نماء الوعي (Growth of understanding) في مفردات الحكمة بقلم: نافلة علي عامر.

القائمة الرئيسية

الصفحات

لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما عبدالناصر عليوي العبيدي

  لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما لاتسأليني هل أحبّكِ بعدما قدْ باتَ حبّي واضحاً للنّاسِ وجميعهمْ عرفوا بأنّي هائمٌ والقلبُ من حرِّ البُعادِ يُقاسي فَضَحَتْ شجونُ الليلِ كلَّ مشاعري إذْ باتَ حبّكِ في صدى أنفاسي واستوطنتْ عيناكِ كلَّ قصائدي وملامحُ اسمِك أَفْعَمَت كُرَّاسي لا تسألي هذا السّؤالَ تريّثي أنا في الهوى قدْ قُلِّعَتْ أضْرَاسي كَمْ تسألينَ وتعرفينَ إجابتي لاتضربي الأخماسَ للأسداسِ ماكلُّ مَنْ طلبَ الإجابة جاهلاً بعضُ الجوابِ يكونُ في الإحساسِ عبدالناصر عليوي العبيدي

نماء الوعي (Growth of understanding) في مفردات الحكمة بقلم: نافلة علي عامر.

نماء الوعي (Growth of understanding) في مفردات الحكمة بقلم: نافلة علي عامر.

نماء الوعي (Growth of understanding)
في مفردات الحكمة
جولة تحليليّة
في قصيدة:

"قَصيدَةٌ في التَّأَمُّلِ وَالْحِكْمَةِ"
للفذّة آمال أبو فارس Aml Fares
بقلمي:
نافلة علي عامر.
ما أجمل أن نستحضر هنا -قبل البدء في تحليل القصيد-قولين مأثورين في تاريخ الأدب العالمي،الأوّل قول نازك الملائكة:"غير أنّه(أي الشّعر ن. ع)للمحزون وسيلة حياة"،وقول روبرت فروست الواقعي الأمريكي الحائز على نوبل للآداب "I am no confused,I am just well mixed"
أي أنّني لست مرتبكا،بل أنا مصقول بالتّجارب"،إذا فنحن في أرقى وسيلة تعبيرا عن همومنا وأفكارنا وتجاربنا ألا وهي الشّعر،بل في درس منه يعلّمنا كيف نحتضن تعقيدات الحياة ونعلو على صعوبتها بالإعتبار من تجاربنا.وما خلاصة التّجربة سوى نماء الوعي والفهم والحكمة في نفس الفرد؟ نعم،كما ذكرت في عنوانها شاعرتنا الوافرة الفهم والقول الحسن بأمارة الفيض اللّفظي البليغ ،فها هي تشعرني بقصيدة في التّأمّل حيث ينفرد الشّاعر بنفسه يبثّ مشاعره وأحاسيسه وأفكاره تنفيسا وتعبير عنها والأسمى من ذلك أن يأتي غرض القصيد توضيحا وإرشادا لقارئه،في غاية إنسانيّة راقية مفادها العطاء والإفادة للغير.ها هي تقول:
عِجافُ الْخَيْلِ تَزْهو في نُحولِ
وَيَخْتالُ الْغُرابُ يُظَنُّ صَقْرا
حِمارٌ يَنْظُرُ الْمِرْآةَ فَخْرًا
وَيَحْسَبُ ما تَراهُ الْعَيْنُ مُهْرا
وَذَيْلُ الْكَلْبِ يَبْقى في اعْوِجاجٍ
وَلَوْ مَسَّدْتَهُ بِالْكَفِّ شَهْرا
برعت شاعرتنا في اختيار الجمل الإسميّة استهلالا ،فهي للإستمراريّة،والإستمراريّة صنو الحكمة ومرادفة البقاء،والشّعر مراده وغايته البقاء والإبقاء،المكوث والخلود .في صور حيوانيّة ترمز لصفاء وحالات إنسانيّة ارتأت شاعرتنا نفث خواطرها. في الأبيات أعلاه تدور الفكرة المركزيّة حول موضوع الغرور والكبر والعلّة النّفسيّة المتمثّلة في "النّرجسيّة"،،وكلّهم يدور في فلك الغباء ،فها هو شخص من العلم خواء يزهو زهو سنبلة خاوية من الحبّ،وكذا الغراب ضحل الرّؤية يرى نفسه صقرا،وهذا الحمار فهو غارق في حمقه المعهود به فتراه يفخر ظانّا نفسه في انعكاس في المرآة مهرا.وأمّا صورة الكلب ها هنا فهي للتّوبيخ والتّقريع وتذييل مصير الغرور،فلا فائدة من التربيت والتّمسيد لذيل الكلب فهو لن يستقيم لو دام ذلك عمرا..نعم تعبير قاس وتقريع جارح لكلّ من حمل هذه الصّفة الممقوتة في المجتمع.
رائيّة شاعرتنا الممدودة،تزخر بأنواع العبر والأقوال المثمرة التي فيها رواء لحقول نماء الحكمة والفهم في النّفوس،وهل في ذلك سوى انعكاس لروح من بثّها أخلاقه وفهمه؟
تجارب من واقع الحياة صقلت في يراع الشّاعرة سطورا لمع فيها نور العيش الكريم،قالت شاعرتنا:
لَبِرُّ الْمَرْءِ لِلْأَهْلِ احْتِياجٌ
وَمَنْ يَخْلَعْ ثِيابَ الْأَهْلِ يَعْرى
تَوَرَّطَ جاهِلٌ في داءِ حِقْدٍ
فَأَدْمَتْهُ الشُّرورُ فَذاقَ شَرّا
فَما لِلْحاسِدينَ سِوى احْتراقٍ
بِنارٍ تُشْعِلُ الْأَلْبابَ قَهْرا
وَمَنْ يُؤْذِ الْأَنامَ بِقَصْدِ سوءٍ
سَيُحْرَقْ في أَزيزِ النّارِ دَهْرا
روعة الصّقل اللّفظي للفكر الثّاقب ،وكأنّ كلّ بيت مثل خالد ،هكذا هي القصيدة النّاجحة تقرأها فتعلق في ذهنك مثلا لا يُنسى ،ولعمري هذا هو الشّعر الأصيل والصّادق .تقول شاعرتنا أعلاه في الأصل الحقد والحسد وكم كان جمعهم معا من براعة ومهارة في القرض،فثلاثتهم داء مصدره العقوق والغدر،،وأصلهم خلع ثياب الأصالة،ونهايتها العري والجرح والحرق والنّار،نعم هي صفات حذّرت ونبّهت وأنذرت منها الأديان ،ومن فقد الإيمان ضلّ في مستنقعات الشّر يسوم من عواقبه شرّ النّصب.تنتقل شاعرتنا فيما يلي من أبيات من أفق الوعظ إلى أفق التّنفيس عن آلامها الشّخصيّة،فهي الآن صريحة ومنكشف داخلها،هي تمنح القارئ ثقتها وتسمح له بدخول شرايين وجعها حيث تقول:
فَسَلْ عَنّا الْكِرامَ أَيا جَهولٌ
سَيُنْبِئُكُمْ بِصِدْقِ الْقَوْلِ جَهْرا
فَقَدْ كُنّا كِرامًا مُذْ وُلِدْنا
وَما كُنّا لِفِعْلِ الشَّرِّ أَسْرى
لَأَحْرارٌ نَشَأْنا من رِضاعٍ
فَلَمْ نُلْزَمْ عَلى الْأَفْعالِ جَبْرا
كَرُمْنا ما انْتَظْرنا مِنْ جَزاءٍ
لِوَجْهِ الله إِنَّ الرَّبَّ أَدْرى
سَيَسْكُنُ غَيْرُنا في اللُّؤْمِ كوخًا
وَنْسْكُنُ في نَعيمِ الْخَيْرِ قَصْرا
نعم تطرح ببلاغة وفصاحة جليّتان خصال قومها،وكأنّها تدافع دحرا لمعتد آثم يذمّ أهلها.وترجع إلى ذكر عواقب الكرم وهي الرفعة والنّعيم مقابلة عاقبة النّار لكلّ من هوى في قيعان اللّؤم واتّخذه معينا.ذكرنا في العنوان قضيّة نمو الفهم في لبّ العقل من خلا التّجارب،وذكرنا جنوح الحكمة عند شاعرتنا صوب الدّين والإيمان،وأمّا الإنسان فدون حكمة ودين كيانه متشرذم فانٍ،لهذا تقول شاعرتنا أنيقة التّعبير صافية اللّحن واضحة القول لا تلعثم ولا نشاز:
وَيَغْفِرُ خالِقي أَخْطاءَ مِنّا
وَلَوْ كانَتْ مِنَ الزَّلّاتِ كُبْرى
لأَنَّ الْعَفْوَ دَيْدَنُنا وَدينٌ
وَإِنْ نَزَلَتْ ذُنوبُ النّاسِ تَتْرى
وَنَلْبَسُ مِنْ رَخيصِ السِّعْرِ ثَوْبًا
فَنَلْقى الثَّوْبَ فينا ازْدادَ قَدْرا
وَنَرْضى في قَضاءِ الله حُكْمًا
وَنَعْلَمُ أَنَّ بَعْدَ الْعُسْرِ يُسْرا
أجل هما الدّين والأخلاق ما يشغلان حيّز نفسها ويشعلان مواقد فكرها.فهي في تصويرها الشّعري رسمت صورة عظمى لعظمة الخالق،وهل أعظم من غفّار للذّنوب،؟وهل أعظم درسا لمضاعفة الفهم وتنمية وتربية النّفس من الدّلالة على خالق يهب لها فرص التّوبة والأوبة والإغتسال من الذّنوب؟.تفخر شاعرتنا أعلاه بأصالتها بكبريائها وشموخها،وأيضا ببساطتها تواضعها واصطبارها.نحن قوم ،هي تقول،نرضى بحكم الله ونصبر على الشّظف.ملفت مجازها،مدهشة استعارتها على مدى القصيد لقضيّة "اللّبس" فالمجرّد كالشّعر والخير والشّر جعلته قميصا يوضع ويلقى،جعلت لإرادة الإنسان سلطانا ويدا عليا على قرارته،وجسّدت ما لا يرى بما يرى ويلمس،وهذا في الحكمة من أبرع ما يمكن من اختيار للتّصوير،فالحكمة كي ترسخ عبرتها في الذهن وتذوّت في النّفس خير مطيّة لها تكون الصورة التجسيدية والمثل الجزل المأثور،وهل فات على شاعرتنا فعل ذلك،؟بل لها انحناء القلم وبسمة الرّضى على ما فعلت.فعلت خيرا لأنّها من قوم عندهم:
نَزيلُ الدّارِ يُقْرى في احْتِفاءٍ
وَلَوْ جَلَبَتْ لَنا الْأَيّامُ فَقْرا
نُبَجِّلُ كُلَّ إِنْسانٍ بِقَدْرٍ
وَمَنْ زادَ ارْتِقاءً كانَ أَحْرى
صدى "القاف الشّديد " وخفّة "القرى" السّخيّة ضدّان خلقا حرفا من شخص ذي لبّ فهيم،فالصّورة منسجمة لفظا ومعنى حيث القسوة ورقي السّلوك يقابلهما واقعا ثقيلا لا يخلو من سموّ وصفاء وليونة الخلق.لأنّ:
سَوادُ اللَّيْلِ لا يَأْتي بِسوءٍ
فَبَعْدَ اللَّيْلِ يَأْتي الصُّبْحُ فَوْرا
فَبِالْأَضْدادِ قَدْ كَمُلَتْ حَياةٌ
وَلَولا الضِّدُّ ما اسْتَهْوَيْتَ أَمْرا
صور رمزية تفاؤليّة تكسر حيطان الشّر والتّشاؤم بخلاصة
إنسانيّة تمجّد عمق الفهم في انتهار ضحالة العتمة أمام قوّة وسؤدد النّور.لو أسقطنا قول فروست أعلاه على فكر قصيدتنا لوجدنا كيف برعت شاعرتنا في إظهار قوّة إرادة الإنسان في احتضان تفرّعات الحياة وتعقيدات الواقع عن طريق زجّها في سطور تعلّم النّفس أو في نفس تعلّم السّطور قصيد الحكمة،الحكمة في اختيار المحبّة مبدأ وسيلة للعيش كانت في الحكمة المستخرجة من مخض التّجربة ولكنّها أيضا في التّأمّل والإفادة منها ،فكما قال المفكّر ورجل التًربية الكبير جون ديوي"we do not learn from experience,we learn from reflecting on experience"أي نحن لا نتعلّم من التّجربة بل من التّفكير والتّأمل بها.

بقلم نافلة علي عامر.

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان