عفو الخاطر: محمد عصام علوش
عفو الخاطر:
(مَريمُ) فتاةٌ عراقيَّةٌ بغداديّةٌ جميلةٌ في ربيع العمر، كانت تلقَّبُ بين صوَيحباتها بالأميرة، لم
ترضَ الاقتران بشابٍّ متوحِّشٍ أهوَج، فتهجَّم عليها في بيتها ورشَّ وجهَها بماء النَّار، فشوَّه ذلك
الوجه البريءَ الجميلَ بفعله الشَّنيع...
هذا ما تناقلته وسائل الإعلام ووسائل التَّواصل الاجتماعيِّ، فتواردت على ذهني هذه الأبيات
فـيـكِ اخـتــصـارٌ لـلعــراقِ يُـتـرجِـمُ ولأنــتِ رمــزٌ صـارخٌ يَـتـكـلَّــمُ
كـنـتِ الـصَّـبــيَّـةَ كالعـراقِ جَـمـالُهـا في كـلِّ أرجـاءِ الـبـسيـطةِ يُـعـلَـمُ
كــنــتِ الأمـيـرةَ في بَـهـاءِ كـمـالِـهـا وعلـيْـك تاجُ الحسنِ شِعرًا يَـنـظِمُ
كـالـوردِ يَـعـلـوه الـنَّـــدى مـتـفــتِّـحًـا كالحُـلْـمِ يَـرسـمُهُ شَـرودًا بُـرعُـم
كـالـبَـدرِ يـطـلُـعُ كـلَّ يَــــوْمٍ بـاسِــمًـا فـإذا الـمَـشـاهــدُ كـلُّـهـا تـتـبَـسَّـم
وكـما الـنَّـســـيـم مُــداعِـبًـا ومُـغـازلًا في رقَّـــةٍ فـجــرًا أتـى يـتـقــــدَّمُ
وكـما الـنَّخـيـل وقـد تـطاوَلَ شامـخًـا فحَـبـا الـبشاشةَ والـجـميعُ مُـتـيَّـمُ
وكما الـفـراشة حَـوْلَ زهـرٍ حَـوَّمَـتْ فإذا الجمالُ على الحـقـولِ مًحـوِّمُ
فـيـــكِ الـطَّهــارةُ قـد تـوالى رَيُّـهـا حــتى غــدتْ في عِـفَّــةٍ تـتـنـعَّـمُ
فـيـك الـبَــراءةُ قـلـبُ طـفـلٍ غـافـلٍ لـمْ يَـدرِ مـا خُـبـثُ الـنَّـوايا يَرسُمُ
تـبَّــتْ يَــدا ذاك الجَــهـولِ وشَـــلَّـتـا قـد كـان وحشًا هـائجًـا لا يَـرحَـم
أقـسَـمْـتُ بـاللهِ الَّــذي خـلَـق الـورى بعـضُ الـوحوشِ بها حـنانُ مُـفعَمُ
لـكــــنَّـه مـن حِـسـه هـو مُـفـــلِـــسٌ خالي الوفاضِ من المشاعرِ مُعدِمُ
أبِـرَشِّ مـاءِ الـنَّـارِ يَحـرِقُ وَجـهَـهـا مـاذا الَّـذي يَـبـغـيـهِ هــذا الأرقـمُ؟
أبِـرَشِّ مـاءِ الـنَّـارِ يُـطفئُ حُـسنَـهـا وكـــأنَّـه عــمَّـا سِــواه مُـحــــرَّم؟
كـالـشَّـهْـدِ كنـتَ أيـا عـراقُ حـلاوةً كـالـشَّـهْـدِ كـنـتِ حلاوةً يا مَـريمُ
الحـسنُ في أهـلِ العـراقِ طبـيـعـةٌ لـكـنَّـمـا هَـتـكَ الجَـمالَ الـمُـجْـرمُ
يا لَهْفَ نفسي ما الَّذي قلَبَ الرُّؤى فـتسلَّـط الـحـمـقى عليهِ لِـيَهدِموا
وأبـاحَ لـلـجُـهَّـالِ مُـنكْـَـرُ فِـعـلَهِـمْ وأبـاح لـلجُـهَّـالِ أنْ يـتـسنَّـمــوا
كُـلٌّ بـمِـطـرقـةٍ يَـدُقُّ على الـبـنى كُـلٌّ بـأعـوادِ الـثِّـقـابِ يُـضَـرِّم
أيْـن انـتِـمـاءٌ كـان قـبْـلُ مُـقـدَّسًـا أيْن العـراقيُّ الَّـذي هو ضيْـغـم؟
أيْن المروءةُ تِربُ أزمانٍ مَضَتْ وكأنَّـهـا كـانـتْ عـهــودًا تُـلْــزم
أيْن الحضارةُ في العراقِ وأهلِهِ أيْن الـشَّـهامَـةُ أيْـن مِنه الأنجُـمُ؟
بـل أيْـن مَجـدٌ كان فيهِ مخـيِّـمًـا أيْـن الـبـطولاتُ الَّـتي لا تُهْـزَمُ؟
مَـهـما تـطاوَلَ لـيْـلُـهُ وسَـقـامُـه فـالحـقُّ لا يـمحوه لـيْلٌ مُـظـلِـمُ
يبقى لـنا أمَـلٌ بـصحوةِ فـارسٍ بـهـتـافِ أربـاب الـعُـلا يـتـرنَّـمُ
ولسوْف يَـرجعُ للعـراقِ بَهاؤه ولـسـوف تُشرِقُ بالحلاوةِ مَـريَـمُ
التعليقات على الموضوع