لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

 

مازال ولازال والفرق بينهما

مازال من أخوات كان. فعل ناقص لا تتمُّ الجملة معه إلاّ بمرفوعٍ هو اسمه، ومنصوبٍ هو خبره. وتفيد الإثبات والاستمرار.

ويأتي منها الماضي والمضارع، ولم يرد الأمر ولا المصدر، ولأنها ناقصة التصريف، سميت الأفعال الناقصة.

أما (لا زال) فتختلف عن

(مازال) أخت كان .

هذه قريبتهم فقط بنسب الجذر اللغوي زال. لأن لا النافية تنفي المضارع مثل(ما).ولكنها لا تنفي الماضي،فإذا سبقت الماضي دون تكرار صارت للدعاء . نحو: لاعدمتُك. لا حجنا الله منك، لافُضَّ فوك .

وبذا جاء بيت ذي الرمة :

ألا اسلمي يادار ميَّ على البلى ...

ولازال منهلًّا بجرعائك القطر

فالشاعر يدعو لدار محبوبته بدوام السُّقيا والخير .

فإذا أردت نفي الماضي استخدمت ما.

⚘فإذا استخدمت لا النافية، وجب تكرارها،حتى لا تلتبس بالدعاء .

وفي القرآن الكريم: {ثم لايموتُ فيها ولايحيى}سورة الأعلى: ١٣

وكذا:

{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّىٰ} سورة القيامة:٣١

وعلى هذا فأخت كان هي

(مازال) فعل زال مسبوقًا بما التي تنفي الماضي.

ولأن زال يزول يعني تلاشى وامَّحت آثاره. فحين سبقته(ما) عكست معناه. لأن هذا نفي للنفي، ونفي النفي إثبات وتوكيد للمعنى. فأصبح يفيد الإثبات، واستمرارية وقوع الخبر لاسمها.

وهذه الاستمراريّة تمتد من الماضي حتى زمن التكلّم فقط أو بعده بقليل، ولا تعني الديمومة مطلقًا. فقد يتغيّر الحال في المستقبل عاجلًا أو آجلًافي قولنا :

- مازال الجو باردًا

- مازال المطر منهمرًا .

ومثلها لم يزل.وهي صحيحة الاستعمال وتساوي مازال.

لأن لم تقلب الزمن من المضارع إلى الماضي.

⚘يقول أحمد شوقي على لسان مجنون ليلى في قصيدته الرائعة ( جبل التوباد):

لم تزل ليلى بعيني طفلة

لم تزد عن أمسِ إلا إصبعا

والجدير بالذكر ، أن فعل(زال) بمعناه المعجمي، حين يُنفى ب(ما) ماضيًا، ينتقل معناه إلى نفي الزوال اي الثبات والاستمرار .نحو: نظفت الثوب ومازالت (=لم تزُل) آثار الحبر. أي مازالت موجودة..ولكنه ليس فعلًا ناقصًا.وإعرابه كالتالي:

ما:حرف نفي

زال: فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الاعراب.

وبانتقال (زال) بمعناه المعجمي إلى المضارع يصبح يزول.بمعنى يتحرك من ثبوته. نحو:

بالعتاب والتسامح يزول سوء التفاهم.

وفي الحديث الشريف:

عن أبي بَرْزَةَ نَضْلَةَ بن عبيد الأسلمي -رضي الله عنه- مرفوعاً: «لا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ؟ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ؟ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ؟».

أي لا تتحرك قدماه.

⚘أما إذا نقلناه ناقصًا مسبوقُا ب(ما) فإن مضارعه يتحول إلى مفتوح العين .(مايزال)

و"ما يزال " في المضارع تفيد الاستمراريّة والديمومة المطلقة. على النقيض من (مازال) الماضي الذي تنتهي استمراريته في زمن التكلم، أو بعده بقليل،كما ذكرنا . .

أما رأيت قولنا :

- ما يزال الله رؤوفًا بعباده .

يعني أنّ الله متصفٌ بهذه الصفة مطلقًا دائمًا بلا حدود ولا قيود؟؟

وقولنا: ماتزال الأم مضحيةً متفانيةً حتى تلاقيَ ربَّها.

يعني استمرارية هذه التضحية والعطاء حتى الموت.

⚘واستخدام لا النافية جائز في المضارع (لا يزال) كفعل ناقص.

ولكنها لا تفيد الاستمراريّة المطلقة بخلاف "ما يزال" ودليلنا قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ"

لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ"

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال الله مقبلًا على العبد، في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف." وقد وردت كذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى : {لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}( التوبة:١١٠)

وتتضح الاستمرارية المقيدة غير المطلقة في الأحاديث الثلاثة والآية القرآنية.

وينبغي التنبيه إلى أن الفعل الناقص مازال لا يجزَّأ إعرابيًّا، بل يعرب على حاله.

مازال: فعل ماض ناقص من أخوات كان.

ومثله أخوات مازال الأربع الأخريات، مادام ، مابرح، مافتئ،ما انفك.

وتنفرد مادام من بينها في أن (ما) معها مصدرية ظرفية ، وليست للنفي.

⚘وملحوظة أخيرة: كلُّ ما سبق ب(ما) من أخوات كان لا يأتي إلا ناقصًا.

د.وجيهة السطل