فيحاؤنا الشهباء....مصطفى_ق _المراد

 

مصطفى_ق _المراد



=فيحاؤنا الشهباء =


دَوِّن حُروفَ الفِكرِ مِن آلائها
ودُروبُ خيْرٍ تأتي مِن فيحائِها
واحمِلْ لِذاكرةِ النُفوسِ عَبيرَها
تلقى نَسيمَ الأُنسِ في أرجائِها
وكُنِ الزائرَ في طُيوبٍ ترتَقي
تدْمَع عُيونَ القلبِ في أفنائِها
فيْحاؤنا الشَهْباءُ في جَنَباتِها
تُحْيِ العُقولَ بِطيبِها وبَهائِها
هي منبِتُ الحرفِ القَويمِ ومنهَلٌ
تُزْكي العُلومَ بشيبِها؛ أبنائِها
فَتَحتْ دُروبَ شوارِعاً عَرَصاتِها
يومَ الوَغى واغرَوْرَقتْ بِنقائِها
دَمْعُ العَزيمةِ في نَهارِ جُموعِها
نهرُ الحُشودِ تأمُّلاً، لِلِقائِها
حَضنتْ عُلومَ الفاتِحينَ بِسِحْرِها
وأوَتْ عَرينَ المجدِ دونَ رِدائِها
أبناؤها وشُيوخُها، رُهبانُها
رَسَموا الحضارَةَ في عُلوِ سَمائِها
نَسَجوا التآخي والقُلوبَ نَقاوةً
أكْرِم بِهِنَّ؛ فَحُبُّهُمْ لِوَلائِها
الليلُ ضاءَ تَوَهُجاً بِنُجُومِها
والبدرُ والانوارُ في عُلَمائِها
هيَ دُرَّةٌ، وعلى شَواطيءِ عِزِّها
تَرْسو المَعارِفَ كي تُصادِقَ، بِدِئِها
دُورُ العِبادةِ عانَقتْ لِطَوائفٍ
بِكَنيسةٍ غَطَّى الأذانُ، بِدفْئِها
وبِمسجِدٍ جَمَع الهِلالُ صَليبَهُ
نُورُ المَسيحِ، تَوَحَّدتْ أصْداؤها
يا مُلتَقى الأدباءِ والشُعَراء في
جَلَساتِهمْ؛ صاغتْ حُروفُكِ؛ باؤها
في قصرِ نَوْفَلَ رايةٌ وسَكينَةٌ
نِبْراسُ رابِطةِ الثقافةِ جاءَها
ميناؤها صَدَحتْ قَوافي نثْرَها
في بيتِ فَنٍ قابَلتْ، نُجَباءَها
فالزائِرُ المفتونُ في آثارِها
طَبَع الدُروبَ مُجالِساً أحياءَها
في قلعةٍ شَهِدَ الزمانُ بأنَّها
رمْزُ الصُمودِ إذا بَغتْ أعداؤها
لِطَرابُلْسَ الفيْحاءُ عندي شَجْوَةٌ
حَمَلتْ لِواءَ الحرفِ في أحشائِها
هذي المدينةُ خيرُها في طيبَةٍ
أُمُّ الفَقيرِ؛ بِرغمِ طولِ عَنائِها
زَرَعتْ بُيوتَ القاطِنينَ بِراحةٍ
مِن رَوْضةٍ فاحتْ شَذى بطحاؤها
وتَوسَّطتْ ساحاتُها مَنشيَّةٌ
خَضراءَ فيها العاشِقينَ، لِقاؤها
وتَوَسَّدتْ في ساعةٍ منذ الأزلْ
في بُرجِها العاجِيِّ رَمْزُ بقائِها
هِيَ قلْبُ لبنانٌ. ونبضُ عُروقِهِ
انشودَةٌ ثارتْ على إقْصائِها
كونوا لَها القلبَ الوَفيَّ على المدى
هِيَ نَبْعُ خَيْرٍ، فارتَوُا مِن مائِها

مصطفى_ق _المراد

ليست هناك تعليقات