همسات مع النفس.... أبو جعفر الشلهوب

 

همسات مع النفس



همسات مع النفس



على النار ماءُ الغُسلِ يانفسُ فاجزعي
إلى توبةٍ قبل الندامة اسرعي
تنحي عن الدرب الذي شاك والتوى
وعن كل طيش ٍفي مسيرك أقلعي
مشيتِ دروبًا سرتُها في جهالةٍ
وانت بأثواب الصبا تتمتعي
وغرك دوح العمر وهو بزهوهِ
وكنت كأزهار الربى تتضوعي
ولم تدرِ أن الصيف يسرع في الخطى
وأن ربيع العمر سوف تودعي
وهذا ربيع العمر عرج قافلاً
وصيفك حلَّ والخريف لتردعي
لقد عشتِ في دنياكِ ستون حجةً
وزدتِ على هذي السنين بأربعِ
ومن جاوز الستين يانفس رحلهُ
على الباب قد ناخت لعلك تجزعي
عليكِ بتصحيح الدروب وسبرها
عسى يستقيم السير فيك فترجعي
لقد ضاعَ منّي العمْرُ شوطًا بما مضى
فإيّاكِ مما قد تبقى تضيعي
قد اقترب الترحال والرحل قد دنت
وزادي إلى الترحال بالخير جَمّعي
فما عادت الأحلام تجدي ولا المنى
ولا لربيع العمر أن تتطلعي
إذا شاب شعر الرأس تطلي بياضه
بشيء من الحناء حتى تلمّعي
ولكنْ مشيبُ العمر عند حلوله
فماذا بشيب العمر أنت ستصنعي
وإن صار ثوب العمر رثاً ممزعاً
فهل ينفع الترقيع حين ترقعي؟
سوى توبةٍ لله ثم ندامةٍ
فسيري بآهاتي وهلّي بأدمعي
وتبسط راحات الرجاء ببابه
وفي كل غيث اودجى تتضرعي
فما غير باب الله يرجى لتائبٍ
إلى بابه شدي رحالك أزمعي
كفاك من الأوهام يانفس مامضى
كفاكِ بأحلامٍ تعيشي وتُخدعي
فكم فوق هذي الأرضُ سارَ مغفلٌ
بها عاش كالأنعام من غير أن يعي
طواه ثراها ما لذكره ذاكرٌ
وإن كان فيها سيد القوم يدعي
فما القول هذا كي أثبّط همّةً
وأدعوك في نزرِ المعيشةِ تقنعي
وأدعوك يانفسي لترك شرورها
وعن كل أرجاس بها تترفعي
إذا جاءت الدنيا بجلباب حسنها
وانتِ بجهدٍ طهرها تتبعي
خذي من جناها ما تشائين واحذري
وإياك عن خيراتها تتمنعي


 أبو جعفر الشلهوب

ليست هناك تعليقات