أمِيرَاتُ الْمَلَائِكَةِ...هيثم محمد النسور

أمِيرَاتُ الْمَلَائِكَةِ...هيثم محمد النسور


أمِيرَاتُ الْمَلَائِكَةِ

أَرْخَتْ على الوَجهِ الصَّبُوحِ حِجَابَهَا
وَبَنَتْ عَلَى جُـرفِ الْأَسَى مِحرَابَهَا
بَـسَـطَـتْ ذِرَاعَيْهَا تُهَلِّـلُ غِبطَـةً
لَـمَّـا شُـمُوسُ الْحَـقِّ أَمَّـتْ بَابَهَا
كَـالـنَّـخْـلَـةِ الْمِعْطَاءِ أَيْنَعَ طَلعُهَا
وَالْبَـدرُ هَـلَّ مُعَانِقًـا أَطْـيَـابَهَـا
هِيَ غَزَّةٌ فَصَمَتْ عُرَى دَيجُورِهَا
لِتُزِيلَ عَنْ عَـيـنِ الْأَنَـامِ ضَـبَـابَـهَـا
كَـانَـتْ تَـفُـوقُ الْبَاسِقَاتِ نَـضَارَةً
فِـي غَفْلَـةٍ سَـرَقَ الْخَرِيفُ شَبَابَهَا
فِيهَا الْحَوَارِي تَستَـقِي مِنْ مَنْهَـلٍ
تَـسْـتَـرحِـمُ الْأَبْطَـالُ مِنهُ شَرَابَـهَـا
لَمَّا اسْتَغَاثَ بِهَا طَـرِيـحُ رَصَاصَـةٍ
هَبَّـتْ (َأَمِيـرةُ) لَملَمَـتْ جِلْبَابَـهَـا
وَثَـبَـتْ كَأُنْثَى النِّمرِ ،، تُنقِذُ صَارِخًا
أَلْقَـتْ عَلَيه مِنَ الصَّقِيعِ ثِـيَـابَـهَـا
لِـتُـضَـمِّدَ الْبَطلَ الْوَقِيعَ ،، فَجُرحُهُ
مَـا زَالَ يَـعشَـقُ أَرْضَـهُ وَتُـرَابَـهَـا
فِي الْحُسْنِ بَلقِيسٌ وَلَيلَى فِي التُّقَى
نَهَلَـتْ بِكَـأْسِ الْأَنْـقِـيَـاءِ ثَـوَابَـهَـا
وَكَـأنَّـهَـا الْـعَـذْرَاءُ فِـي إِيْـمَـانِـهَـا
بِـخِـصَـالِـهَـا فَـاقَـتْ بَِهَا أَتْرَابَهَـا
فَوَقَـفْـتُ مَـذهُـولًا،، لجَأْشِ طَبِيبَةٍ
أَزْرَى جِبَـاهَ الْحَـاكِمِيـنَ،، وَعَـابَـهَـا
تِـلـكُـمْ حَـرَائِـرُ غَزَّةٍ بِـحَـمَـاسِــهَا
خَنساءُ يَثرِبَ تَـرتَجـي،،إِطْـنَـابَـهَــا
يَجرِينَ خَلْفَ الْمَوتِ دُونَ مَهَابَةٍ
مِـنـهُـنَّ مَا رَسَتِ النِّصَالُ ضِرَابَـهَـا
فَسَيَلعَنُ التَّاريخُ مَنْ شَرِبوا دَمًا
لَمْ يَـحسِـبـوا للثَائِرَاتِ حِـسَـابَـهَـا
أَربَـاضُ غَـزَّةَ أَعلَنَـتْ عِـصيَـانَـهَـا
حَشَدَتْ لِرَدعِ مَنْ اعْتَدَى أَحزَابَـهَـا
حَـسْبِي فِـلِسطِيـنُ الأَبـِيَّةُ مُـؤْنِـسًا
أَلِـفَـتْ إِلَـيَّ وَنَـافَـرَتْ خُطَّـابَهَـا
يَا نُوحُ قَدْ بَلَـغَ الـزُّبَى طُوَفَـانُـهَـا
أَرْسِ السَّفِـينَةَ وَاصطَحِبْ رُكَّـابَهَا
رِفْـقًـا بِـأَطْـفَـالٍ تُـشَـتِّتُ شَـملَهُمْ
دُنْيـا الْكُرُوبِ ،، فَكَـابَدوا أََوْصَابَـهَا
لاتَسأَلَنَّ الْبَحرَ عَنْ أَصدَافِـهِ
مَـا نَـالَـهَـا مَـن لَمْ يَـغُـصْ أَعْبَابَهَا
يـا لَيتَ دَهْرِي مُنْصِفٌ في حُكـمِـهِ
ليَـكُفَّ عَن نَفسِ المَشُـوقِ عَذَابَهَا
إِنْ عَـادَ نَبضُ الـرُّوحِ يَنْطِقُ بِالمُنَى
سـَأَذُمُّ دُنـيَـا أَرهَـقَـتْ طَـلَّابَـهَـا
جَـورٌ تَـعَتَّـقَ فَـوقَ صَـدري جَـاثِـمٌ
رَشَـقَ الْأَمَـانِي أَسْهُمًا فَأَصَـابَـهَـا
صَارَتْ ظـِلاَلي كَالـسَّرَابِ كَـئِـيـبَـةً
رِيـحُ الْجُـحُـودِ تَـوَسَّـدَتْ أَعْـتَابَهَا
وَطَـنِي يُـبَـاعُ ،، وأُمَّـتي فِي كَــبْـوَةٍ
أَسْـيـافُـهُـمْ صَارَتْ تَمَـلُّ قِـرابَـهَـا
أَبْكي مِنَ الزَّمنِ الدَّمِيمِ، حُرُوفُهُ
هَـتَـكَـتْ لأَمْـجَـادِ الجُدُودِ كِتَابَهَا
فالْقَلبُ يَـأْكُـلُ بَعْـضَـهُ مِنْ بَعضِهِ
كَـلِـسَـانِ نَـارٍ أَرْمَـدَتْ أَحْـطَـابَـهَـا
وَقَـوَافِـلُ الـشُّـهَـدَاءِ تُردِي طُغْمَةً
غَـرَسَـتْ بـِأَرضِ الْأَنْـبِـيَـاءِ حِرَابَهَا
لَـو أَنَّ فِي الدُّنـيَـا مَـكَارِمَ تُـجْـتَبِـى
كـانُـوا لـِكُـلِّ فَـضِـيـلَـةٍ أَقْـطَـابَهَا
لَن أَعـتُبَ الْأَقْـدَارَ، قَـد جَـرَّبـتُـهَـا
لاتَـرعَـوي مَـهْمَا أَطَلتُ عِـتَـابَـهَـا
لَـومِـي عَلَى رَهْطٍ يَسُوسُ بِـأُمَّـةٍ
شَـادَتْ عَلَى مَتْنِ النُّجُومِ قِـبَـابَهَـا
أَبْدَى سَـوادُ النـَّاسِ كُلَّ عُيُوبِكُمْ
صُـغـتُـمْ لـِكُـلِّ دَنِيـئَـة ٍأَسـبَـابَـهَـا
أَجْهضْتُمُ النَّصْرَ الْقَرِيبَ فَزَمجَرَتْ
بِـنْـتُ الْكِرَامِ وَلَـمْ تَـخَفْ إِرْهَابَهَا
وَسَـتَنْبُضُ القَطَرَاتُ تُـحَيِي غَيْمَنَا
كـَي يـَستَطِـيـبَ الوَارِدونَ عِـذَابَهَا
يـانـَسـمَـةَ الأَسحَـارِ زُورِي رَبـعَـنـا
مُـرِّي وَحَـيِّـي بِـالْـبِـلَادِ شَـبـابَـهَـا
دارٌ تَـوَسَّـلَـتِ الـثُّـريَّـا أَنَّـهَـا
لَـثَـمَتْ بِـآمَـاقِ الْـعُـيـُونِ رِحَـابَهَا
خِـبْـتُـمْ فَـإِنَّ عُروشَكُمْ وَشُنُوبَكُمْ
في سُـوقِ عَدْلٍ لَمْ تُساوِ جِـرَابَـهَـا
أَجْـفَـانُ أَشـوَاقِي تُـدَارِي غَـيمَةً
تَـسقِي الْـقَطَا حُـبًّـا رَوَى أَسرَابَهَا
أَدرَكـتُ بَعدَ تَـمَـحُّـصٍ وَتَـمَـعْـنٍّ
تَأْبَى الـعُـيُونُ رُكُـوبَـهَـا أَهْـدَابَـهَـا
طَـلَّـتْ بِـبَـحرِ الصَّـابـِريـنَ لآلـِىءٌ
لِيَصِيرَ دَمـعي لِلـضِـفَافِ عِـتَابَـهَـا


هيثم محمد النسور


ليست هناك تعليقات