أحمد طايل**..تجريف ذاكرة..5.. رواية.**

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

أحمد طايل**..تجريف ذاكرة..5.. رواية.**

 


..تجريف ذاكرة...4  .. رواية

(5)

....اسندت ظهرها على الجدار..انامت اولادها التى تلونت وجوههم بالخوف..اخفت وجهها بغطاء رأسها..اسلمت قيادها لبعض النوم..المشوار كان طويلا..ساعات سفر لا تعرف كم هى..الم جسدها الذى تعرض للمهانة ..صغعا وركلا..وشتائم..وانكسار داخلى ينزف ..العيون نامت..ولكن الرأس والعقل لم ينم..تناجى الله بصمت..ماذا بعد..والى اين تأخذنا الايام..انت الهادى..وانت الرحيم..تذكرت قبل زفافها بأيام ..جلس مجاهد معها..اخذ يتفرس بوجهها وكأنه يراه للوهلة الاولى..شرد طويلا..لكزته.. =ماذا بك..تنظر الى وكانك تعرفنى الان فقط.. ابتلع جفاف حلقه..امسك بيدها..مرر يديه عليها..همس بصوت يسمع بالكاد.. =صبحية..انت جميلة ..وبنت ناس يعرفون الله ويحرصون كل لحظة على فتح ابواب جديدة مع الله..مؤكد انت تستحقين ما يعطيك حلم..يعطيك حياة..استقرار..وأنا كما ترين متعاقد مع الشقاء لأجل أن نعيش..أخاف اظلمك معى..صدقينى لن اغضب لو.اعدتى التفكير..لا أريد أن أجرك معى للشقاء..ليوم نجد خبزا ويوم او أيام لا نجدها..من يحب يتمنى لحبيبه الافضل.. وضعت يدها على فمه..صرخت به.. =قول لى..هل الإنسان بيختار أسرته..ميلاده..معيشته..ملبسه..كل أمور حياته..مؤكد لا..كما قال أبى..كل إنسان يولد حاملا معه كشكول حياته..من اول ماكان بالرحم حتى لحظة مماته..القلب يتوجه لمن يريده ويتوافق معه..ليس بالغنى والتمتع بالحياة تعيش القلوب..القلوب تحيا بالصدق..بالود..ليس بطعام متعدد الصنوف..واطباق متراصة ..كثيرا ما يكون الفقر سبيلا للتقارب وللتفاهم بلا كلام..وانا وجدت بك ما احلم به..وعد لا تكرر هذا مجددا.. لثم يدها مرات...واطرق رأسه خجلا..فقد افحمه الرد العفوى الذى كانت رسائلة اكثر وقعا من اى كلام اخر..وعدها أن يتفانى بكل حياته لتوفير جوا من السعادة والرضا لها..ضحكت.. =ركز على الرضا ..الرضا يجلب البركة والرزق.. لسعات الشمس ايقظتها..ربتت كثيرا على صغارها ..الكثير من المارة يتوقف أمام جلستها..قسماتهم بها العديد من التساؤلات..ولكنها تموت فوق الشفاه..انهضت صغارها..طلبت منهم عدم مغادرة المكان..سوف تذهب لمكان تجد به طعاما..نهضت..ازالت عن ثوبها ما علب به من تراب..قبل ان تتحرك فوجئت ببعض النساء يحملن صوانى وسلال يقتربن من مكانها..تجمدت قدمها..زاد اقترابهن..توقفن قابلتها..حدثتها احداهن.. =صباح الخير يا اخت..هذا طعام لك والأولاد..واضح عليكم انكم جئتم من سفر طويل..تفضلوا..نحن اخوة..والله اوصى بهذا.. ..وضعن ما يحملونه على الارض..رفعن الاغطية..الفنان حولها وحول ابنائها..بل إن البعض منهن اجلسن الصغار على حجورهن واخذوا باطعامهم بايديهم..تبدل خوف الوجوه إلى ارتياح اطلق ظلاله على صفحات وجوههم..لم يسالونها عن امرها..بين الحين والاخر يطبطن عليها بموده..طالت جلستهن معها..احست كأنها بين اناس تعرفهم ..اعتادت عليهم..جاورتها سيدة كبيرة بالعمر..اخذتها بين احضانها..طبطبت عليها كثيرا..مدت أصابعها ..مسحت الدموع المتساقطة تنزف ألما..همست لها... =اهلا بك..لن اطلب منك ان تخبرينى من انت وما قصتك..وقت ما تجدين نفسك بحاجة للحديث..تحدثى..اعتبرينى امك..اختك الكبير مثل ما تحبى..أنا الحاجة..محاسن العمرى..بيتى الذى امامك مباشرة..انتظرك دوما..اهلا بك..لا تهتمى..الكل هنا اهلك..نحن نفتح قلوبنا لاى إنسان..اطعمى اولادك..اهتمى بهم..دعيهم يلعبون مع من مثلهم..ليتعارفوا.ولا يشعرون بغربة..هم اطفال لا حاجة لهم باى ألم او.حزن..الصغار زهور تحتاج للفرح كى تثمر وتزهر اناسا قادرين على الزمن..والزمن يابنتى كثير التقلبات..بين الحلو والمر..ولكن علينا أن يتجاوزها لنعيش..نتركك وانتظرك القومى باغتيال اولادك وايضا انت..على الرحب والسعه.. مالت عليها..اخذتها بين احضانها..قبلتها عديد من القبلات..مشمولة ببعض دمعات اصرت ان تؤكد أنها تشعر بوجعها..فجأة انهضتها وطلبت من احدى النساء الاهتمام حتى تعودان..خاطبتها اثناء المسير.. =لابد.من الذهاب للحاج مسعد العيسوى..العمدة..لابد أن يعرف أن هناك من جاء للبلدة..هذا دورهم مسئولين عن البلده..احكى له ما تريدين..لأن تكونى برعايته وحمايته.. لم تجب..فقط اطرقت برأسها استجابة..استمر سيرهم لبعض الوقت..وصلا الى بيت كبير تحيط به حديقة ..طرقت الباب..لحظات وفتح الباب عن شابة..ما ان رأت الحاجة محاسن..الا واعترت ملامحها ضياءا وانطلق لسانها قاذفا بكل سبل الترحيب.. =الحاج مسعد موجود..ان كان موجودا ابلغيه انى محتاجة له.. دعتهما للدخول..واسرعت لتبلغ العمدة..لحظات واتى رجلا..متوسط القامة..ممتلئ الجسد لحد ما..يسبقه صوته بالترحاب.. =اهلا يا حاجة..هل انت بحاجة لإذن..بيتك..كل بيوت البلد بيوتك..تفضلى..توقف..لفت نظره وجود أخرى تصاجبها..التساؤل اكتسى به وجهه..لم يفصح عنه..اسرع بهم إلى حجرة الاستقبال..مرددا مزيدا من الترحاب..جلسوا صامتين..اطلق سراح الصمت بنداؤة على الحاجة زوجته..وطالبا بمشروبات لهم..اتت الزوجة..ممشوقة القوام..طويلة لحد ما ..بيضاء شاهقة..ترتدى ثيابا تدل على مدى نعمه الله..وذهبا يغطى ويحتل ذراعيها وعنقها..الترحاب يسابق خطواتها..القت بنفسها بين احضان الحاجة..تقبلها مرات ومرات..همست لها. = من مده لم نرك..تحرمينا من بركة وجودك بيننا..انت غالية جدا جدا جدا علينا..تفضلى حبيبتنا.. =اعرفك ببنتنا صبحية..وجدناها بجوار بيت مغاورى علوان المهدوم..جئت بها اليك لتسمعها وتكون برعايتك وحمايتك.سوف اتركها تحكى لك بما تريد..ونظرت الى صبحية واشارت بحركة من رأسها ان تحكى مردفة.. =الحاج مسعد رجل الكل بيحترمه..وكلنا نعتبره ابا للبلده..فلا تخجلى وقولى كل ما بك وبامر الله كل الأمور سوف تيسر لاجلك..هيا.. اطرقت رأسها وانسابت دمعات حاولت منذ كانت بالطريق قمعها..ولكن بالنهاية تمردت واعلنت عصيانها لمحاولاتها..قالت بصوت مخضب بالوجع.. =قبل اى شئ اقوله..انا رغم انى وجودى بينكم من ساعات قليلة الا أنى اشعر كأنى عدت لبيتى..لقريتى ..لاهلى..لا اقول هذا ويشهد الله تملقا او استدرارا للعطف والشفقة..يشهد الله أبى الحاج..واسمح لى انا اقول أبى لأنى بالفعل رأيت بملامحك أبى..عبدالله أبو الحمد..الرجل الذى انجبنى بشيخوخة عمره..الرجل الذى كان يبدأ يومه على سجادة صلاة..وينهى يومه أيضا على سجادة صلاة..الذى كان يقول لى ولامى عندما كنا نلح عليه بالاكتفاء بشقاء يومه وبسنواته الذى قضاها بنظافة المسجد المجاور لبيتنا..عندما افعل هذا أشعر كأنى اعود شبابا تتملكنى روحا وايضاءات نوارنية هى سياج بينى وبين اى هم او أسى..ابى الذى لم اره يوما عالى الصوت او متلفظا بلفظ ينافى الخلق والدين..أبى الذى مات على سجادة الصلاة..اسفه لاطالتى..انا..صبحية..من الصعيد البعيد..ليس مهما الآن اسم بلدتى..تربيت على القرآن..على الحمد والشكر..على الرضا..ابى كان يعمل بكل شئ..زراعة..معمار..عتال..اى شئ ليجئ لنا باخر اليوم بزاد مملوء بركه..مغموس بحب وسعادة..لم اراه متجهما يوما..وامى لم اجدها إلا سيده تقبل يدها كل لحظة..وترنو للسماء وتحمد الله..عندما يعود الأب من يومه..تعود نضارتها..تعود روحها..تعد الماء الساخن الذائب به قليلا من الملح..تدلك قدماه..لن ابالغ أنى كنت ألمح بعيونها نظرة تمنى لو.تقبل قدماه..عندما كبرت قليلا اصريت على العمل بالحقول لمساعدته بمسئولياته..أياما كان مصر على الرفض ولكنه بالنهاية لان لتوسلاتى..عملت بالحقول..ثم عملت مع عمال التراحيل طلبا بأجر اكبر..وهناك تعرفت بزوجى..مجاهد عبد الوهاب خلاف..من قرية بزمام مديرتنا..تقاربنا..كان رجلا..كان يخاف على من قبل زواجنا..تزوجنا وعشنا باحدى القرى التى كنت نعمل بها..حجرة صغيرة ولكنها كانت دافئة..كان ابى .اخى .حبيبى.زوجى..انجبنا محمد أول اولادنا..بعدها أصر على زيارة اهله..ذهبنا..لم يرحبوا بنا ..نظراتهم تقول انهم لا يرحبون باخاهم الا للحظات..هى التى يخرج النقود التى جمعها طوال غيابة لسداد رهنية ارضهم التى اكتشفوا أن اباهم رهنها ولم يعؤفوا السبب..اقمنا اياما بينهم تحت هى حصارهم وتنصتهم وتعاملهم الجاف..عدنا..وغبنا طويلا..انجبت سميحة..عاد بى يوما بعد نقاش بيننا..قال... =ان هناك عملا جديدا مجزيا بأحد المشروعات الكبرى..ولا يستطيع مصاحبتنا..وهو لا يأمن علينا إلا وسط إخوته رغم معرفته بصلفهم..قبلت وعلى مضض..حاولت ان اجعله يوافق على عودتى لبلدتى..واستئجار مكان لى..بيت أبى تحول إلى دار لتحفيظ القرآن..حسب وصيته..أمى كانت لحقت به بعد شهور قليلة..لم يوافق..أصرلم أجد بدا من الموافقة ..تركنى حاملا بصلاح..لم يره....كان هذا من أكثر من ثلاث سنوات..لم اراه من لحظتها..لا أعرف أن كان حيا ام ميتا.كنت من يسعى لتوفير حاجات ابنائى..لم يفكروا بنا يوما..بل كانوا يبتعدون..ينظرون لنا نظرة غريبة كأننا لقطاء لسنا من لحمهم ودمهم..لم اهتم..اكتفيت باولادى ورعايتهم..بعدا عن أى وجع يأتينا من عندهم...حتى كانت ليلة الأمس طردونا بمنتهى الإهانة وكل صنوف الضرب ..كل ما تركه لى اوراق..هى ثروتى..شهادات ميلاد الاولاد..وثيقة الزواج..عقد بقطعة أرض كتبها له والده ووثقها لانه كان يعلم كثيرا غلظة وجحود ابناؤة..هاهى الاوارق ..اخرجت من ثيابها كيسا..مدت اليد إلى العمدة..الذى تصفحها بهدوء..اعاد الأوراق اليها..أكملت الحديث.. =هذه حكايتى..بلا إخفاء لأى شئ..ان قبلتم بى اشكركم..وان رفضتم.وجودى..يكفينى أنى مررت بلادكم وتعرفت بكم..رفع يده طالبا منها عدم الإكمال.. =ابنتنا..بحديثك الصادق ..ولغتك الراقية التى تنم عن تربية وأصل طيب..رحم الله والديك..لا يمكننى القول الا أهلا بك ابنة اعطتينى لقب الأب بلا تملق او استجداء..حكمتك انبئتنى عنك..من الآن انت وسط اهلك..الكلام الصادق يصل سريعا ويترك تاثيرة العميق داخل الروح..وانت منبت صدق وكلامك نطق به وجهك ودمعك قبل لسانه..فوصلنا واوجعنا..استدار للحاجة ..محاسن.. =ياحاجة بعد اذنك ..صبحية تكون ابنتك..فعليا..الله اهداك اياها..عوض الله وحدتك بعد وفاة المرحوم..صبرى بها..تعيش معك هى واولادها..وانا شريكا معك بكل نفقاتها..ولأجل أولادها..سوف ارسل لناظر المدرسة..للحضور..والحاق الإبن والابنة بالمدرسة..مؤكد هى بركة لأى بيت تعيش به..ما قالته عن ابيها اقوى وثيقة..أهلا بك ابنتنا.. انذفعت الى يده راغبة بتقبليها..رفض باصرار..انهضها..طبطب عليها..وضع يدها ببد الحاجة ..محاسن..أذنا بالانصراف..

أحمد طايل

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان