معذرة يا خير خلق الله ....حمدي الطحان
معذرة يا خير خلق الله
عَفوًا رسولَ الهُدَى ؛ قد برَّحَ الدَّاءُ
إنَّا الغُثاءُ ، وحينَ الخَطبِ أعداءُ
صِرْنا الكثيرينَ لكنْ قلّ باسلُنا
أمواتُنا كُثُرٌ ، والنَّزْرُ أحياءُ
واجمْرَ قلبي على ماضيكِ - أندلُسي-
ضاع المُسمَّى وضاعتْ فيكِ أسماءُ
كم غُيِّبتْ تحتَ ليلِ الذُّلِّ عزتُنا
وبُدِّلتْ في جحيمِ البغْيِ أرجاءُ
وقُسِّمتْ - كالمتاعِ الغثِّ - دولتنا
وحُكِّمتْ في حِمَى الإسلامِ أهواءُ
واجمْرَ قلبي على القدسِ التي فتئت
تبكي على مَعشرٍ بالخِزْيِ قد باءوا
يا طالما اثَّاقلوا في الأرضِ وانكفأوا
شاءوا الدَّنايا وأُفْقَ المجدِ ما شاءوا
مسْرى الحبيبِ يُنادي ، مَن سيُنقذُهُ ؟
والعُرْبُ صُمٌّ وعُمْيانٌ وأشلاءُ
حتَّى عِراقُ النَّدَى والمجْدِ واأسفا
صيدَ الذِّئابِ غَدَا ، والكونُ ظَلْماءُ
أمَّا دِمشق فإنَّ الغدرَ مَزَّقَها
عاثت بِأرجائِها الزَّهراءِ بَغْضاءُ
ضاقت بِأشلاءِ مَن بِالحِقْدِ قد قُتِلوا
والمسلمونَ دُمَىً صَمَّاءُ خَرساءُ
حتَّى الرسولُ ضياءُ الكونِ - بهجتُهُ
خيرُ الأنامِ ، ولو يأبَى الأَلِدَّاءُ
مُدَّت إليهِ سُمُومُ الحِقْدِ ناقعةً
يا ويلَهم لُعِنُوا – باءوا بما جاءوا
مُحَمَّدٌ خير مبعوثٍ إلى بشرٍ
فجْرٌ أطلَّ ، ولم تَنقُصه أضواءُ
مُحَمَّدٌ روعةُ الدَّارينِ مِنْ أَزَلٍ
مِنْ قبلِ آدَمَ – لا تعلوهُ أشياءُ
مُحَمَّدٌ واحةُ الإحسانِ زينتُهُ
صِنْوُ الأمانة والإخلاصِ ، مِعطاءُ
مُحَمَّدٌ أبْحُرٌ للجُودِ دافقةٌ
ونهْرُ حبٍّ وأنداءٌ وأشذاءُ
مُحَمَّدٌ رحمةٌ لِلخَلْقِ أجمعِهم
ورأفة في رُبُوعِ الكونِ غَرَّاءُ
ما ضَلَّ في أيِ أمرٍ أو غَوَى أَبَدًا
فَقَلْبُهُ بِالهُدَى والحقِّ لألاءُ
هو اليتيمُ الذي آواهُ خالقُهُ
وأَعلنت عِشْقَهُ الأرجاءُ جَمعاءُ
وهْوَ الحبيبُ الذي تَشْفِي مَحبتُهُ
كلَّ القلوبِ ، فلا يَبْقَى بِها داءُ
و هو الشَّفيعُ الذي تُرْجَى شَفاعتُهُ
يومَ الفِرارِ إذِ الأفواهُ بَكْمَاءُ
وهو النَّهَارُ الذي قد عَمَّ مَشْرقُهُ
هذا الوجودَ وغابتْ عنهُ ظَلْماءُ
وقد أَهَلَّ فَهَلَّ الخيرُ في رَغَدٍ
و كَبَّرَت لِلسَّنَا العُلْوِيِّ أنحاءُ
وأَسْلَمتْ أَنفسٌ في الشَّرِّ سادرةٌ
وأَبصرتْ أَعينٌ كالليلِ عَمْياءُ
أَكْرِمْ بِمَن فاقَ كلَّ الخَلْقِ في خُلُقٍ
ومَن أَقَرَّ لهُ بالفضْلِ أَعداءُ
ومَن بكى الجِذْعُ مِن فراقِهِ حَزَنًا
وفاضَ في رِقَّةٍ مِن كفّهِ الماءُ
وظلَّلَتْ رَكْبَهُ الغيماتُ خاشعةً
ونافَحَتْ دونَهُ في الغارِ وَرْقاءُ
التعليقات على الموضوع