قراءة نقدية بقلم الاستاذ خضر ابو ماجد لقصيدة غاب الضمير لعبدالناصرعليوي العبيدي

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

قراءة نقدية بقلم الاستاذ خضر ابو ماجد لقصيدة غاب الضمير لعبدالناصرعليوي العبيدي

قراءة نقدية بقلم الاستاذ خضر ابو ماجد لقصيدة غاب الضمير لعبدالناصرعليوي العبيدس



قراءة نقدية بقلم الاستاذ خضر ابو ماجد لقصيدة غاب الضمير لعبدالناصرعليوي العبيدي


القصيدة
غـــابَ الـضـمـيرُ فـعـربدَ الانـسـانُ
واِسْـتَـفْـحَلَ الْـجَـبَـرُوتُ وَالـطُّـغْيَانُ
.
فــأَحَــلَّ كُـــلَّ مــقـدّسٍ ومــحـرّمٍ
وأَتَــى بِـمَـا قَــدْ يَـعْـجَزُ الـشَّيْطَانُ
.
غـــدتِ الـحـياةُ كـأنـنا فــي غـابـةٍ
ولِـكُـلِّ فَــرْدٍ فِــي الْــوَرَى مِـيـزَانٌ
.
وَغَــدَا الـنِّـفَاقُ فَـرِيضَةً فـي ديـننا
مــــن غــيــره لايـكـمـلُ الْإيــمَـانُ
.
الـسِّـجْنُ مـثـوًى لـلّـصُوصِ وَإِنَّـمَـا
الــلِّــصُّ فِــــي أيــامـنـا سَــجَّــانُ
.
فَهُوَ الَّذِي يُفْتِي وَيَحْكُمُ في الورى
وَهُـــوَ الْـمُـقَدَّرُ وَالْـعَـظِيمُ الـشَّـأْنُ
.
وَلَــــهُ الْـمَـنَـابِـرِ يَـعْـتَـلِيهَا وَاعِــظًـا
يــرمـي الـسـمومَ كـأنَّـهُ الـثـغبانُ
.
فـمـتـى الـثَّـعَالِبُ لِـلـدَّجَاجِ أَمـيـنَةً
وبـقـربـها قــد تـأنـسُ الـصـيصانُ
.
والـذئبُ يـرعى بالنعاجِ على الذرى
أبِــعَـدْلِ ذِئْـــبٍ تَـطْـمَـحُ الْـخِـرْفَانُ
.
شَــرُّ الْـبَلِيَّةِ حِـينَ تُـضْحِكُ مـكرهاً
وَالــصَّــدْرُ تَــمْـلَأُ قَـلْـبَـهُ الْأحْـــزَانُ
.
لاخَـيْـرَ يَُـرجـى والـنّفُوسُ مـريضةٌ
فَـالْـخَيْرُ يَـأْتِـي إِنْ سَـمَـا الْإِنْـسَانُ
.
عـبـدالـنـاصر عــلـيـوي الـعـبـيدي

بقلم خضر ابوماجد

لله أنت ! ما أبرعك ! وما أصدق كلماتك ! وكلامك يوزن بميزان الذهب ،نظرتك الثاقبة التي عاينت واقع حالنا ،قد لامست الحقيقة .
فالناس في كلّ مكان يسعون لبلوغ الكمال في الأخلاق وغيرها ؛ ونحن - المسلمين- نبتعد عن قيمنا السمحة وديننا الحنيف الذي يقوم على الأخلاق الكريمة والمثل السامية الرفيعة .
وشاعرنا الماجد الأصيل ممتعض ومستاء من واقع حالنا ،فهو يرى :(غياب الضمير من النفوس ،واستفحال الطغيان ،وقد أحللنا الحرام ،وحياتنا أضحت كغابة وحوش القويّ فيها يأكل الضعيف ،قائمة على النفاق والكذب ،وأصبح الشريف الأمين مسجوناً ،وسجّانه هو اللص ،وهو الذي يحكم ويفتي ويعظ الناس ، فانقلبت المبادىء ،وللأسف، رأساً على عقب .
فمتى كان اللص هو المؤتمن على العباد ؟ فمتى الثعالب للدجاج أمينة ؟ أبعدل ذئبٍ تطمح الخرفان؟
وغرض الشاعر من هذا الاستفهام :
هو الاستبعاد واستحالة هذا الأمر لأنّ المجتمع حينئذٍ يصبح خراباً تعمّه الفوضى، ويسوده الفساد .
ويصل شاعرنا الفذّ إلى نتيجة وهي حكمة بليغة، راقية، تصلح لكلّ زمان ومكان :(لاخير يُرجى والنفوس مريضةٌ فالخير يأتي إن سما الإنسان .) فالواو ههنا واو الحال ، والخير كلّ الخير يأتي عندما يترفّع الإنسان عن الدنايا ،ويتمسّك بالأخلاق الكريمة ،والقيم العليا الفاضلة ،وهي مبادىء أجدادنا العرب .
- من الصور البيانيّة الجميلة التي أوضحت المعنى وأكّدته:(غاب الضمير ،استفحل الطغيان ،أتى الإنسان بما قد يعجز الشيطان ،الحياة غدت كغابة ،غدا النفاق فريضة ومكمّل للإيمان،اللص سجّان ويرمي السموم كأنّه ثعبان ،اللصوص أشبه ما تكون بالثعالب أو الذئاب ، النفوس مريضة . . . . .الخ) استمدّ عناصر صوره من الأشياء المحسوسة ،بغية إقناع الآخرين برؤيته ،وقد عكست تجربته الانفعاليّة ، مستمدّة من بيئته ،وثقافته الأدبيّة الواسعة، محاولاً معالجة السلبيات في مجتمعه الحالي ،والارتقاء بأخلاقه وسلوكيّاته ،ووضعه على المسار الصحيح مسار الأجداد النبلاء .
- الطباق الذي جاء عفو الخاطر ( أحلّ ،محرّم)( تضحك ،أحزان)(ذئب ،خرفان)(ثعالب ، دجاج)(لاخير ،الخير) من خلاله أعمل العقل في المتناقصات ،وحسّن المعنى ،وأبرزه بوضوح ،وجعله أشدّ تأثيراً في نفس القارىء ،كما أنّه بثّ موسيقا داخليّة جميلة للأبيات .
التصريع في البيت الأوّل،والصيغ الاشتقاقيّة(السجن ،السجّان)(اللصوص ،اللص) وتوازن الكلمات( أحلّ ،أتى)( يفتي ،يحكم)وتكرار كلمة الذئب في البيت التاسع ،وتكرار حروف المدّ .كلّ ذلك ساعد على بناء إيقاع داخليّ جميل للأبيات .
- أكثر الشاعر من الأفعال في قصيدته ولاسيّما الفعل المضارع فمنح القصيدة الحركة والاستمراريّة والحيويّة ،وساعده ذلك على رسم صورة متكاملة لحالنا اليوم .
تراكيبه متينة مترابطة ،ألفاظه مناسبة للمعنى ،واضحة لاغموض فيها ولاتنافر .
القصيدة هادفة ،دلّت على شاعر مطبوع فذّ متمكّن .
لاجفّ يراعك ،أيّها الحكيم النبيل ،دمت بخير وعافية ،
تحيّاتي لك .

خضر ابوماجد

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان