لِـمَـن رَكِـبَـا.
حَاوِلْ صُعُودَ المَدَى إِنْ أَقْفَرَتْ سُـحُبٌ
لَنْ يُهْزَمَ الحُلْمُ فَاعْبُرْ فِي النُّهَى السُّحُبَا.
الصَّـمْـتُ فَـلْـسَـفَـةٌ والعَـقْـلُ مَـرْكَـبُـها
فَـاسْــــمَـعْ نِـداءً إِلَـى أَرْوَاحِـنَـا طَـلَـبَـا.
صِـنْ فِي اللِسَـانِ جُمُوْحاً لِيْـسَ مُقْتَدَراً
للبُـوْحِ أَذْرِعُـهُ مَـنْ مَــسَّ مَـنْ غَـضَـبا.
أَنَـا الغِـيَـابُ عَـلَـى الأَحْـلَامِ أَشْـــرِعَـةٌ
طِـيْـفٌ يَـمِـرُّ بِـذَاتِ الـعُـمْـرِ مُـنْـتَـصِـبا.
خُـذُوا تَـوَارِيْـخَـنَـا الـبـيْـضَـاءَ رَايـتَـكُـمْ
سَـتُـمْـسِـكُـوَنَ غَـداً والـفِـكْـرَ والـسَّـبَـبَـا.
لِـلـشُّــــــوْقِ أَجْـنِـحَــةٌ رَفَّـــتْ بِـأَفْـئِــدةٍ
نَـزْفُ الـحَـنِـيْـنِ يُـنِـيْـطُ القَـلْـبَ مُـلْـتَهَبَا.
ويَـحْـمِــلُ الـبُـعْـــدُ أَضْـغَـاثـاً مُـلُـوَّنَـــةً
إِلَـى سَــبِـيْـلٍ طَـغَـى الآرَابَ والـنُّـسَـبَـا.
تَـبْـقَـى عَـلى سُـوْءَةِ الـنِّـسـْـيَـانِ أَرْمَـلةٌ
تُـنَـاوِبُ الـحُـزْنَ وَالأَوْهَـامَ وَالـشُّــجَـبَـا.
تُصَـافِـحُ الـسُّـوطَ في جِـسْـمٍ عَلَى عَذَلٍ
فَتَـشْعرُ الرُّوحُ خُـوْفاً تُـشْـعـِلُ اللُـجُـبَـا.
أَسِـــــلُّ مِـنْ قَـبَـــــسِ الإِيْـمَـاءِ أَزْمِـنَـةً
تَـوَضَّـأَ الـمَـاءُ فِـي الـنُّورِ مُـنْـسَـــــرِبَـا.
هَـاجَ اشْـــتِـيَـاقـاً يُغِـيْدُ النَّطْقُ جُـوْهَرَهُ
سِـوَاءَ أَعْـفَـى خَـبَى التِّحْنَانُ مُضْطَرِبَا.
أَكَـانَ مِـنِّـي؟! مَعِـي الإِيْـفَـاءُ شَـرْعَـنَـةٌ
خَـطَـفْـتُ مِنْ وَجَـعِـي الصَّهْبَاءَ والعُقُبَا.
دَفْـقٌ أَحَـاقَ نِـيَـاطَ الـقـلْـــبِ فِـي أَمَــــدٍ
يَـسْــــمُـو عَـلَـى أَزَلِ الـنَّـوَّارِ مُـنْـقَـلِـبَـا.
تَـسَـرْبَـلَ الوَقْتُ نَادَى الشُّـوقَ مُعْتَمِراً
وِشَـاحُـهُ الغَـضُّ يَـقْـسُـو اللَـمْـحَ والعَتَبَا.
أَنَـا الـرَّسَـــــــائِـلُ أَعْـدُو بَـعْـدَ هَـارِبَــةٍ
تَــمُـوجُ فِي عَـتْـمَـةِ التَّـهْـجِـيْـرِ لا عَتَبَا.
كِيْفَ اخْتَفَى الصَّبْرُ مِنْ شِرْيَانِ مُلْهِمَتِي
عَـبَّـقْـتُ أَنْـفَـاسَـهَـا صَـدْري وكَـمْ رَغِبَا.
تَمْضِي بِذَاتِ النَّـشِـيْجِ الحَالُ يُـسْـعِدُهُمْ
فِـيْـنِـيْـقُـهَـا نَـارُهَـا يَـنْـثَـالُ مُـنْـتَـسِــــبَـا.
بِـنْـتُ الحِـكَـايَـــةِ تُـرْوَي قِـصَّـةً دُثِـرَتْ
عُـمْـــقَ الـبُـكَــاءِ رَوَتْ آمَــالَـهَـا نُـحُـبَـا.
كِـيْـفَ الفُـتَـاتُ يَـصُـوْنُ الجُّـوعَ مَـغْفِرَةً
عَـلَـى رَصِـيْـفٍ عَـلَـى إِدْبَـارِهَـا سُـلِـبَـا.
تَـسْـــقِـي الزُّهُـوْرَ إلَى الآتِـيْـنَ فَـاتِـحَـةً
فِي الـسُّـوْرِ خَـاتِـمَةٌ مَنْ ضَاعَ مَنْ هَرَبَا.
خَـلْـفَ الـحُـدُوْدِ يُـرَاقُ الـسُّــمَّ فِـي دَمِـهِ
ويُـنْـجِـــــسُ الحَـقُّ فِي إنْـصَـافِـهِ كَـذِبَـا.
فَاعْـبُـرْ عَلَى جَـسَـدِي إِنْ كُـنْتَ تَمْلُكُنِي
أَنَــا الـوِلَادَةُ لَا خُـــوفـاً وَ لَا جَـلَـبَـا.
تَمِـسُّ بَعْضِي صُـرَوْفُ القَـهْـرِ قَاصِمَةً
والبَـعْـضُ فِي خَـدَرِ الإِحْـسَـاسِ قَدْ تَعِبَا.
يُـصَـافِـحُـوْنَ لُـحُـوْدَ الـحُـبِّ فِـي مِـحَـنٍ
ويَـرْسِـمُـوْنَ خُـطُـوطَ الفَـجْـرِ مـا تَـرِبَـا.
يُـعَـمِّـرُوْنَ خُـلُـوْدَ الـمَـجْـدِ مِـنْ جُـثُـــثٍ
يُـسَـابِقُوْنَ صَـلِـيْفَ المُـوتِ والـشُّـهُـبَـا.
مِـيْـلادُهُـمْ صُـوَرٌ فُوْقَ الرُّؤَى رُسِـمَـتْ
وفِي القُـلُـوْبِ يَـصِـيْحُ الرُّعْـبُ مَا حُجِبَا.
فِي نَـظْـرَةٍ رَحَـلُـوا يَـمْـشُـوْنَ فِي أَجَـلٍ
والاِسْــمُ فِي سُــدَّةِ الـتَّـارِيْـخِ قَـدْ نُـصِـبَـا.
وَمِـنْ دَمِ الـشُّــهَـدَاءِ الأَرْضَ قَـدْ رُوِيَـتْ
يَـنْـمُـو الوُصُـوْلُ بِـلَاداً نُـوْرُهُـمْ سُـكِـبَا.
يُـرَصِّـعُـوْنَ طُـلُـوْعَ الـشَّـمْـسِ مِن كَفنٍ
واللِـيْـلُ يَـمْـحُـو خَـلِـيْـسَ الغَدْرِ والعَطَبَا.
أَنَـا الـجُّـنُـونُ أُدَارِي الـوَجْـهَ فِي خَـجَلٍ
يُـبَـلِّـلُ الـدَّمْـعُ صَـدْعَ الـغَـدْرِ وَالـهُـدُبَـا.
تَـدِقُّ قَـافِـيَـتِـي أَرْضـاً مُـبَـعْـثَـرَةً
حِـدَاؤُهَـا لُــغَــةٌ مَـنْ عَـادَ مُـكْـتَـئِـبَـا.؟!
ونُـوْرُهَـا قَـفَـصٌ فِـي أَضْـلُـعٍ رَسَــخُـوا
سَـطْـراً يَفِيْضُ دَمـاً قَـدْ سَـالَ مَا وَجِبَا.
مَـرُّوا طُـيُـوْفـاً إِلَـى الـلِـيْـلَاتِ أَقْـنِـعَــةً
سَــتَـارُهُـمْ يَـحْـجِـبُ الأَبْـعَـادَ وَالنُّـصِبَا.
عُـوْدُوا إِلَـى نَـبْـتَـةِ الـمِـيْـلَادِ بُـرْعُـمَهَا
مَنْ بَـاعَ فِي سَـاحَةِ الأَمْوَاتِ قَـدْ رَسِـبَا.
تَـبّـاً وتـبَّـتْ يَــدٌ جَـسَّــتْ جَـوَارِحَـنَـا
شَــدَّتْ حِـبَـالاً وَأمْطَتْ مِنْ فَـمٍ حَـطَبا.
سَـاقَـتْ عُـقُـوْلاً إلِى الـتَّـعْـتِـيْـمِ تُفْرِغُهَا
بَاعَـتْ صِـراطاً وأَبْـقَتْ مَجْدَنَا خَـشَـبا.
هَـــذِي الـبِـلَادُ حَـيَـــاةٌ إِنْ بَـدَتْ قَـفْــراً
فَـجَـدْوَلُ اللهِ فِــيَّــاضٌ وَ مَـا نَـضِـبَـا.
هَـذا نَـشِــيْـدِي جَـنَـاحُ الـعَـدْلِ يَـحْـمِـلُـهُ
وحَـرْفُهُ الـحُـرُّ فُـوق الـشَّـمْـسِ قَـدْ كُتِبَا.


شعر: أحمد جنيدو

ليست هناك تعليقات